الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأوّل حياة الحاكم
اولا: اسمه ونسبته
1) هو الإمام الحاكم أبو سعد المحسّن بن محمد بن كرّامة الجشمي البيهقي، ينتهي نسبه إلى محمد بن الحنفية بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه «1» . ولا تنص بعض المصادر على تشديد اسمه
(1) انظر تاريخ بيهق لابن فندق ص 212. وجشم من قرى بيهق (معجم البلدان 2/ 84 الطبعة الأوربية) و (بيهق) ناحية كبيرة وكورة واسعة كثيرة البلدان والعمران، من نواحي نيسابور تشتمل على ثلاثمائة وإحدى وعشرين قرية، قال ياقوت: «وقد أخرجت هذه الكورة من لا يحصى من الفضلاء والعلماء والفقهاء والأدباء» وذكر أن الغالب على أهلها مذهب الرافضة.
وقال السمعاني: البيهقي: نسبة إلى (بيهق): قرى مجتمعة بنواحي نيسابور (راجع معجم البلدان 1/ 804 والأنساب صفحة 101).
ولم تذكر المصادر التي ترجمت للحاكم نسبة أخرى له، ولكن أكثر آثاره الخطية زيد عليها- على صفحة الغلاف- (البروقي) أو (البروقني) - وربما قرئت الروقني في حالة واحدة- بخط الناسخ أو مالك النسخة، وغالبا ما يكون من العلماء أو القضاة، وليس في المعجم غير (بروقان) قرية من نواحي بلخ. والصواب في هذه النسبة- فيما نرجح- (الروقني) نسبة-
(المحسّن) كما لا ينص بعضها الآخر على تشديد اسم جده (كرّامة) وهذا وإن كان مما لا يحتج به فإن ما رجحناه هو ما ذهب إليه أصحاب المصادر المتقدمة التي ترجمت له، بالإضافة إلى أن اسم جده ضبط على هذا الوجه على نسخة من تفسيره (التهذيب) كتبت بخط قديم يرجع إلى عصر المؤلف، وعلى نسخة أخرى منه كتبت للفقيه حميد المحلّي الشهيد (ت 652) من كبار علماء الزيدية، ومن أقدم المؤرخين وكتاب التراجم عندهم «1» .
- إلى (دوقن) قرية من قرى خراسان، كما وجدناها مضبوطة بالحروف ومعرفة في مكان آخر من طبقات الزيدية (لإبراهيم بن القاسم الشهارى، ورقة 162 - مصورة دار الكتب رقم 99. 29 ب). ولعل الحاكم قد انتقل إلى هذه البلدة في نفس الإقليم الذي كان يقيم فيه، ولقيه فيها بعض التلاميذ فأضافوا هذه التسمية على كتبه التي حملها إلى اليمن مع كتب اعتزالية أخرى- كما سنعرض لذلك- أحد علماء الزيدية بهذه البلدة.
أما كنيته فهي (أبو سعد) على الأرجح، وقيل إنها (أبو سعيد).
و (الحاكم) لقب غلب عليه فيما يبدو لأنه لم يهمله أحد ممن ترجم له، ولا ندري هل لهذا اللقب صلة بمكانته الحديثية عندهم، وفي اصطلاح المشتغلين بالحديث أن لقب (الحاكم) يطلق على من أحاط بجميع الأحاديث المروية متنا وإسنادا، وجرحا وتعديلا، وتاريخا، وبعض قوم الحاكم من الزيدية يقول فيه إنه ليس بذاك في الحديث! راجع حاشية لقط الدرر بشرح متن نخبة الفكر لعبد الله بن حسين العدوي (ص 5/ طبع مصطفى الحلبي سنة 1356 هـ وانظر تعريفنا القادم بكتب الحاكم (كتاب جلاء الأبصار)، كما أن أكثرهم ينعته بالإمام لنسبه ولتقدمه ورئاسته في العلم وإن لم يكن إماما بالمعنى الاصطلاحي عند قومه من الزيدية.
(1)
انظر ترجمة الفقيه حميد في مقدمة كتابه (الحدائق الوردية في تراجم الأئمة الزيدية) بقلم مؤرخ اليمن محمد بن زبارة الحسني، صفحة: 9 - 12.
وتجعل بعض المصادر (كرامة) أباه لا جده، فتقول:(المحسن ابن كرامة) أو «المحسن بن محمد كرامة» والسبب في ذلك فيما يبدو يعود إلى نسبته الكثيرة إلى جده، حتى إن بعض الذين أشاروا إلى كتبه بإيجاز قالوا إنها للحاكم بن كرامة، أو لأبي سعد بن كرامة.
وعمادنا في بيان نسبه المذكور على كل حال إنما هو على (تاريخ بيهق) لابن فندق الذي ترجم فيه لأعيان بيهق، والذي ألفه بعد وفاة الحاكم بأقل من سبعين عاما فقط.
2) وتضطرب الكتب التي ترجمت للحاكم في نسبته إلى (جشم) أهي نسبة إلى بلدة أم قبيلة؟ فابن فندق (ت 565) ينص على أنها نسبة إلى بلدة، فيقول في الحاكم:(المولود بجشم) ويذكر صاحب شرح الأزهار (ت 840) - بعد أن قال في نسبته (الجشمي البيهقي) - أن (جشم بلدة من خراسان)، وجرى ياقوت وصاحب القاموس على أن جشم بلدة ببيهق أو من قراها. ولكن يحيى بن حميد (من أعلام القرن العاشر) ويحيى بن الحسين (ت سنة 1100 تقريبا) يقولان إن جشم قبيلة الحاكم وأن بلده (من نواحي بيهق) أو في نواحيها.
ويذهب إبراهيم بن القاسم (المتوفى سنة 1150) إلى أن (جشم قبيلة من خراسان). ويكاد هذا القول الأخير أن يكون تصحيفا سببه الاختصار والتلفيق، لأن المصادر السابقة التي اعتمد عليها ابن القاسم لا تزيد على القول بأن جشم قبيلته دون البحث في أصل هذه القبيلة أو النص على أنها من خراسان، ثم إن (جشم) من قبائل العرب، وقد سمّي به حي من جرهم درجوا، وبطن من سعد العشيرة من مذحج، وبطن من جرم قضاعة- من القحطانية- وجشم أيضا بطن من العدنانية،