الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نَقَلَها، فصارت الحياةُ مَشْرُوطةً في النُّقْلةِ. فأمَّا إن انتقلتْ إلى الثانيةِ، ثم عادتْ إلى الأُولَى لِنَقْلِ مَتاعِها، فمات زَوْجُها وهى بها، فعليها الرُّجوعُ إلى الثانيةِ؛ لأنَّها صارتْ مَسْكَنَها بانْتِقالِها إليها، وإنَّما عادتْ إلى الأُولَى لحاجةٍ، والاعْتبار بمَسْكَنِها دُونَ مَوْضِعِها. وإن مات وهى في الثانية، فقالتْ: أَذِنَ لي زَوْجِى في السُّكْنَى بهذا المكانِ. وأنْكَرَ ذلك الورثةُ، أو قالتْ: إنَّما أَذِنَ لي زَوْجِى في الْمَجِىءِ إليه، لا في الإِقامةِ به. وأنكَرَ ذلك الورثةُ، فالقولُ قولُها؛ لأنَّها أعْرَفُ بذلك منهم. وكلُّ مَوْضعٍ قُلْنا: يَلْزَمُها السفرُ عن بَلَدِها. فهو مَشْروطٌ بوُجُودِ مَحْرَمِها مُسافِرًا معها، والأمْنِ على نَفْسِها؛ لقولِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ، أنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ ولَيْلَةٍ، إلَّا مَعَ ذِى مَحْرَمٍ مِنْ أهْلِهَا"(18). أو كما قال.
1366 - مسألة؛ قال: (وَإذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، أوْ مَاتَ عَنْهَا وَهُوَ ناءٍ عَنْهَا، فَعِدَّتُهَا مِنْ يَوْمِ مَاتَ أو طَلَّقَ، إذَا صَحَّ ذلِكَ عِنْدَهَا، وإنْ لَمْ تَجْتَنِبْ مَا تَجْتَنِبُه المُعْتَدَّةُ)
هذا (1) المشهورُ في المذهب، وأنَّه متى مات زَوْجُها أو طَلَّقَها، فعدَّتُها من يومِ مَوْتِه وطَلَاقِه. قال أبو بكر: لا خِلافَ عن أبي عبدِ اللَّه أعْلَمُه، أنَّ العِدَّةَ تَجِبُ من حينِ المَوْتِ والطلاقِ، إلَّا ما روَاه إسحاقُ بن إبراهيمَ. وهذا قولُ ابنِ عمرَ، وابنِ عباسٍ، وابن مسعودٍ، ومَسْرُوقٍ، وعَطاءٍ، وجابرِ بن زيدٍ، وابنِ سِيرِينَ، ومُجاهدٍ، وسعيدِ بن جُبَيْرٍ، وعِكْرِمةَ، وطَاوُسٍ، وسليمانَ بن يَسَارٍ، وأبى قِلَابةَ، وأبى الْعالِيَةِ، والنَّخَعِيِّ، ونافعٍ، ومالكٍ، والثَّوْرِيِّ، والشافعيِّ، وإسحاقَ، وأبى عُبَيْدٍ، وأبى ثَوْرٍ، وأصْحابِ الرَّأْىِ. وعن أحمدَ: إن قامَتْ بذلك بَيِّنَةٌ، فكما ذكَرْنا (2). وإلَّا فعدّتُها من
(18) تقدم تخريجه في: 3/ 109.
(1)
في ازيادة: "هو".
(2)
في أ، م:"ذكره".
يوم يَأْتِيها الخَبَرُ. ورُوِىَ ذلك عن سعيدِ بن المُسَيَّبِ، وعمرَ بن عبد العزيز. ويُرْوَى عن عليٍّ، والحسنِ، وقَتادةَ، وعَطاءٍ الخُراسانيِّ، وخِلَاسِ بن عمرٍو، أنَّ عِدَّتَها من يوم يأْتِيها الخبرُ؛ لأنَّ العِدَّةَ اجْتِنابُ أشياءَ، وما (3) اجْتَنَبَتْها. ولَنا، أنَّها لو كانت حاملًا، فوَضَعَتْ حَمْلَها غيرَ عالمةٍ بفُرْقةِ زَوْجِها، لَانْقَضَتْ عِدّتُها، فكذلك سائرُ أنواعِ العِدَدِ، ولأنَّه زمانٌ عَقِيبَ الموتِ أو الطَّلاقِ، فوَجَبَ أن تَعْتَدَّ به، كما لو كان حاضِرًا، ولأنَّ القَصْدَ غيرُ مُعْتَبَرٍ في العِدَّةِ، بدِليلِ أنَّ الصَّغيرةَ والمَجْنونةَ تَنْقَضِى عِدّتُهُما من غيرِ قَصْدٍ، ولم يُعْدَمْ ههُنا إلَّا (4) القَصْدُ، وسواءٌ في هذا اجْتَنَبَتْ ما تَجْتَنِبُه المُعْتَدَّاتُ، أو لم تَجْتَنِبْه، فإنَّ الإِحْدادَ الواجبَ ليس بشَرْطٍ في العِدَّةِ، فلو تَرَكَتْه قَصْدًا، أو عن غيرِ قَصْدٍ، لَانْقَضَتْ عِدَّتُها، فإنَّ اللهَ تعالى قال:{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (5). وقال: {فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ} (6). وقال: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (6). وفى اشْتِراطِ الإِحْدادِ مُخالَفَةُ هذه النُّصُوصِ، فوَجَبَ أن لا يُشْتَرَطَ.
(3) سقطت "ما" من الأصل.
(4)
في الأصل: "غير".
(5)
سورة البقرة 228.
(6)
سورة الطلاق 4.