الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلطان منهم خلقا كثيرا، وأبيحت ديارهم وأموالهم، ونودوا فيه أن كل من قدرتم عليه منهم فاقتلوه وخذوا ماله «1» .
6 - الزيدية
: أما قوم صاحبنا الحاكم رحمه الله .. ونعرض هنا لجانبهم السياسي- فقد كانت لهم دولتان إحداهما في اليمن، والأخرى في جنوب بحر الخزر من جهات الديلم: قامت دولتهم في الديلم نحو سنة 250 واستمرت إلى سنة 520 وظهر فيها عشرون إماما «2» وتتحدث الكتب التي ترجمت للحاكم أنه كان معاصرا للإمام المرشد بالله، وأن هذا الإمام كان أكبر منه بسنتين- وأنه توفى قبله بنحوها تقريبا «3» - وتصفه بأنه «المجدّد للدين بعمله في القرن الخامس بالجبل والري «4» » أي أنه كان أحد أئمة دولة الديلم، وقد عرض له الحاكم في بعض كتبه ولم ينعته بالإمام وإنما قال فيه: «السيد المرشد بالله أبو الحسين يحيى بن
(1) انظر ابن كثير 12/ 159.
(2)
. انظر «تاريخ الفرق» للدكتور يوسف العش، ص 22 و «تاريخ دول الإسلام» للصدفي 1/ 259 فما بعدها.
وكان قد خرج من الزيدية بعد الإمام زيد كثير من الأئمة في خراسان والمدينة والبصرة وقتلوا جميعا، ولم ينتظم أمرهم بعد ذلك- كما يقول الشهرستاني- حق «ظهر بخراسان الناصر الأطروش فطلب مكانه ليقتل فاختفى واعتزل إلى بلاد الديلم والجبل وكانوا لم يتحلوا بدين الإسلام بعد فدعا الناس إلى الإسلام على مذهب زيد بن علي فدانوا بذلك ونشئوا عليه، وبقيت الزيدية في تلك البلاد ظاهرين، وكان يخرج واحد بعد واحد من الأئمة ويلي أمرهم» . الملل والنحل 1/ 211. وانظر «شرح العيون» 1/ 28.
(3)
انظر «شرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار» للجنداري؛ ص: 32.
(4)
اتحاف المسترشدين بذكر الأئمة المجددين لابن زبارة الصنعاني ص 35.
الحسين الحسني، وإليه تشد الرحال في طلب العلم، وهو غاية في الزهد، وعليه سيماء النبوة .. » «1» ويبدو أن الحاكم قد ألف كتابه هذا قبل خروج الإمام المرشد ودعوته لنفسه بالإمامة، لأن دعوته إنما كانت في حدود سنة 491. والواقع أننا لا نقف من أئمة الزيدية في هذا القرن- في الديلم- على غير الإمام المرشد بالله، والإمام أبي طالب يحيى بن الحسين المتوفى سنة 424 «2» وكما يجوز خلو عصر من الإمام عندهم- إذا انعدم الخروج- فإن من الراجح أن الأمر كان يخرج من أيديهم لأحد الدويلات حتى يصبح التأريخ لإقليم ما في بعض الأحيان تأريخا لكثير من الأسر الحاكمة «3»، على أن هناك دعاة عند الزيدية يسمون «المحتسبين» أو «المقتصدين» يهيئون الأمر للخروج ويدافعون عن الحق، وبهم تتم سلسلة الأئمة. والذي يبدو على كل حال أن زيدية الديلم في القرن الخامس كانوا من الناحية السياسية في حالة ضعف، مما مهد لانتهاء دولتهم بعد ذلك في وقت قريب.
أما دولتهم في اليمن فتنتسب إلى الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي
(1) شرح «عيون المسائل» للحاكم، المجلد الأول، ص: 144 مخطوطة صنعاء رقم 212 علم كلام.
(2)
المصدر السابق ص 133 وكان معتزليا من طبقة القاضي عبد الجبار، قال الحاكم:«واجتمعت فيه شروط الإمامة» وقد بويع سنة 411 بعد وفاة أخيه الإمام أبي الحسين أحمد بن الحسين بن هارون الذي بويع بإمامة الزيدية سنة 380. قال الحاكم: «وكان جامعا لخصال الإمامة وبايعه الخلق وخرج بالديلم .. ولم يزل فيه يجري الأحكام على الشرع حتى توفي».
(3)
راجع زامباور ص: 293 - 294 و 319 - 320، وهذا مما جعلنا نتبع في هذا التمهيد التقسيم بحسب أشهر الدويلات.
(169 - 246) من أولاد الحسن بن علي بن أبي طالب «1» ، الذي وضع أصول المذهب الزيدي كما عرف في هذه الدولة «2» ، أما الذي استولى على اليمن فهو الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين أحد أحفاد الإمام القاسم، ولد بالمدينة المنورة سنة 245، وخرج إلى اليمن سنة 280 بطلب من أهله، ولكنهم خذلوه فعاد إلى الحجاز، ثم راجعوه فعاد إليهم ووصل «صعدة» سنة 284، وتمكن بعد حروب طويلة مع القرامطة وغيرهم أن يؤسس دولة الزيدية في اليمن، ويفيض الزيدية في الحديث عن بأسه وشجاعته وورعه وتصانيفه
…
ويعدونه من معجزات جده رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويروون فيه بعض الآثار، ويقولون: ما من زيدي في اليمن إلا وله عليه حق «3» .
أسس الامام الهادي دولة الزيدية في اليمن، وكان أولاده من بعده يبايعون فيها بالإمامة بخروجهم أو بالقتال، وكثيرا ما خرج الأمر
(1) انظر ترجمته في «إتحاف المهتدين» لابن زبارة، ص:41. والرسي نسبة إلى (الرس) وهو جبل أسود بالقرب من ذي الحليفة بالحجاز، فر إليه القاسم من الخليفة العباسى بعد أن خرج بالكوفة سنة 220.
(2)
وكان يذهب مذهب المعتزلة في أصول الاعتقاد كما سنرى عند الكلام على تفسيره، وهو مذهب جده الإمام زيد فيما يقال، أما أصول المذهب في الفقه فقد وضعها الإمام الهادي، وإليه ينسب المذهب «الهادوي» ، وبعض الزيدية يقولون إنهم ينتسبون في أصول الاعتقاد إلى زيد بن علي، وفي الفقه إلى الإمام الهادي. راجع «نزهة النظار» ليحيى بن حميد ورقة 16 مخطوطة صنعاء رقم 90 مجاميع.
(3)
وقد توفي بصعدة في ذي الحجة سنة 298، راجع «بلوغ المرام» ص 31 - 32 و «إتحاف المهتدين» ص 42.