الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّامِنُ، الرِّدَّة عَنِ الإسْلَامَ.
ــ
148 - مسألة: (الثامنُ، الرِّدَّةُ عن الإِسلام)
الرِّدَّةُ عن الإِسلام يَبْطُلُ بها الوُضُوءُ والتَّيَمُّمُ، وهي الإِتْيانُ بما يَخْرُجُ به عَن الإِسلامِ؛ نُطْقًا،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أو اعتِقادًا، أو شَكًّا، فمتى عاوَدَ الإِسلامَ لم يُصلِّ كلِّ حتى يَتَوَضَّأَ. وهذا قَوْلُ الأوْزاعِيِّ، وأبي ثَوْرٍ. وقال أبو حَنِيفةَ، ومالك، والشافعي: لا يَبْطُلُ الوُضُوءُ بذلك. وللشافعيِّ في بُطْلانِ التَّيَمُّمِ به قَوْلان، لقَوْلِ اللهِ تعالى:{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} (1). ولأنَّها طهارة، فلم تَبْطُلُ بالرِّدَّةِ، كالطهارةِ الكُبْرَى. ولَنا، قَوْلُ اللهِ تعالى:{لَئِنْ أشْرَكْتَ لَيَحْبَطنَّ عَمَلُكَ} (2). والطهارةُ عَمَلٌ، وحكْمُها باقٍ، فيَجِب أن يَحْبَطَ بالآية، ولأنَّها عِبادَة يُفْسِدُها الحَدَثُ، فبَطَلَتْ بالشركِ، كالصلاةِ. ولأنَّ الرِّدَّةَ حَدَث، لِما رُوِيَ عن ابنِ عباسٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْحَدَثُ حَدَثَانِ، حَدَثُ الْفَرجِ، وَحَدَثُ اللِّسَانِ. [وَحَدَثُ اللِّسَانِ] (3) أشَدُّ مِنْ حَدَثِ الفَرجِ، وَفِيهِمَا الوُضُوءُ» . رَوَاه الشيخُ أبو الفَرَجِ ابنُ الجَوْزِيِّ في كتاب «التّحقِيقِ» . وتَكَلَّمَ فيه وقال: بَقِيَّةُ يُدَلَسُ (4). وما ذَكَرُوه تَمَسُّك بالمَفْهُومِ، والمَنْطُوقُ راجِحٌ عليه. وأمّا غُسْلُ الجَنابَةِ فقد زال حُكْمُه، وعندَنا يَجِبُ الغُسْلُ على مَن أسْلَمَ أيضًا.
(1) سورة البقرة 217.
(2)
سورة الزمر 65.
(3)
سقط من: م.
(4)
انظر: العلل المتناهية 1/ 365.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ولا يَنْقُضُ الوُضُوءَ ما عدا الرِّدَّةَ مِن الكَذِبِ، والغِيبَةِ، والرَّفَثِ، والقَذفِ، ونَحوها. نَصَّ عليه أحمدُ. قال ابنُ المنذِرِ: أجْمَعَ مَن نَحْفَظُ قَوْلَه مِن علماءِ الأمصارِ على أنَّ القَذْفَ، وقَوْلَ الزُّورِ، والكَذِبَ، والغِيبَةَ، لا يُوجِبُ طهارةً ولا يَنْقُضُ وُضُوءًا. وقد رَوَينا عن غيرِ واحِدٍ مِن الأوائِلِ، أنَّهم أمَرُوا بالوضوءِ مِن الكلامِ الخَبِيثِ، وذلك اسْتِحبابٌ عندَنا مِمَّن أمَرَ به، ولا نَعلَمُ حُجَّة تُوجِبُ وُضُوءًا في شيءٍ مِن الكلام، وقد ثَبَت أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال.:«مَنْ حَلَفَ بِاللَّاتِ فَلْيَقُلْ: لَا إلَه إلَّا اللهُ» . ولم يَأمُر في ذلك بوُضُوءٍ. رَواه البُخارِي (1).
(1) أخرجه البخاري، في: باب {أفرأيتم اللات والعزى} ، في تفسر سورة والنجم، من كتاب التفسير، وفي: باب من لم ير إكفار من كفر أخاه متأولا أو جاهلا، من كتاب الأدب، وفي: باب كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله، من كتاب الاستئذان، وفي: باب لا يُحْلَف باللات والعزى ولا بالطواغيت، من كتاب الأيمان. صحيح البخاري 6/ 176، 8/ 32، 82، 165.كما أخرجه مسلم، في: باب من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله، من كتاب الأيمان. صحيح مسلم 3/ 1267، 1268. وأبو داود، في: باب الحلف بالأنداد، من كتاب الأيمان. سنن أبي داود 2/ 198، 199. والترمذي، في: باب حدثنا إسحاق بن منصور، من أبواب النذور. عارضة الأحوذي 7/ 29، 30. والنسائي، في: باب الحلف باللات، من كتاب الأيمان. المجتبى 7/ 7، 8. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 309. وانظر: جمع الجوامع 1/ 773.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: والقَهْقَهةُ لا تَنْقُضُ الوُضُوءَ بحالٍ. رُوِيَ ذلك عن عُروَة؛ وعَطاءٍ، والزُّهْرِيِّ،. ومالكٍ، والشافعيِّ، وإسحاقَ، وابن المُنْذِرِ. وذهب الثَّوْريُّ، والحسنُ، وأصحابُ الرَّأْي، إلى أنَّها تُبْطِلُ الوُضُوءَ داخِلَ الصلاةِ دُونَ خارِجها؛ لِما روَى أسامَةُ، عن أبيه، قال: بَينا نحن نُصَلِّي خلفَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، إذ أقْبَلَ رجلٌ ضَرِيرُ البَصَرِ، فتَرَدَّى في حُفْرَةٍ، فضَحِكْنا منه، فأمَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بإعادَةِ الوُضُوءِ كامِلًا، وإعادَةِ الصلاةِ مِن أوَّلِها. رَواه الدّارَقُطْنِيُّ (1) مِن طُرُقٍ كثيرةٍ، وضَعَّفَها وقال: إنَّما رُوِيَ هذا الحديثُ عن أبي العالِيَةِ (2) مُرسَلًا. وقال نَحوَ ذلك الإِمامُ أحمدُ، وعبدُ الرحمنِ بنُ مَهْدِيّ (3). ولَنا، أنَّه مَعْنًى لا يُبْطِل
(1) في: باب أحاديث القهقهة في الصلاة وعللها، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني 1/ 162 - 164.
(2)
أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي مولاهم، البصري، المقريء المفسر، توفي سنة ثلاث وتسعين. العبر 1/ 108، تهذيب التهذيب 3/ 284 - 286.
(3)
أبو سعيد عبد الرحمن بن مهدي البصري اللؤلؤى الحافظ، أحد أركان الحديث بالعراق، توفي سنة ثمان وتسعين ومائة. سير أعلام النبلاء 9/ 192 - 209.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الوُضُوءَ خارِج الصلاةِ، فلم يُبْطِلْه داخِلَها كالكلامِ، ولأنَّه لا نَصَّ فيه، ولا في شيءٍ يُقاسُ عليه، وحَدِيثُهم قد ذَكَرنا الكلامَ عليه. قال ابنُ سِيرِينَ: لا تَأخُذُوا بمَراسِيلِ الحسنِ وأبي العالِيَةِ؛ فإنَّهما لا يُبالِيان، عمَّن أخَذا. والقَهْقَهةُ أن يَضْحَكَ حتى يَتَحَصَلَ مِن ضَحِكِه حَرْفان. ذَكَره ابنُ عَقِيلٍ.