الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
654 - أحمدُ بن محمد بن طُفَيْل القَيْسيُّ، وادي آشِيٌّ، أبو العبّاس
.
تَلا بالسّبع على أبي محمدٍ قاسم بن سيِّدِ قومِه، تلا عليه أخوه أبو مَرْوان.
655 -
أحمدُ (1) بن محمد بن عبد الله بن أحمدَ الأنصاري، مَرَويّ (2) بَلَنْسِيُّ الأصل، وسكَنَ كثيرًا أَنْدَرْشَ، أبو العبّاس الأَنْدَرْشِي، وابنُ البَلَنْسي، وابنُ اليتيم.
تَلا على إيى إسحاقَ بن صالح، وأبوَي الحَسَن: ابن عبد الله المالطيّ وابن عبد الله بن مَوْهب وأكثَرَ عنه، وأبي عليّ حُسَين بن محمد بن عُرَيْب، وأبي عُمرَ الخَضِر بن عبد الَرّحمن، وأبوَي القاسم: أحمدَ بن عُمرَ بن وَرْد وعبد الرّحمن بن قاسم، وقرَأَ على بعضِهم غيرَ القرآن، ورَوى عن أبي بحرٍ يوسُفُ بن عبد العزيز السُّلَميّ، وأبوَي الحَجّاج: ابن عليّ القُضَاعي وابن يَبْقَى بن يَسْعُونَ واختَلفَ إليه مدّةً وأكثَرَ عنه، وأبوَي الحَسَن: ابن أحمدَ بن نافع وابن إبراهيمَ بن مَعْدان، وآباءِ عبد الله: ابن عبدِ العزيز بن زُغَيْبةَ وابن أبي أحَدَ عَشَر وابن موسى بن وَضّاح، وأبي العبّاس ابن (3) اليَحْصُبيِّ المارميّ، وأبوَيْ محمد: ابن عليّ الرُّشَاطي وعبدِ الحقّ بن عَطِيّة، وكلُّ من ذُكِر أجاز له.
وحدَّث بالإجازةِ عن أبي الأصبَغ عيسى بن حَزْم بن اليَسَع، وأخَذَ عنه السَّبعَ، وأبوَيْ بكر: محمدِ بن عبد الله ابن العَرَبي ويحيى بن الخَلُوف، وأبي الحَسَن شُرَيْح، وآباءِ عبد الله: ابن أحمدَ الحَمْزي وابن خَطّاب، وابنَي السُّلَيْمانيَّيْنِ: ابن مَرْوان وابن أُختِ غانم وابن محمدِ الأحمر وابن يَبْقَى، وأبي العبّاس بن محمد بن العَرِيف، وآباءِ القاسم: أحمدَ بن محمد بن بَقِيّ وعبدِ الرّحمن بن
(1) ترجمه الضبي في بغية الملتمس (370)، وابن الأبار في التكملة (221)، وفي المعجم في أصحاب القاضي الصدفي (38)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 12/ 723، ومعرفة القراء الكبار 2/ 557، وابن الجزري في غاية النهاية 1/ 221، والقادري في نهاية الغاية، الورقة 25، والسيوطي في بغية الوعاة 1/ 367.
(2)
في ق: "مرسي"، خطأ.
(3)
بعد هذا فراغ في النسختين، وهو أحمد خلف بن سعيد بن خلف بن أيوب اليحصبي من أهل دانية يكنى أبا العباس ويعرف بالمارمي، وقد تقدمت ترجمته في موضعها من هذا الكتاب.
أبي رجاءٍ وعبدِ الرحيم ابن الفَرَس، وأبي الفَضْل جعفرِ بن محمد بن شَرَف، وأبي الوليد يوسُفَ بن عبد العزيز ابن الدّبّاغ. ورَوى عن غيرِ من سُمِّي كأبي العبّاس بن المحلول وغيرِه.
هذا هُو الذي تحصَّل لي من شيوخِه وتحقَّقتُ كيفيَّة تحمُّلِه عنهم حسبَما وقَفْتُ عليه في نُسخة الإجازةِ التي اعتيدَ منه كتْبُها لمُجازِيه والآخِذينَ عنه، وكانت بخطِّ الضابِط النّبيل أبي عامرٍ محمد ابن المحدِّث الزّاهد أبي محمد بن محمد بن عُبَيد الله وعليها خَطُّ أبي العبّاس هذا بالإجازةِ له ووَقَفْتُ خارجًا عنها مخُبِرًا بإجازةِ أبي عبد الله بن مَسْعود بن أبي الخِصَال له في بعض مُنْشآتِه، ووقَفْتُ في خطِّه على روايتِه عن أبي عبد الله بن أبي زَيْد ولم يُبيِّنْ كيفيّةَ حَمْلِه عنه، قرَأَ عليه وأجاز له، ولا أُبعِدُ أن يكونَ قد لَقِيَ أكثرَ الشّيوخ الذين ذَكَرَ أنه حدَّث عنهم بالإجازة، بل قد كان له اختصاصٌ مشهورٌ بأبي العبّاس ابن العَريف منهم، ذَكَرَ ذلك أبو الصَّبر الفِهْريّ، وذَكَرَ هو وابنُه الحاجُّ أبو عبد الله الأنْدَرْشِيُّ أنه رَوى عن أبي محمد بن محمد بن السِّيْد، زاد ابنُه روايتَه عن الحاجِّ أبي الحَسَن عليِّ بن مُنذرِ بن عبد الرحمن الأُمَويّ الطَّرْطُوشيّ.
وذَكَرَ المحدِّثُ الفاضلُ أبو العبّاس العَزَفيُّ في فِهرستِه أنه أجازَ له وسَمَّى من شيوخِه الذين أجازوا: له ابنَ سُكّرة، وابنَ الفَرّاء، وابنَ السِّيْد، وأبا الوليد بنَ رُشْد، وأبا بكر ابنَ العَرَبي، وأبا عبد الله القُرَشيَّ القُرْطُبيَّ -قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: أظُنُّه ابنَ الأحمر- وأبا القاسم بنَ بقِيّ، وأبا بكر بن مَسْعود بن أبي رُكَب.
وقد ذكَرَه الأُستاذُ أبو عبد الله بن عليّ بن عَسْكَر في كتابه الذي جمَعَ فيه أعلامَ مالَقةَ من أهلِها والطارِئينَ عليها من غيرِها (1) واصلًا به "الإعلام بمحاسنِ
(1) لهذا الكتاب اسمان أحدهما: الإكمال والإتمام، في صلة الإعلام بمحاسن الأعلام، من أهل مالقة الكرام. والآخر: مطلع الأنوار ونزهة البصائر والأبصار فيما احتوت عليه مالقة من الأعلام والرؤساء والأخيار، وتقييد ما لهم من المناقب والآثار. وقد اخترمته المنية قبل أن يتمه فتولى تتميمه ابن أخته أبو بكر محمد بن خميس، والكتاب مطبوع منتشر مشهور بتحقيق الدكتور صلاح جرار باسم "أدباء مالقة"، وبتحقيق الدكتور عبد الله المرابط الترغي باسم "أعلام مالقة".
الأعلام من أهل مالَقةَ الكرام " جمْعَ [....] (1)، وسَمَّى من شيوخِه بعضَ من تقَدَّم ذكْرُه في نُسخةِ الإجازة المذكورة، وزاد عليهم (2) أبا عبد الله ابنَ الفَرّاء، وأبا عليّ الصَّدَفيَّ وأبا محمد ابنَ السِّيْد وأبا الوليد محمدَ بن أحمد بن رُشْد، وقال عَقِبَ ذلك: قال الشّيخُ أبو علي، يعني الرُّنْديَّ: وهذا الشّيخُ أبو العبّاس ابنُ البَلَنْسِي متَّهمٌ في روايته، ذاكَرْتُ الشّيخَ الفاضلَ الثِّقة أبا محمد بن عُبَيد الله بأمرِ هذا الشّيخ، وذكَرْتُ له أنه يَدَّعي الروايةَ عن الصَّدَفي وابنِ الفَرّاء، فقال: هذه رِيبةٌ، ولم يُصَدِّقْه، قال أبو بكر ابنُ عَسْكَر رحمه الله: وهذا الذي وقَعَتْ به التُّهمةُ به في حقِّ هذا الشّيخ لا تُهمةَ عندي فيه؛ لأنه إذا ادَّعى ما يُمكنُ أن يُدرِكَه بسِنِّه فحَمْلُه على الصِّدق أوْلَى، وقد نَصَّ الإمامُ أبو الحُسَين مُسلمُ بن الحَجّاج في مقدِّمةِ كتابِه على أنّ الشّيخَ إذا قال: عن فلانٍ، وعُلِم أنه قد أدرَكَه بزمانِه وإن لم يُعلَمْ بينَهما اجتماعٌ فهو محمولٌ على الإسناد، ولا تُرَدُّ الرّوايةُ بمثل هذا، وهذا الشّيخُ كان من أهل القرآنِ والاشتغال بالرِّواية، فالتُّهمة في حقِّه بغيرِ دليل واضح بعيدةٌ إن شاء الله. ولم يقَعْ إليّ مَوْلدُه، ولكنّي وقَفْتُ على قراءتِه بعضَ الكتُب، فمن ذلك: قراءتُه كتاب "المُلخَّص" على أبي الحَسَن بن مَوْهَب وقد كتَبَ له: قرَأَ عليَّ جميعَ كتاب "المُلخَّص" الفقيهُ المُقرئُ أبو العبّاس أحمدُ بن محمد، إلى آخِرِ ما كتَبَ له، وتاريخُه في شعبانِ إحدى وثلاثينَ وخمس مئة، وقراءتُه أيضًا كتابَ "الشِّهاب" على أبي عبد الله بن وَضّاح بجامع المَرِيّة، وقد كتَبَ له أيضًا: قرَأَ عليّ الفقيهُ النّبيلُ الأستاذُ أبو العبّاس، وتاريخُه أيضًا في جُمادى الأُولى من السنّة المذكورة، وكذلك وجَدتُ قراءتَه في غير هذَيْن الكتابَيْن في التاريخ المذكور، ووقَفْتُ أيضًا على نُسخة من "تفسر غريبِ الموطَّإ" للأخفَش بخطِّ أبي العبّاس المذكور وتاريخُ تمامِها في سنة ثمانٍ وعشرينَ في عَقِبِ ربيع الآخِر منها، وقراءتُه فيها قد أثبتُّها بخطِّه لنفسِه في النُّسخة المذكورة، وكانت وفاةُ أبي عليٍّ
(1) فراغ في الأصل، وصاحب "الإعلام" هو أبو العباس أصبغ بن علي بن هشام المالقي، مترجم في التكملة (552).
(2)
سقطت من ق.
الصَّدَفي وأبي عبد الله ابن الفَرّاء رحمَهما اللهُ شهيدَيْنِ سنةَ أربعَ عشْرةَ وخمس مئة، فإذا تقَرَّر هذا فكيف يَبعُدُ في حقِّ من كان في سنة ثمانٍ وعشرينَ ينسَخُ ويقرَأُ وفي سنة إحدى وثلاثينَ يكتبُ فيه الأستاذُ والفقيهُ المُقرئ أن يكونَ موجودًا قبلَ سنة أربعَ عشْرةَ حتى تصحَّ له الإجازةُ من الشَّيخَيْنِ المذكورين؟! فلا تلحقَه تُهمةٌ في ذلك إن شاء الله؛ لأنه لم يدَعْ إلا أمرًا مُمكِنًا يُقبَلُ من مثلِه واللهُ المخلِّصُ بمَنِّه.
قال المصنِّفُ عَفَا اللهُ عنه: انتهى ما ذكَرَه في هذه المسألة أبو عبد الله بنُ عَسْكر، وبمثل إنكار أبي عليّ الرُّنْديِّ على أبي العبّاس هذا روايتَه عن أبي عبد الله ابن الفَرّاءِ وأبي عليٍّ الصَّدَفي وتكلُّمِه فيه من أجلِ ذلك أنكَرَ أبو محمد بن الحَسَن ابن القُرْطُبي عليه وتكلَّمَ فيه وقال: إنه كان لا يُحدِّثُ عن الصَّدَفيِّ وابن الفَرّاء إلا بواسطة، ولم يكن يَذكُرُهما أولًا في شيوخِه، ثم حدَّث عنهما آخِرًا فتطرَّقتْ إليه الظُّنون، وكلامُ أبي عبد الله بن عَسْكر في ذلك كلِّه بيِّنٌ واحتجاجُه صحيحٌ واضح على طريقة المحقِّقينَ من المحدِّثين، وكلُّ ذلك مَبْنيٌّ على تسليم نسبةِ الرِّواية له عن أبي عبد الله ابن الفَرّاء وأبي عليٍّ الصَّدَفي حسبَما ذكَرَه أبو عبد الله ابنُ عَسْكر مُثبتًا له ومحتَجًّا على إمكانِه، ونَقَلَه أبو عليّ الرُّنْديُّ وأبو محمد ابنُ القُرْطُبيِّ من دَعْواه ذلك، وحُكْمُ أبي محمد بن عُبَيد الله بالرِّيبة في ذلك. ولا أدري من أين وقَعَ لهم ذلك! فإنّ أبا العبّاس هذا لم يجِدْ لرواييه عن أبي عبد الله ابن الفَرّاء ذِكْرًا في نُسخةِ إجازيه المذكورة لا بمباشَرة ولا بإجازةٍ ولا بواسطة، إلّا أن يكونَ في ضِمن إجازةِ بعض شيوخِه له عنه، وكذلك ما ذكَرَه أبو عبد الله بنُ عَسْكر من روايتِه عن أبي الوليد بن رُشْد وإن تأخَّرتْ وفاتُه عن وفاتَيْ أبي عبد الله ابن الفَرّاء وأبي عليٍّ الصَّدَفي، فإنهُ توفِّي ليلةَ الأحد لإحدى عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من ذي القَعْدة سنةَ عشرينَ وخمس مئة. وأمّا أبو عليّ الصَّدَفيُّ فقد صَرَّح في غيرِ موضِع بحَمْلِه من طريقِه بوَسَاطةِ جماعة، وهم: أبو الحَسَن بن نافع، وآباءُ عبد الله: ابن خَطّاب وابن وَضّاح وابن يَبْقَى، وأبو عليّ بن عَرِيب، وأبو عَمْرو الخَضِر، وأبو محمد بن عَطِيّة، وأبو الوليد ابن الدّبّاغ المذكورونَ، وذَكَرَ فيها
أنه سَمع "كتابَ المُستنير" في القراءاتِ العَشْر الوَسَط من ربيع الأوّل من عام ثلاثةٍ وثلاثينَ، قال: وأنا أُمسِكُ أصلَ أبي عليّ الصَّدَفي بخطِّه على أبي عليّ الطَّرْطُوشي، يعني ابنَ عَرِيب، قال: وقرأتُ بعضَه على أبي عَمْرٍو المذكور، يعني الخَضِرَ، وناوَلَنيهُ، حدَّثاني به وجماعة عن أبي عليّ الصَّدَفي، فلو كانت له روايةٌ ولو بالإجازة عنه لذَكَرَها ونبَّه عليها في هذا الموضع وسِواه عند ذكْرِ الوسائطِ بينَهما، فمِن عملِ الشّيوخ في هذا النَّحو عند ايرادِ ما رَوَوْهُ بالقراءة أو بالسَّماع أو بالمُناوَلة الإعلامُ بروايتِهم إيّاه بالإجازة، ولا سيّما إذا كان الشّيخُ المقروءُ أو المسموعُ عليه أو المُناوِلُ يحمِلُ عن المُجِيز، لِما في ذلك من علُوِّ الرّواية وقُرب الإسناد ومُساواةِ الشّيخ المَرْويِّ عنه مباشَرةً. وأمّا ما ذكَرَه ابنُه الحاجّ أبو عبد الله والفاضلُ أبو الصَّبر من رواييه عن أبي محمد ابن السِّيْد فإنه لم يَجدْ في نُسخةِ الإجازةِ المذكورة أيضًا أنه رَوَى عنه مباشرةً ولا بواسطة إلا بإجازةِ أبي عبد الله بن خَطّاب وجماعةٍ سواه عنهُ، على أنّ إنكارَ حَمْلِه عن أبي محمد بن السِّيْد وأبي الوليد بن رُشْد أبعدُ من إنكارِ روايتِه عن أبي عبد الله ابن الفَرّاء وأبي عليٍّ الصَّدَفي، ولتأخُّر وفاةِ أبي محمدٍ أيضًا، فإنه توفّي منتصَفَ رجبِ إحدى وعشرين وخمس مئة، وقد تقَدَّم ذكْرُ تاريخ وفاةِ أبي الوليد بن رُشْد، ولا أُبعِدُ روايتَه عنهم إلا من قِبَلِ إضرابه عن ذكْرِهم على الوجهِ الذي أشرتُ إليه، هذا ما لا خفاءَ به عند من عُني بشأَنِ الرّواية وزَاوَلَ طريقتَها.
فأمّا معاصرتُه الشّيوخَ الأربعةَ فمعلومةٌ متيقَّنة، وخصوصًا أبا الوليد بنَ رُشْد وأبا محمد بنَ السِّيْد، فقد كان في زمَن قريب من وفاتَيْهما طالبًا للعلم عند الشّيوخ، يبيِّنُ لك ذلك أنه ذَكَرَ في نُسخة الإجازةِ المذكورة أنه قَرَأَ القرآن عَرْضًا برواية وَرْش عن نافع على أبي الحَسَن اللّماي المالطيّ سنةَ ثِنتينِ وعشرينَ وخمس مئة، وذكَرَ هنالك أيضًا أنه قرَأَ القرآن عَرْضًا بالقراءاتِ السَّبع وغيرِها من الشاذِّ على أبي عليٍّ بن عَرِيب في مدّةٍ آخِرُها عامَ تسعةٍ وعشرين، ووقَفْتُ على إجازةِ أبي الحَسَن بن مَوْهَب له وقد وَصَفَه فيها بالفقيه المُقرئ، فهذا ممّا
يَدُلُّك على قِدَم طلبِه العلمَ ولقاءِ حمَلتِه وأخْذِه عنهم. وبالجملة، فإنه كان ممّن انقَطعَ إلى العلم وعُني به قديمًا، ولا ينبغي لمثلِه أن يُدفَعَ عن ثقةٍ وصِدق وأمانة، ولعلّه لم يكنْ ظفِرَ بإجازةِ هؤلاء الشّيوخ لهُ إلا بأخَرة، فلذلك حدَّث عنهم بها حينئذٍ، أو كان لا يَرى الحَمْلَ بمجرَّدِ الإجازةِ ببعض الوجوه التي تَجري عليها إجازاتُ الشيوخ ثم رَجَعَ إلى تسويغ الحَمْل بها آخِرًا فحدَّث عنهم بها، إلى غيرِ ذلك من الأمورِ المحتمَل وقوعُها المُمكن اعتبارُها في تصحيح دَعْوَى روايتِه عن هؤلاء الشيوخ، ويزيدُ ما قرَّرناهُ من حالِه وما ذكَرَه به أبو عبد الله بنُ عَسْكرٍ وضوحًا ما تقَدَّم إيرادُه من إمساكِه أصلَ أبي عليٍّ الصَّدفي من "كتابِ المُستنير" الذي بخطِّه حالَ السَّماع بمجلسِ أبي عليّ بن عَرِيب، فإنّ من عادةِ المشايخ أن لا يُمسِكَ بمَجالسِهم الأُصولَ المعتمَدةَ إلا مَن يوثَقُ بضَبْطِه ويُتيقَّنُ تحصيلُه ونُبلُه وقد ذَكَرَ أنّ ذلك كان في وَسَط ربيع الأوّل من عام ثلاثةٍ وثلاثين، وهذا بناءً على الظاهِر من أنّ هذا الأصلَ كان للشّيخ المسموع عليه أو لغيرِ أبي العبّاس إذْ لم يُخبِرْ أنه كتابُه ولا أشار إلى ذلك، واللهُ أعلم.
ثم إنّ أبا العبّاس هذا قد رَوى عنه جماعةٌ كبيرةٌ وعَوَّلوا عليه واعتَمَدوا روايتَه، منهم: آباءُ عبد الله: ابنُه، وابن رِضا، وابنُ أحمدَ بن يَربُوع، وأبو جعفر ابنُ (1) الأصلَع، وأبو الحَسَن بن محمد بن منصُور، وأبو الخَطّاب عُمرُ بن حَسَن بن دِحْيةَ، وأبو سُليمان بنُ سُليمان بن حَوْطِ الله، وأبو الصَّبرِ الفِهْري، وأبو عامرٍ محمدُ بن أبي محمد الحَجري، وأبي عَمْرو بن صالح بن سالم، وآباءُ القاسم: أحمدُ بن يزيدَ بن بَقِيّ وعبدُ الرّحمن بن محمد الشَّرّاطُ وعبد الرحيم بن إبراهيمَ ابن الفَرَس، وأبو مَرْوانَ بن عُمر بن جعفون (2)، ويحيى بن أحمد الهَوّاري.
(1) بعد هذا بياض في النسختين، وأبو جعفر ابن الأصلع هذا اسمه أحمد بن محمد بن أحمد العكي، وقد تقدمت ترجمته في هذا الكتاب (546).
(2)
كتب ناسخ م فوقها "كذا".