الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخَامِسُ، أَنْ تَمَسَّ بَشَرَتُهُ بَشَرَةَ أنْثَى لِشَهْوَةٍ. وَعَنْهُ، لَا يَنْقُضُ. وَعَنْهُ، يَنْقُضُ لَمْسُهَا بِكُلِّ حَالٍ.
ــ
141 - مسألة: (الخامسُ، أن تَمَسَّ بَشَرَتُه بَشَرَةَ أُنْثَى لشَهْوَةٍ. وعنه: لا يَنْقُضُ. وعنه: يَنْقُضُ لمْسُها بكلِّ حالٍ)
اخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ عن أحمدَ، رحمه الله، في المُلامَسَةِ، فرُوىَ عنه أنَّها تَنْقُضُ الوُضُوءَ بكلِّ حالٍ. وهو مَذْهَبُ الشافعيِّ. ويُرْوَى إيجابُ الوُضُوءِ مِن القُبْلَةِ مُطْلَقًا عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ، وعبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، والزُّهْرِيِّ، وعَطاءٍ، والشّعْبِيِّ، والنَّخَعِيِّ، وسعيدِ بنِ عبدِ العزيزِ، والأوْزاعِيِّ، لعُمُومِ قَوْلِه تعالى:{أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (1). قال ابنُ مسعودٍ: القُبْلَةُ مِن اللمْسِ وفِيها
(1) سورة المائدة 6.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الوُضُوءُ. رَواه الأثْرَمُ. وروى عن أحمدَ رِوايَةٌ ثانيةٌ، أنَّه لا يَنْقُضُ بحالٍ.
يُروَى ذلك. عن ابنِ عباسٍ. وهو قولُ طاوسٍ، والحسنِ، ومَسْرُوقٍ (1). وبه قال أبو حَنِيفَةَ وصاحِباه. وقال قَوْمٌ: مَن قَبَّلَ حَلالًا فلا وُضُوءَ عليه، ومَن قَبَّل حَرامًا فعليه الوُضوءُ. وهو قولُ عَطاءٍ. فإن باشَرَ لشَهْوَةٍ وليس بينهما ثَوْبٌ، وانْتَشَرَ، فعليه الوُضُوءُ في قَوْلِ أبي حنيفةَ، ويعقوبَ. وقال محمدٌ: لا وُضُوءَ عليه، إلَّا أن يَخْرُجَ منه شيءٌ؛ لِما رُوِيَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ عائِشَةَ، وصَلَّى ولم يَتَوَضَّأ. رَواه أبو داودَ، والنَّسائِيّ (2) مِن رِواية التَّيمِيِّ (3)، وقالا: لم يَسْمَعْ مِن عائشةَ. وقال
(1) أبو عائشة مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الكوفي التابعي الفقيه العابد، توفي سنة ثلاث وستين. طبقات الفقهاء للشيرازي 79، تهذيب التهذيب 20/ 109 - 111.
(2)
أخرجه أبو داود، في: باب الوضوء من القبلة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 40. والترمذي، في: باب ترك الوضوء من القبلة، من كتاب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 124. والنسائي، في: باب ترك الوضوء من القبلة، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 86، 87.
(3)
أبو أسماء إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي الكوفي، كان من العباد، مات ولم يبلغ أربعين سنة، توفي سنة اثنتين وتسعين. تهذيب التهذيب 1/ 176، 177.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
النَّسائِيّ: ليس في هذا البابِ شيءٌ أحْسَنُ من هذا الحديثِ، وإن كان مُرسَلًا. وعن عائشةَ، رضي الله عنها، قالت: فَقَدْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيلَةً منِ الفِراش فالْتَمَسْتُه، فوَقَعَتْ يَدِي على بَطنِ قَدَمِه وهو في المسجدِ، وهما مَنْصُوبَتانِ. رَواه مسلمٌ (1). وعنها، قالت: كُنتُ أنامُ بينَ يَدَي
(1) في: باب ما يقال في الركوع والسجود، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 352.كما أخرجه أبو داود، في: باب في الدعاء في الركوع والسجود، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 203. والترمذي، في: باب في دعاء الوتر، من أبواب الدعوات. عارضة الأحوذي 1/ 72. والنسائي، في: باب ترك الوضوء من مسِّ الرجل امرأته من غير شهوة، من كتاب الطهارة، وفي: باب نصب القدمين في السجود، وباب نوع آخر من باب الدعاء في السجود، من كتاب التطبيق، وفي: باب الاستعاذة برضاء الله من سخط الله تعالى، من كتاب الاستعاذة. المجتبى 1/ 85، 2/ 166، 176، 8/ 250. وابن ماجه، في: باب ما جاء في القنوت في الوتر، من كتاب إقامة الصلاة، وفي: باب ما استعاذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، من كتاب الدعاء. سنن ابن ماجه 1/ 373، 2/ 1263. والإمام مالك، في: باب ما جاء في الدعاء، من كتاب مسّ القرآن. الموطأ 1/ 214. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 58، 201.
وفي الباب عن علي، رضي الله عنه، في ذكر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أخرجه أبو داود، في: باب القنوت في الوتر، من كتاب الوتر. سنن أبي داود 1/ 329. والنسائي، في: باب الدعاء في الوتر، من كتاب قيام الليل. المجتبى 3/ 206. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 96، 118، 150.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ورِجْلايَ في قِبْلَتِه، فإذا سَجَد غَمَزَنِي فقَبَضْتُ رِجْلَيَّ. مُتَّفَقٌ عليه (1). وللنَّسائِيِّ: مَسَّنِي برِجْلِه (2). والآَيةُ أُرِيدَ بها الجِماعُ، قاله ابنُ عباسِ. ولأنَّ المُرادَ بالمَسِّ الجِماعُ، فكذلك اللَّمْسُ. ولأنَّه ذَكَره بلَفْظِ المُفاعَلَةِ، والمُفاعَلَةُ لا تَكُونُ مِن أقَلَّ مِن اثْنَين. والرِّوايَةُ الثالثةُ وهي ظاهِرُ المَذْهَبِ، أنَّه يَنْقُضُ إذا كان لشَهْوةٍ ولا يَنْقُضُ لغَيرِها، جمْعًا بينَ الآية والأخبارِ. ولأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى وهو حامِلٌ أُمامَةَ بنتَ أبي العاصِ
(1) أخرجه البخاري، في: باب الصلاة على الفراش، وباب هل يغمز الرجل امرأته عند السجود لكي يسجد، وباب التطوع خلف المرأة، من كتاب الصلاة، وفي: باب ما يجوز من العمل في الصلاة، من أبواب العمل في الصلاة. صحيح البخاري 1/ 107، 136، 138، 2/ 81. ومسلم، في: باب الاعتراض بين يدي المصلي، من كتاب الصلاة. صحيح مسلم 1/ 366. كما أخرجه أبو داود، في: باب من قال: المرأة لا تقطع الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 163. والنسائي، في: باب ترك الوضوء من مس الرجل امرأته من غير شهوة، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 85. وابن ماجه، في: باب من صلى وبينه وبين القبلة شيء، من كتاب إقامة الصلاة. سنن ابن ماجه 1/ 307. والدارمي، في: باب المرأة تكون بين يدي المصلي، من كتاب الصلاة. سنن الدارمي 1/ 328. والإمام مالك، في: باب ما جاء في صلاة الليل، من كتاب صلاة الليل. الموطأ 1/ 117. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 37، 55، 126، 134، 200، 225، 255، 260، 275.
(2)
انظر التخريج السابق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنِ الرَّبِيعِ، إذا سَجَد وَضَعَها، وإذا قامَ حَمَلَها. مُتَّفَقٌ عليه (1).
والظّاهِرُ أنَّه لا يَسْلَمُ مِن مَسِّها. ولأنَّ اللَّمْسَ ليس بحَدَثٍ في نَفْسِه، وإنَّما هو داعٍ إلى الحَدَثِ، فاعْتُبِرَتِ الحالةُ التي يَدْعُو فيها إلى الحَدَثِ، وهي حالةُ الشَّهْوَةِ. ولأنَّه لَمْسٌ لغيرِ شهوةٍ فلم يَنْقُضْ، كلَمْسِ ذَواتِ المَحارِمِ. وهذا مذهبُ الشَّعْبِيِّ، والنَّخَعِيِّ، والحَكَمِ، وحَمّادٍ، ومالكٍ، والثَّوْرِيّ، وإسحاقَ. إذا ثَبَت هذا، فلا فَرْقَ بينَ الكَبِيرَةِ والصَّغِيرَةِ، وذَواتِ المَحارِمِ وغَيرِهِنَّ. وقال الشافعيُّ في أحَدِ
(1) أخرجه البخاري، في: باب إذا حمل جارية صغيرة على عنقه في الصلاة، من كتاب الصلاة. صحيح البخاري 1/ 137. ومسلم، في: باب جواز حمل الصبيان في الصلاة، من كتاب المساجد ومواقع الصلاة. صحيح مسلم 1/ 385، 386.كما أخرجه أبو داود، في: باب العمل في الصلاة، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود 1/ 211. والنسائي، في: باب حمل الصبايا في الصلاة ووضعهن في الصلاة، من كتاب السهو. المجتبى 3/ 10. والإمام مالك، في: باب جامع الصلاة، من كتاب السفر. الموطأ 1/ 170.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قَوْلَيه: لا يَنْقُضُ لمْسُ ذاتِ المَحْرَمِ، ولا الصَّغِيرَة؛ لأنَّ لَمْسهَما لا يُفْضِي إلى خُرُوجِ خارِج، أشْبَه لَمْسَ الرجلِ. ولَنا، عُمُومُ النَّصِّ، واللَّمْسُ النّاقِضُ مُعْتَبَرٌ بالشَّهْوَةِ، فمتى وُجِدَتْ فلا فَرْقَ بينَ الجَمِيعِ. فأمّا لَمْسُ المرأةِ المَيِّتةِ، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، يَنْقُضُ. اخْتارَه القاضي؛ لعُمُومِ الآيةِ، وكما يَجِبُ الغُسْلُ بوَطْئِها. والثاني، لا يَنْقُضُ. اخْتارَه الشرَّيفُ أبو جَعفَرٍ، وابنُ عَقِيلٍ؛ لأنَّها ليست مَحَلًّا للشَّهْوَةِ، فهي كالرجلِ.
فصل: ولا يَخْتَصُّ اللَّمْسُ النّاقِضُ باليَدِ، بل أيُّ شيءٍ منه لاقَى شيئًا مِن بَشَرَتِها مع الشَّهْوَةِ، انْتَقَضَ الوُضُوءُ به، سَواءٌ كان عُضْوًا أصْلِيًّا، أو زائِدًا. وحُكِي عن الأوْزاعِي، لا يَنْقُضُ اللّمْسُ إلَّا بأحَدِ أعْضاءِ الوُضوءِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لعُمُومِ النُّصُوصِ، والتَّخْصِيصُ بغيِر دَلِيلٍ تَحَكُّمٌ، فلا يُصارُ إليه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن لَمَسَها مِن وراءِ حائِلٍ، لم يَنْتَقِضْ وُضُوءُه. هذا قولُ أكْثَرِ أهلِ العلمِ. وقال مالكٌ واللَّيثُ: يَنْقُضُ إذا كان ثَوْبًا رَقِيقًا. وكذلك قال رَبِيعَةُ: إذا غَمَزَها مِن وراءِ ثَوْبٍ رَقِيقٍ لشَهْوَةٍ، وذلك لأنَّ الشهوةَ مَوْجُودَةٌ. ولَنا، أنَّه لَمْسٌ، فلم يَنْقُضْ مِن وراءِ حائِل، كلَمسِ الذَّكَرِ، ولأنَّه لم يَلْمِسْ جِسْمَ المرأةِ، أشْبَه ما لو لَمَس ثِيابَها لشَهْوَةٍ، والشهوةُ لا تُوجِبُ الوُضُوءَ بمُجَرَّدِها، كما لو وُجِدَتِ الشَّهْوَةُ بغيرِ لَمْسٍ.
فصل: فإن لَمَسَتِ المرأةُ رجلًا لشَهْوَةٍ، انْتَقَض وُضُوءُها في إحدَى الرِّوايَتَين، وهو ظاهِرُ قَوْلِ الخِرَقِيِّ. وقد سُئِل أحمدُ عن المرأةِ إذا مَسَّتْ زَوْجَها؟ قال: ما سَمِعْتُ فيه شَيئًا، ولكنْ هي شَقِيقَةُ الرجلِ، يُعْجِبُنِي أن تَتَوَضَّأَ؛ لأنَّها مُلامَسَةٌ تَنْقُضُ الوُضوءَ، فاسْتَوَى فيها الرجلُ والمرأةُ، كالجِماعِ. والرِّوايَةُ الثانيةُ، لا يَنْتَقِضُ وُضُوءُها. وللشافعيِّ قَوْلان كالرِّوايَتَين؛ لأنَّ النَّصَّ إنَّما وَرَد في الرِّجالِ، ولا يَصِحُّ قِياسها عليه؛ لأنَّ اللَّمْس مِن الرجلِ مع الشَّهْوَةِ مَظِنَّةٌ لخُرُوجِ المَذي النّاقِضِ، فأُقِيمَ مَقامَه، ولا يُوجَدُ ذلك في حَقِّ المرأةِ، وإذا لم يَكُنْ نَصٌّ ولا قِياسٌ فلا يَثْبُتُ الحُكْمُ.