الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإنِ اسْتُحِيضَتِ الْمُعْتَادَةُ رَجَعَتْ إِلَى عَادَتِهَا، وَإنْ كَانَتْ مُمَيِّزَةً. وَعَنْهُ، يُقَدَّمُ التَّمْيِيزُ. وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ.
ــ
229 - مسألة: (وإنِ اسْتُحِيضَتِ المُعْتادَةُ، رَجَعَتْ إلى عادَتِها وإن كانت مُمَيِّزَةً. وعنه: يُقَدَّمُ التَّمْيِيزُ. وهو اخْتِيارُ الخِرَقِيِّ)
وإن نَسِيَتِ العادَةَ عَمِلَتْ بالتَّمْيِيزِ، فإن لم يَكُنْ لها تَمْيِيزٌ جَلَسَتْ غالِبَ الحَيضِ مِن كلِّ شَهْرٍ. وعنه، أقَلَّه. وقِيلَ فيها الرِّواياتُ الأرْبَعُ وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ المُعْتادَةَ إذا اسْتُحِيضَتْ لم تَخْلُ مِن أربعةِ أقْسام؛ أحَدُها، أن تكُونَ مُعْتادَةً ولا تَمْيِيزَ لها؛ لكَوْنِ دَمِها على صِفَةٍ لا يَخْتَلِفُ ولا يَتَمَيَّزُ بَعْضُه مِن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بعضٍ، أو بأن يكُونَ الدَّمُ الَّذي يَصْفحُ للحَيضِ يَنْقُصُ عن أقَلِّ الحَيضِ أو يَزِيدُ على أكْثَرِه، فهذه تَجْلِسُ أيَّامَ عادَتِها، ثم تَغْتَسِلُ عندَ انْقِضائِها، وتَتَوَضَّأُ بعدَ ذلك لوَقْتِ كلِّ صلاةٍ وتُصَلِّي. وهذا قولُ أبي حنيفةَ، والشافعيِّ. وقال مالكٌ: لا اعْتِبارَ بالعادَةِ، إنَّما الاعْتِبارُ بالتَّمْيِيزِ، فإن لم تَكُنْ مُمَيِّزَةً اسْتَطْهَرَتْ بعدَ زَمانِ عادَتِها بثلاثَةِ أيَّام، إن لم تُجاوزْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثم هي بعدَ ذلك مُسْتَحاضَةٌ. واحْتَجَّ بحديثِ فاطمةَ الَّذي ذَكَرْناه. ولَنا، ما رَوَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، أنَّ امرأةً كانت تُهَرَاقُ الدِّماءَ على عهدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:«لِتَنْظر عَدَدَ اللَّيَالِي وَالأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ قَبْلَ أنْ يُصِيِبَهَا الَّذِي أصَابَها، فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ، فَإذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ، ثُمَّ لْتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ، ثُمَّ لْتُصَلِّ» (1). رواه أبو داودَ، والنَّسائِيُّ. وقد روى في حديث فاطمةَ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لها: «ودَعِي الصَّلَاةَ قَدْرَ الأيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ اغْتَسِلِي
(1) تقدم تخريجه في صفحة 400.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَصَلِّي». مُتَّفَق عليه (1). ورَوَتْ أُمُّ حَبيبَةَ، أَنَّها سألَتْ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الدَّمِ، فقال لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيضَتُكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي» . رَواه مسلمٌ (2). ولا حُجَّةَ له في الحديثِ على تَرْكِ العادَةِ في حَقِّ مَن لا تَمْيِيزَ لها.
فصل: لا يَخْتَلِفُ المذهبُ أنَّ العادَةَ لا تَثْبُتُ بمَرَّةٍ؛ لأنَّها مَأْخُوذَةٌ مِن المُعاوَدَة. وهل تَثْبُتُ بمَرَّتَين أو بثَلاثٍ؟ على رِوايَتَين، وقد ذَكَرْناه. وتَثْبُتُ العادَةُ بالتَّمْيِيزِ، فإذا رَأتْ دَمًا أسْوَدَ خَمْسَةَ أيَّام في ثلاثةِ أشْهُرٍ أو شَهْرَين، على إحْدَى الرِّوايَتَين، ثم صار أحْمَرَ، واتَّصَلَ، ثم صار في سائِرِ الأشْهُرِ دَمًا مُبْهَمًا، كانت على عادَتِها زَمَنَ الدَّمِ الأسْوَدِ.
فصل: والعادَةُ على ضَرْبَين؛ مُتَّفِقَةٍ، ومُخْتَلِفَةٍ، فالمُتَّفِقَةُ أن تكُونَ أيَّامًا مُتَساويةً، كخَمْسَةٍ في كلِّ شَهْرٍ، فإذا اسْتُحِيضَتْ جَلَسَتْها فقط. وأمّا المُخْتَلِفَةُ فإن كانت على تَرتِيبٍ، مثلَ أن تَرَى في شَهْرٍ ثلاثةً، وفي الثاني أربعةً، وفي الثالثِ خَمْسَةً، ثم تَعُودَ إلى ثلاثةٍ، ثم إلى أربعةٍ، ثم إلى خمسةٍ على ما كانت، فهذه إذا اسْتُحِيضَتْ في شَهْرٍ، فعَرَفَتْ نَوْبَتَه عَمِلَتْ
(1) تقدم في صفحة 366.
(2)
في: باب المستحاضة وغسلها، من كتاب الحيض. صحيح مسلم 1/ 264 كما أخرجه أبو داود، في: باب في المرأة تستحاض. . . . إلخ، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 63. والنسائي، في: باب ذكر الاغتسال من الحيض، وباب المرأة يكون لها أيام معدودة، وباب ذكر الأقراء، من كتاب الحيض. المجتبى 1/ 99، 148، 150. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 222.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه، ثم علي الَّذي بعدَه، [وعلى الَّذي](1) بعدَه على العادَةِ. وإن نَسِيَتْ نَوْبَتَه حَيَّضْناها على اليَقِينِ، وهو ثلاثةُ أيَّام، ثم تَغْتَسِلُ، وتُصَلِّي بَقِيَّةَ الشَّهْرِ. وإن عَلِمَتْ أنَّه غيرُ الأوَّلِ، وشَكَّتْ؛ هل هو الثاني أو الثالثُ؟ جَلَسَتْ أربعةً؛ لأنَّها اليَقِينُ، ثم تَجْلِسُ مِن الشَّهْرَين الآخَرَين ثلاثَةً ثلاثةً، وتَجْلِسُ في الرابعِ أربعةً، ثم تَعْودُ إلى الثلاثةِ كذلك أبدًا، ويُجْزِئُها غُسْلٌ واحِدٌ عندَ انْقِضاءِ المُدَّةِ التي جَلَسَتْها، كالنّاسِيَةِ إذا جَلَسَتْ أقَلَّ الحَيضِ؛ لأنَّ ما زاد على اليَقِينِ مَشْكُوكٌ فيه، فلا يَجبٌ عليها الغسْلُ بالشَّكِّ. قال شيخُنا (2): ويَحْتَمِلُ وُجوبَ الغُسْلِ عليها أَيضًا عندَ مُضِيِّ أكْثَرَ عادَتِها؛ لأنَّ يَقينَ الحَيضِ ثابِتٌ، وحُصولَ الطهارةِ بالغسْلِ مَشْكُوكٌ فيه، فلا يَزُولُ عن اليَقِينِ بالشَّكِّ، ولأنَّ هذه مُتَيَقِّنَةٌ وُجوبَ الغُسْلِ عليسا في أحَدِ الأيَّامِ الثلاثةِ في اليومِ الخامِسِ، وقد اشْتَبَه عليها، وصِحَّة صَلا تها تَقِفُ على الغسْلِ، فيَجِبُ عليها؛ لتَخْرُجَ عن العُهْدَةِ بيَقِين. وهذا الوَجْهُ أصَحُّ لذلك. وتُفارِقُ هذه النَّاسِيَةَ؛ لأنَّها لا تَعْلَمُ لها حَيضًا زائِدًا على ما جَلَسَتْه، وهذه تَعْلَم لها حَيضًا زائِدًا تَقِفُ صِحَّةُ صَلاتها على غُسْلِها منه، فوَجَبَ ذلك، فعلى هذا يَلْزَمُها غُسْلٌ ثانٍ، عَقِيبَ اليَوْمِ الخامِسِ في كلِّ شَهْرٍ. وإن جَلَسَتْ في رمضانَ ثلاثَةَ أيَّام، قَضَتْ خَمْسَةَ أيَّام؛ لأنَّ الصومَ كان ذِمَّتِها، ولا تَعْلَم أنَّ اليَوْمَين اللَّذَين صامَتْهما أسْقَطا الفَرْضَ مِن ذِمَّتِها، ويَحْتَمِلُ أنَّه يَلْزَمُها في كلِّ شَهْرٍ ثلالةُ أغْسالٍ؛ غسْلٌ عَقِيبَ
(1) في م: «والذي» .
(2)
في المغني 1/ 398.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اليَوْمِ الثالثِ والرابع، والخامس؛ لأنَّ عليها عَقِيبَ الرابعِ غسْلًا في بَعْضِ الأشْهُرِ، وكلُّ شَهْرٍ يَحْتَمِلُ أن يَكُونَ هو الشهرَ الَّذي يَجِبُ الغُسْلُ فيه بعدَ الرابع، فيَلْزَمُها ذلك؛ قُلْنا في الخامِسِ.
فصل: وإن كان الاخْتِلافُ على غيرِ تَرْتِيبٍ، مِثْلَ أن تَحِيضَ مِن شَهْرٍ ثلاثَةً، ومِن الثاني خَمْسَةً، ومِن الثالثِ أربعةً، وأشْباهَ ذلك، فإن أمْكَنَ ضَبْطُه بحيث لا يَخْتَلِفُ، فهي كالتي قَبْلَها، وإن لم يُمْكِنْ ضَبْطُه، جَلَسَتِ الأقَلَّ مِن كلِّ شَهْرٍ، واغْتَسَلَتْ عَقِيبَه. وذَكَر ابنُ عَقِيلٍ في هذا الفَصْلِ، أنَّ قِياسَ المذهبِ أن تَجْلِسَ أكْثَرَ عادَتِها في كلِّ شَهْرٍ، كالنّاسِيَةِ للعَدَدِ، تَجْلِسُ أكْثَرَ الحَيضِ في إحْدَى الرِّواياتِ. قال شيخُنا (1): وهذا لا يَصِحُّ، إذ فيه أمْرُها بتَرْكِ الصلاةِ، وإسْقاطُها عنها مع يَقينِ وُجُوبِها عليها فإنَّنا متى أجْلَسْناها خَمْسًا مِن كلِّ شَهْرٍ، ونحن نَعْلَمُ وُجُوبَ الصلاةِ عليها يَوْمَين منها في شَهْرٍ، ويَوْمًا في شَهْرٍ آخَرَ، فقد أمَرْناها بتَرْكِ الصلاةِ الواجِبَةِ يقينًا، [وذلك لا يَحِلُّ؛ فإنَّ الصلاةَ لا تَسْقُطُ بالاشْتِباهِ، كمَن نَسِيَ صلاةً لا يَعْلَمُ عَينَها، وهذه بخِلافِ النَّاسِيَةِ، فإنّا لا نَعْلَمُ عليها صلاةً واجِبَةً يَقينًا](2)، والأصْلُ بَقاءُ الحَيضِ، فتَبْقَى عليه.
فصل: ولا تكُونُ المرأةُ مُعْتادَةً حتَّى تَعْرِفَ شَهْرَها، وتَعْرِفَ وَقْتَ حَيضِها منه وطُهْرِها. وشَهْرُ المرأةِ عِبارَةٌ عن المُدَّةِ التي لها فيها حَيضٌ وطُهْرٌ، وأقَلُّ ذلك أربْعَةَ عَشرً يَوْمًا، أو سِتَّةَ عَشَرَ يومًا، إن قُلْنا: أقَلُّ
(1) في المغني 1/ 399.
(2)
سقط من: «م» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الطُّهْرِ خَمْسَ عَشَرَ. ولا حَدَّ لأكْثَرِه؛ لأنَّ أكْثَرَ الطهْرِ لا حَدَّ له، وغالِبُه الشَّهْرُ المَعْرُوفُ بينَ النّاس، فإذا عَرَفَتْ أنَّ شَهْرَها ثَلاثُون يَوْمًا، وأنَّ حَيضَها منه خَمْسَةُ أيَّام، وأنَّ طُهْرَها خمسةٌ وعِشْرُون يومًا، وعَرَفتْ أوَّلَه، فهي مُعْتادَةٌ، وإن عَرَفَتْ أيَّامَ حَيضِها، وأيَّامَ طُهْرِها، فقد عَرَفَتْ شَهْرَها، وإن عَرَفَتْ أيَّامَ حَيضِها، ولم تَعْرِفْ أيَّامَ طُهْرِها، أو بالعَكْسِ، فلَيسَتْ مُعْتادَةً، لكنَّها متى جَهِلَتْ شَهْرَها رَدَدْناها إلى الغالِبِ، فحَيَّضْناها مِن كلِّ شَهْرٍ حَيضَةً؛ رَدَدْناها في عَدَدِ أيَّام الحَيضِ إلى الغالِبِ.
فصل: القِسْمُ الثاني؛ أن يكونَ لها عادَةٌ وتَمْيِيزٌ، فإن كان الدَّمُ الَّذي يَصْلُحُ للحَيضِ في زَمَنِ العادَةِ، فقد اتَّفَقَتِ العادَةُ والتَّمْيِيزُ في الدَّلالةِ، فتَعْمَلُ بهما، وإن كان أكْثَرَ مِن العادَةِ أو أقَلَّ، ولم يَنْقُصْ عن أقَلِّ الحَيضِ ولا زاد على أكْثَرِه، ففيه رِوايتان، إحْداهما، يُقَدَّمُ التَّمْيِيزُ. وهو اخْتِيارُ الخِرَقِيِّ، وظاهِرُ مذهبِ الشافعيِّ؛ لِما ذَكَرْناه مِن الأدِلَّةِ، ولأنَّ صِفَةَ الدَّمِ أمارَةٌ قائِمَةٌ به، والعادَةُ زَمانٌ مُنْقَضٍ، ولأنَّه خارِجٌ يُوجِبُ الغُسْلَ، فرَجَعَ إلى صِفَتِه عندَ الاشْتِباهِ، كالمَنِيِّ. والثانيةُ، تُقَدَّمُ العادَةُ. وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، وقولُ أكْثَرِ الأصْحابِ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، والمرأةَ التي اسْتَفْتَتْ لها أُمُّ سَلَمَةَ إلى العادَةِ، ولم يَسْتَفْصِلْ عن كَوْنِها مُمَيِّزةً أو غيرَها، وحديثُ فاطمةَ قد رُوِيَ عنه (1) فيه رَدُّها إلى العادَةِ أيضًا، فتَعارَضَتْ رِوايَتاه (2)، وبَقِيَتْ أحادِيثُنا خالِيَةً عن مُعارِضٍ. على
(1) سقط من: «م» .
(2)
في م: «روايتان» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أنَّ حديثَ فاطمةَ قَضِيَّةٌ في عَينٍ، يَحْتَمِلُ أنَّها أخْبَرَتْه أن لا عادَةَ لها، أو عَلِم ذلك مِن غيرِها، وحديثُ عَدِيِّ بنِ ثابِتٍ عامٌّ في كلِّ مُسْتَحاضَةٍ، فيَكُونُ أوْلَى، ولأنَّ العادَةَ أقْوَى؛ لكَوْنِها لا تَبْطُلُ دَلالتُها، واللَّوْنُ إذا زاد على أكْثَرَ الحَيضِ، بَطَلَتْ دَلالتُه، فما لا تَبْطُلُ دَلالتُه أوْلَى.
فصل: ومَن كان حَيضُها خَمْسَةَ أيَّامَ مِن أوَّلِ كلِّ شَهْرٍ، فاسْتُحِيضَتْ، وصارَتْ تَرَى ثلاثَةً دَمًا أسْوَدَ في أوَّلِ كلِّ شَهْرٍ، فمَن قَدَّمَ العادَةَ، قال: تَجْلِسُ في كلِّ شَهْير خَمْسَةً، كما كانت قبلَ الاسْتِحاضَةِ. ومَن قَدَّمَ التَّمْييزَ، جَعَل حَيضَها الثَّلَاثَةَ التي فيها الأسْوَدُ، إلَّا أَنَّها إنَّما تَجْلِسُ الثلاثةَ في الشَّهْرِ الثاني؛ لأنّا لا نَعْلَمُ أَنَّها مُسْتَحاضَة إلُّا بتَجاوُزِ الدَّمِ أكُثَرَ الحَيضِ، ولا نَعْلَمُ ذلك في الشَّهْرِ الأوَّلِ. فإن رَأتْ في كلِّ شَهْر عَشَرَةً دَمًا أسْوَدَ، ثم صار أحْمَرَ واتَّصَل، فمَن قال: إنَّها لا تَلْتَفِتْ إلى ما زاد على العادَةِ حتَّى يَتَكَرَّرَ. لم يُحَيِّضْها في الشَّهْرَين الأوَّلَين أو الثلاثةِ على اخْتِلافِ الرِّوايَتَين إلَّا خَمْسَةً، قَدْرَ عادَتِها. ومَن قال: إنَّها إذا زادَتْ على العادَةِ جَلَسَتْه بأوَّلِ مَرَّةٍ. أجْلَسَها في الشَّهْرِ الأوَّلِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، ثم تَغْتَسِلُ وتُصَلِّي، وفي الثاني تَجْلِسُ أيَّامَ العادَةِ، وهي الخمسةُ الأُولَى مِن الشَّهْرِ عندَ مَن يُقَدِّمُ العادَةَ على التَّمْيِيزِ، ومَن قَدَّمَ التِّمْيِيزَ ولم يَعْتَبِرْ فيه التِّكْرارَ، أجْلَسَها العَشَرَةَ كلَّها. فإذا تَكَررَ ثَلَاثَةَ أشْهُرٍ على هذا الوَصْفِ، فقال القاضي: تَجْلِسُ العَشَرَةَ في الشَّهْرِ الرابع، على الرِّوايَتَين جَمِيعًا؛ لأنَّ الزِّيادَةَ على العادَةِ ثَبَتَتْ بتَكْرارِ الأسْوَدِ. وقال شيخُنا (1): ويَحْتَمِلُ
(1) في المغني 1/ 401، 402.