الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمعرِفة بالوثائق، قال: وكان أكثرُ تصَرُّفِه في معرفةِ الحديث ورجالِه، وقال أبو [محمد] (1) بن سُفيان: تحرَّك لأداءِ فريضة الحَجّ فتوفِّي بتونُس فيما بَلَغَنا عامَ سبعةٍ وخمسينَ. والأوّل هُو الصَّحيحُ، ومَولدُه سنةَ خمس وخمس مئة.
829 - أحمدُ بن مَسْعود بن إبراهيمَ، أبو عبد الله
.
رَوى عن أبي عبد الله ابن شُرَيْح.
830 -
أحمدُ (2) بن مَسْعود بن أبي الخِصَال بن فَرَج بن أبي الخِصَال خَلَصةَ الغافِقيُّ، شَقُورِيٌّ ثم فُرْغُلاطيٌّ، سكَنَ قُرْطُبة معَ أخَوْيه أبي عبد الله وأبي مَرْوان، أبو جعفر.
كان من أهل الحِفظ للفقه والتقَدُّم في البصر بالمسائل (3) والمعرفة بالنّوازل، وتوَلَّى خُطّةَ الأحكام زَمَنًا وارتسم بجَوْدةِ النظَر فيها.
831 - أحمدُ بن مَسْعود بن مُثَبّت، بضمِّ الميم وفَتْح الثاءِ وتشديدِ الباءِ بواحدة وكسرِها وفَتْحِها وتاءٍ مَعْلُوّة
.
رَوى عن أبي مَرْوانَ بن مالك، رَوى عنه أبو عُمر ابن عبد البَرّ.
832 - أحمدُ بن مَسْعود، أبو العبّاس الجَبّاب
.
رَوى عن شُرَيْح.
833 - أحمدُ بن مُشَرَّف، بضمِّ الميم وفَتْح الشّين بثلاث وشدّ الراء وفتحِها وفاء، أبو العبّاس
.
رَوى عن أبي بكر بن مَسْعود بن أبي رُكَب، وكان مُقرئًا مُجوِّدًا نَحْويًّا ماهرًا.
(1) ما بين الحاصرتين بياض في النسختين، وهو مستفاد من التكملة الأبارية (169).
(2)
ترجمه ابن الأبار في التكملة (118) وهو فيه: "أحمد بن أبي الخصال الغافقي"، وابن فرحون في الديباج 1/ 230.
(3)
في ق: "في النظر في المسائل".
834 -
أحمدُ (1) بن مَسْلَمةَ بن محمد بن وَضّاح القَيْسي، مُرْسِي، أبو جعفر.
وقَلَبَ أبو جعفر ابنُ الزُّبير نَسَبَه وقال فيه: أحمدُ بن محمد بن مَسْلَمةَ، وغَلِطَ في ذلك. رَوى عن أبي عليّ الصَّدَفي وأبي محمد بن محمد بن أبي جعفر.
رَوى عنهُ أبو رِجال (2) ابن غَلْبُون.
قال أبو عبد الله المِكْنَاسيُّ: جالَسْتُه بمُرْسِيَةَ ولم يتّفقْ لي أن أسمعَ منه شيئًا من شِعر، وكان من بيتِ عِلم وأدب شديدَ العناية بالآداب شاعرًا مطبوعًا مجُيدًا، وشعرُه مدوَّن قد وقَفْتُ عليه.
قال أبو عبد الله ابنُ الأبار: أنشَدَني الحافظُ أبو الرَّبيع بن سالم ونقَلتُه من خَطه، قال: أنشَدَني الأديبُ أبو رجال بن غَلْبُون، قال: أنشَدَني أبو جعفر بنُ وَضّاح لنفسِه يصِفُ شجرَ السَّرْو [الطويل]:
أيا سَرْوُ لا يُعطِشْ منابتَك الحَيَا
…
ولا بُزَّ عَنْ أعطافِك الوَرَقُ الخُضْرُ (3)
لقد كُسِيَتْ أعطافُك المُلْدُ مثلَ ما
…
تُلَفُّ على الخَطِّيِّ راياتُه الخُضرُ
وأنشَدَ له القاضي أبو بكر بن أحمدَ بن أبي جَمْرَة عمُّ أبيه القاضي أبي القاسم [محمد](4) بن هشام بن أبي جَمْرةَ، وكان لا يتزوَّجُ أمرأةً إلا وَلَدتْ وماتت من نِفاسِها ثم يَتبَعُها وَلَدُها فينجَرُّ إليه بالميراثِ جميعُ ما تتَخلَّفُه أو مُعظمُه [الوافر]:
أتحرَمُ أيُّها الجَمْريُّ حظًّا
…
ومن أعوانِك الموتُ الزُّؤامُ؟!
(1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (194)، وابن الأبار في التكملة (124)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (9).
(2)
بعد هذا بياض في النسختين، وإنما ذكره ابن الأبار هكذا "أبو رجال بن غلبون"، وذكر أنه توفي سنة 589 هـ، ولم يذكر اسمه (التكملة، الترجمة 899).
(3)
في التكملة: "أغصانك الورق النضر".
(4)
ما بين الحاصرتين بياض في النسختين، وما أثبتناه مستفاد من ترجمة ابن منتيل في المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (41).
وكنتَ إذا حَلَلتْ بدارِ قومٍ
…
نَعَتْ غِربانُها وبَكى الحَمامُ
ولم تقنَعْ بمال دونَ نفْسٍ
…
ترَفَّقْ أيُّها الجيشُ اللَّهامُ
وتوفِّي في حدود الثلاثينَ وخمس مئة.
835 -
أحمدُ (1) بن مَضَاءِ بن عبد الجَبّار بن مَضَاءِ بن عبد الرّحمن بن خالدِ بن نافع، بَرْبَريُّ النَّسَب، قُرْطُبيّ، أبو عُمر، ابنُ الحَصّار.
كان أديبًا مُتفننا في علوم اللِّسان العَرَبي أدَّبَ به طويلًا للخاصّةِ والعامة، ثم قَصَرَ على تأديب الوُصَفاءِ بالقَصْر، وله تأليفٌ حسَنٌ في العَروض على رأي مُستنبِطِه الخليل بن أحمدَ رحمه الله، ومختصَرٌ في القوافي (2).
836 -
أحمدُ (3) بن مَضَاء، سَرَقُسْطيّ، أبو طاهر، ابنُ إسماعيل.
كان نَحْويًّا شاعرًا مُحسِنًا، وله تصانيفُ وتوفِّي بمِصرَ.
837 -
أحمدُ (4) بن مَعَدِّ بن عيسى بن وَكيل التُّجيبيّ، دانيٌّ، أبو العبّاس، الأُقْلِيجيُّ، بضمِّ الهمزة وسُكونِ القاف وكسرِ اللام وياءِ مَدّ وجيم معقودة تُكتَبُ بالجيم تارَةً وبالشِّين المعجَم أُخرى منسوبًا.
(1) ترجمه الزبيدي في طبقات النحويين (305)، وابن الأبار في التكملة (15).
(2)
هذان التأليفان يوجدان مخطوطين في خزانة ابن يوسف بمراكش.
(3)
ترجمه ابن الأبار في التكملة (77).
(4)
ترجمه السلفي في معجم السفر (27)، وياقوت في معجم البلدان 1/ 237، والقفطي في إنباه الرواة 1/ 136، وابن الأبار في التكملة (167)، والذهبي في تاريخ الإسلام 11/ 982، وسير أعلام النبلاء 20/ 358، والعبر 4/ 139، والصفدي في الوافي 8/ 183، وابن شاكر في عيون التواريح 12/ 490، واليافعي في مرآة الجنان 3/ 296، وابن فرحون في الديباج 1/ 246، والفاسي في العقد الثمين 3/ 182، وابن تغري بردي في النجوم 5/ 321، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 392، والمقري في نفح الطيب 2/ 598، وابن العماد في الشذرات 4/ 154.
أهْلُه منها وانتَقلَ أبوه إلى دانِيَةَ فوُلدَ بها أبو العبّاس هذا. رَوى عن أبيه وآباءِ الحَسَن (1): صِهرِه طارقِ بن يَعيشَ وطاهِر بن مُفوَّز، وأبي بكر ابن العَرَبي وأبوَي الحَسَن (2) وعَبّاد بن سِرْحان، وأبوَي العبّاس: ابن طاهِر وتَلْمَذ له وابن محمد ابن العَرِيف، وأبوَيْ عليّ: الغَسّانيّ والصَّدَفيّ، وأبي عِمرانَ بن عبد الرّحمن ابن أبي تَلِيد، وأبي القاسم أحمدَ بن وَرْد، وآباءِ محمد: ابن عيسى القَلَنِّي وابن محمد بن السِّيْد وتأدَّب به في بَلَنْسِيَةَ وعبد الرّحمن بن محمد بن عَتّاب وعبد الحقّ بن غالِب بن عَطِيّة، وأبوَي الوليد: ابن خِيَرةَ ويوسُفَ بن عبد العزيز ابن الدّبّاغ.
رَوى عنه بالأندَلُس آباءُ بكر: أحمدُ بن جُزَيّ وبِيْبَش (3) وعَتِيق بن عليّ اللارِديّ، وأبو عبد الله بنُ أحمدَ بن الصَّيْقَل، وأبو عُمر يوسُفُ بن عبد الله بن عَيّاد.
ثُم غلبت (4) عليه خَواطرُ التّخلِّي عن مخُالطةِ الناس وإيثارِ الانقطاع إلى الله تعالى والعزوف عن الدُّنيا وأهلِها والعكوف على العبادة والعِلم، فرَحَلَ إلى المشرِق سنةَ اثنتينِ وأربعينَ وخمس مئة وحَجَّ وأخَذَ عن طائفةٍ هنالك منهم: أبو الفَتْح الكُرُوخيُّ، أخَذ عنه برِباطِ [أم](5) الخليفة العبّاسي بمكّةَ كرَّمها اللهُ سنةَ سبع وأربعينَ، وأخَذ عنه هنالك جماعة من أهل الأندَلُس، منهم: أبو بكرٍ أحمدُ بن محمد بن سُفيان، وابناهُ جعفر وعبدُ الله، وآباءُ الحَسَن: ابنُ عبد الله بن
(1) هكذا في النسختين، وانظر التعليق الآتي.
(2)
هكذا في النسختين، وكله لا يستقيم، ولعل الصواب:"وآباء الحسن: صهره طارق بن يعيش وطاهر بن مفوز وعباد بن سرحان، وأبي بكر بن العربي".
(3)
في ق: "بيش"، وفي م: دابنيش "، وكله تصحيف والصواب ما أثبتنا، وهو أبو بكر بِيْبَش بن محمد بن علي بن بيبش العبدري، من أهل شاطبة وقاضيها، وقد نص ابن الأبار في ترجمته على روايته عن أبي العباس الأقليجي هذا (التكملة، الترجمة 610)، وسيأتي بعد قليل على الوجه عند ذكر مصنفاته.
(4)
في ق: "غلب".
(5)
زيادة متعينة من التكملة.
فزَارةَ وابن عَتِيق بن مؤمن وابن كَوْثَر، ومن أهل المشرِق: حاتمُ بن سِنَان بن بِشْر الحَبْليُّ، بكسر السّين الغُفْل ونونَيْن بينَهما ألفٌ، وباءٍ بواحدة مكسورة وشِين معجَم ساكنٍ وراءٍ، وفتح الحاءِ الغُفْل وسكونِ الباءِ بواحدة ولام منسوبًا، وأبو حَفْص المَيَانِشيُّ، وأبو الفَضْل أحمدُ بنُ عبد الرّحمن بنِ محمد بن مَنْصور الحَضْرميّ الإسكندريّ وابن كاسيبويه (1) وغيرهم.
وكان مُفسّرًا للقُرآن العظيم، عالمًا عاملاً، مُحدّثًا راوية عدلاً، بَلِيغًا فَصِيحًا شاعرًا مجوّدًا، أديبًا، متصوِّفًا صالحا فاضلًا ورعًا، غَزِيرَ الدَّمعةِ، بادي الخَشْية والخُشوع، كثيرَ اللُّزوم لمطالعة كُتُب العِلْم، عاكفًا على التَّقْييد.
صنَّفَ في علوم القُرآن والحديث، وله إنشاءاتٌ في سُبُل الخَيْر والرَّقائق نَظْمًا ونثرًا يلوحُ فيها بُرهان صِدْقِهِ.
قال أبو بكر أحمد بن محمد بن سُفيان: كُنّا ندخلُ عليه فنجدُهُ جالسًا والكُتُب قد أحْدَقت به يمينًا وشمالاً، وكُنّا نحضرُ عنده للسَّمَاع عليه فكانَ القاري يقرأُ ويضعُ أبو العباس يدَهُ على وجهه ويَبْكي حتى يعجبَ الناسُ من بُكائه.
وحدَّثني الشيخُ أبو محمدٍ حَسَن بن أبي الحَسَن ابن القَطَّان، قال: أخبرني أبو عبدِ الله بن عبد الرّحمن التُّجِيبيُّ، قال: حدّثني ابن كاسيبويه، قال: خرجتُ مع أبي العبّاس الأُقليجي قاصدًا النزهة في المَنَار وهو على بُعْدٍ من البَلَد وأخرجتُ معي طعامًا وأُنسيت إخراج الماء فلما صعدنا المَنَار ونزلنا للأكل تذكرتُ الماءَ ولا ماءً في ذلك المكان فذكرت ذلك للأُقليجي، فقال لي: سِر إلى تلك الزاوية وخُذ الإناء الذي فيها فقَصَدتُ إلى الموضعِ الذي أشارَ إليه فوجدتُ فيه قُلَّةَ ماءٍ.
(1) هو القاضي السعيد ضياء الدين أبو علي الحسن بن محمد بن محمد بن إسماعيل بن كاسيبوية، ويقال: اسمه علي بن محمد، كان من كتّاب الدولة العبيدية، ثم صار كاتبًا للظاهر ابن السلطان صلاح الدين بحلب، وتوفي سنة 588 هـ (ينظر اتعاظ الحنفا للمقريزي 3/ 220، وبغية الطلب لابن العديم).
ومن تصانيفه: [....](1) في تعين ليلة القَدْر، و"النّجَم من كلام سيد العَرَب والعَجَم"، و"الكوكب الدُّري" ضاهى بها "الشّهاب" لأبي عبد الله القُضَاعي، و"الغُرَر من كلام سَيّد البَشَر"، و"ضياء الأولياء" وهو في أسفار عدة، ومُعَشَّرات زُهْدية، وفُصول زُهْدية على حروف المعجم نَظْمًا ونثرًا على طريقة "مَلْقى السَّبيل" للمَعَرِّي، وقد سَمَّى منها في إجازته للقاضي أبي بكر بَيْبَش نحو خمسة عشر تأليفًا.
ومن نَظْمِهِ وافتتحَهُ بصَدْرِ أول بيت من قِطْعةٍ للحافظ أبي الوليد عبد الله بن يوسُف ابن الفَرَضي رحمه الله، وهي هذه [الطويل]:
أسيرُ الخَطَايا عندَ بابِكَ واقف
…
على وجَلٍ ممّا به أنت عارِفُ
يخافُ ذُنوبًا لم يغب عنك غيبها
…
ويرجوكَ فيها فهو راجٍ وخائفُ
ومن ذا الذي يُرْجَى سواك ويُتَّقى
…
وما لكَ في فَصْل القضاءِ مُخالفُ
فيا سيّدي لا تُخْزِني في صَحِيفتي
…
إذا نُشِرَت يوم الحسابِ الصَّحائفُ
وكُن مؤْنسي في ظُلْمةِ القَبْر عندما
…
يصد ذوُو وُدّي ويَجْفُو الموالفُ
ليِّن ضاقَ عنّي عفوك الواسع الذي
…
أُرَجِّي لإسرافي فانيْ لَتالفُ (2)
وحدّثني الحافظُ الرَّاويةُ أبو عليّ الحَسَن بن أبي الحَسَن الماقريُّ، رحمه الله، قراءةً مني عليه برِباط أسفي، حماه الله، قال: حدّثني الفقيه أبو الحَسَن بن أحمد ابن أبي قُوّة، عن أبيه أنّه سَمِعَ رجُلًا ينشدُ هذه الأبيات فأخبرَ بها أبا العبّاس الأُقليشي الفاضل وكان صاحبه فقارنَهُ بقوله:
أسيرُ الخَطايا عندَ بابِكَ واقفُ
…
له عن طريقِ الحَق قلبٌ مخُالفُ
قَديمًا عَمىَ عَمْدًا وجَهْلًا وغرّةً
…
ولم ينهه قلبٌ من الله خائفُ
يزيد سنوه وهو يزْداد ضلةً
…
فها هو في ليل الضَّلالة عاكفُ
(1) بياض في النسختين.
(2)
هذا البيت الأخير ليس في م.
ثلاثونَ عامًا قد تَوَلَّت كأنَّها
…
حُلُومٌ تَقَضَّت أو بُرُوق خواطفُ
وجاءَ المَشِيبُ المُنْذرُ المرءَ أنَّه
…
إذا رَحَلَت عنه الشَّبيبةُ تالفُ
فيا أحمد الخَوان قد أدبر الصِّبا
…
وناداك من سِن الكُهولة هاتفُ
تنقلتَ من أرضٍ لأرضٍ تَعَلّلًا
…
وحالك فيما قد تقدَّمَ واقفُ
وهل ينفع الترحالُ بالجسم عاريًا
…
إذا لم يكن قَلْب لذاك موالفُ؟!
أقَمْنا زمانًا في بَلَنْسِيَةٍ عسَى
…
تُلاطِفُ نفْسي من إلهي لطائفُ
وصاحَبَني في الله أكْرَمُ صاحبٍ
…
حَمُولٌ لأعباءِ المودّةِ عارفُ
سَمِيِّي صَفِيِّ نُورُ عَيْني وخاطري
…
أخٌ تالدٌ لي في الإخاءِ وطارفُ
وها نحنُ إن شاء الإلهُ بحكمةٍ
…
نَعودُ من الأوطانِ والدّمعُ ذارِفُ
مخافةَ أن كنّا عَصَيْنا إلهَنا
…
وقيلَ لنا: ما قد فعَلْناهُ زائفُ
وإنّي لأرجو من إلهي وفَضْلِهِ
…
رَجَاءَ فتًى شابَتْه منه مَعارفُ
قال شيخُنا أبو عليّ: انتهَى ما حَفِظَ شيخُنا أبو الحَسَن من هذه القصيدة.
وأنشَدَنا لنفسِه مُعارِضًا لها ومُبتدئًا بالصَّدرِ من البيتِ الأوّل من قطعة الوليد ابن الفَرَضي، والتزَمَ أبو الحَسَن من القافِ قبلَ رَوِيِّها ما لا يَلزَمُ فقال:
أسيرُ الخَطايا عندَ بابِكَ واقفُ
…
تَقيَّدَ في كُثْبانِها فهْو حاقِفُ
يُفيضُ من الخوفِ الدّموعَ كأنهُ
…
لشِدّةِ ما يَلْقَى من الحُزنِ ناقفُ
رأى أنّ أهلَ الجَدِّ فاتوا فدَأْبُهُ:
…
سألتُكمُ بالمِشعَرَيْنِ ألَا قِفوا
قِفوا لمسيءٍ أوبَقَتْهُ ذنوبُهُ
…
وأوثقَه منهنّ أيدٍ ثَواقفُ
خُطاه إلى فعل الجميل قصيرةٌ
…
ولكنْ خَطاياهُ طِوال أساقفُ
يُواقفُ مَوْلاه مُصِرًّا بذَنْبِهِ
…
أتعْرِفُ يا مغرورُ رَبًّا تُواقفُ؟!
وضَلَّت به أفعالُهُ سُبُلَ الهُدى
…
وأسكَرَه من غَيِّهنّ قَراقفُ
إذا ما هَدَى من فكرةِ الغَيِّ خاطرٌ
…
تَلقَّاهُ من فعل الجوارحِ لاقفُ
فكيف يُرَجّي بالتخلُّص مُذنب
…
حَنَتْه المعاصي فهْو فيهنّ حاقفُ
فيا ربِّ فاستُرْني بحقِّ محمدٍ
…
إذا فَضحتْ سِرِّي لديكَ المواقفُ
وللكاتب المُجِيد أبي زيد عبد الرّحمن بن يَخْلفْتن الفازَازيّ يُعارِضُها، وأنشدتها (1) على شيخِنا أبي عليّ المذكورِ وأخبَرني بها عنه:
أسيرُ الخَطايا عندَ بابِك واقفُ
…
يَرُومُ جَوازًا وهْو في النَّقدِ زائفُ
له كلَّ يَوْمٍ توبة ثم حَوْبة
…
متى عَنَّ ذكْرٌ أو متى مَسَّ طائفُ
تَبَهْرَجَ بعدَ الأربعينَ وإنّها
…
لَغايةُ ما يَجري إليه المُخالفُ
فيَرْنو بطَرْفِ القلبِ إنْ لاح بارقٌ
…
ويُصغي بسَمْع القلبِ إن ناح (2) هاتفُ
يُعَلَّلُ بالتسويفِ وهْو مُغلِّطٌ
…
تَحومُ بمعناه النفوسُ الضّعائفُ
وإنّي لأدري مَوْقِعَ (3) الطبِّ في الهَوى
…
وأهواهُ لكنْ أين نفْسٌ تُساعفُ
وكيف أُرجّي مِن هَوايَ إفاقةً
…
وما القلبُ خَفّاقٌ ولا الدّمعُ ذارفُ
أُراقبُ والإصرارُ دَأْبيَ توبةً
…
وهيهاتَ لا يُجْنَى من الصّابِ ناطفُ
إذا لم يكنْ عَقْلي عن الغَيِّ زاجرًا
…
فماذا الذي تُجدي عليّ المعارِفُ؟
تُصَرِّفني (4) نَفْسي كما لا أُحبُّه
…
وليس لها من حُجّة العقل صارفُ
فيا رَبّ قد أودَيْتُ إلّا عُلالةً
…
لها تالدٌ من حُسن ظنِّي وطارفُ
وقد تُهلِكُ البَطّالَ أوْلى ذنوبِهِ
…
وتُنقذُه بالأُخْرَياتِ اللّطائفُ
وإنّي لأرجو منكَ رُحْمى قريبةً
…
على أنّني من سُوءِ فعليَ خائفُ
(1) في ق: "وأنشدته".
(2)
في ق: "صاح".
(3)
في ق: "موضع".
(4)
في ق: "تصرفه"، وهو تحريف، وسيأتي بعد قليل عند نقد المؤلف أنها "تصرفني".
وقد أنشَدتُها على شيخِنا أبي الحَسَن الرُّعَيْني وأخبَرني بها عنه رحمه الله أتمَّ من هذه وفيها تغييرٌ وتقديمٌ وتأخيرٌ كما ترى:
أسيرُ الخَطايا والمآثم واقفُ
…
ببابك يَخْشى وزنَهُ وهو زائفُ
وراجعت شيخنا أبا الحَسَن في قوله: "يَخْشى وزنه" وقلت: إنه لا يناسب ما بعده في البيت، ولو قال: يخشى عرضه أو نقده لكان أنسب، فاستحسن نَقْدي هذا واستجادَهُ. رجعنا إلى إيراد سائر القصيدة:"له كُلَّ يوم""تَبَهْرَج" البيتين (1)
…
فَيْرنُو بطرفِ القَلْب إن لاح بارقٌ
…
وُيصْغي بسَمْع النفس إن ناحَ هاتفُ
صبًا ومشيبٌ ليسَ هذا بمُمْكنٍ
…
وكيفَ تَصَابي الكَهْلُ والموتُ آزفُ؟!
وكذا قلت له: لو جعل "الشيخ" عوض "الكَهْل" لكان أولى، فوافقني عليه. رجعنا:
إلى الله أشكو حال سَهْو وغَفْلة
…
يُضاعف حُزْني شُؤمها المُتَضاعفُ
أُعلِّلُ بالتَّسْويفِ نَفْسي وإنَّهُ
…
سرَابٌ ترجّيه النفوسُ الضعائفُ
تُصَرّفني
…
البيتَ
أُحاول بردَ القَلْب وهي تعلّة
…
وأرجو وفاقَ القَلْب وهي تخالفُ
وكم موقف في العَتب بيني وبينها
…
ولكنّهُ لم تُجْدِ فيها المواقفُ
إذاقيلَ: كيفَ الحالُ؟ قلتُ: مخلّط
…
مقيمٌ على سَهْو الشّبيبةِ عاكفُ
"أراقب"، "وكيف أُرَجِّي"، "وإني لأدري"، "إذا لم يكن عقلي"، "فيا رب"(2)
وقد يؤيس البَطّال ذِكْر ذنوبه
…
ولله من بعد الذُّنوب لطائفُ
دَعَوتُكَ يا مولاي والحال علمُها
…
لديكَ وما للضرِّ غيرك كاشفُ
"وإني لأرجو"، البيتَ ..
(1) يعني: أن البيتين المذكورين كما هما.
(2)
يعني: الأبيات التي تبدأ بما ذكر، كما هي.