الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإذَا اغْتَسلَ يَنْوي الطَّهَارَتَينِ أجزأ عَنْهُمَا. وَعَنْهُ، لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَتَوَضَّأ عَنْهُمَا.
ــ
رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ للْوُضُوءِ شَيطَانًا، يُقَالُ لهُ وَلَهَانُ، فَاتَّقُوا وَسْوَاسَ الْمَاءِ» . رَواه أحمدُ وابنُ ماجَه (1).
163 - مسألة: (وإذا اغْتَسَلَ يَنْوي الطَّهارَتَين أجْزأ عنهما. وعنه: لا يُجْزِئُه حتى يَتَوَضَّأ)
ظاهِرُ المذهبِ أنه يُجْزِئُه الغُسْلُ عن الطَّهارَتَين إذا نَواهُما. نَصَّ عليه أحمدُ. وعنه: لا يُجْزِئُه حتى يَتَوَضَّأَ قبلَ الغُسْلِ، أو بعدَه، وهو أحَدُ قَوْلَي الشافعيِّ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَل ذلك، ولأنَّ الجَنابَةَ والحَدَثَ وُجِدا منه، فوَجَبَ لهما الطَّهارَتان ، كما لو كانا مُنْفَرِدَين. ووَجْهُ الأولَى قَوْلُه تعالى:{لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} . إلى قَوْلِه: {وَلَا جُنُبًا إلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} (2). جَعَل الغُسْلَ غايَةً للمنْعِ مِن الصلاةِ، فإِذا اغْتَسَلَ يَجِبُ أن لا يُمْنَعَ منها، ولأنَّهُما عِبادَتان مِن جِنْسٍ، فدَخَلَتِ الصُّغْرَى في الكُبْرَى، في الأفعالِ دُونَ النيةِ؛ كالحَجِّ
(1) أخرجه ابن ماجه في الموضع السابق. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 136. كما أخرجه الترمذي، في: باب كراهية الإسراف في الماء، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 76.
(2)
سورة النساء 43.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والعُمْرَةِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ (1): المُغْتَسِلُ [مِن الجَنابَةِ إِذا لم يَتَوَضَّأ، وعَمَّ جَمِيعَ بَدَنِه، فقد أدَّى ما عليه؛ لأنَّ الله تعالى إنَّما افْتَرَضَ على الجُنُبِ الغُسْلَ](2) مِن الجَنابَةِ، دونَ الوُضُوءِ، بقولِه:{وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (3). وهو إجْماعٌ لا خِلافَ فيه بينَ العلماء، إلَّا أنَّهُم أجْمَعُوا على اسْتِحْبابِ الوُضُوءِ قبلَ الغُسْلِ تَأسِّيًا برسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقد رَوَتْ عائِشَةُ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان لا يَتَوَضَّأ بعدَ الغُسْلِ مِن الجَنابَةِ. رَواه الإِمامُ أحمدُ والترمِذِي (4).
(1) انظر: الاستذكار 1/ 327، 328.
(2)
سقط من: «الأصل» .
(3)
سورة المائدة 6.
(4)
أخرجه الترمذي، في: باب في الوضوء بعد الغسل، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 162. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 68، 192، 253، 258. كما أخرجه النسائي، في: باب ترك الوضوء من بعد الغسل، من كتاب الطهارة، وفي الباب نفسه، من كتاب الغسل. المجتبى 1/ 113، 171. وابن ماجه، في: باب في الوضوء بعد الغسل، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 191.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإن لم يَنْو الوُضُوءَ، لم يُجْزِه إلَّا عنْ الغُسْلِ؛ لقَوْلِه عليه السلام:«وَإنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى» (1). فإن نَواهُما، ثم أحْدَثَ في أثْناءِ غُسْلِه، أتمَّ غُسْلَه، ثم يَتَوَضَّأ. وقال الحسنُ: يَسْتَأْنِفُ الغُسْلَ. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّ الحَدَثَ الأصْغَرَ لا يُنافِي الغُسْلَ، فلا يُؤَثرُ وُجُودُه فيه، كغير الحَدَثِ.
فصل: ويَسْقُطُ الترتِيبُ والمُوالاةُ في أعْضاءِ الوُضُوءِ، إِذا قُلْنا: الغُسْلُ يُجْزء عنهما. لأنَّهما عِبادَتان دَخَلَتْ إِحْداهُما في الأخْرَى، فسَقَطَ حُكْمُ الصُّغْرَى، كالعُمْرَةِ مع الحَجِّ. نَصَّ عليه أحمدُ. فلو اغْتَسَلَ إلَّا أعْضاءَ الوُضُوءِ، لم يَجِبِ الترتِيبُ فيها؛ لأنَّ حُكْمَ الجَنابَةِ باقٍ. وقال ابنُ عَقِيلٍ والآمِدِيُّ، في مَن غَسَل جَمِيعَ بَدَنِه إلا رِجْلَيه، ثم أحْدَثَ: يَجبُ الترتِيبُ في الأعْضاءِ الثلاثةِ؛ لانْفِرادِها في الحَدَثِ الأصْغَرِ دُونَ الرِّجْلَين؛ لاجْتمِاعِ الحَدَثَين فيهما. ويُعايَى بها، فيُقالُ: طهارةٌ يَجِبُ الترتِيبُ في بَعْضِها، ولا يَجِبُ في البَعْضِ.
(1) تقدم تخريجه في 1/ 308.