الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو «الحل الأمثل» ومحاولة «الانسان» بعد ذلك وجهاده للوصول إلى «استيعابه» وتطبيقه .. جديرا بالاعتبار- ومن ثم اختلفت بعض أجزاء الصورة عند كل من المعتزلة والأشاعرة والماتريدية وبعض الفرق الأخرى في تاريخ الإسلام. وقد قدم لنا الحاكم في تفسيره هذا أجزاء كثيرة وهامة من هذه الصورة، وبخاصة حين جمع خلاصة ما قدمه السلف ورجال الاعتزال على مدى أربعة قرون تقريبا
…
فكان لا بدّ لنا اليوم من أن نتقدم إليه، وإلى سائر كتب التراث الأصيلة لجميع الفرق الإسلامية؛ نجمع منها بعناية ودقة أجزاء تلك الصورة المبعثرة، لنعيد «تركيبها» وصياغتها من جديد- ما استطعنا إلى ذلك من سبيل- لندل اليوم، وفي زحمة المبادئ وصراع الأفكار، على «الصورة القرآنية» وعلى «عقيدة القرآن» التي «تمثلها» الجيل الأول، وعاشها آية آية ينزل بها الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم في آخر اتصال لعالم الغيب بعالم الشهادة!
-
3
-
إن سبيلنا اليوم إلى وحدة الفكر الإسلامي، وإثبات صلاحيته وشموله وأصالته لا يتم بغير هذا الرجوع، كما لا يتم بغير مراعاة جانب «الموضوعية» في دراسة أسباب الخلاف بين المفسرين والمتكلمين، وهذا هو الهدف الثاني الذي سعيت إليه في هذه الدراسة، أو سعيت إلى تعلمه والصبر عليه قبل الدعوة إليه. لقد خيّل إليّ أن هذا النوع من الدراسة أصلح ما يكون لتعلم الموضوعية، لأن هذه الدراسة لا يمكن أن توجد أصلا- فضلا عن أن تتم وتأتي صحيحة سليمة- إلا بهذه الطريقة من البحث، وللقارئ أن يلحظ مدى الأناة التي قادت هذا البحث، والتي خلت من
كل ضروب الأحكام المفتعلة أو المنقولة
…
أو التي زالت أسبابها ودواعيها بزوال مخترعها وأصحاب المصلحة فيها
…
إن القرن الخامس- الذي مهدت به لهذا البحث- قد حفل بأبشع صور الخلاف بين أرباب الكلام وأصحاب الفرق، وقضي فيه لأسباب سياسية واجتماعية على بعض الفرق لمصلحة الفرق الأخرى .. ومضى الحكم لازما- في عصور الانحطاط- عند المقلدين والتقليديين، وقابلا للتلفيق والتوفيق عند بعض المفكرين والباحثين
…
فهل نبدأ اليوم من هنا وهناك ونفرض على البحث العلمي أن ينزل إلى سلحة لم يعد لها وجود
…
أو يجيب على مسألة طرحت خطأ على كل الوجوه؟! وإذا كان لا مجال للارتياب في وجوب البدء بمرحلة الرجوع السابقة إلى الصورة القرآنية
…
فهل نعود إليها من خلال الدراسة الموضوعية؟ أم من خلال غبار المعارك ومحاولة الانتصار لفرقة على أخرى، بالحق تارة، وبالباطل تارة أخرى؟!
إن من حقنا اليوم، بل من واجبنا كذلك- على ضوء هذه الحقيقة- أن نعيد النظر في الأحكام التي أطلقت على بعض الفرق، أو على بعض آرائها ومبادئها التي اشتهرت عنها وعرفت بها. ولست هنا أدافع عن المعتزلة- كما قد يتوهم البعض- أو أنتصر لهم!! فإن شيئا من ذلك لا يهمني، كما لا يهمني أن أكون الحكم لهم أو عليهم .. ولكن الذي يهمني، ويجب أن يهم كل باحث، هو النظر الموضوعي إلى تراثهم وتراث سائر الفرق الإسلامية، وعدم الانطلاق في الحكم على الجميع من أحكام اجتهادية لا تقبل الطعن أو النقض!