الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومَن عَدِم الماءَ لَزِمَه طَلَبُه في رَحْلِه،
ــ
الأدِلَّةِ فيما إذا كان جُنُبًا قِياسًا عليه، وكما لو كان بَعْضُ أعْضائِه صَحِيحًا، وما ذَكَرُوه؛ مِن أنَّ العَجْزَ ببَعْضِ الواجِبِ يُخالِفُ العَجْزَ ببعضِ البَدَنِ، يَبْطُل بالجُنُبِ. وقَوْلُهم: إنَّه إذا وَجَد الماءَ في الحَدَثِ الأصْغَرِ، يَلْزَمُه اسْتِئْنافُ الطهارةِ. قُلْنا: هذا لا يَمْنَعُ وُجُوبَ اسْتِعْمالِ الماءِ، كالجَرِيحِ. وإن مَنَعُوا ذلك ثَمَّ، فهذا في مَعْناه. واللهُ أعلمُ. وإن قُلْنا: لا تَجِبُ المُوالاةُ في الوُضُوءِ. فهو كالجُنُبِ سَواءٌ.
172 - مسألة، قال: (ومَن عَدِم الماءَ لَزِمَه طَلَبُه في رَحْلِه، وما
وَمَا قَرُبَ مِنْهُ، فَإِنْ دُلَّ عَلَيهِ قَرِيبًا لَزِمَهُ قَصْدُهُ. وَعَنْهُ، لَا يَجِبُ الطَّلَبُ.
ــ
قَرُبَ منه، فَإِنْ دُلَّ عليه قَرِيبًا، لَزِمَه قَصْدُه. وعَنْه، لا يَجِبُ الطَّلَبُ) المَشْهُورُ عن أحمدَ، رحمه الله، اشْتِراطُ طَلَبِ الماء؛ لصِحَّةِ التَّيَمُّمِ. وهذا مذهبُ الشافعيِّ. ورُوي عنه: لا يُشْتَرَطُ الطَّلَبُ. وهو مذهبُ أَبي حنيفةَ؛ لقَوْلِه، عليه السلام:«التُّرَابُ كَافِيكَ مَا لَمْ تَجِدِ الْمَاءَ» (1). ولأنَّه غيرُ واجِدٍ للماءِ قبلَ الطَّلَبِ، أشْبَهَ مَن طَلَب فلم يَجِدْ، ووَجْهُ الأولَى قَوْلُه تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} . ولا
(1) تقدم تخريجه في صفحة 166.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُقالُ: لم يجدْ. إلَّا لمَن طَلَب؛ لجَوازِ أن يكُونَ بقُرْبِه ماءٌ لا يَعْلَمُه، ولأنَّه بَدَلٌ فلم يَجُزِ العُدُولُ إليه قبلَ طَلَبِ المُبْدَلِ، كالصيامِ في الظِّهارِ، ولأنَّه سَبَبٌ للصلاةِ (1) مُخْتَصٌّ بها، فلَزِمَه الاجْتِهادُ في طَلَبِه عندَ الإِعْوازِ، كالقِبْلَةِ. إذا ثَبَت هذا فصِفَةُ الطَّلَبِ أن يَطْلُبَ في رَحْلِه، وما قَرُب منه، وإن رَأى خُضْرَةً أو شَيئًا يَدُلُّ على الماءِ قَصَده فاسْتَبْرَأه، وإن كان بقُرْبِه رَبْوَةٌ أو شيءٌ قائِمٌ أتاه فطَلَبَ عندَه، ويَنْظرٌ وراءَه وأمامَه، وعن يَمِينِه وشِمالِه، وإن كانت له رُفْقَةٌ يُدِلُّ عليهم طَلَب منهم، وإن وَجَد مَن له خِبْرَةٌ بالمَكانِ سَألَه، فإن لم يَجِدْ تَيَمَّمَ، فإن دُلَّ على ماءٍ قَرِيبٍ لَزِمَه قَصْدُه، ما لم يَخَفْ على نَفْسِه أو مالِه، أو يَخْشَى فَواتَ رُفْقَتِه، ولم يَفتِ الوَقْتُ. وهذا مذهبُ الشافعيِّ.
(1) في م: «في الصلاة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإنَّما يكونُ الطَّلَبُ بعدَ الوَقْتِ، فإن طَلَب قبلَه، لَزِمَه إعادَةُ الطَّلَبِ بعدَه. ذَكَره ابنُ عَقِيلٍ؛ لأنَّه طَلَب قبلَ المُخاطَبَةِ بالتَّيمُّمِ، فلم يَسْقُطْ فَرْضُه، كالشَّفِيعِ إذا طَلَب الشُّفْعَةَ قبلَ البَيعِ. وإن طَلَب بعدَ الوَقْتِ، ولم يَتَيَمَّمْ عَقِيبَه، جاز التَّيَمُّمُ بعدَ ذلك مِن غيرِ تجْدِيدِ طَلَبٍ.
فصل: إذا كان معه ماءٌ فأراقَه قبلَ الوَقْتِ، أو مَرَّ بماءٍ قبلَ الوقتِ، فتَجاوَزَه، وعَدِم الماءَ في الوَقْتِ، صَلَّى بالتَّيمُّمِ مِن غيرِ إعادَةٍ. وهو قَوْلُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الشافعيِّ. وقال الأوْزاعِيُّ: إن ظَنَّ أنَّه يُدْرِكُ الماءَ في الوَقْت، كقَوْلِنا (1)، وإلَّا صَلَّى بالتَّيَمُّمِ (2) وعليه الإِعادَةُ؛ لأنَّه مُفَرِّطٌ. ولَنا، أنَّه لم يَجِبْ عليه اسْتِعْمالُه، أشْبَهَ ما لو ظَنَّ أنَّه يُدْرِكُ الماءَ في الوَقْتِ. فأمّا إن أراقَ الماءَ في الوَقْتِ، أو مَرَّ به في الوَقْتِ فلم يَسْتَعْمِلْه، ثم عَدِم الماءَ، تَيَمَّمَ وصَلَّى. وفي الإِعادَةِ وَجْهان؛ أحَدُهما، لا يُعِيدُ؛ لأنَّه صَلَّى بتَيَمُّمٍ صَحِيحٍ، فهو كما لو أراقَه قبلَ الوَقْتِ. والثاني، يُعِيدُ؛ لأنَّه وَجَبَتْ عليه الصلاةُ بوُضُوءٍ، وهو فَوَّتَ القُدْرَةَ على نَفْسِه، فبَقِيَ في عُهْدَةِ الواجِبِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وإن وَهَبَه بعدَ دُخولِ الوَقْتِ لم تَصِحَّ الهِبَةُ. ذَكَرَه القاضي؛ لأنَّه تَعَلَّقَ به حَقُّ الله تِعالى، فلم تَصِحَّ هِبَتُه، كالأُضْحِيَةِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ أن تَصِحَّ. والأوَّلُ أوْلَى. فإن تَيَمَّمَ مع بَقاءِ الماءِ لم يَصِحَّ تَيَمُّمُه، لأنَّه واجِدٌ للماءِ، وإن تَصَرَّفَ فيه المَوْهُوبُ له (1)، فهو كما لو أراقَه، إلَّا أن يَهَبَه لمُحْتاجٍ إلى شُرْبِه مِن العَطَشٍ، وقد ذَكَرْناه.
(1) سقطت من: الأصل.