الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنَّخَعِىِّ، وعبد اللَّه بن أُذَيْنَةَ، ومالكٍ، والثَّوْرِىِّ، والأَوْزاعِىِّ، والشَّافعىِّ، وإسحاقَ، وأبى ثَوْرٍ. ورَوَى الخَلّالُ، عن الصَّلْتِ بن دِينارٍ، قال: سألتُ عشرةً مِن الفقهاء عن المُظاهِرِ يُجامِعُ (4) قبلَ أَنْ يُكَفِّر؟ قالوا: ليس عليه إلَّا كَفَّارَةٌ واحدةٌ. الحسن (5)، وابن سِيرِينَ، وبَكْر المُزَنِىّ، ومُوَرَّق العِجْلِىّ، وعطاء، وطاوُس، ومُجاهِد، وعِكْرِمَة، وقَتادَة، وقال وَكِيعٌ (6): وأظُنُّ العاشِرَ نافعًا. وحُكِىَ عن عمرو بن العاصِ، أَنَّ عليه كفَّارَتَيْنِ. ورُوِىَ ذلك عن قَبِيصةَ، وسعيدِ بن جُبَيْر، والزُّهْرِىِّ، وقَتَادَةَ؛ لأنَّ الوَطْءَ (7) يُوجِبُ كَفَّارَةً، والظِّهارُ مُوجِبٌ لأُخْرَى (8). وقال أبو حنيفةَ: لا تَثْبُتُ الكفارةُ فى ذِمَّتِه، وإنَّما هى شَرْطٌ للإِباحةِ بعدَ الوَطْءِ. كما كانت قبلَهْ. وحُكِىَ عن بعضِ النَّاسِ أَنَّ الكفَّارةَ تَسْقُط؛ لأنَّه فاتَ وقتُها؛ لكَوْنِها وَجَبَتْ قبلَ المَسِيسِ. ولَنا، حديثُ سَلَمَةَ بن صَخْر حِينَ ظاهَرَ ثم وَطِئَ قبلَ التَّكْفِيرِ، فأمَرَه النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم بِكَفّارةٍ واحدةٍ (9). ولأنَّه وُجِدَ الظِّهارُ والعَوْدُ، فيدخلُ فى عُمومِ قوله:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} (10). فأمَّا قولُهم: فاتَ وقتُها. فَيَبْطُل بما ذكرْناه، وبالصَّلاةِ، وسائرُ العباداتِ يَجِبُ قضاؤُها بعدَ فَواتِ وقتِها.
1325 - مسألة؛ قال: (وَإِذَا قَالَتِ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا: أنْتَ عَلَىَّ كَظَهْرِ أبِى. لَمْ تَكُنْ مُظاهِرَةً، وَلَزِمَتْهَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ؛ لأنَّهَا قَدْ أتَتْ بِالْمُنْكَرِ مِنَ الْقَوْلِ وَالزُّورِ)
(4) فى أ: "يطأ زوجته".
(5)
أى: العشرة هم؛ الحسن. . .
(6)
سقط من: الأصل.
(7)
فى الأصل: "ولأن".
(8)
فى م: "للأخرى".
(9)
تقدم تخريجه فى صفحة 6.
(10)
سورة المجادلة 3. ولم يرد: {مؤمنة} فى: أ، ب، م.
وجملةُ ذلك أن المرأةَ إذا قالتْ لزوجِها: أنتَ علىَّ كَظَهْرِ أبى. [أو قالتْ: إنْ تَزَوَّجْتُ فلانًا، فهو علىَّ كظَهْرِ أبى](1). فليس ذلك بِظِهارٍ. قال القاضى: لا تَكونُ مُظاهَرةً، روايةً واحدةً. وهذا قولُ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم مالكٌ، والشَّافعىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْر، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال الزُّهْرِىُّ، والأوْزاعِىُّ: هو ظِهارٌ. ورُوِىَ ذلك عن الحَسَنِ، والنَّخَعِىِّ، إلَّا أن النَّخَعِىَّ قال: إذا قالتْ ذلك بعدما تُزَوَّجُ، فليس بشىءٍ. ولعلَّهم يَحْتَجُّون بأنَّها أحَدُ الزَوْجَيْن ظاهَرَ مِن الآخَر، فكان مُظاهِرًا كالرَّجُلِ. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى:{وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (2). فَخَصَّهم بذلك، ولأنَّه قولٌ يُوجِبُ تَحْريمًا فى الزَّوْجَة، يَمْلِكُ الزّوجُ رَفْعَه، فاخْتَصَّ به الرَّجُلَ، كالطَّلاقِ، ولأنَّ الحِلَّ فى المرأةِ حَقٌّ للرَّجُل (3)، فلم تَمْلِكِ المرأةُ إزالتَه، كسائرِ حُقوقِه. إذا ثَبَتَ هذا، فاخْتَلَفَ (4) عن أحمدَ فى الكَفَّارَةِ، فنَقَلَ عنه جماعةٌ: عليها كفَّارةُ الظِّهارِ. لما رَوَى الأثْرَمُ، بإسنْادِه عن إبراهيمَ، أَنَّ عائِشَةَ بنتَ طَلْحَةَ قالتْ: إنْ تَزَوجْتُ مُصْعَبَ بن الزُّبَيْر، فهو علىَّ كظَهْرِ أبى. فسألتْ أهلَ المدينةِ، فَرَأوْا أَنَّ عليها الكفَّارةَ. ورَوَى علىُّ (5) بن مُسْهِرٍ، عن الشَّيْبانِىِّ، قال: كنتُ جالِسًا فى المسجدِ، أنا وعبدُ اللَّه بن مُغَفل المُزَنِىّ، فجاء رجلٌ حتى جلسَ إلينا، فسألتُه؛ مَن أنتَ؟ فقال: أنا مَوْلَى لعائشةَ بنت طَلْحَة، التى (6) أعْتَقَتْنِى عن ظِهارِها، خَطَبَها مُصْعَبُ بن الزُبَيْر، فقالت: هو علىَّ كظهرِ أبى إنْ تَزَوَّجْتُه. ثم رَغِبَتْ فيه بعْدُ (7)، فاسْتَفْتَتْ أصحابَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وهم يومئذٍ كثيرٌ، فأمرُوها أَنْ تَعْتِقَ رَقَبَةً وتَتَزَوَّجَه (8)،
(1) سقط من: الأصل، نقل نظر.
(2)
سورة المجادلة 3.
(3)
فى أ: "للزوج".
(4)
أى: النقل.
(5)
فى الأصل، ب، م:"عن" خطأ. وانظر ترجمته فى.: تهذيب التهذيب 7/ 383.
(6)
فى أ: "الذى".
(7)
سقط من: ب، م.
(8)
فى أ، ب:"وتزوجه".
فأعْتَقَتْنِى وتَزَوجَتْه. ورَوَى سعيدٌ (9) هذيْنِ الخبرَيْنِ مُخْتَصَرَيْنِ، ولأنَّها زَوْجٌ أتَى بالمُنْكَرِ مِن القَوْلِ والزُّور، فلَزِمَه كَفَّارَةُ الظِّهارِ كالآخَرِ، ولأنَّ الواجب كفَّارةُ يَمِينٍ، فاسْتَوَى فيها الزَّوْجانِ، كاليمينِ باللَّه تعالى. والروايةُ الثَّانية: ليس عليها كفَّارةٌ. وهو قولُ مالكٍ، والشّافعىِّ، وإسحاقَ، وأبى ثَوْرٍ؛ لأنَّه قَوْلٌ مُنْكَرٌ وزُورٌ، وليس بِظِهارٍ، فلم يُوجب كفارةً، [كالسَّبِّ والقَذْف. ولأنَّه قولٌ ليس بظهارٍ، فلم يُوجب كفَارةَ](10) الظِّهارِ، كسائِرِ الأقوالِ، أو تحريمٌ ممَّا لا يَصِحُّ منه الظَّهارُ، فأشْبَهَ الظِّهارَ مِن أمَتِه. والرِّوايةُ الثَّالثةُ: عليها كَفَّارَةُ اليمينِ. قال أحمدُ: [قد ذَهَب](11) عَطاءٌ مذهبًا حَسَنًا، جَعَلَه بمنزلةِ مَن حَرَّمَ على نفسِه شيئًا مِثْلَ الطعامِ وما أشْبَهَ. وهذا أقْيَسُ على مذهبِ أحمدَ، وأشْبَهُ بأصُولِه؛ لأنَّه ليس بظِهارٍ، ومُجَرَّدُ القولِ مِن المُنْكَر والزُّور لا يُوجِبُ كفَّارةَ الظِّهارِ، بدليلِ سائِرِ الكَذِب، والظّهارِ قبلَ العَوْد، والظّهارِ مِن أمَتِه وأمِّ وَلَدِه، ولأنَّه تحرْيمٌ لا يُثْبِتُ التَّحْريمَ فى المَحَلِّ، فلم يوُجبْ كفَّارةَ الظِّهارِ، كتَحْريمِ سائِرِ الحَلَالِ. ولأنَّه ظهارٌ مِن غيرِ امرأتِه، فأشْبَهَ الظِّهارَ مِن أمَتِه، وما رُوِىَ عن عائشةَ بنت طلحةَ، فى عِتْقِ الرَّقَبَةِ، فيَجُوزُ أَنْ يكُونَ إعْتاقُها تكْفِيرًا ليمينها، فإنَّ عِتْقَ الرَّقَبةِ أحَدُ خِصالِ كَفَّارةِ اليمينِ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُه على هذا؛ لكَوْنِ (12) الموجودِ منها ليس بظِهارٍ، وكلامُ أحمدَ، فى رواية الأثْرَمِ، لا يَقْتَضِى وُجوبَ كفَّارةَ الظِّهارِ، إنَّما قال: الأحْوَطُ أَنْ تُكَفِّرَ. وكذا حكاه ابنُ المُنْذِر. ولا شَكَّ فى أن الأحْوطَ التَّكْفيرُ بأغْلَظِ الكَفَّاراتِ، ليَخْرُجَ مِن الخلافِ، [ولكنْ ليس](13) ذلك بواجبٍ عليه؛ لأنَّه ليس بمَنْصُوصٍ عليه، ولا هو فى
(9) فى: باب ما جاء فى ظهار النساء، من كتاب الطلاق. السنن 2/ 19.
كما أخرج الأول عبد الرزاق فى: باب ظهارها قبل نكاحها، من كتاب الطلاق. المصنف 6/ 444.
(10)
سقط من: الأصل، ب. نقل نظر.
(11)
فى أ: "وذهب".
(12)
فى أ: "ليكون".
(13)
فى ب: "وليس".