الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَوى عنه قريبُه أبو جعفر بنُ يحيى بن عَمِيرة (1)، وأبو سُليمانَ وأبو محمد ابنا حَوْطِ الله.
وكان من أهل العلم النافع والعمل الصالح، خطيبًا، فاضلًا، ديِّنًا، إماماً في الزهد والتصوّف، من بيتِ علم.
قال أبو جعفر بن يحيى بن عَمِيرة: ساكَنْتُه أيامًا فما رأيتُه من الليالي إلا قائماً ولا من النهار إلا صائمًا. قال: وقال لي: كنتُ قبلَ أن أرحَلَ أرى الناسَ يُعظِّمونَ العلمَ وأهلَه، فلمّا قدِمتُ من رحلتي لم أرَ ما عَهِدتُ وأبصَرتُ أمري. وأقبلَ على العمل وترَكَ التصنّعَ ونَبذَ الدُّنيا إلى أن توفِّي سنةَ سبع وسبعينَ وخمس مئة، وقد ناهَزَ المئة.
345 - أحمدُ بن عبد الملِك بن عيسى اليَحْصُبيُّ
.
له إجازةٌ من أبي عُمرَ بن عبد البَرِّ كتبَها في شوّالِ ثِنتينِ وخمسينَ وأربع مئة، وقال: وكتب وهو لا يَرى حيثُ يضَعُ قلمَه: إلى الله الشَّكوى، وهُو المرْجُوُّ للعافية.
346 -
أحمدُ (2) بن أبي مَروانَ عبدِ الملِك بن محمد بن إبراهيمَ بن محمد بن أحمدَ بن عبد الملِك الأنصاريُّ، إشبيليٌّ، سكَنَ لَبْلةَ، أبو العبّاس، وكَنّاه أبو عبد الله ابنُ الأَبّار أبا جعفرٍ وأبا عُمر، والمعروفُ ما قدَّمتُه؛ ابنُ أبي مَرْوان.
رَوى عن أبي إسحاقَ بن مَروان بن حُبَيْش، وأبوَيْ بكر: ابن أحمدَ بن طاهِر المحدِّث وابن عبد الغَنيِّ بن فَنْدِلة، وأبوَي الحَسَن: ابن شُرَيْح ومُفرِّج بن سَعادةَ المحدِّث الظّاهريِّ ولازَمَه كثيراً، وأبي الحَكَم عَمْرِو بن أحمدَ بن حَجّاج، وأبي عُمر (3) أحمدَ بن صالح الكفيف، وأبي مَروانَ بن عبد العزيز الباجِيِّ، وغيِرهم.
(1) أحمد بن يحيى بن عميرة.
(2)
ترجمه ابن الأبار في التكملة (162)، والذهبي في تاريخ الإِسلام 11/ 958.
(3)
في ق: "عامر"، والمعروف أن أحمد بن صالح الكفيف يكنى أبا العباس، وقد تقدمت ترجمته في هذا الكتاب.
رَوى عنه صِهرُه أبو الوليد سَعْدُ السُّعود بن عُفَيْر، وأبو زيدٍ وأبو العبّاس ابنا خَليل، وخَضِرُ بن محمد بن نَمِر، وأبو الحَسَن بن عَتِيق بن موسى، وأبوا محمد: ابن أحمدَ بن جُمهور وعبدُ الجليل بن عُفَيْر.
وكان محدِّثًا حافظًا لأسانيدِ الحديث ومُتونه (1) يَستظهرُ من كُتبِ الحديث جُملةً منها: "صحيحُ مسلم" حتى لَيُؤْثَرُ عنه أنه نَسَخَ منه نُسَخًا من حِفظِه ذاكرًا لأسماءِ الرِّجال وتوارنحهم وتعديلِهم وتجريحهم مُميزاً لهم، بَذّ في ذلك كلِّه أهلَ عصرِه حتى كان يقالُ فيه: ابنُ مَعِينِ وقتِه، وكان أبو محمد بن جُمهور يقولُ فيه: كان بُخاريَّ زمانِه.
وقال أبو العبّاس ابنُ خليل: سألتُه أن يُمليَ عليّ كتابًا في رجال الحديث، فأملَى عليّ من ذلك كثيرًا دونَ تأمُّل في كتاب ولا استمداد من ديوان، ثم إنه نَقَّر بعدُ عن صحّةِ ما أملاه فوافَقَ ما قيَّده المحقِّقونَ والحُفّاظ المتقدِّمونَ من أصحاب التواريخ في أسماءِ الرجال وأحوالِهم.
وكان فقيهًا ظاهريَّ المذهب حَزْميَّه، زاهدًا وَرِعًا، حديثَ السِّنِّ كبيرَ المعرِفة، بارعَ الخطِّ متقدِّمًا في جَوْدة الضبط، وألّف في السُّنَن كتابَه الكبير المسَمَّى بـ "المنتخَب المنتقَى" جمَعَ فيه مفترِقَ الصحيح من الحديث الواقع في المُصنَّفات والمُسنَدات، وطريقَه هذا حَذا أبو محمدٍ عبدُ الحقّ بن عبد الرحمن ابن الخَرّاط في كتابِه "الأحكام"، إذ كان ملازمًا له ومُستفيدًا منه. وكان أيامَ الفتنة يَعمُر البواديَ والبراري، ويتعيّشُ من المُباحات كالصَّيد وأشباهِه.
واستُشهدَ نفَعَه الله قبلَ سنِّ الكهولة في قَتْلة أهل لَبْلةَ الشَّنعاءِ، أنصَفَهم اللهُ ممّن اعتَدى عليهم، يومَ الخميس لأربعَ عشْرةَ ليلةً خَلَتْ من شعبانِ تسعةٍ وأربعينَ وخمس مئة حسبَما تقَدَّم ذكْرُه في رَسْم أبي عامرٍ أحمدَ بن عبد الله بن الجَدّ (2)، وصَلّى عليه أبو الحَسَن ابنُ مؤمن.
(1) في: "ومتنه".
(2)
الترجمة (244).