الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
527 -
أحمدُ (1) بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن أحمدَ بن محمدِ بن أحمدَ بن عُبَيْد الله بن رُشْد، قُرْطُبيّ، أبو القاسم.
رَوى عن أبيه أبي الوليد الحفيد، وأبوَي القاسم: جَدِّه وابن بَشْكُوال.
رَوى عنه أبو القاسم ابنُ الطَّيْلَسان، وكان من بيتِ علم وجَلالة ونَباهة (2) وحَسَب في بلدِه، فقيهًا حافظًا بصيرًا بالأحكام، يَقِظًا ذكيَّ الذِّهن، سَرِيَّ الهمّة، كريمَ الطَّبع، حسَنَ الخُلُق. وَليَ القضاءَ ببعض بلاد الأندَلُس فحُمِدت سِيرتُه.
وتوفِّي في عَقِبِ رمضانِ ثنتينِ وعشرينَ وست مئة، ودُفن في رَوْضة سَلَفِه بمقبُرة ابن عبّاس.
528 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن أحمدَ بن عبد الرّحمن بن يحيى الكِنَاني، إشبيليّ، أبو العبّاس
.
وَلَدُ الحاجِّ الشهيد أبي بكرٍ الكِنّاني. رَوى عن أبيه، وأبي الحَكَم عبد السلام ابن بَرَّجان اللُّغوي، وأبي ذرٍّ مُصعَب الخُشَني، وأبي العبّاس بن أحمدَ بن راس غَنَمة.
وكان كاتِبًا مُحسِنًا أديبًا بارعًا، من أهل الدِّين المتين والفَضْل التامّ، بارعَ الخطّ رائقَ الوِراقة، كتَبَ بخطِّه الكثيرَ من دواوينِ العلم وأتقَنَ ما توَلَّى من ذلك أكملَ إتقان.
وتوَجَّه إلى الحجّ سنةَ أربعينَ وست مئة فاستُشهدَ غَرَقًا نفَعَه اللهُ بمقرُبةٍ من مَرْسَى هنين على نحوِ أربعينَ ميلًا من تِلِمْسين قبلَ أن يحُجَّ، وقد وَقَعَ أجرُه على الله، حقَّق اللهُ وفاءه.
529 - أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن إبراهيمَ بن يحيى بن إبراهيمَ بن يحيى بن خَلَصةَ الحِمْيَريُّ الكَتَاميّ، قُرْطُبي، أبو جعفر، ابنُ يحيى، وابنُ الوَزَغي
.
(1) ترجمه ابن الأبار في التكملة (286)، والذهبي في تاريخ الإسلام 13/ 691، وابن فرحون في الديباج 1/ 221.
(2)
سقطت من ق.
رَوى عن جدِّه (1) الخطيبِ أبي جعفر بن يحيى.
530 -
أحمدُ (2) بن محمد بن أحمدَ بن محمدِ بن خَلَف بن سُليمان بن خالِد بن بُهْلُول بن عبد الرؤوف بن مُخارِق بن أحمدَ العَبْدَريُّ، أُنْدي (3).
وهُو عمُّ أبي عبد الله بن عليّ بن خالدٍ الآتي ذكْرُه بموضعِه من هذا الكتاب إن شاء الله، أو ابنُ عَمّ أبيه.
رَوى بالأندَلُس عن بعض شيوخِها، ورحَلَ إلى المشرِق وأدَّى فريضةَ الحَجّ وأخَذ بمكّةَ شرَّفَها اللهُ عن أبي محمدٍ يونُس بن يحيى الهاشميِّ ابن القَصّار (4)، وبدمشقَ عن أبي جعفر بن عليّ الفَنَكي، وأبي نَصْر هبةِ الله بن محمد بن مميل الشِّيرازي، وأبي اليُمْن زيد بن الحَسَن بن زَيْد بن الحَسَن الكِنْدي، وصَحِبَ هنالك أبا الحُسَين محمدَ بن أحمدَ بن جُبَيْر، ثم عاد إلى المغرِب فاستَوطنَ سَلَا وحدَّث بها.
رَوى عنه (5) المأمونُ بن الحَسَن بن عليّ، وكان محدِّثاً عَدْلاً ديِّناً فاضلاً كريمَ الأخلاق. توفِّي بسَلَا في شعبانَ من سنة عَشْرٍ وست مئة.
531 -
أحمدُ (6) بن محمدِ بن أحمدَ بن محمد بن خَلَف بن يونُس بن طلحةَ الخَزْرَجيُّ الساعِديُّ، شُقْريٌّ، أبو العبّاس.
(1) تأتي ترجمته (الترجمة 564).
(2)
ترجمه ابن الأبار في التكملة (263).
(3)
في ق: "أبذي"، وهو تحريف، وما أثبتناه من م والتكملة وترجمة عم أبيه الآتية في السفر السادس من هذا الكتاب (الترجمة 1240).
(4)
في ق: "القطان"، محرف، وهو بغدادي الأصل أزجي، من محلة باب الأزج ببغداد، جاور بمكة، وتوفي بها سنة 608 هـ، كما في تكملة المنذري 2/الترجمة 1203، وتاريخ الإسلام 13/ 206 وغيرهما.
(5)
في ق: "عن"، خطأ.
(6)
ترجمه ابن الأبار في تحفة القادم (المقتضب منه 157)، وابن سعيد في المغرب 2/ 364، واختصار القدح المعلى (114)، والصفدي في الوافي 8/ 46، وابن الخطيب في الإحاطة 1/ 235.
رَوى عن أبي الحَسَن بن حَرِيق. رَوى عنه أبو عبد الله بن عليّ بن إدريسَ الغرليطشي، وهو في عِداد أصحابِه، وأبو القاسم عبدُ الكريم بن عِمران، وهُو في رُتبة أشياخِه.
وكان أديباً بارِعًا شاعرًا مجُيداً كاتباً بليغاً بديعَ الخطّ. ورَدَ مَرّاكُشَ وامتدَحَ بها لِمّةً من وُزَراءِ دولةِ آل (1) عبد المؤمن، وجَرَت بينَه وبينَ جماعةٍ من الأُدباء بها مخُاطَبات ومُراجَعات شهِدَتْ بإجادتِه واقتدارِه وبَراعةِ إنشائه، كتَبَ إليه الكاتبُ الشاعر أبو عبد الله بنُ عليّ الفاسيُّ المعروفُ بابن عابِد -الآتي ذكْرُه بموضعِه إن شاء اللهُ من هذا الكتاب (2) - وهما بمَرّاكُشَ وضَمَّن بيتَ الشّريفِ الرّضيِّ عامَ ثلاثةٍ وعشرينَ وست مئة، ونقَلتُها من خطِّ أبي عبد الله بن عابد [البسيط]:
شِعرُ ابنِ طَلْحةَ في تنميقِه الحَسَنِ
…
يُنْسي بدائعَ بشّارٍ أوالحَسَنِ
لآلئٌ هي معنى السِّحر أحرَزَها
…
بالغَوْص في أبحُر الأفكارِ والفِطَنِ
لو أنّها سَلَفَتْ من قبلُ أودَعَها
…
ضَنًّا بها تاجَه سيفُ بن ذي يَزَنِ
أو كان أبصَرَها المأمونُ قَلَّدَ من
…
تُؤامِها (3) الغُرِّ بُورانَ ابنةَ الحَسَنِ
والطِّرسُ يُودِعُه من خطِّه بِدَعاً
…
تُبدي لمُبصِرِها ماشاء من فِتَنِ
لوبانَ للزُّهرِ أوللزَّهرِ منظرُها
…
لم يَطلُعا بعدُ في أُفْقٍ ولا غُصُنِ
سقَى جزيرةَ شُقرٍ صَوْبُ خاطرِهِ
…
فلستُ أرضَى لها صوبَ الحَيَا الهَتِنِ
أرضٌ بِوُدِّيَ أن أحظَى بها عِوَضاً
…
عن الحَظِيَّيْنِ من أهلِ ومن وطنِ
إذا استجارَ أخو حُزْنٍ بساحتِها
…
أضحى مدى الدهرِ في أمنٍ منَ الحَزَنِ
محَلُّ كلِّ رئيسٍ ليس همّتُهُ
…
إلا ابتياعَ العُلى بأنفَسِ الثَّمَنِ
(1) سقطت من ق.
(2)
في السفر الثامن (الترجمة 126) واسمه محمد بن علي.
(3)
في ق: "ترابها".
ولا تُصرِّفُ غيرَ العَضْب راحتُهُ
…
أو اليَراعةِ أو أشباهِها اللُّدُنِ
عندي أبا جعفرٍ مَن رَعْي وُدِّك ما
…
ما يُرضي إخاءكَ واخبُرْ ذاك وامتَحِنِ
وُدٌّ كشِعركَ لا عيبٌ يُدنَسُهُ
…
بادي الصّفاءُ من الأقذاءِ والدَّرَنِ
حسبُ الذي هوبالإسهابِ متّصفٌ
…
مقالُهُ فيك: هذا نُخبةُ الزّمنِ
أنت الكَرى مؤنِساً طَرْفي وبعضُهمُ
…
مثلُ القَذَى مانِعاً جَفْني من الوَسَنِ (1)
فأجابه أبو العبّاس وعَرَّض بقومٍ بَغَوْا عليه حسَداً له، أشَدُّهم في ذلك أبو مَرْوانَ بن زَغْبُوش (2) بقولِه [البسيط]:
أنا المَليُّ بما يُسلي عن الوطنِ
…
وقد حصَلْتُ على كَنْزٍ من الفِطَنِ
إنّي وجدتُ حلالَ السّحرِ مُنطَوياً
…
في قطعة الظَّرف طيَّ المنطقِ اللَّحِنِ
تُثني المثانيْ إذاتُبدي صحيفتُها
…
من كلِّ قافيةٍ سَجْعاً على فَنَنِ
وتَجتلي العينُ من لَأْلاءِ أسطُرِها
…
ما شاءه الحُسنُ من زَهرٍ على غُصُنِ
ما إن تجاوَزَها سَمْعي ولا بَصَري
…
لأنّها فتنةٌ للعينِ والأُذُنِ
لو أنّها فوقَ عِطفِ الشام كان بها
…
يَزهَى على الوَشْي من صنعاءً في اليمنِ
ما لي مكافأةٌ لا عنها ولو نَسَقَتْ
…
آدابيَ الغُرَّ غُزُّ الشُّهْبِ في قَرَنِ
مهما أُبارِ الذي أسْدَى بها يدُهُ
…
يَستَنَّ دُونيَ في شَأْوِ العُلى وأَني
(1) انظر البيت في ديوان الشريف الرضي 529.
(2)
هو من أسرة الزغابشة المكناسيين الذي بادروا إلى تأييد دولة الموحّدين أول ظهورها، فقتل منهم جماعة على يد يدّر بن ولكوط والي مكناسة من قبل المرابطين، ونال من بقي منهم جاهًا كبيرًا عند الموحدين، وظلّوا يتولون خدمتهم في الحاشية والقضاء بالأندلس وغيرها إلى نهاية دولتهم، وقد انتقل بعضهم من مكناسة إلى الأندلس وانتقل آخرون منهم إلى مراكش. قال ابن غازي: وقد ذكر ابن عبد الملك في تكملته جماعة منهم. قلت: ولا بد أن أبا مروان عبد الملك ابن زغبوش المذكور ممن ترجم لهم ابن عبد الملك، وينبغي أن تكون ترجمته في قسم الغرباء من السفر السابع، وهو مفقود. وانظر في الزغابشة الروض الهتون 17، 29، 52 (المطبعة الملكية- الرباط). وقد ظل الزغابشة يُعرفون بهذا الاسم في مكناس حتى عهد غير بعيد.
إنّ العَلِيَّ عليًّا حين جاء بهِ
…
فَذُّ المحاسنِ كَنَّوهُ أبا الحَسَنِ
خُذْها إليكَ وقد أجَّجْتَ من فِكَري
…
ما يُضرِمُ النارَ في أحشاءِ مُضْطَغِنِ
إنْ ضَلَّ مُبصِرُها حِلماً فإنّ لهُ
…
عُذْراً بما جمَعَتْ في الطِّرْس من فِتَنِ
أو ذلّ حاسدُها ضِغْناً فلا عجَبٌ
…
ذُلُّ الغبِيِّ اعتزازُ الأروَعِ الفَطِنِ
أغصَصتُ بالرِّيق قوماً ما جنَيْتُ لهمْ
…
إلّا نفائسَ ما قُلِّدت من حَسَنِ
إنّي قتلتُ غبِيُّا ما برَزْتُ لهُ
…
إلّا تقلَّبَ في أثوابِ مُندفِنِ
إنْ سَلَّ غرْبُ ذكائي حَدَّ قافيةٍ
…
في النّوم أدرجَ من ثوبَيْه في كَفَنِ
قد كابَرَ الحقَّ بُهْتاً وهْو معتقدٌّ
…
في السِّرِّ إثباتَ ما يَنْفيه في العَلَنِ
وأبصَرَتْ عينُه الآياتِ باهرةً
…
لا تَستَسِرُّ لِساهٍ لا ولا طَبِنِ
فلازَمَ البَغْيَ واستَهوَتْه منقَصةٌ
…
كأنه عاكفٌ منها على وَثنِ
ما للغَضاضةِ سُلطانٌ على أدبٍ
…
تُحدَى به العِيسُ من مِصْير إلى عَدَنِ
هذا الكلامُ كمالٌ لا يُلمُّ بهِ
…
تنقيصُ أخرقَ بادي العِيِّ واللَّكَنِ
طَمَا به البحرُ لمّا ظَلَّ مُرْتَكِباً (1)
…
لَجَّ اللَّجاج بخَرْقاءٍ من السُّفُنِ
فورَّطتْه الرِّياحُ الهُوجُ عاصفةً
…
في بَرْزَخ الحِنْثِ بين الهُونِ والوَهَنِ
يا باذلَ العِلق بَخْساً من سفاهتِهِ
…
قد كان أرجَحَ لو غاليتَ في الثمنِ
لو كنتَ تعلَمُ ما فارقْتَ من عضد (2)
…
ما كنت تجمَعُ بينَ الجَفْنِ والوَسَنِ
إنّي سأَثْني عِناني في ثناءِ أخٍ
…
أسدَتْ أياديه بِيضاً أوجُهَ المِنَنِ
حَمْدي خِلالَ خليل لا نظيرَ له
…
أَوْلى من الأخْذِ في المستوهِن الوَهِنِ
وما نَفَثت (3) بما في الصّدرِ من كَمدٍ
…
إلّا ليعلمَ ما عندي فيَعذُرَني
(1) في ق: "مركبنا".
(2)
في ق: "غصن".
(3)
في ق:" بعثت"، محرفة.
قدخان فيَّ فلم أعتِبْ على قَدَرٍ
…
دهرٌ على كلِّ حُرٍّ غيرُ مؤتَمَنِ
نقَدْتَ لي من صَريح الودِّ مُبتدئاً
…
مالم يزَلْ فيه هذا الدّهرُ يَمطُلُني
فاسلَمْ لدرٍّ نفيسٍ كي تُنظِّمَه
…
عِقْداً بَهيًّا يُحلّي لَبّةَ الزَّمنِ
واحوِ القَريضَ على ما شئتَ من ظفَرِ
…
بابن الحُسَين وبالطائيِّ والحَسَنِ
وشعرُه كثير، وقد دوَّنَ بعضَه باقتراح أبي القاسم بن عِمرانَ بعدَ ما ضاعَ له شعره (1)، وقدِ امتَدَح بالأندَلُس جُملةَ من أُمراءِ بني عبد المؤمن ورؤسائهم، وامتَدحَ أيضًا أبا عبد الله بنَ هُود المتوكِّلَ على الله، ومن قولِه ارتجالاً في القُبّة السَّوداء المبعوثة إلى المتوكّل من قِبَلِ المُستنصر الخليفة العبّاسيِّ لمّا ضَرَبَها المتوكِّلُ وأشار وزيرُه أبو محمدٍ الرُّمَيْميُّ على أبي العباس بذلك، فقال [الكامل]:
أحْبِبْ بهذي القُبّةِ السَّوداءِ
…
فلقد غَدَتْ من أبدَع الأشياءِ
هي مُقلةٌ أصبحتَ وَسْطِ سَوادِها
…
إنسانَ عَيْنِ المجدِ والعَلْياءِ
فعلى طُلَيْطُلةِ تُرى مضروبةَ
…
وعلى مدينةِ جدِّك البيضاءِ
يُريدُ سَرَقُسْطة، هي التي تُدعَى البيضاء (2)، وكانت دارَ مملكة بني هُود (3).
(1) سقطت من ق.
(2)
جاء في وصف سرقسطة في المغرب 2/ 434: ناهيك من مدينة بيضاء، أحدقت بها زمردة خضراء. وورد في شرح الشريف السبتي على مقصورة حازم عند قوله:
فصير البيضاء برق بيضها
…
وزرقها تشكو الخلاء والجلا
ما يلي: وقوله فصير البيضاء إلخ ذكر أن البيضاء هي سرقسطة ولم أصل لتحقيق ذلك الآن (رفع الحجب المستورة 2/ 166). كما جاء في أعمال الأعلام 171 - أثناء الحديث عن سليمان بن هود - أنه ولى أحمد من أولاده مدينة سرقسطة المدينة البيضاء. وفي نفح الطيب ما يخالف هذا فقد نقل المقري في موضعين من كتابه أن المدينة البيضاء هي قلعة رباح (نفح الطيب 1/ 156، 5/ 99)، وانظر سرقسطة في الروض المعطار.
(3)
بعد هذا بياض في النسختين.
واستَقرَّ أبو العبّاس هذا بأخَرةٍ في كَنف الأمير بسَبْتةَ الموفَّق بالله أبي العبّاس أحمدَ بن أبي عبد الله بن أبي الفَضْل مبارَك المعروفِ باليَنَاشْتي (1)، وامتَدحَه بقصائدَ فرائد، ولم يزَلْ بسَبْتةَ إلى أن قُتلَ بها في أواخِر ثِنتينِ أو أوائلِ ثلاثٍ وثلاثينَ وست مئة.
532 -
أحمدُ (2) بن أبي عبد الله محمد بن أحمدَ بن محمد بن سُليمان بن محمد بن سُليمان الأنصاريُّ الأَوْسيُّ، قُرْطُبيٌّ، أبو جعفر، ابنُ الطَّيْلَسان.
والملقَّبُ به جَدُّه أحمد، وسببُ تلقيبِه بذلك أنه كانت له جملةُ أثوابٍ مختلفةِ الألوان، وكان يُعنَى بطيبها (3) وتحسينِها، وكان يَلبَسُ منها كلَّ يوم شارةً غيرَ التي لبِسَ في اليوم الذي قبلَه، وكان يقرَأُ بإشبيلِتةَ مَنشَئِه على أبي القاسم خَلَف بن يوسُف ابن الأبْرَش، فكان إذا دخَلَ مجلسَ الإقراء قال الأستاذ: قد جاءكمُ اليومَ أبو جعفرٍ بطَيْلَسانٍ ثانٍ أو آخَر، فلقَبَّه الطّلَبةُ بطَيْلَسانٍ لذلك، وكان قبلُ هُو وسَلَفُه يُعرَفُون ببَني سُليمان لتكرُّرِه كثيراً في عَمُود نسَبِهم حتى غَلَب عليهم هذا اللقَبُ، فنُسِيَت تلك الشُّهرة.
رَوى أبو جعفرٍ، المترجَمُ به، عن جَدِّه للأُمِّ أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد الشَّرّاط، وخالِه أبي بكرٍ غالب وصِهرِهما أبي عبد الله بن أحمدَ بن عَيّاش، وأبي جعفر بن محمد بن يحيى، وأبوَي العبّاس: ابن سَلَمة ويحيى ابن (4) المَجْرِيطي، وأبي القاسم أحمدَ بن يَزيدَ بن بقِيّ، وأبوَيْ محمد: ابن سُليمان بن حَوْطِ الله وعبد الحقّ الخَزْرَجي. وأجاز له من أهل الأندَلُس: أبو جعفر (5) بن شَرَاحِيل،
(1) منسوب إلى ينشتة حصن من حصون الأندلس على مرحلتين من جنجالة. وللمذكور ترجمة في الوافي 7/ 140، وأخباره في الروض المعطار (153، 198)، والبيان المغرب 3/ 276 (قسم الموحدين).
(2)
ترجمه ابن الأبار في التكملة (301).
(3)
في ق: "بطيها".
(4)
بعد هذا بياض في النسختين.
(5)
كذلك.
وأبو الخَطّاب أحمدُ بن محمد بن واجِب، وأبو ذَرٍّ مُصعَب بن أبي رُكَب، وأبو عبد الله بن أيّوبَ بن نُوح (1)، وأبو القاسم أحمدُ بن عبد الوَدُود بن سَمَجُون، وأبو محمد عبدُ المُنعم بن الفَرَس. ومن أهل المشرِق جماعةٌ كبيرة شارَكَ فيهم أخاه الراوِيةَ أبا القاسم القاسمَ (2)، منهم: أبو الحَسَن بنُ المُفَضَّل المَقْدِسيَّ، وابنُ هبة الله بن سَلامةَ الشافعيّ، وفَخْرُ الدِّين أبو عبد الله محمد بن إبراهيمَ الفارسيُّ الخَبْري (3)، وجمالُ الدِّين أبو القاسم حمزةُ بن عليّ بن عُثمان (4) المَخْزومي، وغيرُهم.
وكان من بيتِ علم وجَلالة معروفاً بالفَضْل ومتانة الدِّين والثقة فيما يَرويه، ذا عناية بعَقْد الشّروط وبَصَرٍ بالفرائض.
وخرَجَ من وطَنِه بعدَ تغلُّب الرّوم عليه يومَ الأحد لسبع بقِينَ من شوّالِ ثلاثٍ وثلاثينَ وست مئة، فسكَنَ مالَقة، ثم تحوَّل إلى غَرْناطةَ فاستَوطنَها. مولدُه في رمضانِ سبعينَ وخمس مئة. توفِّي بإلبيرةَ في حدود الخمسينَ وست مئة.
533 -
أحمدُ بن محمد بن أحمدَ بن محمد بن سُليمان بن محمد بن سُليمان (5) الأنصاريُّ.
كذا وقَفْتُ على نسَبِه بخطِّه. وكان بارعَ الخطِّ أنيقَ الوِراقة حسَنَ التقييد متقَنَ الضّبط، وقَفْتُ على بعضِ ما كتبَه مؤرَّخاً بسَنَة ثلاثٍ وثلاثينَ وخمس مئة
(1) من هنا إلى قوله:"الفرس" سقط من ق.
(2)
ستأتي ترجمته في السفر الخامس من هذا الكتاب (الترجمة 1090).
(3)
بفتحِ الخاء المعجمة وسكون الباء الموحدة، قيده النذري في التكملة 3/الترجمة 2080، وهو من خبْر سروشين من أعمال شيراز، وتوفي سنة 622 هـ، وهو مترجم في تاريخ الإسلام 13/ 720، وإكمال ابن نقطة 2/ 480، وهو صوفي منحرف.
(4)
في ق: "غنم"، محرف، وهو أبو القاسم حمزة بن علي بن عثمان بن يوسف المخزومي المصري الشافعي الكاتب المتوفى سنة 615 هـ، وهو مترجم في تكملة المنذري 2/الترجمة 1642، وتاريخ الإسلام 13/ 434.
(5)
قوله: "بن سليمان" سقط من ق.