الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا يَجُوزُ لِوَاجِدِ الْمَاءِ التَّيَمُّمُ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ وَلَا الْجِنَازَةِ. وَعَنْهُ، يَجُوزُ لِلْجِنَازَةِ.
ــ
هل تَجِبُ عليه الإِعادَةُ؟ فيه رِوايَتان على الإِطْلاقِ؛ إحْداهما، لا تَجِبُ عليه الإِعادَةُ. وهو مذهبُ مالكٍ، قِياسًا على السَّفَرِ. والثانيةُ، تَجِبُ عليه. وهو مذهبُ الشافعيِّ؛ لأنَّه عُذْرٌ نادِرٌ، فلا يُلْحَقُ بالغالِبِ. وعنه، لا يُصَلِّي حتى يَجِدَ الماءَ، أو يُسافِرَ. ذَكَره في «المُحَرَّرِ» (1). وقال أبو الخَطّابِ: لا تَجِبُ عليه الإِعادَةُ في هذه المَسْألَةِ. وهو الصحيحُ، إن شاء اللهُ تعالى، وذَكَر في غيرِها رِوايَتَين. ووَجْهُ قولِ أبي الخَطّابِ أنَّ هذا عادِمٌ للماءِ بعُذْرٍ مُتَطاولٍ مُعْتادٍ، أشْبَهَ المُسافِرَ.
192 - مسألة: (ولا يَجُوزُ لواجِدِ الماءِ التَّيَمُّمُ خَوْفًا مِن فَواتِ المَكْتُوبَةِ، ولا الجِنازَةِ. وعنه، يَجُوزُ للجِنازَةِ)
وجُمْلَةُ ذلك أنَّه إذا كان الماءُ مَوْجُودًا، إلَّا أنَّه إن اشْتَغَلَ بتَحْصِيلِه واسْتِعْمالِه فات الوَقْتُ، لم يُبَحْ له التَّيَمُّمُ، سَواءٌ كان حاضِرًا أو مُسافِرًا، في قولِ أكْثَرِ أهلِ العلمِ؛ منهم الشافيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وأصحابُ الرَّأْي. وعن الأوزْاعِيِّ،
(1) في م: «المجرد» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والثَّوْرِيِّ: له التَّيَمُّمُ. ورُوي عن مالكٍ، وسعيدِ بنِ عبدِ العزيزِ، نَحْوُ القَوْلِ الأوَّلِ؛ لقَوْلِ الله تِعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} . وحَدِيثِ أبي ذَرٍّ، وهذا واجِدٌ للماءِ، ولأنَّه قادِرٌ على الماءِ، فلم يَجُزْ له التَّيَمُّمُ، لو لم يَخَفْ فوْتَ الوَقْتِ. ولأنَّ الطهارةَ شَرْطٌ، فلم يُبَحْ تَرْكُها خِيفةَ فَوْتِ وَقْتِها، كسائِرِ شَرْائِطِها. وإن خاف فَوْتَ العِيدِ فكذلك. وقال الأوْزاعِيُّ، وأصحابُ الرَّأْي: له التَّيَمُّمُ؛ لأنَّه يَخافُ فَوْتَها بالكُلِّيَّةِ، فأشْبَهَ العادِمَ. ووَجْهُ الأوَّلَ، ما ذَكَرْنا مِن الآيَة، والمَعْنَى. فأمّا إن خاف فَوْتَ الجِنازَةِ، ففيه رِوايَتان؛ أظْهَرُهما، لا يَجُوزُ له التَّيَمُّمُ؛ لِما ذَكَرْنا. وهو قولُ الشافعيِّ، وابنِ المُنْذِرِ. والثانيةُ، يَجُوزُ. يُرْوَى ذلك عن ابنِ عُمَرَ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وابنِ عباسٍ. وبه قال النَّخَعِيُّ، والزُّهْرِيُّ، والحسنُ، والثَّوْرِيُّ، والأوْزاعِيُّ، وإسحاقُ، وأصحابُ الرَّأْي؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ اسْتِدْراكُها بالوُضُوءِ، أشْبَهَ العادِمَ. وقال الشَّعْبِيُّ: يُصَلِّي عليها مِن غيرِ وُضُوءٍ ولا تَيَمُّمٍ؛ لأنَّه لا رُكُوعَ فيها ولا سُجُودَ، أشْبَهَتِ الدُّعاءَ في غيرِ الصلاةِ. ولَنا، قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيرِ طَهُورٍ» (1). ولأنَّ اللهَ تعالى قال: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} . الآيةُ، ثم أباحَ تَرْكَ الغَسْلِ مَشْرُوطًا بعَدَمِ الماءِ، بقولِه:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} . ليَبْقَى فيما عَداه على قَضِيَّةِ العُمُومِ.
(1) أخرجه مسلم، في: باب وجوب الطهارة للصلاة، من كتاب الطهارة. صحيح مسلم 1/ 204. وأبو داود، في: باب فرض الوضوء، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 14. والترمذي، في: باب ما جاء لا تقبل صلاة بغير طهور، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 8. والنسائي، في: باب فرض الوضوء، من كتاب الطهارة، وفي: باب الصدقة من غلول، من كتاب الزكاة. المجتبى 1/ 75، 5/ 42. وابن ماجه، في: باب لا يقبل الله صلاة بغير طهور، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 100. والدارمي، في: باب لا تقبل الصلاة بغير طهور، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي 1/ 175. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 20، 39، 51، 57، 73، 5/ 74، 75.