الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له رحلةٌ إلى المشرِق لَقِيَ فيها أبا الفَضْل بن أبي البَرَكات (1) الهَمْدانيَّ، بسُكونِ الميم والدّال الغُفْل، وأبا القاسم (2) ابنَ الوَجِيه، وبُرهانَ الدّين أبا محمد عبد العزيز (3) بن [سحنون الغماري](4) نزيلَ القاهرة. وكان مُقرئًا مجوِّدًا ذا عنايةٍ تامّة بالقرآن العظيم وضَبْطِ أدائه وإتقانِ تلاوته، متحققًا بعلم العربيّة، تصَدَّرَ لإقراءِ القرآن وتدريس العربيّة بالفَيُّوم من صعيدِ مِصرَ واستَوطنَ به، وله اختصارٌ نبيلٌ في "التيسير"(5) لأبي عَمْرٍو وسَمّاه "التذكيرَ"، وشرَحَ القصيدةَ المسَمّاة بـ "حِرِز الأماني ووَجْه التهاني" في القراءاتِ السَّبع نَظْمَ أبي القاسم -ويقال: أبو محمد- قاسمِ بن فِيرُّه الشاطِبيِّ شرحًا جيِّدًا أفاد به. وتوفِّي في نحوِ الأربعينَ وست مئة.
413 - أحمدُ بن عليّ بن محمد بن عليّ بن هُذَيْل، بَلَنْسِيّ، أبو جعفر
.
(1) بعد هذا فراغ في النسختين، وفي التكملة:"وأخذ القراءات عن أبي الفضل جعفر بن أبي البركات الإسكندراني". وهو جعفر بن علي بن أبي البركات هبة الله بن جعفر، أبو الفضل الهَمْداني الإسكندراني المقرئ المجود المحدث الفقيه المالكي المتوفى سنة 636 هـ، ترجمه ابن نقطة في إكمال الإكمال 6/ 229، وقال: سمعت منه، والمنذري في التكملة 3/الترجمة 2855 وقال: سمعت منه بالإسكندرية ومصر، والذهبي في تاريخ الإِسلام 14/ 207 وغيرهم.
(2)
بعد هذا فراغ في النسختين تركه المؤلف ليعود إليه فما عاد، وأبو القاسم ابن الوجيه هذا اسمه عيسى بن عبد العزيز بن عيسى الشريشي ثم الإسكندراني المتوفى سنة 629 هـ، له ترجمة مطولة في تاريخ الإِسلام للذهبي 13/ 899 بسبب كلام فيه.
(3)
في التكملة: "أبو محمد بن عبد العزيز"، وهو غلط، صوابه ما ذكره المؤلف، وهو أبو محمد عبد العزيز بن سحنون بن عليّ الغماري النالي النحوي العدل الملقب برهان الدين، سمع منه الزكي المنذري وترجمه في التكملة (3/الترجمة 2175)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 13/ 773، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 393، والسيوطي في بغية الوعاة 2/ 100 وغيرهم، وتوفي سنة 624 هـ.
(4)
ما بين الحاصرتين فراغ في النسختين، واستفدناه من التكملة الأبارية وغيرها.
(5)
في م: "التفسير"، وهو تحريف ظاهر.
تَلا على أبيه، وكان من أهل الخير والصّلاح مجوِّداً للقرآن العظيم ذاكراً لأصول القراءات وما اتّفَقَ عليه القَرَأةُ واختَلَفوا فيه، شديدَ الانقباض عن مُداخَلة الناس وخُلطتِهم، وكان حيًّا سنةَ إحدى وتسعينَ وخمس مئة.
414 -
أحمدُ (1) بن عليّ بن محمد بن عليّ الأنصاريُّ، مالَقيٌّ، أبو جعفر، ابنُ الفَحّام.
رَحَلَ إلى شرقِ الأندَلُس سنةَ ستّ وست مئة، فتلا هنالك بالسبّع على أبي جعفر بن عليّ الحَصّار وأخَذَ عنه جُملةً صالحة من كُتبِ القراءات، وتلا أيضًا بها على أبي عبد الله بن أيّوبَ بن نُوح، وتأدَّبَ به في الكثير من النَّحو واللّغاتِ والآدابِ والأشعارِ ودواوينِ علوم القرآن، ورَوى هنالك عن أبي الخَطّاب أحمدَ بن محمد بن واجِب وأكثَرَ عنه، وأبوَي الحَسَن: ابن أحمد بن خِيَرةَ وأبي الرَّبيع ابن موسى بن سالم، وغَلْبُونَ بن محمد، وأبي عبد الله بن عبد العزيز بن سَعادة، وأبي عليّ الحُسَين بن يوسُفَ بن زُلال، وأبي عُمرَ أحمدَ بن هارونَ بن عاتٍ، وأبي محمد عبد الحقّ بن محمد الزُّهْري، وأبي جعفرٍ (2) بن عيّاش المُرسِي. وأجاز له منهم: أبو عليّ بنُ زُلال وأبو محمدٍ غَلْبُون. وسمع بها على أبي القاسم أحمدَ بن عبد الوَدُود ابن سَمَجُون، هؤلاءِ شيوخُه الذين أخَذَ عنهم بالقراءةِ والسَّماع والمُناوَلة.
وأجاز له أبو بكرٍ أُسامةُ بن سُليمان، وأبو الحَسَن بنُ أحمدَ بن كَوْثَر، وأبو خالدٍ يزيدُ بن محمد بن رِفاعة، وآباءُ عبد الله أبناءُ الأحمَدِين: بن سعيد بن عَرُوس وابن عبد الله ابن البَلَنْسي وابن سعيد بن زَرقُون، وأبَوا محمد: ابن محمد بن عُبَيْد الله وعبدُ المُنعم بن محمد ابن الفَرَس، فهؤلاءِ الذين أجازوا له، وذلك كلُّه حسبَما أثبَتَه في برنامَج رواياتِه عنهم.
(1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (307)، والحسيني في صلة التكملة 1/ 166، والذهبي في تاريخ الإِسلام 14/ 495 و 511، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 88، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 346 نقلاً عن ابن الزبير والمؤلف.
(2)
بعد هذا فراغ في النسختين تركه المؤلف، ولعله: أحمد بن عياش المرسي.
رَوى عنه أبو عبد الله بن يوسُفَ الطَّنْجاليُّ، وحدَّثنا عنه جماعةٌ من شيوخِنا، منهم: أبو جعفر بنُ عليّ الطّبّاع، وأبو الحَكَم مالكُ بن عبد الرحمن بن المُرحّل، وهو آخِرُهم، وأبَوا عبد الله: ابن عبد الله بن خَمِيس وابن يحيى بن أُبَيّ، وأبو عليّ الحُسَين بن عبد العزيز بن الناظِر.
وكان مُقرِئًا متقدِّمًا في التجويد، مبرِّزًا في العربيّة، حسَنَ المشاركة في غير ذلك، راوِيةً للحديث، عَدْلًا ثقة، بارعَ الوِراقة مُثابِرًا عليها يَعيشُ منها وقتاً، وأتقَنَ ما تولّاه منها وأجادَ تقييدَه وكتَبَ الكثير. وكان تقِيًّا وَرِعًا فاضلًا مُؤْثرًا للخَلوة والانفراد بنفسِه مُلازمًا مسجدَه أكثرَ نهارِه لا يكادُ يَبرَحُ منه، وكان دأْبُه الدعاءَ في سجودِه بقولِه: اللهمّ يسِّرْ علَيَّ الموتَ وما بعدَ الموت. وكان مُواظِبًا على التبكير بالتهجير يومَ الجمُعة، فذَكَرَ الأمينُ الفاضلُ أبو بكرٍ يحيى بن مُفرِّج المالَقيُّ قال: كنتُ أُجهِدُ نفسي أن أسبِقَه (1) إلى الجمُعة فأجِدُه قد سَبقَني وما قَدَرتُ قَطّ أن أسبِقَه، فكنتُ أركعُ إلى جانبِه فأسفعُه كثيرًا يدعو في سجودِه بذلك الدّعاء.
وقال أبو عبد الله الطَّنْجاليُّ: كنتُ أُصلِّي كلَّ جمُعة إلى جانبِه بمقصورةِ الجامع الأعظم بمالَقةَ فأسمعُه يدعو بذلك إذا سجَدَ، وأسمعُ أثناء ذلك وَقْعَ دموعِه على الحَصِير، فخرَجَ من مجلس إقرائِه يومَ موتِه من غيِر مَرض، فلمّا انتهَى إلى منزلِه التمسَ من أهلِه فَطورًا، فذهَبَتْ لتأتيَه بحَسْوٍ صُنعَ له، فجاءت به إليه فألفَتْه ميتاً رحمه الله، فقد قَبِلَ اللهُ تعالى دعاءه في تيسير الموت، واللهُ أكرمُ من أن لا يُجيبَ دعاءه في تيسير ما بعدَه بفضل الله عز وجل.
وكانت وفاتُه لليلةٍ بقِيَت من رجب أربع وأربعينَ وست مئة ابنَ نحوِ تسعينَ سنة، وقال أبو عبد الله ابن الأَبّار. إنه توفِّي في جُمادى الأُولى سنةَ خمس وأربعينَ، فاللهُ أعلم.
(1) قفز نظر ناسخ م إلى "أسبقه" الآتية.