الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3)
لأنه ذَكَرَ في كتابه نساءً تُنزَّه الصُّحف عن تسويدها بذكرهنَّ مع أهل العِلْم الذين هم خواصُّ عباد الله: "نستعيذُ بالله من إعمال القَلَم في ذِكْر واحدة منهنَّ، ونرى الإعراضَ عنه دِيْنًا. وإذا ذَكَر هؤلاءِ النساءَ فما بالُه أغفلَ أضعافَ أعدادِهنَّ من الرجال الذين هم على مثال حالهن؟! إنها لعَثرة لا تُقال، وزلَّة لا تُغتفر، وسيِّئة لا تكفيرَ لها، وكبيرةٌ يجبُ المَتاب منها والإقلاع -بتوفيق الله- عنها، والله حسبُنا ونِعْم الوكيل".
(4)
لأنه يكرِّر التراجمَ ويَقْلب النسب، فقد ترجم -مثلًا- لمحمدِ بن أحمدَ بن محمد بن سعيد ابن مطرِّف التُّجِيبيِّ من أهل قَلْعة أيُّوبَ ويُعرف بالبيرانيِّ، وأنّ ابنه عُمرَ حدَّث عنه، ثم أورد بعد (169) ترجمة: محمد بن أحمد بن مطرِّف بن سعيد التُّجيبي، وهذا هو نفسه الذي ترجَمَ له مِن قبلُ.
موارده وطبيعتها العامة:
قسَّم ابن عبد الملك مصادرَه في ثلاثة أنواع:
(1)
برامجُ روايات الشيوخ الجلَّة أئمة هذا الشأن، ومعظمها بخطوط جامِعِيْها، وسائرها بخطوط المُعتمَد عليهم من رجالِ هذا الفنِّ ومُقابلتِهم وتصحيحهم، وهي من الكثرة بحيثُ يعزُّ إحصاؤها.
(2)
مقيَّدات ذوي العِناية بهذه الطريقة من مواليدَ ووَفَيات ورَفْع أنساب وتبيين أحوال الرُّواة.
(3)
ما تلقَّاه عن مَشايخه الذين أخذ عنهم شفاهًا، وما التقَطَه من طبقاتِ القراءات والأسمِعة على الشيوخ أو منهم، وما أخذه بأيِّ ضَرْب من ضُروب التحمُّل سَماعًا أو قراءة أو مُناوَلةً أو إجازة.
ولو اتّخذنا هذا السفر الرابع نموذجًا لمصادر ابن عبد الملك لوَجَدْنا أنه -وهو الذي يتعقَّب بالتكملةِ والنَّقد كُتبَ التراجم لمن جاءوا قَبْله أو عاصَروه- قد وضع أمامَه: طبقات النَّحْويِّين للزبيدي وجَذْوة المُقتبس للحميديِّ وتاريخَ
علماء الأندلس لابن الفرضي وصلةَ ابن بَشْكُوال وصلة الصلة لابن الزُّبير والتكملة لابن الأبّار وطبقات الأمم لصاعد الأندلسي، وهذا أمرٌ طبيعي لدى مؤلِّف يريدُ أن يَستدرِكَ ما فات هؤلاءِ المؤلِّفين، ويتعقُّبَ ما أوردوه بالزيادة أو النَّقدِ أو التصحيح. وزيادةً في الاطمئنان نجدُه حين يطَّلع على هذه المصادرِ يَحرصُ على أنْ يكونَ لديه من الكتاب الواحد غيرُ ما نسخة واحدة، بخطوطٍ مختلفة، فهو يقولُ -مثلًا- حين يتحدَّث عن سليمانَ بنِ عبد الملك بن رَوْبيل:"وقع ذكرُه في بعض نُسَخ الصلة مُقتضَبًا"(1)، ويقولُ في موضع آخرَ في ترجمةِ ابن الزهري: "وقد وقفتُ على نُسخة بخطِّه من الصلة تأليفَ الراوية أبي القاسم ابن بَشْكُوال، وعلى أول جزء منها بخطِّ أبي القاسم ابن بَشْكُوال ما نصُّه
…
" (2) إلخ، ولديه كذلك من المصادرِ غير الأندلسية عددٌ وفير مثل: رياض النفوس للمالكي، والمُنتظم لابن الجوزي، والإكمال لابن ماكُولا، والمستدرك عليه لابن نُقْطة، وتاريخ أهل مصر والمغرب لأبي سعيد بن يونس، وغرائب حديث مالك، والرواة عن مالك للدارَقُطْني، وغير ذلك، وهو دائبُ الاطِّلاع لا يكفُّ عن القراءة والتقييد واقتناءِ الكُتب، فقد اطَّلع على كثير من الكتب التي نسَخَها سالمُ بن صالح المشهور بابن سالمٍ بخطِّه (3)، ولمّا زار الجزيرةَ الخضراء أُتيح له أن يرى مكتبةَ صاحبه أبي عمرٍ وعياشِ بن الطفيل، قال: "وقد وقفتُ
…
على جُمْلة وافرة من كتب سَلَفِه ممّا تملَّكوه أو كتبوه أو ألَّفه مؤلِّفوه" (4).
وأمَّا مِن حيثُ ما تلقَّاه عن مشايخه: فأكثرُ روايته عن شيخه الأكبر أبي الحسن الرُّعيني، ثم عن سائر شيوخه، مثل: أبي جعفر الطَّنجالي وأبي الحجَّاج بن حكم وأبي علي بن الناظر وأبي الوليد بن عُفير، وعن صاحبه الرحَّالة ابنِ رُشيد.
(1) الترجمة (182) من السفر الرابع.
(2)
الترجمة (337) من السفر الرابع.
(3)
الترجمة (5) من السفر الرابع.
(4)
الترجمة (295) من السفر الرابع.
غير أنّ أهمَّ مصادره هي برامجُ العلماء وفهارسُ الشيوخ، وقد توفَّرتْ له في هذا الصدد موادُّ غزيرة جدًا، مكَّنته في بعض التراجم من هذا السَّرْدِ الطويل الذي يَنتحيه إذا هو تعرَّض لأسماءِ الشيوخ والتلامذة. ومن المُقارنةِ بين ما جاء في هذا الجُزءِ وما وَرَدَ في برنامج الرُّعيني -مثلًا- نستطيع أن نحكُمَ بأنَّ كتاب "الذيل والتكملة" قد استوعبَ ما جاء لدى الرُّعينيِّ كما استوعب معلوماتٍ مستفيضةً مستمدَّة من سائر البَرامج وكُتب الفهارس. ويصرِّح لنا ابنُ عبد الملك أنه اطَّلع على كُتب البرامج ومعاجمِ الشيوخ والفهارس التالية (1):
1 -
برنامج شيخه أبي الحسن الرُّعيني.
2 -
برنامج الصاحبَيْن المشترَك بينهما: ابن شنظير وابن ميمون، نسخة جيِّدة عانى خِدْمتَها ابنُ مؤمن وأتقن تصحيحَها، وصار البرنامجُ بعده لأبي عبد الله الرُّنْدي المُسلهم.
3 -
برنامج سعدِ الخير بن محمد البَلَنْسي (نقل منه، انظر الترجمة رقم 43).
4 -
برنامج سعد السعود أبي الوليد بن عُفير، نسخة بخطه فيها ضُروب من الخَلَل والتصحيف الشنيع وفسادِ الهِجاء مّما يكاد أيسرُه يُناقِض التلبُّسَ بأدنى مرتبة من العِلْم أو الارتسامِ به جُملةً (رقم 44).
5 -
فهرست سليمانَ بن عبد الملك بن رَوْبيل.
6 -
فهرست أبي العبّاس بن الرُّوميّة.
7 -
فهرست ابن خَيْر.
8 -
برنامج أبي عبد الله الخَوْلاني.
9 -
معجم مُلْحة الراوي وختام عَيْبة الحاوي لأبي محمدٍ طلحة.
(1) ينظر مزيد من ذلك في فهرست الكتب الواردة في المتن من هذا الكتاب، وهذا نموذج مما وقع في قطعة من السفر الرابع.
10 -
معجم شيوخ أبي الوليد الباجيِّ صنعةَ أبي محمد طلحة.
11 -
برنامج استوعب فيه أبو محمد طلحة شيوخَه حتى عام 635 هـ وسمّاه: نُغْبة الوارد ونُخْبة مستفاد الوافد.
12 -
فهرسة الشيخ أبي أميّة صنعة أبي محمد طلحة.
13 -
فهرسة أبي الوليد بن الحاجِّ صنعة أبي محمد طلحة.
والحقُّ أنَّ الاستقصاءَ في هذه النواحي عَسير، وإنما نقدِّم مثلًا وحسبُ، يدلُّ على طبيعة المصادر التي اعتمَدَها ابنُ عبد الملك، وحين يتمُّ حَصْرُ ما اطَّلع عليه في الأجزاء الأخرى من كتابه فإنَّ ذلك قد يبلغ مئاتٍ من الكُتب.