الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا تَطْهُرُ الأدهانُ، النَّجِسَةُ.
ــ
200 - مسألة: (ولا تَطْهُرُ الأدهانُ النَّجِسَةُ)
بالغَسْلِ في ظاهِرِ المَذْهبِ، اخْتارَه القاضي وابنُ عَقِيل. قال ابنُ عَقِيلٍ: إلَّا الزِّئبَقَ، فإنَّه
وَقَال أبو الْخَطَّابِ: يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ مِنْها مَا يَتَأتَّي غَسْلُهُ.
ــ
لقُوَّتِه وتَمَاسُكِه يُجْرَى مُجْرَى الجامِدِ. (وقال أبو الخَطّابِ: يَطْهُرُ بالغَسْلِ منها ما يَتَأتَّى غَسْلُه) كالزَّيتِ ونَحوه؛ لأنَّه يمكِنُ غَسْلُه بالماءِ، فطَهُرَ به كالجامِدِ. وطَرِيقُ تَطْهِيرِه أن يُجْعَلَ في ماء كَثِيرٍ، ويُحَرَّكَ حتى يُصِيبَ الماءُ جَمِيع أجْزائِه، ثم يُتركَ حتى يَعلُوَ على الماءِ، فيُؤخَذَ، وإن تَرَكَه في جَرَّةٍ، وصَبَّ عليه ماءً وحَرَّكَه فيه، وجَعَل لها بُزَالًا (1) يَخْرُجُ منه الماءُ، جاز. ووَجْهُ القَوْلِ الأوَّلِ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِل عن السَّمْنِ إذا وَقَعَتْ فيه الفَأرَةُ؟ فقال:«إِنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» . رَواه أبو داودَ (2). ولو كان يُمكِنُ تَطْهِيره لم يأمُر بإراقَتِه. ومَن نَصَر قَوْلَ أبي الخَطّابِ. قال: الخَبَرُ وَرَد في السَّمنِ، ولَعَلَّه لا يمكِنُ تَطْهِيرُه؛ لأنَّه يَجْمُدُ، ويَحْتَمِلُ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تَرَك الأمرَ بغَسْلِه، لمَشَقَّةِ ذلك، وقِلَّةِ وُقُوعِه.
(1) البزال: الموضع المثقوب في الإناء.
(2)
في: باب في الفأرة تقع في السمن، من كتاب الأطعمة. سنن أبي داود 2/ 328. كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في الفأرة تموت في السمن، من أبواب الأطعمة. عارضة الأحوذي 7/ 303. والنسائي، في: باب الفأرة تقع في السمن، من كتاب الفرع والعتيرة. المجتبى 7/ 157. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 233، 265، 490.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا وقَعَتِ النَّجاسَةُ في غيرِ الماءِ وكان مائِعًا، نَجُسَ. وقد ذَكَرنا الخِلافَ فيه. وإن كان جامِدًا كالسَّمنِ الجامِدِ، أُخِذَتِ النَّجاسَةُ فما حَوْلَها فأُلقِيَتْ، والباقي طاهِرٌ؛ لِما روَى أبو هُرَيرَةَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِل عن الفَأرَةِ تَمُوتُ في السَّمنِ، فقال:«إنْ كَانَ جَامِدًا فألقُوها وَمَا حَوْلها، وَإنْ كَانَ مَائِعًا فَلَا تَقْرَبُوهُ» . مِن «المُسْنَدِ» (1). وإسْنادُه على شَرطِ الصَّحِيحَين: وحَدُّ الجامِدِ؛ الذي لا تَسْرِي النَّجاسَةُ إلى جَمِيعِه، الذي يَكُونُ فيه قُوَّةٌ تمنَعُ انْتِقال أجْزاءِ النَّجاسَةِ مِن المَوْضِعِ الذي وَقَعتْ فيه النَّجاسَةُ إلى ما سِواه. وقال ابنُ عَقِيل: الجامِدُ؛ الذي إذا فُتِح وعاؤه، لم تَسِلْ أجْزاؤه. والظّاهِرُ خِلافُ هذا؛ لأنَّ سَمنَ الحِجازِ لا يَكادُ يَبْلُغُه، ولأنَّ المَقْصُودَ بالجُمُودِ أن لا تَسْرِي أجْزاءُ النَّجاسَةِ، وهذا حاصِلٌ بما ذَكَرناه، فنَقْتَصِرُ عليه.
(1) انظر تخريج الحديث السابق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن تَنَجَّسَ العَجِينُ ونَحْوُه، لم يَطْهُرْ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ غَسْلُه، وكذلك إن نُقِعَ شيءٌ مِن الحُبُوبِ في الماءِ النَّجِسِ، حتى انْتفَخَ وابْتَلَّ. نَصَّ عليه أحمدُ، أنَّه لا يَطْهُرُ، وإن غُسِل مِرارًا. إذا ثَبَت ذلك، فقال أحمدُ في العَجِينِ: يُطْعَمُ النَّواضِحَ (1). وقال الشافعيُّ: يُطْعَمُ البَهائِمَ. وقال الثَّوْرِيُّ، وأبو عُبَيدٍ: يُطْعَمُ الدَّجاجَ. وقال ابنُ المُنْذِرِ: لا يُطْعَمُ شيئًا؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِل عن شُحُوم. المَيتَةِ تُطْلَى بها السُّفُن، ويَسْتَصْبِحُ بها النّاسُ، قال:«لَا، هو حَرَامٌ» (2). وهذا في مَعْناه. ولَنا، ما روَى أحمدُ، عن ابنِ عُمَرَ، أنَّ قَوْمًا اخْتَبَزُوا مِن آبارِ الذين مُسِخُوا، فقال عليه السلام:«اعْلِفُوهُ النَّوَاضِحَ» (3). وقال في كَسْبِ الحَجّامِ: «اعْلِفْهُ نَاضِحَكَ أو رَقِيقكَ» (4). احْتَجَّ به أحمدُ، وقال: ليس هذا بمَيتَةٍ، والنَّهْيُ إنَّما تَناوَلَ المَيتَةَ. ولأنَّ اسْتِعْمال شُحُومِ المَيتَةِ فيما سُئِل عنه النبيُّ
(1) الناضح: البعير، سمى بذلك لأنه ينضح الماء، أي يحمله من نهر أو بئر لسقي الزرع، ثم استعمل في كل بعير وإن لم يحمل الماء.
(2)
أخرجه البخاري، في: باب بيع الميتة والأصنام، من كتاب البيوع. صحيح البخاري 3/ 110. ومسلم، في: باب تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم 3/ 1207. وأبو داود، في: باب في ثمن الخمر، من كتاب البيوع. سنن أبي داود 2/ 251. والترمذي، في: باب ما جاء في بيع جلود الميتة والأصنام، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذي 5/ 300. والنسائي، في: باب بيع الخنزير، من كتاب البيوع، وباب النهي عن الانتفاع بشحوم الميتة، من كتاب الفرع والعتيرة. المجتبى 7/ 273، 7/ 156. وابن ماجه، في: باب ما لا يحل بيعه، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه 2/ 732. والإمام أحمد، في المسند 2/ 213، 3/ 324، وبنحوه في 2/ 362، 512، 3/ 326.
(3)
أخرجه بمعناه الإمام أحمد، في: المسند 2/ 117. كما أخرجه البخاري، في: باب قول الله تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحًا}، من كتاب الأنبياء. صحيح البخاري 4/ 181. ومسلم، في: باب لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا. . . . إلخ، من كتاب الزهد 4/ 2286.
(4)
أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في كسب الحجام، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذي =