الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الأوّل طريقته في كتابه «التهذيب»
تمهيد: بين المنهج والطريقة
درج الحاكم، من أول كتابه «التهذيب في التفسير» إلى آخره، على تفصيل القول في الآية أو مجموعة الآيات التي يتناولها بالتفسير جملة- كمقطع أو وحدة تفسيرية- ضمن هذه النقاط الأساسية الثابتة، وهي: القراءة اللغة، الإعراب، المعنى، الأحكام. مرتبة على هذا الشكل، يضاف اليها في بعض الأحيان: النزول، إذا كان للآية سبب نزول خاص، ونقاط أخرى يراها ضرورية في بيان بعض الآيات دون بعض، وهي: النظم، إذا كان وجه ارتباط الآية بما قبلها مشكلا أو يحتاج إلى بيان. والفقه، إذا كانت الآية تتناول بعض الأحكام الفقهية في باب العبادات أو المعاملات.
والقصة، إذا كان موضوع الآيات خبرا من أخبار الأمم السابقة، وكان في بعض الروايات تفاصيل زائدة عما يدل عليه الظاهر، كما سنفصل القول في ذلك في هذا الفصل. وترتيب هذه الفقرات جميعا عنده، على النحو
التالي: القراءة، اللغة، الإعراب، النزول، النظم، المعنى، الأحكام، القصة، الفقه.
هذا الترتيب الذي جرى عليه الحاكم في تفسيره سميناه ب «طريقته» في التفسير أو كتابه التهذيب، ونعني بالطريقة هنا «خطته» في البحث، أو «الشكل» الذي اتبعه في تفسير الآية أو الآيات، والكتاب مرتب أصلا- ككل كتاب تفسير معروف- بحسب ترتيب السور في المصحف، مبتدئا بالفاتحة ومختتما بسورة الناس. فيبقى أن ما يمتاز به في الترتيب إنما هو طريقته أو خطته في تقسيم فقرات التفسير في الآية الواحدة، أو السورة الواحدة- في السور القصار- أو مجموعة الآيات من السورة.
وسوف نبحث في هذا الفصل «طريقته» في عرض كل من هذه الفقرات، وما يذهب إليه في شأن الترجيح بين الأقوال والآراء في كل واحدة منها.
ومعلوم أن بعض هذه المسائل أو الفقرات- أو جلها الذي يعنينا إطالة الوقوف عنده- داخل فيما اصطلح العلماء على تسميته بعلوم القرآن، ولكننا آثرنا بحثها هنا مستقلة في فصل خاص، لنضع بين يدي القارئ صورة كاملة ومتميزة عن كتاب الحاكم كما أراد له صاحبه رحمه الله، وتركنا الحديث عما عداها من مسائل علوم القرآن الأخرى- مما عرض له الحاكم في تفسيره- كنزول القرآن وإعجازه والمكي والمدني
…
إلى الفصل القادم.
والنقطة الهامة التي نود الإشارة اليها قبل المضي مع الحاكم في فقرات كتابه تلك، هي أن هذا التحديد الذي ذكرناه لمعنى «الطريقة» في دراستنا هذه، يقطع الطريق على التباسها بالمنهج الذي انتهينا من بحثه في