الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ تَعَذُّرِهِ إلا بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ، أَوْ ثَمَنٍ يَعْجِزُ عَنْ أَدَائِهِ.
ــ
169 - مسألة؛ قال: (أو تَعَذُّرِه إلَّا بزِيادَةٍ كَثِيرَةٍ على ثَمَنِ مِثْلِه، أو ثَمَنٍ يَعْجِزُ عن أدائِه)
وجُمْلَتُه، أنَّه متى وَجَد ماءً بثَمَنِ مِثْلِه في مَوْضِعِه، لَزِمَه شِراؤُه إذا قَدَر على الثَّمَنِ مع اسْتِغْنائِه عنه، لقُوتِه ومُؤْنَةِ سَفَرِه؛ لأنَّه قادِرٌ على اسْتِعْمالِه مِن غيرِ ضَرَرٍ. وكذلك إن كانتِ الزِّيادَةُ يَسِيرةً لا تُجْحِفُ بمالِه. ذَكَرَه أبو الخَطّاب؛ لِما ذَكَرْنا. وقال الشافعيُّ: لا يَلْزَمُه شِراوُّه مع الزِّيادَةِ، قَلِيلَةً كانت أَو كَثِيرَةً؛ لأنَّ عليه ضَرَرًا في الزِّيادَةِ، أشْبَهَ ما لو خاف لِصًّا يَأْخُذُ مِن مالِه ذلك المِقْدارَ. ولَنا، قَوْلُه تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} . وهذا واجِدٌ، فإِنَّ القُدْرَةَ على ثَمَنِ العَينِ كالْقُدْرَةِ على العينِ، في المَنْعِ مِن الانْتِقالِ إلى البَدَلِ، كما لو بِيعَتْ بثَمَنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِثْلِها؛ لأنَّ ضَرَرَ المالِ دُونَ ضَرَرِ النَّفْسِ، وقد قالوا في المَرِيضِ: يَلْزَمُه الغُسْلُ ما لم يَخَفِ التَّلَفَ. فتَحَمُّلُ الضَّرَرِ اليَسِيرِ في المالِ أحْرَى. وما ذَكَرُوه مِن الدَّلِيلِ يَبْطُلُ بما إذا كان بثَمَنِ المِثْلِ، فإن كان عاجِزًا عن الثَّمَنِ، فهو كالعادِمِ؛ [لأنَّهْ عاجِزٌ عن اسْتِعْمالِ الماءِ. وإن بُذِلَ له ثَمَنُه، لم يَلْزَمْه قَبُولُه؛ لأَنَّ فيه مِنَّةً. فأمّا إن وُهِبَ له ماءٌ، لَزِمَه قَبُولُه](1)، لأنَّه قادِرٌ على اسْتِعمالِ الماءِ، ولا مِنَّةَ في ذلك في العادَةِ. فأمّا إن كانتِ الزِّيادَةُ كَثِيرَةً تُجْحِفُ بمالِه، لم يَلْزَمْه شِراؤُه، لأنَّ عليه ضَرَرًا كَثِيرًا، وإن كانت كثيرةً لا تُجْحِفُ يمالِه، ففيه وَجْهان؛ أحَدُهما، يَلْزَمُه شِراؤُه، لأنَّه واجِدٌ للماءِ، قادِرٌ عليه مِن غيرِ إجْحافٍ بمالِه، فلَزِمَه اسْتِعْمالُه، للآيَةِ، وكما لو كانتِ الزِّيادَةُ يَسِيرَةً. والثاني، لا يَلْزَمُه، لأنَّ فيه ضَرَرًا، ولِما ذَكَرْنا في الزِّيادَةِ اليَسِيرَةِ.
(1) سقط من: «الأصل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: فإن بُذِلَ له بثَمَنِ في الذِّمَّةِ يَقْدِرُ على أدائِه في بَلَدِه، فقال القاضي: يَلْزَمُه شِراؤُه، لأنَّه قادِرٌ على أخْذِه بما لا مَضَرَّةَ فيه. وقال الآمِدِيُّ: لا يَلْزَمُه، لأنَّ عليه ضَرَرًا في بَقاءِ الدَّينِ في ذِمَّتِه، ورُبَّما تَلِفَ مالُه قبلَ أدَائِه. وهو الصَّحِيحُ، إن شاء اللهُ تعالى. وإن لم يَكُنْ له في بَلَدِه ما يُؤدِّي ثَمَنَه، لم يَلْزَمْه شِراؤُه، لأنَّ عليه ضَرَرًا. وإن لم يَبْذُلْه له، وكان فاضِلًا عن حاجَتِه، لم يَجُزْ له أخْذُه منه قَهْرًا؛ لأنَّ الضَّرُورَةَ لا تَدْعُو إليه، ولأنَّ هذا له بَدَلٌ، وهو التَّيَمُّمُ، بخِلافِ الطَّعامِ في المَجاعَةِ.