الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهَلْ يُبَاحُ وَطْءُ الْمُسْتَحَاضَةِ فِي الْفَرْجِ مِنْ غَيرِ خَوْفِ الْعَنَتِ؛ عَلَى رِوَايَتَينِ.
ــ
240 - مسألة: (وهل يُباحُ وَطْءُ المُسْتَحاضَةِ في الفَرْجِ مِن غيرِ خَوْفِ العَنَتِ؟ على رِوايَتَين)
إحْداهُما، لا يُباحُ إلَّا أن يَخافَ على نَفسِه الوُقُوعَ في المَحْظُورِ. وهو مذهبُ ابنِ سِيرِينَ، والشَّعْبِيِّ؛ لأن عائشةَ يُرْوَى عنها أنها قالت: المُسْتَحاضَةُ لا يَغْشاها زَوْجُها (1). ولأنَّ بها أذى، فيَحْرُمُ وَطْؤها كالحُيَّضِ (2)؛ لأنَّ الأذَى عِلَّة لتَحْرِيمِ الوَطْءِ؛ لأنَّ الشّارِعَ ذَكَرَه عَقِيبَه بفاءِ التَّعْقِيبِ، فكان عِلَّةً له، كقَوْلِه تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا} (3). والأذَى مَوْجُودٌ في المُستحاضَةِ (4)، فمُنِعَ وَطْؤها، كالحائِضِ. والثانيةُ، يُباحُ وَطْؤها
(1) أخرجه البيهقي، في: باب صلاة المستحاضة واعتكافها. . . . إلخ، من كتاب الحيض. السنن الكبرى 1/ 329.
(2)
في الأصل: «كالحياض» .
(3)
سورة المائدة 38.
(4)
في م: «الاستحاضة» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُطْلَقًا. وهو قولُ أكْثَرِ أهلِ العلمِ، لِما روَى أبو داودَ (1)، عن عِكْرِمَةَ، عن حَمْنَةَ بنتِ جَحْش، أنَّها كانَتْ مُسْتَحاضَةً، وكان زَوْجُها يُجامِعُها. وقال (2): إنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ كانت تُسْتَحاضُ، وكان زَوْجُها يَغْشاها. وقد كانت حَمْنَةُ تحتَ طَلْحَةَ، وأمُّ حَبِيبَةَ تحتَ عبدِ الرحمنِ بنِ عَوْفٍ، وقد سَألَتا النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن أحْكامِ المُسْتَحاضَةِ، فلو كان حَرامًا لبَيَّنَه لهما. فأمّا إن خاف على نَفْسِه العَنَتِ، أُبِيحَ على الرِّوايَتَين، لأنَّ حُكْمَه أخَفُّ مِن حُكْمِ الحَيضِ، ومُدَّتَه تَطُولُ، فإن وَطِئَها لغيرِ ذلك، وقُلْنا بالتَّحْرِيمِ، لم يَكُنْ عليه كَفّارَةٌ؛ لأنَّ الشرعَ لم يَرِدْ بها، وقد فَرَّقْنا بينَه وبينَ الحَيْضِ. فإنِ انْقَطَع دَمُها أُبِيحَ وَطْؤها قبلَ الغُسْلِ، لأنَّه غيرُ واجِبٍ عليها، أشْبَهَ سَلَسَ البَوْلِ.
فصل: قال أحمدُ: لا بَأْسَ أن تَشْرَبَ المرأةُ دَواءً يَقْطَعُ عنها الحَيضَ، إذا كان دَواءً مَعْرُوفًا. واللهُ أعلمُ.
(1) في: باب المستحاضة يعشاها زوجها، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 74.
(2)
انظر الموضع السابق من سنن أبي داود.
فَصل: وَأَكْثَرُ النِّفَاسِ أربَعُونَ يَوْمًا،
ــ
فصل: قال: (وأكثرُ النِّفاسِ أرْبَعُون يَوْمًا) هذا قولُ أكثَرِ أهلِ العلمِ، رُوِيَ ذلك عن عُمَرَ، وعلى، وابنِ عباس، وعثمانَ بنِ أبي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
العاص (1)، وعائِذِ بنِ عَمْرٍو (2)، وأنس، وأمِّ سَلَمَةَ، رضي الله عنهم. وبه قال الثَّوْرِي، وإسحاقُ، وأصحابُ الرَّأي. وقال الحسنُ البَصْرِي: النُّفَساءُ لا تكادُ تُجاوزُ الأرْبَعِين، فإن جاوَزَتِ الخَمْسِين، فهي مُسْتَحاضَةٌ. وقال مالكٌ والشافعيّ: أكْثَرُه سِتُّون. وحَكاه ابنُ عَقِيلٍ رِوايَةَ عن أحمدَ؛ لأنه رُوِيَ عن الأوزاعِي أنه قال: عِنْدَنا امرأةٌ تَرَى النِّفاسَ شَهْرَين. ورُوي نَحْوُ ذلك عن عَطاءٍ، والمَرْجِعُ في ذلك إلى الوُجُودِ. قال الشافعيّ: وغالِبُه أرْبَعُون يَوْمًا. ولَنا، ما روَى أبو داودَ والترمِذِي، عن مُسَّةَ الأَزْدِية، عن أمِّ سَلَمَةَ، رضي الله عنها، قالت: كانَتْ النُّفَساءُ تَجْلِسُ على عَهْدِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أرْبَعِين يومًا (3). قال الترمِذِيُّ. لا نَعْرِفُ هذا الحَدِيثَ إلَّا مِن حديثِ أبي سَهْلٍ، وهو ثِقَةٌ. قال الخَطّابِيُّ: أثْنَى محمدُ بنُ إسماعيلَ على هذا الحديثِ (4). ولأنَّه قولُ مَن سَمَّيناه مِن الصَّحابَةِ، ولم يُعْرَفْ لهم مُخالِف في عَصْرِهم، فكان إجْماعًا. قال
(1) أبو عبد الله عثمان بن أبي العاص بن بشر الثقفي، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف فأسلم، واستعمله الرسول صلى الله عليه وسلم على الطائف، وعاش إلى خلافة عمان رضي الله عنه. أسد الغابة 3/ 579، 580.
(2)
أبو هبيرة عائذ بن عمرو بن هلال المزني، كان ممن بايع بيعة الرضوان، وتوفي في إمارة عبد الله بن زياد، أيام يزيد بن معاوية. أسد الغابة 3/ 147، 148.
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب ما جاء في وقت النفساء، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 74. والترمذي، في: باب ما جاء في كم تمكث النفساء، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 228. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب النفساء كم تجلس، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 213. والدارمي، في: باب في المرأة الحائض تصلي في ثوبها إذا طهرت، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي 1/ 229. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 300، 304، 309.
(4)
لم يرد هذا في معالم السنن المطبوع. وانظر: سنن الترمذي، الموضع السابق.