الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً) كما حكى عن سائر الأنبياء .. ».
ج) وذكر في تفسير قوله تعالى: (إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ)«1» الأقوال التالية: قيل يعني الذي خلقه ابتداء من هذا الماء (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ) يقدر على إرجاعه حيا بعد الموت، عن الحسن وقتادة وأبي علي وأبي مسلم. وقيل: رد الماء في الصلب، عن عكرمة ومجاهد. وقيل: على رد الانسان ماء، عن الضحاك. ثم قال معقبا على هذه الآراء: «والأحسن قول الحسن وأبي علي، ولذلك عقبه بقوله:(يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) يعني: يوم القيامة.
وقال في قوله تعالى: (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ)«2» في بيان حال المتقين في الجنة: إنهم اختلفوا متى يتساءلون، فقيل: حين يبعثون من قبورهم، عن ابن عباس، وقيل: في الجنة، قال الحاكم:
سابعا: الأحكام
أما «الأحكام» فقد رأينا منها صورا كثيرة عن الكلام على منهج الحاكم، وهي التي ساعدتنا على تحديد شخصيته في تفسيره حين وقفنا فيها على محور هذا التفسير، وعلى صورة جلية من قاعدة الحاكم الفكرية كما رأينا. والذي نذكره هنا في كلامنا على هذه الفقرة:
1 -
نقول الحاكم فيها أقل من نقوله في سائر فقرات الكتاب. بل
(1) الآية 8 سورة الطارق، ورقة 141/ ظ.
(2)
الآية 50 سورة الصافات، ورقة 70/ و.
إن هذه الفقرة في الغالب من استنباط الحاكم نفسه، ولذلك كانت آصل في الدلالة على تمييز الحاكم من تعقيباته التي أشرنا إليها في الفقرة السابقة، وطريقته فيها هي طريقته الجدلية المعروفة:«فان قيل .. قلنا» .
2 -
لا يعني الحاكم بهذه الفقرة: الأحكام الشرعية أو الفقهية، فهو وإن كان قد عرض لمثل هذه الأحكام بإيجاز في أحوال كثيرة، ورجح فيها ما يراه، فإن أكثر أحكامه هنا داخلة في باب التوحيد والعدل، بالإضافة إلى الكثير من الأحكام الاخلاقية والسلوكية وما ترشد إليه الآية.
والمدلول الواقعي لكلمة «الاحكام» من خلال الأمور التي تضمنتها هذه الفقرة في تفسيره: هو ما يؤخذ من الآية أو يستفاد منها، أو ما ترشد إليه الآية وتدل عليه على وجه العموم.
3 -
ونورد فيما يلي شاهدين للدلالة على طريقته في هذه الفقرة، وعلى هذا المدلول لكلمة «الأحكام»:
أ) قال الله تعالى: (سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ. هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ. ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)«1»
(1) الآيات 1 - 5 سورة الحشر، ورقة 90/ ظ.
قال الحاكم في «الأحكام» : «تدل الآيات على أن خروجهم [لم يكن] عن قلة، ولكن لينصره الله، ولإلقاء الرعب في قلوبهم.
«وتدل أن ما فعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه من إجلاء أهل الكتاب من جزيرة العرب هو الذي يقتضيه الشرع والكتاب والسنة، فقد قال صلى الله عليه وسلم:(لا يجتمع في جزيرة العرب دينان).
«ويدل قوله (فاعتبروا) على الحث على الاستدلال والنبوة والتمسك به، والإيمان الموجب للنصرة، وترك المخالفة الموجبة للنقمة. واستدل أبو العباس بن شريح بالآية على صحة القياس إلا أن ما تقدم وتأخر لا يليق بذلك.
ب) وقال في قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام: (فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ. وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما؟ قالَتا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقى لَهُما ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ. فَجاءَتْهُ إِحْداهُما تَمْشِي عَلَى اسْتِحْياءٍ قالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ ما سَقَيْتَ لَنا، فَلَمَّا جاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)«1»
(1) الآيات 21 - 25 سورة القصص، ورقة 46/ ظ.