الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل:
فإن بلَغَتْ سِنًّا تَحِيضُ فيه النِّساءُ فى الغالِبِ، فلم تَحِضْ، كخَمْسَ عشرةَ سنةً، فعِدَّتُها ثلاثةُ أشْهُرٍ، فى ظاهرِ قولِ الخِرَقِىِّ، [وهو قولُ](20) أبى بكرٍ. [وهو مذهبُ](21) أبى حنيفةَ، ومالكٍ، والشافعىِّ. وضَعّفَ أبو بكرٍ الرِّوايةَ المُخالفةَ لهذا، وقال: رَوَاها أبو طالبٍ، فخالَفَ (22) فيها أصحابَه، وذلك ما رَوَى أبو طالبٍ، عن أحمدَ، أنَّها تَغتَدُّ سنةً. قال القاضى: هذه الرِّوايةُ أصَحُّ؛ لأنَّه متى أتَى عليها زمانُ الحَيْضِ فلم تَحِضْ، صارتْ (23) مُرْتابةً، يجوزُ أن يكون بها حَمْلٌ مَنَعَ حَيْضَها، فيجبُ أن تَعْتَدَّ بسَنةٍ، كالتى ارْتَفَعَ حَيْضُها بعدَ وُجُودِه. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى:{وَاللَّائِى يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِى لَمْ يَحِضْنَ} (24)[وهذه من اللَّائى لم يَحِضْنَ](25)، ولأنَّ الاعْتبارَ بحالِ المُعْتَدَّةِ، لا بحالِ غيرِها، ولهذا لو حاضَتْ قبلَ بُلُوغِ سِنٍّ يَحِيضُ لمِثْلِه النّساءُ فى الغالبِ، مثل أن تَحِيضَ ولها عَشْرُ سِنِينَ، اعْتَدّتْ بالحِيَضِ، وفارَقَ مَن ارْتَفَعَ حَيْضُها [ولا تَدْرِى ما رَفَعه](26)؛ فإنَّها من ذَوَاتِ القُرُوءِ (27)، وهذه لم تكنْ مِنْهُنَّ.
1344 -
مسألة؛ قال: (وَإِذَا طَلَّقَها طَلَاقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعةَ، وَهِىَ أَمَةٌ، فَلَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا حَتَّى أُعْتِقَتْ (1)، بَنَتْ عَلَى عِدَّةِ حُرَّةٍ. وَإِنْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا لا يَمْلِكُ فِيه الرَّجْعَةَ (2)، فأُعْتِقَتْ، اعْتَدّتْ عِدَّةَ أمَةٍ)
(20) فى أ، ب:"وقول"
(21)
فى ب: "ومذهب".
(22)
فى أ، م:"فخالص".
(23)
فى الأصل، ب:"حصلت".
(24)
سورة الطلاق 4.
(25)
سقط من: الأصل.
(26)
سقط من: ب.
(27)
فى أ: "الأقراء".
(1)
فى ب: "أعتقها".
(2)
فى أ، م:"رجعة".
هذا قولُ الحسنِ، والشَّعْبىِّ، والضَّحَّاكِ، وإسحاقَ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وهو (3) أحَدُ أقْوالِ الشافعىِّ. والقولُ الثاني، تُكْمِلُ عِدَّةَ أمَةٍ، سَواءٌ كانتْ بائِنًا أو رَجْعِيَّةً. وهو قولُ مالكٍ، وأبى ثَوْرٍ؛ لأنَّ الحُرِّيَّةَ طَرَأتْ بعدَ وُجُوبِ العِدَّةِ عليها، فلا يُعْتَبرُ حُكْمُها، كما لو كانت بائنًا. أو كما لو طَرَأتْ بعدَ وُجُوبِ الاسْتِبْراءِ، ولأنَّه مَعْنًى يخْتلِفُ بالرِّقِّ والحُرِّيَّةِ، فكان الاعْتبارُ بحالةِ الوُجُوبِ، كالحَدِّ. وقال عَطاءٌ، والزُّهْرىُّ، وقَتادةُ: تَبْنِى على عِدَّةِ حُرَّةٍ بكلِّ حالٍ. وهو القولُ الثالثُ للشافعىِّ؛ لأنَّ سَبَبَ العِدَّةِ الكامِلَةِ إذا وُجِدَ فى أثناءِ العِدَّةِ، انْتَقَلَتْ إليها وإن كانت بائِنًا، كما لو اعْتَدَّتْ بالشُّهُورِ ثم رأتِ الدَّمَ. ولَنا، أنَّها إذا أُعْتِقَتْ (4) وهى رَجْعِيّةٌ، فقد وُجِدَتِ الحُرِّيَّةُ، وهى زَوْجةٌ تَعْتَدُّ عِدّةَ الوَفاةِ لو مات، فوَجَبَ أن تَعْتَدَّ عِدَّةَ الحرائرِ، كما لو أُعْتِقَتْ قبلَ الطَّلاقِ. وإن أعْتقتْ وهى بائنٌ، فلم تُوجَد الحُرِّيَّةُ فى الزَّوْجيَّةِ، فلم تَجِبْ عليها عِدَّةُ الحرائرِ، كما لو أُعْتِقتْ بعدَ مُضِىِّ القُرْءَيْنِ. ولأنَّ (5) الرَّجْعِيَّةَ تَنْتَقِلُ إلى عِدَّةِ الوَفاةِ لو مات، فتنْتَقِلُ إلى عِدَّةِ الحرائرِ، والبائنُ لا تنْتقِلُ إلى عِدَّةِ الوفاةِ، فلا تنْتقِلُ إلى عِدَّةِ الحرائرِ، كما لو انْقَضَتْ عِدّتُها. وما ذكرْناه لمالكٍ يَبْطُلُ بما إذا مات زَوْجُ الرَّجْعِيَّةِ، فإنَّها تنْتقِلُ إلى عِدَّةِ الوفاةِ، والفَرْقُ بينَ ما نحنُ فيه وبينَ ما إذا حاضَتِ الصغيرةُ، أنَّ الشُّهُورَ بَدَلٌ عن الحِيَضِ، فإذا وُجِدَ المُبْدَلُ، زال حُكْمُ البَدَلِ، كالمُتَيَمِّمِ يجِدُ الماءَ، وليس كذلك ههُنا، فإن عِدَّةَ الأمَةِ ليست بِبَدَلٍ، ولذلك تَبْنِى الأمَةُ على ما مَضَى من عِدَّتِها اتِّفاقًا، وإذا حاضتِ الصغيرةُ اسْتأنَفتِ العِدَّةَ فافْتَرقَا (6)، وتخالِفُ الاسْتِبْراءَ؛ فإنَّ الحُرِّيَّةَ لو قارنتْ سَبَبَ وُجُوبِه، لم تكْمُلْ، ألا تَرَى أنَّ أُمَّ الولدِ إذا مات سَيِّدُها عَتَقَتْ (7) لمَوْتِه، ووَجَبَ الاسْتِبرْاءُ، كا يجبُ على التى لم تَعْتِقْ، ولأنَّ الاسْتِبْراءَ لا يَخْتَلِفُ بالرِّقِّ والحُرِّيَّةِ، بخِلافِ مسألَتِنا.
(3) فى م: "وهذا".
(4)
فى الأصل، ب، م:"عتقت".
(5)
فى م زيادة: "عدة".
(6)
فى أ، م:"فافترق".
(7)
فى أ: "فأعتقت".