الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج- اعتراضاته على بعض المعاني التي يوردها، يؤخرها دائما إلى ما بعد الفراغ من استعراض جميع الوجوه التي يرغب في إيرادها. وربما عقب عليها في فقرة «الأحكام» التالية لا في هذه الفقرة.
د- قد يرجح تفسيرا على آخر بالمكي والمدني، أو بصحة المعنى دون الحكم بالزيادة التي يذهب إليها، في الآية، صاحب التفسير الآخر- وهذه مسألة أكّدها أيضا في «الإعراب» - أو بالنظم وسياق الكلام، أو بأمور فرعية أخرى، ما دام الأمر لم يخرج عن حدود المنهج الذي يسير عليه، وإلا انتقل الأمر إلى الرفض والقبول، وإن كان الترجيح بالطبع صورة من صور القبول.
هـ- وأسلوبه الذي لا يدعه هنا في إيراد الاعتراضات على ما يرجحه ويذهب إليه، ودفع هذه الاعتراضات هو: «ومتى قيل:
…
قلنا» كما قدمنا.
3) من شواهد طريقته في إيراد المعاني والأقوال:
أ- ب: في الشواهد التي قدمناها عند الكلام على مصادره في التفسير بالمأثور (انظر الفصل الثاني من الباب الثاني) وفي الشواهد القريبة أيضا (انظر مثلا رقم 4 من فقرة «الأعراب» في هذا الفصل)«1» ما يغني عن الإعادة.
ج- د: ومن شواهد وجوهه الكثيرة تبعا لاختلاف القراءة ما ذكره في تفسير قوله تعالى:
(1) ص 366، وانظر أيضا الورقة 260 من المجلد الأول من التهذيب.
(فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ)«1» قال الحاكم: «على ما قرأه الكسائي، بفتح الذال والثاء، قيل معناه: يعذّب كعذاب هذا الكافر الذي لم يقدّم لحياته أحد من الناس، ولا يوثق كوثاقة أحد، وهذا وإن أطلق فالمراد به التقييد لما علم أن إبليس أشد عذابا منه وأشد وثاقا. وقيل:(لا يعذب) أي في الدنيا، كعذاب الله يومئذ. وقيل: لا يعذب أحد بعذابه لأنه المستحق ولا يؤخذ بذنبه أحد.
وكذلك الحال في نقوله وجوه التفسير في الآية تبعا لاختلافهم في أسباب النزول، فقوله تعالى: (يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا
…
) الآيات
(1) الآيتان 25 - 26 سورة الفجر، التهذيب، ورقة 145/ ظ.
من سورة البقرة ذهب بعضهم إلى أنها نزلت في المنافقين، وذهب آخرون إلى أنها نزلت في اليهود، وقد تباين تفسير هؤلاء- إلى حد- في تفسير الصفات التي وردت في هذه الآيات، ويذكر الحاكم دائما أن المعنى كذا، وقيل فيه كذا على قول من قال إنها نزلت في المنافقين وأنه كذا.
وقيل فيه كذا على قول من قال إنها نزلت في علماء اليهود
…
الخ.
أما تكراره للمعاني اللغوية في «المعنى» - أحيانا- ففي بعض نقولنا السابقة في فقرة «اللغة» من هذا الفصل بعض الشواهد على ذلك:
حيث أعاد- مثلا- تعريف الصبر والخشوع. وشواهد هذا الباب كثيرة أيضا.
هـ- استطراده للتوفيق بين الآيات: وهذا الاستطراد لا صلة له بموضوع التأويل، وإنما هو ترجيح تفسير على آخر في آيتين وردتا على موضوع واحد أو في وصف أمر واحد، وبيان هذا التفسير الراجح الذي ينفي الاختلاف عن هاتين الآيتين:
قال في تفسير قوله تعالى: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ)«1» «
…
ومتى قيل:
أليس قال في موضع آخر: (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ)؟ «2» قلنا: الذي في الآية الأولى: ما بين موضع التدبير من السماء الدنيا
وبين الأرض: الصعود والنزول، ألف سنة، خمسمائة للصعود وخمسمائة للنزول؛ عن مجاهد. وقيل: يدبر الأمر
(1) الآية 5 سورة السجدة.
(2)
الآية 4 سورة المعارج.
من السماء إلى الأرض مدة أيام الدنيا، ثم يرجع الأمر والتدبير إليه بعد انقضاء الدنيا في يوم كان مقداره ألف سنة، وهو يوم القيامة. والمدة المذكورة مدة يوم القيامة إلى أن يستقر الخلق في الدارين، وعلى هذا القول: المراد بقوله (خمسين ألف سنة) في الآية الثانية: أي على الكافر؛ يعني أنه يستطيل ذلك اليوم لشدة ما يلاقيه فيه. وقيل: إن المراد بالآية الثانية هو يوم القيامة أيضا؛ عن الحسن وقتادة والضحاك، قالوا:
«فقدر موقفهم للحساب حتى يفصل بين الناس خمسون ألف سنة من سنين الدنيا، أما عروج الملائكة فيكون في بعض ذلك اليوم» . وقيل: لو ولي المحاسبة غير الله تعالى في ذلك اليوم لم يفرغ إلا بعد خمسين ألف سنة، وهو- تعالى- يفرغ منه في ساعة، عن الكلبي «1» .
وقال في تفسيره لقوله تعالى: (فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ)«2» «ومتى قيل: أليس وصف الريح بالعاصف في قوله:
(وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً)«3» ؟ قلنا: مرة عاصفة، ومرة لينة- فسر هو الرخاء بالسريعة الطيبة، أو باللينة- بحسب إرادة سليمان معجزة له».
وقال في قوله تعالى: (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ .. )«4» «ومتى قيل: فما الجامع بين هذه الآية وبين قوله:
(وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ)«5» ؟ قلنا: قوله: لا ينفعهم معذرتهم، لا يدل
(1) التهذيب، ورقة 90/ و.
(2)
الآية 36 سورة ص، التهذيب، ورقة 5/ و.
(3)
الآية 81 سورة الأنبياء.
(4)
الآية 52 سورة غافر، التهذيب، ورقة 22/ و.
(5)
الآية 36 سورة المرسلات.