الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لوَرَثَتِه، وعلى الثالثِ القِصاصُ في النَّفْسِ أو الدِّيَةُ.
فصل:
وإذا قَطَعَ رجلٌ يَدَ عَبْدِه، ثم أعْتَقَه، ثم انْدَمَلَ جُرْحُه، فلا قِصاص عليه ولا ضَمانَ؛ لأنَّه إنَّما قَطَعَ يَدَ عَبْدِه، وإنَّما استقرَّ بالانْدِمالِ ما وَجَبَ بالجِراحِ. وإن مات بعدَ العِتْقِ بسِرَايةِ الجُرْحِ، فلا قِصاصَ فيه؛ لأنَّ الجِنايةَ كانت على مَمْلُوكِه. وفى وُجُوبِ (28) الضَّمان وَجْهان؛ أحدهما، لا يجبُ شيءٌ؛ لأنَّه مات بسِرَايةِ جُرْحٍ غيرِ مَضْمُونٍ، أشْبَهَ ما لو مات بسِرَايةِ القَطْعِ في الحَدِّ وسِرَايةِ القَوَدِ، ولأنَّا تبيَّنَّا أنَّ القَطْعَ كان قَتْلًا، فيكون (29) قاتِلًا لعَبْدهِ، فلا يَلْزَمُه ضَمانُه، كما لو لم يَعْتِقْه. [وهذا بمُقْتَضَى قَولِ أبى بكرٍ](30). والثانى، يَضْمَنُه بما زاد على أرْشِ القَطْعِ من الدِّيَةِ؛ لأنَّه مات وهو حُرٌّ بسِرَايةِ قَطْع عُدْوانٍ، فيَضْمَنُ، كما لو كان القاطِعُ أجْنَبِيًّا، لكن يَسْقُطُ أرْشُ القَطْعِ؛ لأنَّه في مِلْكِه، ويجبُ الزَّائِدُ لوَرَثَتِه، فإن لم يكُنْ له وارِثٌ سِوَاهُ، وجَبَ لبيتِ المالِ، ولا يَرِثُ السَّيِّدُ شيئًا؛ لأنَّ القاتِلَ لا يَرِثُ.
1440 - مسألة؛ قال: (وَإذَا قَتَلَ رَجُلٌ اثْنَيْنِ، واحِدًا بَعْدَ واحِدٍ، فاتَّفَقَ أوْلِيَاءُ الْجَمِيعِ عَلَى الْقَوَدِ، أُقِيدَ لَهُمَا. وَإنْ أرَادَ وَلِىُّ الأَوَّلِ القَوَدَ، والثَّانِى الدِّيَةَ، أُقِيدَ لِلْأَوَّلِ، وأُعْطِىَ أوْلِياءُ الثَّانِى الدِّيَةَ مِنْ مَالِهِ. وكَذلِكَ إنْ أرَادَ أوْلِياءُ الأَوَّلِ الدِّيَةَ، والثَّانِى الْقَوَدَ)
وجملةُ ذلك أنَّه إذا قَتَلَ اثنَيْنِ، فاتَّفَقَ أولياؤُهما على قَتْلِه بهما، قُتِلَ بهما. وإن أراد أحَدُهما القَوَدَ، والآخَرُ الدِّيَةَ، قُتِلَ لمن اخْتارَ (1) القَودَ، وأُعْطِىَ أوْلِياءُ (2) الثاني الدِّيَةَ من مالِه، سواءٌ كان المُخْتارُ للقَودِ الثانىَ أو الأوَّلَ، وسواءٌ قَتَلَهُما دَفْعةً واحدةً، أو
(28) في م: "وجود".
(29)
في الأصل زيادة: "قتلا".
(30)
سقط من: م.
(1)
في م: "أراد".
(2)
سقط من: الأصل، ب.
دَفْعتَيْنِ. فإن بادَرَ أحَدُهما فقَتَلَه، وَجَبَ (3) للآخَرِ الدِّيَةُ في مالِه، أيّهما كان. وقال أبو حنيفةَ، ومالكٌ: يُقْتَلُ بالْجماعةِ، ليس لهم إلَّا ذلك، وإن طَلَبَ بعضُهم الدِّيَةَ، فليسَ له، وإن بادَرَ أحَدُهم (4) فقَتَلَهُ (5)، سَقَطَ حقُّ الباقِينَ؛ لأنَّ الجماعةَ لو قَتَلُوا واحدًا قُتِلُوا به، فكذلك إذا قَتَلَهُم واحدٌ قُتِلَ بهم، كالواحدِ بالواحدِ. وقال الشافعيُّ: لا يُقْتَلُ إلَّا بواحدٍ، سواءٌ اتَّفَقُوا على [طَلَبِ القِصَاصِ](6) أو لم يَتَّفِقُوا؛ لأنَّه إذا كان لكلِّ واحدٍ اسْتِيفاءُ القِصاصِ، فاشْتِراكُهُم في المُطالبةِ لا يُوجِبُ تَدَاخُلَ (7) حُقُوقِهِم، كسائرِ الحُقوقِ. ولَنا على أبى حنيفةَ، قولُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"فَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ، فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيَرَتَيْنِ؛ إنْ أحَبُّوا قَتَلُوا، وإنْ أحَبُّوا أخَذُوا العَقْلَ"(8). فظاهِرُ هذا أنَّ أهلَ كلِّ قتيلٍ يَسْتَحِقُّونَ ما اخْتارُوه من القَتْلِ أو الدِّيَةِ، فإذا اتَّفَقُوا على القَتْلِ وَجَبَ لهم، وإن اخْتارَ بعضُهم الدِّيَةَ، وَجَبتْ (9) له بظاهِرِ الخَبَرِ، ولأنَّهما جِنَايتانِ لا يتداخَلانِ إذا كانَتا خَطأً أو إحْداهما (10)، فلم يتَداخَلا في العَمْدِ، كالجِناياتِ على الأطْرافِ، وقد سَلَّمُوها. ولَنا على الشافعىِّ، أنَّه مَحَلٌّ تعَلَّقَ به حَقَّانِ، لا يَتَّسِعُ لهما معا، رَضِىَ المُسْتَحِقَّانِ به عنهما، فيُكْتَفَى به، كما لو قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدَيْنِ خطأً فرَضِىَ بأَخْذِه عنهما، ولأنَّهما رَضِيَا. بدُونِ حَقِّهِما فجاز، كما لو رَضِىَ صاحبُ الصَّحِيحةِ بِالشَّلَّاءِ، أو وَلِىُّ (11) الحُرِّ بالعَبْدِ، ووَلِىُّ المسلمِ بالكافرِ. وفارَقَ ما إذا كان القَتْلُ خطأً؛ فإن الجنايةَ تجبُ في الذِّمَّةِ، والذِّمَّة تَتَّسِعُ لحُقُوقٍ كثيرةٍ. وما ذكَرَه مالكٌ وأبو حنيفةَ فليس بصحِيحٍ؛ فإنَّ
(3) في ب: "وجبت".
(4)
في الأصل: "أحدهما".
(5)
في م: "فقتل".
(6)
في الأصل، أ:"الطلب للقصاص".
(7)
سقط من: الأصل.
(8)
تقدم تخريجه في صفحة 516.
(9)
في م: "وجب".
(10)
في ب، م:"أحدهما".
(11)
في الأصل: "وولى".