الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انتقل بعضُهم لعُدوة الأندلس، وبعضُهم لمَوّاكُش، وقد ذكَرَ ابن عبد الملك في "تكملته" جماعةً منهم". كما نقَل عنه في كتابه "شفاء العليل في شرح مختصر خليل" ورسالة "الإشارات الحِسَان".
7 -
عبدُ الرّحمن الفاسيّ في كتابه "استنزال السَّكينة بتحديث أهل المدينة": فقد اعتَمَد على "الذّيل والتكملة" في تحقيق أسانيده، ونقَلَ عنه ترجمة ابن هشام الأوْسي المَوّاكشي.
8 -
محمدُ بن عبد الرّحمن الفاسيّ: نقَلَ في كتابه "المِنَح البادية" كلامًا لابن عبد الملك من ترجمة ابن خَيْر الأمويّ في "الذّيل والتكملة".
ولا نريدُ أن نستقصي الذين نقَلوا عن "الذّيل والتكملة"، وفيمن ذكرنا منهم كفاية.
قيمتُه التاريخيّة:
يُعتبر كتابُ "الذّيل والتكملة" أبرَ معاجم الأعلام التي ألَّفها الأندَلسيّونَ والمغاربةُ قديمًا، وتقريرُ قيمته التاريخيّة من باب تحصيل الحاصل، فهي قيمةٌ واضحة للعيان سواءٌ بالنسبة إلى التاريخ الخاصّ أو بالنسبة إلى التاريخ العام.
فأمّا قيمتُه بالنسبة إلى التاريخ الخاصّ، أي: تراجم الرّجال، فيمكنُ تلخيصُها فيما يلي:
1 -
الاستيعاب: وهذه الصِّفة يشيرُ إليها عنوانُ الكتاب ويدُلُّ عليها منهجُه ومحتواه، فابن عبد الملك -كما يقول أستاذُنا المرحوم عبد العزيز الأهواني-. "لم يقتصرْ على التذييل علي كتابٍ واحد كما فَعَل ابنُ الأبّار وابن فَرْتون وابن الزُّبير في تكملتِهم وتذييلهم ووَصْلهم لكتاب ابن بَشْكُوال، ولكنه تصَدّى للتذييل على ابن بَشْكُوال والتكميل لابن الفَرَضي أصلَ ابن بَشْكوال في وقتٍ واحد، وجعل ذلك في عنوان كتابه، فجعل نفسَه نِدًّا لابن بَشْكوال، وقد أحسّ
ابنُ الزُّبير بخطورة ذلك وثقله"، وهو يشير إلى قول ابن الزُّبير- متحدِّثًا عن "الذّيل والتكملة"-: "ألزَمَ نفْسَه فيه ما يعتاصُ الوفاءُ به من استيفاء ما لم يلتزمْه ابنُ بَشْكوال ولا الحُمَيْديّ ولا ابنُ الفَرَضي ومَن سلَكَ مسلكَهم، وقد ذكرتُ مقصِد هؤلاء الأئمة في ذلك في أول كتابي هذا، وفي آخِره، بأشفى ممّا ذكرتُ هنا، لا جرَمَ أنّ ترجمة كتابه بالذّيل والتكملة تستلزمُ ما عَزَمَ عليه وتُطابقُه، إلا أن مقصِد من تقدّم ذكره ليس ذلك، وهما مقصدانِ ومقصِدُه منهما وافٍ بما قَصدَه الآخرون وزيادة لا تعيبُ مقصِدَهم، وفيها زيادة فائدة، نفَعَه اللهُ ونفعَهم بمنّه" (1).
لقد استدرك ابن عبد الملك على ابن الفَرَضيّ ومن تلاه بعضَ أعلام القرون الأولى، ولكنّ معظمَ تراجم كتابه هم من أهل القرنين السادس والسابع، وهو حينما يعيدُ كتابةَ التراجم الموجودة عند سابقيه فإنّما لزيادة فائدة وإضافة شيء جديد أو لتصويب بعض الأخطاء والتنبيه على ما فيها من أوهام، ويبدو هذا عند معارضة تراجمه بتراجم "التكملة" لابن الأبّار أو "صلة الصِّلة" لابن الزُّبير.
2 -
طُول التراجم: كانت التراجمُ في بدايتها عند المحدِّثين -مثل البخاريِّ ومن اقتدى به من مؤلفي كتب التراجم والرجال -مبنيّة على الاختصار، أمّا تراجمُ ابن عبد الملك فإنّها "طويلةُ النفَس بالقياس إلى ابن الزُّبير وغيره من مؤلِّفي التراجم السابقينَ من علماءِ الأندلس"(2)، وابنُ عبد الملك في هذا الاتجاه شبيهٌ ببعض أعلام المدرسة المَشْرقية في كتابة التراجم من أمثال ابن خَلّكان والذّهبي والصَّفدي، وابنُ عبد الملك لا يقتصرُ في الترجمة على اسم المترجَم وسَرْد بعض شيوخه، وقد يكون واحدًا، كقول ابن الفَرَضيّ في المحمدِيْن: "محمدُ بن فَرْحون
(1) انظر مقالته "صلة الصلة لابن الزبير والذيل والتكملة لابن عبد الملك"(مجلة المعهد المصري للدراسات الإسلامية بمدريد العدد الثالث 1955).
(2)
المصدر السابق.
ابن ناصح الغافقيّ، من أهل تُطيلة، سمع من إسماعيلَ بن موصل"، وقولِه في حرف الحاء: "حَمْدونُ بن حَوْط، من أهل رَيُّه، ذكَرَه ابنُ سعدانَ في رجالها".
ولكنه -أي: ابنَ عبد الملك- حينما تتوفّر لديه المادةُ التاريخية يُسهبُ في كتابة الترجمة، فيرفعُ نسَب المترجَم إلى أعلى جَدّ له ويفصِّلُ القولَ في نسَبِه ونسبتِه ويستقصي في عدّ شيوخه وتلاميذه ومؤلّفاته، ويسوقُ نماذجَ من آثاره وشعره ونثره، وقد يلخّص برنامَج المترجَم إن كان له برنامَج. ومن تراجمه المطوّلة في السِّفر الأول: تراجمُ ابن الزُّبير، وأبي العبّاس القنجايري، وابن عَمِيرة، وابن الرُّومية، وغيرِهم، وترجمة أبي محمد ابن القُرطبيِّ في السِّفر الرابع، وتراجمُ: ابن جُبَير والرُّعيني وابن مؤمن وغيرهم في السِّفرين الخامس والسادس، وتراجمُ: ابن القَطّان وأبي الحَسَن الشارّي وأبي الخَطّاب ابن الجُمَيِّل وغيرهم في السِّفر الثامن.
وابنُ عبد الملك يتتبّعُ أسماءَ المؤلَّفات في استقصاءٍ يقلُّ نظيرُه، والباحثون مَدِينونَ له في أنه حَفِظ لنا -على سبيل المثال- قائمة تامّة بأسماءِ مؤلفات الفيلسوف ابن رُشْد.
ويمكنُ القولُ بإجمال بأنّ بعضَ تراجم "الذّيل" يمكن أن تتألّفَ منها تراجمُ مفردة، وهي تقدِّم مادةً غزيرة لمن يريدُ أن يتوسّع في دراسة بعض الشخصيّات وتحليل جوانبها المختلفة، وحينما درسنا شخصيّةَ ابن عَمِيرة وجدنا في "الذّيل والتكملة" بُغيتَنا وعُمدتنا ومصدرنا الأول.
3 -
كثرةُ الاختيارات الأدبية ووَفْرةُ النصُوص: الشّعرية والنثرية: فإذا كانت تراجمُ ابن الفَرَضي وغيره تتّسم بالجفاف والخلوِّ من العنصر الأدبي، فإنّ "الذّيل والتكملة" يحتوي على ذخيرة أدبيّة تجعلُه أحيانًا "أشبهَ بكتاب الذّخيرة لابن بسام منه بكتابَي ابن الفَرَضي وابن بَشْكُوال" كما يقول أستاذنا المرحوم عبد العزيز الأهواني، وسأعود إلى هذه النقطة بعد قليل.
4 -
النقد: يتميز "الذّيل والتكملة" بمادّته الغزيرة في النقد، وهو في الكتاب أنواع، فمنه نقدٌ إسناديّ تاريخيّ، ومنه نقد علمى يتناول بعضَ الآثار العلميّة بالنقد والمحاكمة، ومنه نقد أدبيّ يتمثّلُ في خَطَراتٍ نقديّة أدبيّة مبثوثة في الكتاب.
فمن النوع الأول مبحثُ سلسلة نَسَب رزق الله ابن أكينةَ في ترجمة أحمدَ بن بالغ (1)، ومبحثُ ضبط اسم ضُمام أو هُمام بن عبد الله (2)، ومبحث تحقيق شخصية أبي البساتين الواعظ الصُّوفي (3)، ومبحثُ المُنَيذِر الإفريقيّ الصّحابي وحديثه (4). ويندرجُ في هذا النوع تحقيقاتُه في أسماء بعض المترجَمين أو أنسابهم أو وَفَياتهمِ وتصويباتُه لأوهام بعض المؤلِّفين في ذلك، كابن الزُّبير وابن الأبّار وابن فَرتونَ وغيرِهم.
ومن النوع الثاني: ما نقرؤه في تراجم ابن الزُّبير والمَلّاحي.
أمّا النوعُ الثالث فسنعرض له عندَ الحديث عن أدب ابن عبد الملك.
5 -
رفع الأنساب: من خصائص "الذّيل والتكملة" رفعُ أنساب المترجَمين واجتهادُ مؤلّفِه في ضبطها، وانتقادُه "قلبَ الأنساب الذي وقَعَ فيه كثيرٌ من المؤرِّخين". وقد رفَعَ أنسابَ عدد كبير من المترجمين إلى أجدادِهم الأعلَيْنَ الداخلينَ إلى الأندلس نقلًا من خطوطهم أو اعتمادًا على بعض النّسّابين الأندَلُسيِّين كابن حَزْم والحكيم وغيرهما. ونجدُه يُعنى كذلك برفع أنساب بعض المذكورينَ عَرَضًا في كتابه مثل: أبي ذُؤيب الهُذَليّ وابن دُرَيْد وأبي العتاهيَة، كما يعرِضُ إلى مناقشةَ بعض الأنساب كنسَب المنتسبينَ إلى خالد بن الوليد، وبالجملة، فالكتابُ يؤكِّد ما وُصِف به ابنُ عبد الملك من أنه "نَسّابة".
(1) المصدر نفسه 1/الترجمة 279.
(2)
المصدر نفسه 4/الترجمة 269.
(3)
المصدر نفسه 5/الترجمة 685.
(4)
المصدر نفسه 8/الترجمة 172.