الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمَنِيُّ الآدَمِيِّ طَاهِرٌ. وَعَنْهُ، إنَّهُ نَجِسٌ. وَيُجْزِئُ فَرْكُ يَابِسِهِ.
ــ
208 - مسألة: (ومَنِيُّ الآدَمِيِّ طاهِرٌ. وعنه، أنَّه نَجِسٌ، وَيُجْزِئُ فَرْكُ يابِسِه)
اخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ في المَنِيِّ عن أحمدَ، رحمه الله، فرُوِيَ عنه أنَّه طاهِرٌ، وهو ظاهِرُ المذهبِ. ورُوي عنه، أنَّه كالدَّمِ نَجسٌ، يُعْفَى عن يسِيرِه. ورُوي عنه، أنَّه كالبَوْلِ، ويُجْزِئُ فَرْكُ يابِسِه بَكلِّ حالٍ؛ لحديثِ عائشةَ، والرِّوايَةُ الأولَى المَشْهُورَةُ في المَذْهَبِ. وهو قَوْلُ سعدِ بنِ أبي وَقّاصٍ، وابنِ عُمَرَ، وابنِ عباسٍ. ونَحْوُه قَوْلُ سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ. وهو مذهبُ الشَّافعي، وأبي ثوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ. وقال أصْحابُ الرَّأْي: هو نَجِسٌ، ويُجْزِئُ فَرْكُ يابِسِه. وقال مالكٍ: غَسْلُ الاحْتِلامِ أمْرٌ واجِبٌ. وهو مذهبُ الثَّوْرِيِّ، والأوْزاعِيِّ؛ لِما رَوَتْ عائشةُ، أنَّها كانت تَغْسِلُ المَنِيَّ مِن ثَوْبِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم (1). وهو
(1) أخرجه البُخاريّ، في: باب غسل المني وفركه وغسل ما يصيب من المرأة، وباب إذا غسل الجنابة أو غيرها فلم يذهب أثره، من كتاب الوضوء. صحيح البُخاريّ 1/ 67. ومسلم، في: باب حكم المني، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 239. وأبو داود، في: باب المني يصيب الثوب، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 89. والترمذي، في: باب غسل المني من الثوب، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 180. وابن ماجه، في: باب المني يصيب الثوب، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 178. وانظر: مسند الإمام أحمد 6/ 47، 142، 162.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حديثٌ صحيحٌ. ولأنَّه خارِجٌ مُعْتادٌ مِن السَّبِيلِ، أشْبَهَ البَوْلَ. ولَنا، ما رَوَتْ عائشةُ، قالت: كُنْتُ أفْرُكُ المَنِيَّ مِن ثَوْبِ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرْكًا، فيُصَلِّي فيه. مُتَّفَقٌ عليه (1). وقال ابنُ عباسٍ: امْسَحْه عنك بإذْخِرَة أو خِرْقَةٍ، ولا تَغْسِلْه، إنَّما هو كالبُزاقِ. رَواه (2) الدّارَقُطْنِيّ مَرْفوعًا (3)، [ورَواه الإِمامُ أحمدُ بمَعْناه](4). ولأنَّه لا يَجبُ غَسْلُه إذا جَفَّ، فأشْبَهَ المُخاطَ، ولأنَّه بَدْءُ خَلْقِ آدَمِيٍّ، أشْبَهَ الطِّينَ. وبهذا فارَقَ البَوْلَ.
فصل: وإن خَفِيَ مَوْضِعُ المَنِي، فَرَكَ الثَّوْبَ كلَّه، إن قُلْنا بنَجاسَتِه. وإن قُلنا بطَهارَتِه، اسْتُحِبَّ فرْكُه، وإن صَلَّى مِن غَيرِ فَرْكٍ أجْزأه. وهو قَوْلُ الشافعيِّ، ومَن قال بالطهارةِ. وقال ابنُ عباسِ، وعائِشَةُ، وعَطاءٌ: يَنْضَحُ الثَّوْبَ كلَّه. وقال ابنُ عُمَرَ، وأبو هُرَيرَةَ، والحسنُ: يَغْسِلُه كلَّه. ولَنا، أنَّ فَرْكَه يُجْزِيء إذا عُلِم مَكانُه، فكذلك إذا خَفِيَ، وأمّا النَّضْحُ فلا يفِيدُ؛ لأنَّه لا يُطَهِّرُه إذا عُلِم مَكانُه، فكذلك إذا خَفِيَ. قال أحمد: إنَّما يُفْرَك مَنِيُّ الرجلِ خاصَّةً؛ لأنَّ الذي للرجلِ ثخِينٌ، والذي للمرأةِ.
(1) ليس عند البُخاريّ. وأخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي في المواضع السابقة. وابن ماجه، في: باب في فرك المني من الثوب، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 179. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 125، 132، 213، 239، 263. وانظر تلخيص الحبير 1/ 32. وإرواء الغليل 1/ 196.
(2)
في م: «ورواه» .
(3)
في: باب ما ورد في طهارة المني وحكمه رطبا ويابسا، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني 1/ 124.
(4)
سقط من: «م» وهو في المسند 6/ 243.