الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّانِي، خُرُوجُ النَّجَاسَاتِ مِنْ سَائِرِ الْبَدَنِ، فَإِنْ كَانَتْ غَائِطًا أو بَوْلًا نَقَضَ قَلِيلُهَا،
ــ
فَرْجَكَ». رَواه مسلمٌ (1). والأمْرُ للوُجُوبِ، ولأنَّه خارِجٌ بسَبَبِ الشَّهْوَةِ، فأوْجَبَ غَسْلًا زائِدًا على مُوجَبِ البَوْلِ كالمَنِيِّ، فعلى هذا يُجْزِئُه غَسْلَةٌ واحدةٌ؛ لأنَّ المَأْمُورَ به غَسْلٌ مُطْلَقٌ، فيَكْفِي ما يَقَعُ عليه الاسمُ، وقد بَيَّنَه قولُه في اللَّفْظِ الآخَرِ:«وَانْضَحْ فَرْجَكَ» . وسَواءٌ غَسْلُه قبلَ الوُضُوءِ أو بعدَه؛ لأنَّه غَسْلٌ غيرُ مُرْتَبِطٍ بالوُضُوءِ، أشْبَهَ غَسْلَ النجاسةِ. والثانيةُ، لا يُوجبُ إلَّا الاسْتِنْجاءَ والوُضوءَ. رُوِيَ ذلك عنْ ابنِ عباسِ، وهو قولُ أكثرِ أَهلِ العلمِ؛ لما روَى سَهْلُ بنُ حُنَيفٍ، قال: كُنْتُ ألْقَى مِن المَذْيِ شِدَّةً وعَناءً، وكنتُ أُكْثِرُ منه الاغْتِسالَ، فذَكَرْتُ ذلك للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال:«إنَّمَا يُجْزِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ» . رَواه التِّرْمِذِيُّ (2)، وقال: حسنٌ صحيحٌ. ولأنَّه خارِجٌ لا يُوجِبُ الغُسْلَ، أشْبَهَ الوَدْيَ، والأمْرُ بالنَّضْحِ والغَسْلِ في حديثِ عليٍّ مَحْمُولٌ على الاسْتِحْبابِ. وقولُه:«إنَّمَا يُجْزِيكَ مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ» . صَرِيحٌ في حُصُولِ الإِجْزاءِ به. والوَدْيُ ماءٌ أَبْيَضُ، يَخْرُجُ عَقِيبَ البَوْلِ، ليس فيه وفي بَقِيَّةِ الخارِجِ إلَّا الوُضوءُ، سِوَى المَنِيِّ. يُرْوَى ذلك عن ابنِ عباسٍ. واللهُ أعلمُ.
132 - مسألة: (الثاني، خُرُوجُ النَّجاساتِ مِن سائِرِ البَدَنِ، فإن
(1) في: باب في المذي، من كتاب الحيض. صحيح مسلم 1/ 247 كما أخرجه النسائي، في: باب الوضوء من المذي، من كتاب الغسل. المجتبى 1/ 174 - 176. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 104.
(2)
في: باب في المذي يصيب الثوب، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 175، 176 كما أخرجه =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كانتْ غائِطًا أو بَوْلًا، نَقَضَ قَلِيلُها) لا يَخْتَلِفُ المذهبُ في نَقضِ الوُضُوءِ بخُرُوجِ الغائِطِ والبَوْلِ؛ سَواءٌ كان مِن مَخْرَجِهِما، أو مِن غيرِه، ويَسْتَوِي قَلِيلُهما وكَثِيرُهما في ذلك، سَواءٌ كان السَّبِيلان مُنْسَدَّين أو مَفْتُوحَين، مِن فوقِ المَعِدَةِ أو مِن تحتِها. وقال أصحابُ الشافعيِّ: إنِ انْسَدَّ المَخْرَجُ، وانْفَتَحَ آخَرُ دُونَ المَعِدَةِ، لَزِم الوُضُوءُ بالخارِجِ منه، قولًا واحدًا. وإنِ انْفَتَح فوقَ المَعِدَةِ، ففيه قَوْلان. وإن كان المَخْرَجُ مَفْتُوحًا، فالمَشْهُورُ أَنَّه لا يُنْقَضُ الوُضوءُ بالخارِجِ مِن غيرِه، وبَناه على أصْلِه في أنَّ الخارِجَ مِن غيرِ السَّبِيلَين لا يَنْقُضُ. ولَنا، عُمُومُ قولِه تعالى:{أوْ جَاءَ أحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ} (1). وقولُ صَفْوانَ بنِ عَسّالٍ: أمَرَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذا كُنّا مُسافِرِين، أو سَفْرًا، أن لا نَنْزِعَ خِفافَنا ثلاثَةَ أَيَّامٍ ولَيالِيَهُنَّ، إلَّا مِن جَنابَةٍ، لكنْ مِن غائِطٍ وَبَوْلٌ ونَوْمٍ (2). هذا حديثٌ صحيحٌ. قاله التِّرْمِذِيُّ. ولأنَّه غائِطٌ وبَوْلٌ خارِجٌ مِن البَدَنِ، فنَقَضَ، كالخارِجِ مِن السَّبِيلَين.
= أبو داود، في: باب في المذي، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 48.
(1)
سورة المائدة 6.
(2)
أخرجه الترمذي، في: باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 142. والنسائي، في باب التوقيت في المسح على الخفين للمسافر، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 71. وابن ماجة، في: باب الوضوء من النوم، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجة 1/ 161 الإمام أحمد، في: المسند 4/ 239، 240.