الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِذَا تَنَجَّسَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَو الْحِذَاءِ وَجَبَ غَسْلُهُ. وَعَنْهُ، يُجْزِئُ دَلْكُهُ بِالْأَرْضِ. وَعَنْهُ، يُغْسَلُ مِنَ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ، وَيُدْلَكُ مِنْ غَيرِهِمَا.
ــ
فصل: قال أحمدُ: الصَّبِيُّ إذا طَعِم الطعامَ، وأرادَه واشْتَهاه، غُسِل بَوْلُه. وليس إذا أُطْعِمَ (1)؛ لأنَّه قد يُلْعَقُ العَسَلَ ساعَةَ يُولَدُ، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم حَنَّكَ بالتَّمْرِ (2). فعلى هذا، ما يُسْقاه الصَّبِيُّ أو يُلْعَقُه للتَّداوي، لا يُعَدُّ طَعامًا يُوْجِبُ الغَسْلَ، وما يَطْعَمُه لغذائِه، وهو يُرِيدُه ويَشْتَهِيه، يُوجِبُ الغَسْلَ. واللهُ أعلمُ.
203 - مسألة: (وإذا تَنَجَّسَ أسْفَلُ الخُفِّ أو الحِذاءِ، وَجَب غَسْلُه. وعنه: يُجْزِيءُ دَلْكُه بالأرضِ. وعنه: يُغْسَلُ مِن البَوْلِ والغائِطِ، ويُدْلَكُ مِن غيرِهما)
وجُمْلَتُه، أنَّه إذا تَنَجَّسَ أسْفَلُ الخُفِّ أو
= أبواب الجمعة. عارضة الأحوذي 3/ 88. وأبو داود، في: باب بول الصبي يصيب الثوب، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 90.
(1)
في م: «طعم» .
(2)
أخرجه البخاري، في: باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، من كتاب مناقب الأنصار، وفي: باب تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق وتحنيكه، من كتاب العقيقة، وفي: باب من سمى بأسماء الأنبياء، من كتاب الأدب. صحيح البخاري 5/ 79، 7/ 108، 8/ 54. ومسلم، في: باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته. . . . إلخ، من كتاب الأدب. صحيح مسلم 3/ 1690، 1691. والترمذي، في: باب مناقب عبد الله بن الزبير، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذي 13/ 222. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 399، 6/ 93، 347.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحِذاءِ (1)، ففيه ثلاثُ رِواياتٍ؛ إحْداهُنَّ، يَجِبُ غَسْلُه؛ قِياسًا على الثَّوْبِ والرِّجْلِ وغَيرِهما (2). وهو قولُ الشافعيِّ ومحمدِ بنِ الحسنِ (3). والثانية، يُجْزىِءُ دَلْكُه بالأرضِ حتى تَزُولَ عَينُ النَّجاسَةِ، وتُباحُ الصلاةُ فيه. وهذا قولُ الأوْزاعِيِّ؛ لقَوْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«إذَا وَطِئَ (4) أحَدُكُمُ الْأَذى بخُفَّيهِ، فَطَهُورُهُمَا التُّرَابُ» . وفي لفظٍ: «إِذَا وَطِئَ أحَدُكُمْ بِنَعْلِهِ الْأَذى، فَإنَّ التُّرابَ لَهُ طَهُورٌ» . وعن أبي سعيدٍ، قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ، فَإِنْ رَأى فِي نَعْلَيهِ قَذَرًا أوْ أذًى، فَلْيَمْسَحْهُ، وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا» . روَى هذه الأحادِيثَ أبو
(1) في م: «والحذاء» .
(2)
في م: «غيرها» .
(3)
في الأصل: «الحسين» .
(4)
في م: «أوطئ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
داودَ (1). ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأصحابَه كانوا يُصَلُّون في نِعالِهم، والظّاهِرُ أنَّ النَّعْلَ لا تَخْلُو مِن نَجاسَةٍ تُصِيبُها، فلو لم يَجُزْ دَلْكُها، لم تَصِحَّ الصلاةُ فيها. والثالثةُ، يُغْسَلُ مِن البَوْلِ والغائِطِ؛ لفُحْشِهما وتَغْلِيظِ نَجاسَتهما، ويُدْلَكُ مِن غيرِهما؛ لِما ذَكَرْنا. وهو قَوْلُ إسحاقَ. والأوْلَى أنَّه يُجْزِئُ فيه الدَّلْكُ مُطْلَقًا؛ لِما ذَكَرْنا مِن الأحاديثِ. فإن قِيل: فقَوْلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في نَعْلَيهَ، وأنَّ (2) فيهما قَذَرًا (3). يَدُلُّ على أنَّه لا يُجْزِئُ دَلْكُهما، ولم يَزُلِ القَذَرُ منهما. قُلْنا: لا دَلالةَ في هذا؛ لأنَّه لم يُنْقَلْ أنَّه دَلَكَهما، والظّاهِرُ أنَّه لم يَدْلُكْهُما؛ لأنَّه لم يَعْلمْ بالقَذَرِ فيهما، حتى أخْبَرَه جِبرِيُل عليه السلام.
(1) الأول في: باب في الأذى يصيب النعل، من كتاب الطهارة. والثاني، في: باب الصلاة في النعل، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 92، 151.
(2)
في م: «أن» .
(3)
رواه أبو داود، في: باب الصلاة في النعل، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 151. والدارمي، في: باب الصلاة في النعلين، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 320. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 92.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: إذا ثَبَت أنَّه يُجْزِئُ الدَّلْكُ، فهل يُحْكَمُ بطَهارَتِهما، ويُحْكَمُ (1) بطهارةِ مَحَلِّ الاسْتِجْمارِ بعدَ الإِنْقاءِ واسْتِيفاءِ العَدَدِ؟ فيه وَجْهان؛ أحَدُهما، يُحْكَمُ بطَهارَتِه. اخْتارَه ابنُ حامدٍ؛ لظاهِرِ الأخْبارِ التي ذَكَرْناها، وهذا ظاهِرُ كلامِ أحمدَ؛ فإنَّه قال في المُسْتَجْمِرِ يَعْرَقُ في سَراويِله: لا بَأْسَ به؛ لأنَّ قَوْلَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في الرَّوْثِ والرِّمَّةِ: «إنَّهُمَا لا يُطَهِّرَانِ» (2). مَفْهُومُه أنَّ غيرَهما يُطَهِّرُ، ولأنَّه مَعْنًى يُزِيلُ حُكْمَ النَّجاسَةِ، فطَهَّرَها كالماءِ. وقال أصحابُنا المُتَأخِّرُون: لا يَطْهُرُ المَحَلُّ.
(1) في م: «أو يحكم» .
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 2، 3. والنسائي، في: باب ينهى عن الاستطابة بالروث، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 35، 36. وابن ماجه، في: باب الاستنجاء بالحجارة والنهي عن الروث والرمة، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 114. والدارمي، في: باب الاستنجاء بالأحجار، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي 1/ 172، 173. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 247، 250.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فلو قَعَد المُسْتَجْمِرُ في ماءٍ يَسيرٍ نَجَّسَه، ولو عَرِق كان عَرَقُه نَجِسًا؛ لأنَّ المَسْحَ لا يُزِيلُ أجْزاءَ النَّجاسَةِ كلَّها، فالباقي منها نَجِسٌ، لأنَّه عَيْنُ النَّجاسَةِ، فأشْبَهَ ما لو وُجِد في المَحَلِّ وَحْدَه. وقال القاضي في الخُفَّين: إنَّما يُجْزِئُ دَلْكُهما بعدَ جَفافِ نَجاسَتِهما؛ لأنَّه لا يَبْقَى لها أثَرٌ، ولا يُجْزِئُ قبلَ الجَفافِ. وبه قال أبو حنيفةَ في الرَّوْثِ، والعَذِرَةِ، والدَّمِ، والمَنِيِّ. وقال في البَوْلِ: لا يُجْزِئُه حتى يُغْسَلَ وإن يَبِس؛ لأنَّ رُطُوبَةَ النَّجاسَةِ باقِيَةٌ، فلَا يُعْفَى عنها. وظاهِرُ الأخْبارِ لا فَرْقَ (1) بينَ رَطْبٍ ولا جافٍّ، ولأنَّه مَحَلٌّ اجْتُزِئَ فيه بالمَسْحِ؛ فجاز (2) مع رُطُوبَةِ الممسُوحِ، كمَحَلِّ الاسْتِنْجاءِ، ولأنَّ رُطُوبَةَ المَحَلِّ مَعْفُوٌّ عَنها إذا جَفَّتْ قبلَ الدَّلْكِ، فعُفِيَ عنها إذا جَفَّتْ به، كالاسْتِجْمارِ.
(1) في م: «يفرق» .
(2)
في م: «فجاز له» .