الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على أنهم يعتذرون. فيحتمل أنه أراد: لو اعتذروا لما نفعهم. وقيل:
ثم مقامات يعتذرون في بعض، ولا يؤذن في ذلك في بعض».
4) من شواهد طريقته في الترجيح:
ولا نطيل في تجزئة الشواهد وتكرارها للدلالة على جميع النقاط التي حددناها لطريقته في الترجيح، فبعض هذه النقاط ربما تضمنها شاهد واحد، كما أن الكثير من هذه الشواهد قد تقدم في الفصول السابقة. ونكتفي هنا بإيراد بعض الشواهد الدالة على «جملة» طريقته في التعقيب والترجيح:
أ) قال في تفسيره لقوله تعالى- في شجرة الزقوم- (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ)«1» إن أصلها في قعر جهنم وأغصانها في الدركات. وطلعها أي ثمرها. ثم قال: «ومتى قيل: كيف تشبه رءوس الشياطين ولم نر ذلك؟ قلنا: فيه أقوال:
أولها: أن قبح منظرها متصور في النفس، يقال في الشيء القبيح غاية القبح: كأنه شيطان، وكأنه رأس شيطان؛ عن ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي
…
قال امرؤ القيس:
أتقتلني والمشرفيّ مضاجعي
…
ومسنونة زرق كأنياب أغوال
فشبه النصال بأنياب الأغوال ولم يرونها. وثانيها: أنه شبه برأس حية تسمى شيطانا عند العرب كريهة المنظر. وثالثها: أنه شبه بنبت يعرف برءوس الشياطين، وهي شجرة قبيحة مرة تشبهها العرب برءوس الشياطين» قال الحاكم:«والأول أوجه وأحسن، وهو قول أبي مسلم وأبي علي» .
(1) الآية 65 سورة الصافات، ورقة 161/ و.
ب) وقال في قوله تعالى: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)«1» إنهم اختلفوا في تفسيره، قيل معناه: إلا أن تتقربوا إلى الله وتتوددوا إليه بالطاعة والعمل الصالح؛ عن الحسن وأبي علي وأبي مسلم، قال الحاكم: والمعنى لا تتقربوا إليّ بالأجرة، لكن تقربوا إلى الله بالعمل الصالح، فعلى هذا: الخطاب للمؤمنين. وقيل: (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى): إلا أن تودّوني لقرابتي منكم وصلة الرحم، وكل قرشي كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه قرابة، عن ابن عباس وقتادة ومجاهد والسدي والضحاك
…
وعلى هذا الخطاب للكفار، يعني إن لم تودوني للرسالة فلا تتركوا مودتي لحق القرابة التي بيني وبينكم. وقيل:
إلا أن تودوا قرابتي وتحفظوني فيهم، عن علي بن الحسين وسعيد بن جبير وعمرو بن شعيب وجماعة.
وبعد أن أطال الحاكم القول في اختلاف هؤلاء في هذه القرابة قال:
«ومتى قيل: أي الأقوال أصحّ؟ قلنا: قول الحسن وأبي علي؛ لوجوه:
منها أن الخطاب للكفار، لأن المؤمنين كانوا يعلمون أنه لا يسألهم أجرا فكأنه وصاهم بطاعته ليأنسوا إليه. ومنها: أنه قال عقيبه (ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) وأن المراد بالقربى: الأمور المقرّبة إلى الله.
ومنها: أن من كان من أقربائه مؤمنا فولايته واجبة كسائر المؤمنين، ومن كان كافرا أو فاسقا فمعاداته واجبه، ولذلك نزلت (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) في عمه، فلا معنى لتخصيصهم بذلك. ومنها: أن مودتهم لا يجوز أن تجعل أجرا له. ومنها: أنه قال في موضع آخر:
(1) الآية 23 سورة الشورى، ورقة 32/ و.