الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ خَرَجَ لِغَيرِ ذلِكَ لَمْ يُوجِبْ.
ــ
الْمَاءَ». مُتَّفَقٌ عليه (1). وماءُ الرجلِ غَلِيظٌ أبيَضُ، وماءُ المرأةِ رَقِيقٌ أصفَرُ؛ لأنَّ في حَدِيثِ أُمِّ سُلَيمٍ، في بَعضِ رِواياتِه: فقالت: وهل يكُون هذا؟ فقال نبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «نَعَم، فَمِن أينَ يَكُونُ الشَّبّه! إنَّ مَاءَ الرَّجُلِ غَلِيظ أبيض، وَمَاءُ الْمرأةِ رَقِيق أصفَرُ، فَمِنْ أيِّهِمَا عَلَا أوْ سَبَقَ، يَكُون مِنْهُ الشَّبّه» . رَواه مسلمٌ (2).
152 - مسألة: (فإن خَرَجَ لغَيرِ ذلك لم يُوجِبْ)
يَعنِي إذا خَرجَ شَبِيهُ المَنِيِّ؛ لمَرَضٍ أو إِبْرَدَةٍ (3)، مِن غيرِ شَهْوَةٍ. وهذا قولُ أبي حَنِيفة
(1) أخرجه البخاري، في: باب الحياء في العلم، من كتاب العلم، وفي: باب إذا احتلمت المرأة، من كتاب الغسل، وفي: باب ما لا يستحيى من الحق للتفقه في الدين، من كتاب الأدب. صحيح البخاري 1/ 44، 79، 8/ 36. ومسلم، في: باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، من كتاب الحيض. صحيح مسلم 1/ 251.كما أخرجه النسائي، في: باب غسل المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 94. وابن ماجه، في: باب المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 197. والدارمي، في: باب في المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي 1/ 195. والإمام مالك، في: باب غسل المرأة إذا رأت في المنام مثلما يرى الرجل، من كتاب الطهارة. الموطأ 1/ 51. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 90، 6/ 292، 302، 306.
(2)
في: باب وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، من كتاب الحيض. صحيح مسلم 1/ 250. كما أخرجه النسائي، في: باب غسل المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 94. وابن ماجه، في: باب المرأة ترى في منامها ما يرى الرجل، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 197. والإمام مالك، في: باب غسل المرأة إذا رأت في المنام مثلما يرى الرجل، من كتاب الطهارة. الموطأ 1/ 51. والإِمام أحمد، في: المسند 3/ 121، 199، 282.
(3)
في م: «برد» . والإبردة، بالكسر: برد في الجوف.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومالكٍ. وقال الشافعيّ: يَجِبُ. ويَحتَمِلُه كلامُ الخِرَقِيِّ، وذلك لقَوْلِه عليه السلام:«نعم، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ» . وقَوْلِه: «الْمَاءُ مِنَ الْمَاءِ» (1).
ولأنَّه منيٌّ خارِجٌ فأوْجَبَ الغُسْلَ، كما لو خَرَج حال الإِغْماءِ. ولَنا، أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وَصَف المَنِيَّ المُوجِبَ بأنَّه غَلِيظٌ أبْيَضُ، وقال لعَلِيٍّ «إذا فَضَخْتَ الْمَاءَ (2) فَاغْتَسِلْ». رَواه أبو داودَ (3). والفَضْخُ خُرُوجُه على وَجْهِ الشِّدَّةِ. وقال إبراهيمُ الحربِيّ (4): بالعجَلَةِ. وقَوْلُه عليه السلام: «إذَا رَأتِ الْمَاءَ» . يَعنِي في الاحتِلام، وإنَّما يَخْرُجُ في الاحتِلامِ لشَهوَةٍ، والحَدِيثُ الآخَرُ مَنْسُوخٌ، ويُمكِنُ مَنْعُ كَوْنِ هذا مَنِيًّا؛ لأنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم وَصَف المَنِيَّ بصِفَةٍ غيرِ مَوْجُودَةٍ في هذا.
(1) أخرجه مسلم، في: باب إنما الماء من الماء، من كتاب الحيض. صحيح مسلم 1/ 269. وأبو داود، في: باب في الإكسال، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 49. والترمذي، في: باب ما جاء أن الماء من الماء، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 168. والنسائي، في: باب الذي يحتلم ولا يرى الماء، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 96. وابن ماجه، في: باب الماء من الماء، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 199. والدارمي، في: باب الماء من الماء، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي 1/ 194. والإمام أحمد، في: السند 3/ 29، 5/ 416، 421.
(2)
في م: «المني» .
(3)
في: باب في المذي، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 47. كما أخرجه النسائي، في: باب الغسل من المني، من كتاب الطهارة. المجتبى 1/ 93. والإمام أحمد، في: المسند 1/ 109.
(4)
أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الحربي الحنبلي الحافظ، تفقه على الإمام أحمد، وبرع، وصنف التصانيف الكثيرة. توفي سنة خمس وثمانين ومائتين. العبر 2/ 74، طبقات الحنابلة 1/ 86 - 93.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن رَأى أنَّه قد احتَلَمَ، ولم يَرَ بَللًا، فلا غُسْلَ عليه. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ على هذا كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهلِ العلمِ؛ لأنَّ قولَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «نَعم، إذَا رَأتِ الْمَاءَ» . يَدُلُّ بمَفْهُومِه (1) على أنَّه لم يَجِبْ إذا لم تَرَه، ورَوَتْ عائِشَةُ، قالت: سُئِل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن الرجلِ يَجِدُ البَلَلَ، ولا يَذْكُرُ احتِلامًا، قال:«يَغْتَسِلُ» . وعن الرجلِ يَرَى أن قد احتَلَمَ، ولم يَجِدِ البلَلَ، قال:. «لَا غُسْلَ عَلَيهِ» . قالت أمُّ سُلَيمٍ: المرأةُ تَرَى ذلك، أعليها غُسْلٌ؟ قال: «نَعَم، إنَّما النِّسَاءُ شَقَائِقُ
(1) سقط من: «م» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرِّجَالِ». رَواه الإِمامُ أحمدُ، وأبو داودَ (1). وذَكَر ابنُ أبي موسى في مَن احتَلَمَ ووَجَدَ لذَّة الإِنْزالِ، ولم يَرَ بَلَلًا، رِوايَةً في وُجُوبِ الغُسْلِ عليه. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لِما ذَكَرنا مِن النَّصِّ والإِجماعِ، لكن إن مَشَى فخَرَجَ منه المَنِيُّ، أو خَرَج بعدَ اسْتِيقاظِه، فعليه الغُسْلُ. نَصَّ عليه أحمدُ، لأنَّ الظّاهِرَ أنَّه كان انْتَقَل، وتَخَلَّف خُرُوجُه إلى ما بعدَ الاسْتِيقاظِ، وإن انْتَبَه فرَأى مَنِيًّا، ولم يَذْكُرِ احتِلامًا، فعليه الغُسْلُ، قال شيخُنا: لا نَعلَمُ فيه خِلافًا (2). ورُوي نحوُ ذلك عن عُمَرَ، وعثمانَ. وبه قال ابنُ عباسِ، وسعيدُ بنُ جُبَيرٍ، والشَّعبِي، والحسنُ، ومالكٌ، والشافعيُّ، وإسحاق؛ لأنَّ الظّاهِرَ أنَّ خُرُوجَه كان لاحتِلامٍ نَسِيَه؛ وذلك لِما ذَكَرنا مِن حديثِ عائشةَ.
(1) في: المسند 6/ 256. وأبو داود، في: باب الرجل يجد البلة في منامه، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 54.كما أخرجه الترمذي، في: باب في من يستيقظ فيرى بللا ولا يذكر احتلاما، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 172. وابن ماجه، في: باب من احتلم ولم ير بللا، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 200. والدارمي، في: باب من يرى بللا ولا يذكر احتلاما، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي 1/ 19.
(2)
انظر: المغني 1/ 269.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإنِ انْتَبَه مِن النَّوْمِ فوَجَدَ بَلَلًا، لا يَعلمُ هل هو مَنِيٌّ أو غيرُه، فقال أحمدُ: إذا وَجَد بِلَّةً اغْتَسَلَ، إلَّا أن يَكُونَ به إِبرِدَةٌ، أو لاعَبَ أهْلَه؛ فإنَّه رُبَّما خَرَج منه المَذْيُ، فأرجُو أن لا يكُون به بَأسٌ. وكذلك إن كان انْتَشَرَ مِن أوَّلِ اللَّيلِ بتَذَكُّرٍ أو رُؤيَةٍ. وهو قَوْلُ الحسنِ؛ لأنَّ الظّاهِرَ أنَّه مَذْيٌ، لوُجُودِ سَبَبِه، فلا يَجِبُ الغُسْلُ بالاحتِمالِ. وإن لم يَكُنْ وَجَد ذلك، فعليه الغُسْلُ؛ لحَدِيثِ عائِشَةَ. وقد تَوَقَّف أحمدُ في هذه المَسْأَلَةِ. وقال مُجاهِدٌ وقَتادَةُ: لا غُسْلَ عليه حتى يُوقِنَ بالماءِ الدّافِقِ. وهذا هو القِياس، والأوْلَى الاغْتِسالُ؛ لمُوافَقَةِ الخَبَرِ، وعَمَلًا بالاحتِياطِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن رَأى في ثَوْبِه مَنِيًّا، وكان لا يَنامُ فيه غيرُه، وهو مِمَّن يمكنُ أن يَحتَلِمَ، كابنِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، فعليه الغُسْلُ، وإلَّا فَلا؛ لأنَّ عُمَرَ وعثمانَ اغْتَسَلا حينَ رأياه في ثوبيهما، ولأنَّ الظّاهِرَ أنَّه مَنِيُّه (1)، ويَلْزَمُه إعادَةُ الصلاةِ مِن أحدَث نَوْمَةٍ نامَها فيه، إلَّا أن يَرَى أمارَةً تَدُلُّ على أنَّه قَبْلَها، فيُعِيدَ مِن أدنَى نَوْمَةٍ يَحتَمِلُ أنَّه منها. فأمّا إن كان يَنامُ فيه هو وغيرُه مِمَّن يَحتَلِمُ، فلا غُسْلَ على واحِدٍ منهما؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما مُنْفَرِدًا (2) شاكٌّ فيما يُوجِبُ الغُسْلَ، والأصلُ عَدَمُ وُجْوبِه، وليس لأحَدِهما الائْتِمامُ بالآخَرِ؛ لأنَّ أحَدَهما جُنُبٌ يَقِينًا.
فصل: فإن وَطِئَ امرأته دُونَ الفَرجِ، فدَبَّ ماؤه إلى فَرجِها ثم خَرَج، أو وَطِئَها في الفَرجِ، فاغْتَسَلَتْ ثم خَرَج ماؤه مِن فَرجِها، فلا غُسْلَ عليها. وبه قال قَتادَةُ، والأوْزاعِيُّ، وإسحاق. وقال الحسنُ: تَغْتَسِلُ؛ لأنَّه مَنِيٌّ خارِجٌ، فأشْبَه ماءَها. والأوَّلُ أَوْلَى؛ لأنَّه ليس مَنِيَّها، أشْبَه غيرَ المَنِيِّ؛ ولأنَّه لا نَصَّ فيه، ولا هو في مَعنى المَنْصُوصِ.
(1) في م: «منه» .
(2)
في م: «مفرد» .