الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتبهم أو قرأناه في مصنفاتهم ورسائلهم، خصوصا من كتب الشيوخ الأربعة: الشيخ أبي علي محمد بن عبد الوهاب، والشيخ أبي هاشم عبد السلام بن محمد، والشيخ أبي عبد الله الحسين بن علي البصري، وقاضي القضاة عماد الدين أبي الحسن عبد الجبار بن أحمد رضي الله عنهم
…
».
ثم بدأ كتابه بالحديث عن القديم تعالى لأن التأثيرات كلها تنتهي إليه، ثم أوجز الكلام في موضوعات كثيرة عقد لها فصولا خاصة:
«فصل في التكليف- الثواب- الوعد والوعيد، الأسماء والأحكام، أحكام الآخرة، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الإمام، الأسماء والصفات والأحكام .. » وهو آخر فصول الكتاب، أو الموجود منه، لأن آخر ما لا ندري مقداره قد أصاب نهاية هذه النسخة الوحيدة «1» .
والقسم الموجود يقع في سبع ومائة ورقة.
وقد نقلنا من الكتاب رأي المؤلف في موضوع الإمامة، ونجتزئ به عن تكرار مثال آخر. ومنهج المؤلف واضح على كل حال، وقد ذكر بنفسه الكتب التي نقل عنها، وهو يؤيد ما رجحناه من نسبته إلى المدرسة الجبائية، وعنايته بآراء القاضي رحمه الله.
2 - شرح عيون المسائل
أما شرح العيون فهو من أهم كتب الحاكم بإطلاق، ولعله أهم كتبه في علم الكلام، وقد استجاب فيه المؤلف- كما ذكر في المقدمة- إلى طلب بعض إخوانه في الدين شرح كتابه (عيون المسائل) «على طريقة الإيجاز
(1) نرجو أن نتمكن من العثور على نسخة أخرى منه في وقت قريب.
والاختصار» «1» وإن كان قد جاء هذا الشرح وافيا كبيرا في الواقع، وقد جرت عادته على ذكر (المتن) باسم: الأصل، يورده ثم يقول بعد ذلك: الشرح، ويبدو من نصوص هذا «الأصل» أنه صغير الحجم، كما أنه لا ذكر له في بعض أقسام الكتاب «2» .
وقد جعل المؤلف هذا الشرح الجامع في سبعة أقسام: القسم الأول في ذكر الفرق الخارجة عن الإسلام، والثاني في الكلام في فرق أهل القبلة، والثالث في «ذكر المعتزلة ورجالهم وأخبارهم وما أجمعوا عليه من المذهب وذكر فرقهم» والقسم الرابع في الكلام على التوحيد، والخامس في التعديل والتجوير، والسادس في الكلام في النبوات، والقسم الأخير في أدلة الشرع. ويبدو اعتماد المؤلف على كتب القاضي عبد الجبار واضحا في هذا الكتاب، بل إنه في القسم الثالث منه، وهو المتصل برجال المعتزلة، يعتمد اعتمادا كاملا على كتاب القاضي (فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة)«3» الذي تحدث القاضي فيه في قسمه المتصل بفضل الاعتزال عن أسماء المعتزلة وألقابهم، وعن فضل الاعتزال وسند المعتزلة، وناقش فيه من يتهم المعتزلة بأنهم القدرية، ومن يحرم الخوض في الكلام، وأن المعتزلة أبدعوا في
(1) مقدمة شرح العيون ورقة 2.
(2)
راجع الأقسام الثلاثة الأولى، وهي الخاصة بالمذاهب والفرق ورجال الاعتزال. وقد وقعنا أخيرا على هذا الأصل عن طريق بعض رجالات اليمن الأفاضل.
(3)
مخطوطة أصلية وحيدة، وضعها بين أيدينا الأستاذ فؤاد سيد.
الإسلام حدثا جديدا
…
إلى أمور كثيرة أخرى عقد لها فصولا موجزة، والذي رتب المعتزلة في قسمه الثاني في عشر طبقات أولها طبقة الصحابة، كعلي وأبي بكر وعمر وأبي ذر الغفاري، وآخرها طبقة الذين أخذوا عن أبي هاشم وعمن هو في طبقته «مع اختلاف درجاتهم وتفاوت أحوالهم» .
وقد ضمّن الحاكم القسم المذكور من كتابه جميع ما كتبه القاضي في كتابه (فضل الاعتزال
…
) فأخذ الطبقات العشر المذكورة فوضعها في هذا القسم مع تصرف يسير في العبارة وعدم الالتزام بالإشارة إلى النقل عن القاضي- بقوله المعهود قال قاضي القضاة- حتى حين يكون الكلام بحروفه من كتاب القاضي رحمه الله، كما أخذ القسم الأول المتصل بفضل الاعتزال فقدم به- فعل القاضي- لهذه الطبقات وإن كان قد اختصر منه بعض الفصول الهامة في الواقع، والتي تتجاوز ثلث هذه الفصول الفريدة «1» .
والجديد الذي قدمه الحاكم في هذا القسم، أو في موضوع طبقات المعتزلة، هو ما أضافه إلى طبقات القاضي العشر السابقة، وهي إضافات هامة في الواقع بما أكملت من حلقات الاعتزال إلى عصره، وبما أضافت وأوضحت من أعلام الأدب والشعر والفقه والقضاء الذين ذهبوا إلى الاعتزال، أضاف الحاكم أولا طبقتين أخريين: الطبقة الحادية عشرة والطبقة الثانية عشرة، وقد جعل على رأس الطبقة الأولى قاضي القضاة عبد الجبار ابن أحمد ومن هو في منزلته، وخص الثانية «بأصحاب قاضي القضاة» وهم تلامذته ومن أخذ عنه، ومنهم بعض شيوخ الحاكم نفسه كما رأينا.
(1) وربما قاربت النصف، وسيتبين ذلك عند ما تنشر طبقات القاضي رحمه الله.
ثم عقد فصولا كثيرة فيمن ذهب مذهب العدل من العترة، وممن بويع له بالخلافة، وممن كان من الأمراء والرؤساء، وفصولا أخرى فيمن ذهب مذهب العدل من الفقهاء ورواة الأخبار والزهاد «1» أعقبها بذكر من أدركه من أهل العدل، وذكر من ذهب إلى الاعتزال من الشعراء وأئمة اللغة.
وختم هذه الفصول بالحديث عن خروج أهل العدل، متى خرجوا ومع من من الأئمة والدعاة، ويبين هذا الفصل الموجز الهام مدى صلة المعتزلة بالشيعة، ومدى مشاركة المعتزلة في الحياة العامة، وأنهم لم يسموا معتزلة لاعتزالهم الناس كما يرى بعضهم. ويقرب هذا القسم الذي أضافه الحاكم في الطبقات من أربعين ورقة في حين لا تزيد طبقات القاضي خاصة عن ستين.
ومما تجدر الإشارة إليه بعد ذلك أن ابن المرتضى (المتوفى سنة 840) قد أخذ طبقات المعتزلة على هذه الصفة التي تركها عليها الحاكم، وجعلها
(1) ويعتمد الحاكم في هذه الفصول أيضا على القاضي، وإن كان لا أثر لها في كتابه «فضل الاعتزال» . وربما ضمنها بعض كتبه الأخرى، كما يعتمد على مقالات أبي القاسم البلخي ومحمد بن يزداد وأبي بكر بن الإخشيد وأبي الحسن ابن فرزويه وأبي عبيد الله المرزباني وغيرهم، وهؤلاء ممن اعتمد عليهم القاضي نفسه- وكلهم ممن تقدمه- في طبقاته ونقل عنهم، وفي مقدمة التحقيق التي كنا بدأنا
بإعدادها لطبقات القاضي [مشاركين في تحقيقه الأستاذ فؤاد سيد رحمه الله] تفصيل واف لقصة الطبقات، ودور كل من العلماء السابقين في كتابتها ودور ابن المرتضى فيها بعد ذلك. [ونرجو أن ننشر ذلك الآن في بعض المقالات والأبحاث].
في صدر كتابه (المنية والأمل في شرح كتاب الملل والنحل) وأسقط منها بعض الفصول الأخيرة، واختصر بعضها الآخر اختصارا مخلا، وقدم وأخر في بعض الفصول والتراجم، كما أضاف إلى بعض التراجم إضافات قليلة لا تكاد تذكر. وقد جرى على سنّة الحاكم في طبقات القاضي حيث لم يلتزم الإشارة إلى الحاكم فيما ينقله عنه، ولو كان الكلام بحروفه من كلام الحاكم رحمه الله، والراجح أن يكون اطلاعه على جميع الطبقات إنما كان من كتاب الحاكم على الرغم من قوله في آخر الطبقة العاشرة إنه لما فرغ من الطبقات التي ذكرها القاضي ذكر طبقتين أخريين ذكرهما الحاكم، وذلك لنقله عنه في طبقات القاضي بعبارة قال الحاكم، ولأن ما ورد عنده من كلام القاضي- مما تصرف فيه الحاكم في بعض الأحيان- وصدره بقوله: قال القاضي، موافق لما في شرح عيون المسائل لا لما في فضل الاعتزال للقاضي رحمه الله، ولأسباب أخرى لا مجال للحديث عنها في هذه العجالة «1» .
(1) نشرت طبقات ابن المرتضى أولا سنة 1316 بحيدرآباد الدكن بالهند بتصحيح توما أرنلد باسم (باب ذكر المعتزلة من كتاب المنية والأمل في شرح كتاب الملل والنحل) في سبعين صفحة فقط، ثم نشرت في بيروت على يد المستشرقة سوسنة فلزر سنة 1380 باسم طبقات المعتزلة بزيادة من ذهب إلى الاعتزال من أهل العترة وطوائف أخري آخرهم رواة الأخبار. ولم تكتف المحققة المذكورة بالنقص الذي ألحقه ابن المرتضى في هذه الفصول وفي سائر الطبقات، حتى أدخلت الحيف الشديد على الطبقات كلها بما وقعت فيه من تخبط عجيب في قراءة الأسماء والأعلام، وبالتصحيفات الكثيرة التي تملأ صفحات الكتاب، حتى جعلت العلم علمين، والنسبة نسبتين، والكتاب كتابين، فابن يزداد يصير مرة ومرات ابن أبي دؤاد، وأبو سلمة الخلال يصير أبا سلمة الحذاء،-
وقد رجعنا إلى «شرح عيون المسائل» في مواطن كثيرة من هذا
- والأرجاني إلا رجائي (من الارجاء)، وكتاب المغني للقاضي عبد الجبار يصبح كتابين! المغني، والمغنى ببركاته، لأن القاضي تحدث عنه في ترجمة أبي العباس الرامهرمزي، فقال إن لشيخه الرامهرمزي مسجدا كبيرا كان يقعد فيه القاضي كثيرا. وفيه ابتدأ إملاء المغني ببركاته- أي ببركات شيخه أو مسجده- فصار «المغنى ببركاته» كتابا آخر! عدا التصحيفات التي لا تحصى في النص. «فاللطف» وهو من مبادئ المعتزلة الهامة- يكتب «اللطيف» والمناظرات «المدونة» تصبح «الممدودة» و «الأسباط» الأوساط، إلى أمور أخرى سنوضحها في مناسبة أخرى إن شاء الله.
وإن كان من ألطف هذه الأمور أنها جعلت مصنفنا الحاكم الجشمي:
الحاكم النيسابوري! وقالت: لعله أضاف الطبقات الأخيرة في كتابه المفقود «تاريخ نيسابور» وإذا سلم بأن الحاكم النيسابوري- الفقيه المحدث- أهمه شأن المعتزلة فجأة! بل صار واحدا من أشياعهم وأتباعهم- لأن الذي كتب ترجمة القاضي عبد الجبار لا يمكن أن يكون غير معتزلي، والذي يقول في أحد رجال الطبقة الثانية عشرة: إنه قد تلقى عليه العدل والتوحيد لا يمكن أن يكون غير معتزلي أيضا- فإن الذي لا يجوز أن يغفل عنه أن الحاكم النيسابوري توفي سنة 405. وأول رجال الطبقة الحادية عشرة وفاة هو القاضي عبد الجبار الذي توفي سنة 415 كما نص كاتب هذه الطبقة والطبقة التالية
…
وقد لاحظت المحققة المذكورة أن الطبقات التي أضافها الحاكم- أي حاكم- موجزة بعض الشيء، أو أن أسلوبها يختلف الى حد ما عن طبقات القاضي، ولم تجد تعليلا- علميا- لهذا الاختلاف إلا أن أصحاب هذه الطبقات الأخيرة كانوا فيما يبدو مشهورين معروفين في زمان ابن المرتضى الذي توفي سنة 840 ولا ندري هل تعتقد أو تظن أنهم كانوا معاصرين له كذلك حتى استغنى عن-