الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أتباع إبليس ومن تلامذته، ووضع على هذه الرسالة ذلك العنوان الصارخ فأثار ثائرتهم فطلبوه فانزعج إلى مكة، ولذلك لم يدخلها دخولا يتناسب مع شهرته وكثرة تلامذته فوافوه بها فاغتالوه! وكانت الأحداث السياسية في مكة وغيرها في هذا العام- 494 - أبعد من أن تحفظ ذكر شيخ يتجاوز الثمانين يغتال في طرف من أطراف مكة، أو أن تحفظ له قبرا مع قبور المقدمين والرؤساء «1» .
رابعا: شيوخه:
تتلمذ الحاكم على رءوس العلماء المشهورين في عصره، وأكثر من الأخذ عن المعتزلة تلامذة القاضي عبد الجبار ومن أخذ عنهم، أو «عن أهل العدل» كما يسميهم دائما. وبالرغم من كثرة شيوخه الذين تلقى عنهم وتعرضه لأكثرهم في الفصل الذي عقده في كتابه (شرح عيون المسائل) لمن أدركه من أهل العدل- وتعرض كتب الطبقات لسائرهم- فإن من الواضح أن المقدمين من هؤلاء الشيوخ كانوا ثلاثة هم:
1) الشيخ أبو حامد أحمد بن محمد بن إسحاق النجاري النيسابوري
(1) بلغ من دقة صاحب العقد الثمين أنه كان يتحرى الأعلام الذين توفوا بمكة ويكشف عن تواريخ وفاتهم من حجارة قبورهم بها. [والذي نضيفه الآن أن أستاذنا الجليل الشيخ محمد أبو زهرة، في مناقشته لهذه الرسالة، لم يرتح لهذه «الجرجرة» للرجل ومحاولة إظهار دخوله مكة واغتياله بها على هذا النحو من الفرض والتقدير. ويفترض أستاذنا حفظه الله أن ذكر أخوال الحاكم في نص سابق يشير إلى أن سبب «اشتراكهم» في قتله، أو اقدامهم هم على هذا الأمر، يعود إلى مسألة الميراث في المقام الأول. وهذا- في الواقع- أمر جدير بالنظر والاعتبار، ولعله يغنينا عن الكثير من تحليلنا السابق].
المتوفى سنة 433 «1» وهو أول شيوخه وأبعدهم أثرا في ثقافته وفكره، قرأ عليه الكلام وأصول الفقه، وقد اختلف إليه في أول عهده بطلب العلم في سن مبكرة لأن صاحب شرح الأزهار يقول:«وقد أكثر من الرواية عن الشيخ أبي حامد» «2» ولم يكن عمره مع ذلك يتجاوز العشرين حين مات شيخه. قال الحاكم: «أول من لقيناه من مشايخ أهل العدل وأخذنا عنه شيخنا أبو حامد أحمد بن محمد بن إسحاق رحمه الله، وكان قرأ على قاضي القضاة، فقرأت عليه صدرا من لطيف الكلام وجليله ومن أصول الفقه .. وكان يجمع بين كلام المعتزلة وفقه أبي حنيفة ورواية الحديث ومعرفة التفسير والقرآن، وكان زاهدا لم يحظ من الدنيا بشيء» «3» ويبدو أنه لم يختلف طيلة حياة شيخه أبي حامد إلى أحد سواه.
2) الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الله، نيسابوري الأصل بيهقي الوطن، المتوفى سنة 457 وقد اختلف إليه الحاكم بعد وفاة شيخه أبي حامد سنة 433، وكان أبو الحسن قرأ على السيد أبي طالب يحيى ابن الحسين المتوفى سنة 424 - من تلامذة القاضي عبد الجبار- فقرأ عليه الحاكم «شيئا من الكلام وأصول الفقه والتفسير» وكان من المعجبين
(1) راجع شرح العيون 1/ 137 و 162. وقد ترجم لشيخه أيضا في الطبقة الثانية عشرة من طبقات المعتزلة، وجعله في آخرها، وأكثر رجالات هذه الطبقة ممن أخذ عن قاضي القضاة.
(2)
صفحة: 32.
(3)
شرح عيون المسائل 1/ 162.
بفضله وخطابته «1» .
3) الشيخ الامام أبو محمد عبد الله بن الحسين الناصحي قاضي القضاة المتوفى 447، قال الحاكم:«واختلفت إليه سنة أربع وثلاثين وأربعمائة» أي بعد وفاة شيخه أبي حامد، وكأنه اختلف إلى مجلس شيخيه أبي الحسن وأبي محمد في وقت واحد. وكان الامام أبو محمد من أئمة أصحاب أبي حنيفة «وكان لا يخالف أهل العدل إلا في الوعيد»
قال الحاكم: «فقرأت عليه أصول محمد بن الحسن والجامع والزيادات ومسائل الحساب» «2» .
أما سائر شيوخه فكان أخذه عنهم دون هؤلاء الثلاثة، وفي الفصل الذي عقده لمن «أدركه من أهل العدل» ذكر كثيرا من الشيوخ الآخرين ولكنه لم يصرح بأنه اختلف إليهم أو أخذ عنهم، وإنما اكتفى بالقول بأنه قد لقيهم وإن كان قد روى عن بعضهم في كتبه، كما أن ابن القاسم في طبقات الزيدية عد بعضهم الآخر ممن قرأ عليهم، وأضاف إليهم بعض الشيوخ الآخرين. ويبدو أنه لا نزاع في أنه قرأ على اثنين من الشرفاء هما:
(1) أنظر المصدر السابق. وقد قال صاحب شرح الأزهار: إن الحاكم روى عن الإمام أبي طالب بوساطة رجل، وربما كان هذا الرجل شيخه أبا الحسن، وقال ابن القاسم إنه «روى عنه بالإجازة من غير واسطة» وهذا غير صحيح لأن الحاكم لم يذكره، ولأن عمره عند وفاة أبي طالب كان أحد عشر عاما فقط.
(2)
راجع شرح العيون 1/ 163 وانظر الجواهر المضيئة للقرشي 1/ 274 طبع الهند.
4) أبو القاسم محمد بن أحمد بن مهدي الحسني، وكان زيديا ممن أخذ عن السيد الامام أبي طالب أيضا.
5) وأبو البركات هبة الله بن محمد الحسني الذي كان يميل إلى الزيدية.
كما أن من الراجح أن يكون قد قرأ أيضا على:
6) الشيخ أبي الحسن علي بن الحسن الذي وصفه بأنه «حسنة خراسان، وفرد العصر، وإمام زمانه، والمبرّز في العلوم، والمقدّم في أصحاب أبي حنيفة، والداعي إلى التوحيد والعدل بالقول والفعل» وعلى:
7) الشيخ أبي حازم سعد بن الحسين.
8) والقاضي أبي عبد الله اسماعيل بن منصور الحرفي.
9) وأبي الحسن عبد الغافر بن محمد الفارسي في نيسابور.
10) وأبي محمد عبد الله بن حامد الأصفهاني «1» .
والحاكم، بعد، يجري على سنن القاضي عبد الجبار في نعت كل من أبي علي الجبائي وابنه أبي هاشم، بشيخه- أي في المذهب- فيقول:
قال شيخنا أبو علي، وقال شيخنا أبو هاشم، أو يقول: اختلف شيخانا
…
وكثيرا ما ينقل آراء أبي هاشم عن القاضي مباشرة معرضا عن أي سند فيقول: قال القاضي قال أبو هاشم «2» .
(1) راجع شرح العيون 1/ 163 وطبقات الزيدية لإبراهيم بن القاسم (ورقة 173) وذكر ابن القاسم أيضا أنه سمع أبا الفضل الأمير عبد الله ابن أحمد الميكالي، وأبا الحسن إسماعيل بن صاعد، وأبا عبد الله محمد بن عميرة، وغيرهم. وذكر الحاكم أنه لقي من رواة الأخبار أبا علي الحسن بن علي الوحشي الحافظ من بلخ، وعده ابن القاسم من شيوخه في الحديث، وعد معه أبا يعلى الحسين بن محمد الترمذي، وأبا يوسف يعقوب بن أحمد.
(2)
راجع «شرح العيون» 1/ 285 و 166 فما بعدها.