الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي سَائِرِ النَّجَاسَاتِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ؛ إِحدَاهُنَّ،
ــ
الثانية خمسًا، كذلك إلى آخِرِه؛ لأنَّها (1) نَجاسَة تَطْهُرُ في مَحلها بدونِ السبعِ، فطَهُرتْ به في مِثْلِه قِياسًا عليه، وكالنَّجاسَةِ على الأرضِ. وتُفارِق المُنْفَصِلَ عن الأرض ومَحَلِّ الاسْتِنْجاءِ؛ لأنَّ العِلَّةَ في خِفَّتِها المَحَلُّ، وقد زالتْ عنه، فزال التَّخْفِيفُ، والعِلَّةُ في تَخْفِيفِها ههُنا قُصُورُ حُكْمِها بما مَرَّ عليها مِن الغَسْلِ، وهذا لازِمٌ لها حَيثُما كانت. ثم إن كانت قد انْفَصَلَتْ عن مَحَل غُسِل (2) بالتُّرابِ، غُسِل مَحَلُّها بغيرِ تُرابٍ، وإن كانت الأولَى بغيرِ تُرابٍ، غُسِلَتْ هذه بالتُّرابِ. وهذا اخْتِيارُ القاضي، وهو أصَحُّ، إن شاء اللهُ تعالى.
196 - مسألة: (وفي سائِرِ النَّجاساتِ ثلاثُ رِواياتٍ؛ إحداهُنَّ
،
(1) في الأصل: «ولأنها» .
(2)
في م: «الغسل» .
يَجبُ غَسْلُها سَبْعًا. وهلْ يُشْتَرَطُ التُّرَابُ؟ عَلَى وَجْهينِ. وَالثَّانِيَةُ، ثَلَاثًا. والثَّالِثَةُ، تُكَاثر بِالْمَاءِ مِنْ غَيرِ عَدَدٍ، كَالنَّجَاسَاتِ كلها إِذَا كَانَتْ عَلَى الأرضِ.
ــ
يَجِبُ غَسْلُها سَبْعًا، وهل يُشْتَرَطُ التُّرابُ؟ على وَجْهين. والثانيةُ، ثلاثًا. والثالثةُ، تُكاثر بالماءِ مِن غيرِ عَدَدٍ، كالنجاساتِ كلِّها إذا كانت على الأرضِ) وجُملَةُ ذلك، أنَّ في سائِرِ النَّجاساتِ، غيرَ نَجاسَةِ الكلبِ والخِنْزِيرِ، إذا كانت على غيرِ الأزضِ ثلاثَ رِواياتٍ، إحداهُنَّ، يَجِبُ غَسْلها سَبْعًا، قِياسًا على نَجاسَةِ الكلبِ والخِنْزِيرِ، ولِما (1) رُوِيَ عن ابنِ عُمَرَ أنَّه قال: أُمِرْنا بغَسْلِ الأنْجاسِ سَبْعًا. فيَنْصَرِفُ إلى أمرِ النبي صلى الله عليه وسلم
(1) في م: «لما» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فعلى هذا، هل يُشْتَرَطُ التُّرابُ؟ فيه وَجْهان؛ أحَدُهُما، يَجبُ قِياسًا على الوُلُوغِ. وهذا اخْتِيارُ الخِرَقِيِّ. والثاني، لا يُشْتَرَطُ، لأَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ بالغَسْلِ للدَّمِ وغيرِه، ولم يَأمُر بالتُّرابِ، إلَّا في نَجاسَةِ الكلبِ، فوَجَبَ أن يُقْتَصَرَ عليه، ولأنَّ الأمرَ بالتُّرابِ إن كان تَعَبُّدًا وَجَب قَصرُه على مَحَلِّه، وإن كان لمَعْنًى في نَجاسَةِ الوُلُوغِ مِن اللزوجَةِ التي لا تَنْقَلِعُ إلَّا بالتُّرابِ، فذلك (1) لا يُوجَدُ في غيرِه. وفي هذا الدَّلِيلِ نَظرٌ؛ لأنَّه غيرُ مَوْجُودٍ في نَجاسَةِ الكلبِ غيرُ الوُلُوغِ، وقد قالوا بُوجُوبِ التُّرابِ فيه. والرِّوايَةُ الثانيةُ، يَجِبُ غَسْلُها ثلاثًا؛ لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«إِذَا قامَ أحَدُكْمُ مِنْ نَوْمِهِ، فَلَا يَغْمس يَدَهُ فِي الإنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَها ثَلَاثًا؛ فَإِنَّهُ لَا يَدرِى أينَ بَاتَتْ يَدُه» .
(1) في م: «فلذلك» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رَواه مسلمٌ (1). أمَرَ بغَسْلِها ثَلاثًا؛ ليَرتَفِعَ وَهْمُ النَّجاسَةِ، ولا يَرفَعُ وَهْمَ النَّجاسَةِ إلَّا ما يرفَعُ الحَقِيقَةَ. والثالثةُ، تُكاثر بالماءِ مِن غيرِ عَدَدٍ، حتى تَزُولَ عَينُ النَّجاسَةِ. وهذا مَذْهبُ الشافعي؛ لِما روَى ابنُ عُمَرَ، قال: كان [الغُسْلُ مِن الجَنابَةِ سَبْعَ مَرّاتٍ، و](2) غَسْلُ الثَّوْبِ مِن البَوْلِ سَبْعٍ مَرّاتٍ، فلم يَزَل النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْألُ حتى جعِل [الغُسْلُ مِن الجَنابَةِ مَرَّة، و](2) غَسْلُ الثَّوْبِ مِن البَوْلِ مَرَّةً. رَواه الإِمامُ أحمدُ، وأبو داودَ (3). إلَّا أنَّ في رُواتِه أيوبَ بنَ جابرٍ، وهو ضَعِيف. ولأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لأسماءَ في الدَّمِ:«اغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ» (4). ولم يَذْكُر عَدَدًا، ولأنَّها نَجاسَةٌ، فلم
(1) تقدم تخريجه في صفحة 276.
(2)
سقط من: «م» .
(3)
أخرجه أبو داود، في: باب في الغسل من الجنابة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 57. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 109.
(4)
تقدم تخريجه في صفحة 276.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَجِبْ فيها العَدَدُ، كنَجاسَةِ الأرضِ. وقد رُوِيَ أنَّ النجاسَةَ في مَحَلِّ الاسْتِنْجاءِ تَطْهُرُ بثَلاثٍ، وفي غيرِه بسَبْعٍ، لأنَّ مَحَلَّ الاسْتِنْجاءِ تَتَكَرَّرُ النَّجاسَةُ فيه، فاقْتَضَى ذلك التَّخْفِيفَ، ولأنَّه قد اجْتُزِيَ فيها بثَلاثَةِ أحْجارٍ، فأوْلَى أن يُجْتَزَا فيها بثَلاثِ غَسَلاتٍ، لأنَّ الماءَ أبلَغُ مِن الأحْجارِ. وفيه رِوايَة خامسةٌ، أنَّ العَدَدَ لا يَجِبُ في نَجاسَةِ البَدَنِ، ويَجِبُ في غيرِها، لأنَّ الأبدانَ تَعُمُّ البَلْوَى فيها بمُلاقاةِ النَّجاسَةِ، تارَةً مِنها، وتارةً مِن غيرِها، فخُفِّفَ أمرُها لأجْلِ المَشَقَّةِ. ذَكَرَها ابنُ عَقِيلٍ. وذَكَر القاضي رِوايَةً، أنَّ العَدَدَ لا يُعْتَبَرُ في غيرِ مَحَلِّ الاسْتِنْجاءِ مِن البَدَنِ، ويَجِبُ في مَحَلِّ الاسْتِنْجاءِ؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَ بعَدَدِ الحْجارِ فيه، ولا (1) يَجِبُ في سائِرِ المَحالِّ. وقال الخَلّالُ: هذه الروايَةُ وَهْمٌ. ولمَ يُثْبِتْها.
(1) سقط من: «م» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا أصابَتِ النَّجاسَةُ الأجْسامَ الصَّقِيلَةَ، كالمِرآةِ ونَحْوها، وَجَب غَسْلُه، ولم يَطْهُرُ بالمسحِ؛ لأنَّه مَحَلٌّ لا تَتَكَرَّرُ (1) فيه النَّجاسَةُ، فلم يَجُزْ فيه المَسْحُ، كالأوانِي.
فصل: وغَسْلُ النَّجاسَةِ يَخْتَلِفُ باخْتِلافِ مَحَلِّها؛ فإِن كان جِسْمًا لا يَتَشرَّبُ النَّجاسَةَ كالآِيَةِ، فغَسْلُه بإمرارِ الماءِ عليه كلَّ مرَّةٍ غَسْلَةٌ، سَواءٌ كان بفِعلِ الآدَمِيِّ أوْ لا، مِثْلَ أن يَنْزِلَ عليه ماءُ المَطرَ، أو يَجْرِيَ عليه الماءُ، فكلُّ جِرية تَمُرُّ عليه غَسْلَةٌ؛ لأنَّ القَصدَ غيرُ مُعْتَبَرٍ، أشْبَه ما لو صَبَّه آدَمِيٌّ بغيرِ قَصدٍ، كان وَقَع في ماءٍ راكِدٍ قَلِيلٍ، نَجَّسَه ولم يَطْهُر، وإن كان كثِيرًا اعتُبرَ وَضْعُه فيه ومُرُورُ الماءِ على أجْزائِه غَسْلَةً، وإن حَرَّكَه في الماء بحيث تَمَرُّ عليه أجْزاءٌ غيرُ التي كانت مُلاقِيَةً له، احتُسِبَ بذلك غَسْلَةً ثانيةً، كما لو مَرَّتْ عليه جِرْياتٌ مِن الماءِ الجارِي. وإن كان المَغْسُولُ إناءً، فطُرِحَ فيه الماءُ، لم يُحتَسَبْ به غَسْلَةً حتى يُفْرِغَه منه؛ لأنَّه العادَةُ في
(1) في م: «تنكر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
غَسْلِه. فإن كان الإِناءُ يَسَعُ قُلَّتَين فَصاعِدًا فمَلَأه، احتَمَلَ أنَّ إدارَةَ الماءِ فيه تُجْرَى مُجْرَى الغَسَلاتِ؛ لأنَّ أجْزاءَه تَمُرُّ عليها جِرْياتٌ مِن الماءِ غيرُ التي كانت مُلاقِيَةً لها، أشْبَه ما لو مَرَّتْ عليه جِزياتٌ مِن الماءِ الجارِي. وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا يَكُونُ غَسْلَةً إلَّا بتَفْرِيغِه أيضًا. وإن كان المَغْسُولُ جسْمًا تَدْخُلُ فيه أجْزاءُ النَّجاسَةِ، كالثَّوْبِ، لم يُحتَسَبْ برَفْعِه مِن الماءِ غَسْلَةٌ حتى يَعصِرَه، وعَصْرُ كلِّ شيءٍ بحَسَبه؛ فإن كان بِساطًا ثَقِيلًا، أو نَحوَه، فعَصرُه بتَقْلِيبِه ودَّقه حتى يَذْهبَ أكْثَرُ ما فيه مِن الماءِ. واللهُ أعلمُ.
فصل: إذا أصاب ثوْبَ المرأةِ دَمُ حَيضِها، اسْتُحِبَّ أن تَحُتَّه بظُفْرِها؛ لتَذْهبَ خُشُونَتُه، ثم تَقْرُصَه برِيقها لَيلينَ للغَسْلِ، ثم تَغْسِلَه بالماءِ؛ لقَوْلِ النبي صلى الله عليه وسلم لأسْماء في دَمِ الحَيضِ:«حُتِّيهِ، ثُمَّ اقْرُصِيهِ، ثُمَّ اغْسِلِيهِ بِالْمَاءِ» (1). وإن اقْتَصَرَتْ على الماء جاز، وإن لم يَزُلْ لَوْنُه، وكانت إزالته تَشُقُّ أو تُتْلِف الثَّوْبَ، أو تَضُرُّه؛ لقَوْلِ النبي صلى الله عليه وسلم:«وَلَا يَضُرُّكِ أثرهُ» . رواه أبو داودَ (2). وإن اسْتَعمَلَتْ في إِزالتِه شيئًا يُزِيلُه، كالمِلْحِ وغيرِه، فحَسَنٌ؛ لِما روَى [الإِمامُ أحمدُ و](3) أبو داودَ (4)، عن امرأةً مِن غِفارٍ، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أردَفَها على حَقِيبَةِ رَحلِه (5) فحاضَتْ، قالت:
(1) تقدم تخريجه في صفحة 276.
(2)
في: باب المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 88.
(3)
سقط من: «م» .
(4)
أخرجه أبو داود، في: باب الاغتسال من الحيض، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 74، 75. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 380.
(5)
سقطت من: «م» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فَنَزَلْتُ فإذا بها دَمٌ مِنِّي، فقال:«مَا لكِ؟ لَعَلَّكِ نَفِسْتِ» ؟ قالت: نعم. قال: «فَأصلِحِي مِنْ نَفْسِكِ، ثُمّ خُذِي إِنَاءً مِنْ مَاءٍ فَاطْرَحِي فِيهِ مِلْحًا، ثُمَّ اغْسِلِي مَا أصَابَ الْحَقِيبَةَ مِنَ الدَّمِ» . قال الخَطّابيُّ (1): فيه مِن الفِقْهِ جَوازُ اسْتعمالِ المِلْحِ وهو مَطْعُوم في غَسْلِ الثَّوْبِ، وتنقِيَته مِن الدَّمِ، فعلى هذا يَجُوزُ غَسْلُ الثِّيابِ بالعَسَلِ إذا كان الصّابُونُ يُفْسِدُه، وبالخَل إذا أصابَه الحِبْرُ، والتَّدَلُّكُ بالنُّخالةِ، وغَسْلُ الأيدِي بها، وبالبِطِّيخِ ودَقِيقِ الباقِلّاءِ، وغيرِها مِن الأشْياءِ التي لها قُوَّةُ الجِلاءِ.
(1) في: معالم السنن 1/ 96.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن كان في الإِناءِ خَمرٌ أو شِبْهُه مِن النَّجاساتِ التي يَتَشَرَّبُها الإِناءُ، ثم متى جُعِل فيها مائِعٌ سِواه، ظَهَر فيه طَعمُ النَّجاسَةِ أو لَوْنُها، لم يَطْهُرُ بالغَسْلِ، لأنَّ الغَسْلَ لا يَسْتأصِلُ أجْزاءَ النَّجاسَةِ مِن جِسْمِ الإِناءِ، فلم يُطَهِّره، كالسِّمسِمِ الذي ابْتَلَّ بالنَّجاسَةِ. قال الشيخُ أبو الفَرَجِ المَقْدِسِيُّ في «المُبْهِجِ» (1): آنِيَةُ الخَمْرِ منها المُزَفَّتُ، فيَطْهُرُ بالغَسْلِ؛ لأنَّ الزِّفتَ يَمنَعُ وُصُولَ النَّجاسَةِ إلى جِسْمِ الإِناءِ، ومنها ما ليس بمُزَفَّتٍ فيَتَشَرَّبُ أجْزاءَ النَّجاسَةِ، فلا يَطْهُرُ بالتَّطْهِيرِ، فإنَّه متى تُرِك فيه مائِعٌ، ظَهر فيه طَعمُه أو لَوْنُه.
(1) ذكر البغدادي أنه في فروع الحنابلة. إيضاح المكنون 2/ 425.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصلٌ في تطهيرِ النَّجاسَةِ على الأرضِ: متى تَنَجَّسَتِ الأرضُ بنَجاسَةٍ مائِعَةٍ، أي نَجاسَةٍ كانت؛ كالبَوْلِ والخَمرِ ونَحوهما، فطُهُورُها أن يَغْمُرَها بالماءِ، بحيث يَذْهبُ لَوْنُ النَّجاسَةِ ورِيحُها، فإن لم يَذْهبا، لم تَطْهُرْ؛ لأنَّ بَقاءَهما دَلِيلُ بَقاءِ النَّجاسَةِ. فإن كانت مِمّا لا يزولُ لَوْنُها أو رائِحَتُها إلَّا بمَشَقَّةٍ، سَقَط ذلك كما قُلْنا في الثَّوْبِ. والدَّلِيلُ على أنَّ الأرضَ تَطْهُرُ بذلك، ما روَى أنسٌ قال: جاء أعرابِي فبال في طائِفةٍ مِن المسجدِ، فزَجَرَه النّاسُ، فنَهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، فلمَّا قَضَى بولَه، أمَر بذَنُوبٍ مِن ماءٍ فأهْرِقَ عليه. متَّفَقٌ عليه (1). ولا نَعلَمُ في ذلك خِلافًا.
فصل: إذا أصابَ الأرضَ ماءُ المَطرَ، أو السيولُ، فغَمَرَها وجَرَى عليها، فهو كما لو صُبَّ عليها؛ لأنَّ تَطْهِيرَ النَّجاسَةِ لا تُعْتَبَرُ النِّيَّةُ فيه، فاسْتَوَى ما صَبَّه الآدَمي وغيرُه. قال أحمدُ، في البَوْلِ يكونُ في الأرض فتُمطِرُ عليه السَّماءُ: إذا أصابَه مِن المَطرَ بقَدرِ ما يكونُ ذَنُوبًا، كما أمَرَ النبي صلى الله عليه وسلم أن يُصَبَّ على البَوْلِ، فقد طَهُرَ. وقال المَرُّوذِيُّ: سُئِل أبو عبدِ اللهِ عن ماءِ المَطرَ يَخْتَلِطُ بالبَوْلِ، فقال: ماء المَطرَ عِنْدِي لا يُخالِطُ شيئًا إلَّا طَهَّرَه، إلَّا العَذِرَةَ فَإِنَّها تَنْقَطِعُ. وسُئِلَ عن ماءِ المَطرَ يُصِيبُ الثَّوْبَ، فلم يَرَ به بأسًا، إلَّا أن يكُونَ بِيلَ فيه بعدَ المَطرَ، وقال: كلُّ
(1) تقدم تخريجه في صفحة 276.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ما يَنْزِلُ مِن السَّماءِ إلى الأرضِ فهو نَظِيفٌ، داسَتْه الدَّوابُّ أو لم تَدُسْه. وقال في المِيزابِ: إذا كان في المَوْضِعِ النَّظِيفِ، فلا بأسَ بما قَطرَ عليك مِن المَطرَ إذا لم تَعلم. قِيل له: فأسْألُ عنه؟ قال: لا، وما دَعاك إلى السُّؤالِ؟ واحتَجَّ في طهارةِ طِينِ المَطرَ بحديثِ الأعرابِي، وبأنَّ أصحابَ النبي صلى الله عليه وسلم والتّابِعِين كانوا يَخُوضُون المَطرَ في الطرقاتِ، فلا يَغْسِلُون أرجُلَهم. رُوِيَ ذلك عن عُمَرَ، وعليٍّ، رضي الله عنهما. قال ابنُ مسعودٍ: كُنّا لا نَتَوَضّأ مِن مَوْطئٍ. ونَحوُه عن ابنِ عباس. وهذا قَوْلُ عَوامِّ أهلِ العلمِ؛ لأنَّ الأصلَ الطهارةُ، فلا تَزُولُ بالشَّكِ.
فصل: فإن كانتِ النَّجاسَةُ ذاتَ أجْزاءٍ مُتَفَرِّقَةٍ، كالرَّمِيمِ، والدَّمِ إذا جَفَّ (1)، والرَّوْثِ، فاخْتَلَطَتْ بأجْزاءِ الأرضين، لم تَطْهُر بالغَسْلِ؛
(1) في الأصل: «خف» .