الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَكْثَرُهُ خَمْسُونَ سَنَةً. وَعَنْهُ، سِتُّونَ في نِسَاءِ الْعَرَبِ.
ــ
أنَّه قال: رَأَيتُ جَدَّةً بنْتَ إحْدَى وعشْرينَ سَنَةً. وهذا يَدُلُّ على أنَّها حَمَلَتْ لدُونِ عَشْرِ سنينَ، وكذلك بنتُها. وحكَى المَيمُونِيُّ، عن أحمدَ، في بنتِ عَشْرٍ رَأَت الدَّمَ، قال ليس بحَيضٍ. قال القاضي: فيَجِبُ على هذا أن يُقال: أوَّل زَمَنٍ يَصِحُّ فيه وُجُودُ الحَيضِ عَشْرَةَ سنةً، لأنَّه الزَّمانُ الذي يَصِحُّ فيه بُلُوغُ الغُلامِ. والأوَّلُ أصَحُّ.
220 - مسألة؛ قال: (وأكثَرُه خَمْسُونَ سَنَةً. وعنه: سِتُّونَ في نِساءِ العَرَبِ)
اخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ في حَدِّ السِّنِّ الذي تَيأسُ فيه المرأةُ مِن الحَيضِ؛ فرُوِي عنه أنَّه خَمْسُونَ سَنَةً. وهذا قولُ إسحاقَ. ويكُونُ حُكْمُها فيما تَراه مِن الدَّمِ بعدَ الخَمْسِينَ حُكْمَ المُسْتَحاضَةِ، لأنَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عائِشَةَ، رضي الله عنها، قالت: إذا بَلَغَتْ خَمْسِينَ سَنَةً خَرَجَتْ مِن حَدِّ الحَيضِ. ورُوي عنها أنَّها قالت: لن تَرَى المرأةُ في بَطْنِها ولدًا بعدَ الخَمْسِين. ورُوي عنه (1)، أنَّها لا تَيأسُ مِن الحَيضِ يَقِينًا إلى سِتِّينَ سَنَةً، وما تَراه فيما بينَ الخَمْسِين والستِّيِّن حَيضٌ مَشْكُوكٌ فيه، لا تَتْرُكُ الصلاةَ ولا الصومَ؛ لأنَّ وُجُوبَهما مُتَيَقَّنٌ، فلا يَسْقُطُ بالشَّكِّ. وتَقْضِي الصومَ المَفْرُوض احْتِياطًا؛ لأنَّه واجبٌ في ذِمَّتِها بيَقِينٍ، فلا يَسْقُطُ بأمْرٍ مَشْكُوكٍ فيه. هكذا رَواه الخِرَقِيُّ. ورُوي عنه، أنَّ نِساءَ العَجَمِ تَيأسُ في خَمْسِين، ونساءَ قُرَيشٍ وغيرِهم مِن العَرَبِ إلى سِتِّين. وهذا قولُ أهلِ المَدِينَةِ؛ لأنَّهُنَّ أقْوَى جبلَّةً. وروَى الزُّبَيرُ بنُ بَكّارٍ (2)، في كتابِ «النَّسَبِ» عن بعضِهم، أَنَّه قال: لا تَلِدُ لخَمْسِين سَنَةً إلَّا عَرَبِيَّةٌ، ولا تَلِدُ لسِتِّين إلَّا قُرَشِيَّةٌ. وقال: إنَّ هِنْدَ بِنْتَ أبي عُبَيدَةَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ زَمْعَةَ،
(1) أي: عن الإمام أحمد.
(2)
أبو عبد الله الزبير بن بكار بن عبد الله الزبيري، الحافظ النسّابة، قاضي مكة وعالمها، توفي سنة ست وخمسين ومائتين. سير أعلام النبلاء 12/ 311 - 315.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَلَدَتْ موسى بنَ عبدِ اللهِ بنِ حسنِ بنِ عليِّ بنِ أبي طالِبٍ، ولها سِتُّونَ. قال أحمدُ، في امرأةٍ مِن العَرَبِ رَأتِ الدَّمَ بعدَ الخَمْسِين: إن عاوَدَها مَرَّتَين أو ثلاثًا فهو حَيضٌ. وذلك لأنَّ المَرْجِعَ في ذلك إلى الوُجُودِ، وقد وُجِدَ حَيضٌ مِن نِساءٍ ثِقاتٍ أخْبَرْنَ عن أنْفُسِهِنَّ بعدَ الخَمْسِين، فأشْبَهَ ما قبلَ الخَمْسين؛ لأنَّ الكَلامَ فيما إذا وُجِدَ مِن المرأةِ دَمٌ في زَمَنِ عادَتِها بعدَ الخَمْسِين، كما كانت تَراه قبْلَها. قال شيخُنا (1): والصَّحِيحُ أنَّه لا فَرْقَ بينَ نِساءِ العَرَبِ وغيرِهِنَّ؛ لأنَّهُنَّ سَواء في سائِرِ أحْكامِ الحَيضِ، كذلك هذا، وما ذُكِر عن عائشةَ لا حُجَّةَ فيه؛ لأنَّ الحَيضَ أمْرٌ حَقِيقِيٌّ، المَرْجِعُ فيه إلى الوُجُودِ، وقد وُجِدَ بخِلافِ ما قالت، على ما حَكاه الزُّبَيرُ بنُ بَكّارٍ. وإن قِيلَ: هذا الدَّمُ ليس بحَيضٍ. مع كَوْنِه على صِفَته وفي وَقْتِه وعادَتِه، بغيرِ نَصٍّ، فهو تَحَكُّمٌ. فأمّا بعدَ السِّتِّين، فلا خِلافَ في المذهبِ أنَّه ليس بحَيضٍ؛ لأنَّه لم يُوجَدْ، وقد عُلِم أنَّ للمرأةِ حالًا تَيأسُ فيه مِن الحَيضِ؛ لقَوْلِ اللهِ تعالى:{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} . قال أحمدُ في المرأةِ
(1) في: المغني 1/ 446.