الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبَوْلُ مَا يُؤكَلُ لَحْمُهُ، وَرَوْثُهُ، وَمَنِيُّهُ طَاهِرٌ. وَعَنْهُ، إنَّهُ نَجِسٌ.
ــ
207 - مسألة: (وبَوْلُ ما يُؤكَلُ لَحْمُه، ورَوْثُه، ومَنِيُّه طاهِرٌ. وعنه، أنَّه نَجسٌ)
اخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ في بَوْلِ ما يُؤكَلُ لَحْمُه، ورَوْثِه، فرُوِي عن أحمدَ، أَنَّه طاهِرٌ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وهو قَوْلُ عَطاءٍ، والنَّخَعِيِّ، والثَّوْرِيِّ، ومالكٍ. ورَخَّصَ في أبوال الغَنَمِ الزُّهْرِيُّ، ويَحْيى الأنْصارِيُّ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَن نَحْفَظُ عنه مِن أهلِ العلمٍ على إباحَةِ الصلاةِ في مَرابِض الغَنَمِ، إلَّا الشافعيِّ، فإنَّه اشْتَرَطَ أن تكُون سَلِيمَةً مِن أبعارِها وأبوالِها. ورَخَّص في ذرْقِ (1) الطّائِرِ الحَكَمُ، وحَمّادٌ، وأبو حنيفةَ. وعن أحمدَ، أنَّ ذلك نَجِسٌ. وهو قَوْل الشافعيِّ،
(1) الذرق من الطائر، كالتغوط من الإِنسان.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأبي ثَوْرٍ. ونَحْوُه عن الحسنِ؛ لعُمُومِ قَوْلِه صلى الله عليه وسلم: «تَنَزَّهُوا مِنَ الْبَوْلَ» (1). ولأنَّه رَجِيعٌ، فأشْبَهَ رَجِيعَ الآدَمِيِّ. ولَنا؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمَر العُرَنِيِّينَ أن يَشربُوا مِن أبْوالِ الإِبِلِ (2). والنَّجِسُ لا يُباحُ شُرْبُه، ولو
(1) أخرجه الدارقطني، في: باب نجاسة البول. . . .، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني 1/ 127.
(2)
أخرجه البُخاريّ، في: باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها، من كتاب الوضوء، وفي: باب استعمال إبل الصدقة وألبانها لأبناء السبيل، من كتاب الزكاة، وفي: باب إذا حرَّق المشرك المسلم هل يحرق، من كتاب الجهاد، وفي: باب قصة عكل وعرينة، من كتاب المغازي، وفي: باب {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ، في تفسير سورة المائدة، من كتاب التفسير، وفي: باب الدراء بأبوال الإِبل، وباب من خرج من أرض لا تلائمه، من كتاب الطب، وفي أول كتاب المحاربين، وفي: باب القسامة، من كتاب الديات. صحيح البُخاريّ 1/ 67، 68، 2/ 160، 4/ 75، 5/ 164، 165، 6/ 65، 7/ 160، 167، 168، 8/ 201، 202، 9/ 12. ومسلم، في: باب حكم المحاربين والمرتدين، من كتاب القسامة. صحيح مسلم 3/ 1296، 1297. وأبو داود، في: باب ما جاء في المحاربة، من كتاب الحدود. سنن أبي داود 2/ 443، 444، والترمذي، في: باب ما جاء في شرب أبوال الإبل، من أبواب الأطعمة، وفي الباب نفسه، من أبواب، الطب. عارضة الأحوذي 8/ 35، 197. والنَّسائيُّ، في: باب بول ما يؤكل لحمه، من كتاب الطهارة، وفي: باب تأويل قول الله عز وجل: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}، وباب ذكر اختلاف الناقلين لخبر حميد، وباب ذكر اختلاف طلحة بن مصرف. . . . إلخ، من كتاب تحريم الدّم. المجتبي 1/ 129 - 131، 7/ 86 - 92. وابن ماجه، في: باب من حارب وسعى في الأرض فسادًا، من كتاب الحدود، وفي: باب أبوال الإبل، من كتاب الطب. سنن ابن ماجه 2/ 861، 1158. والإمام أحمد، في: المسند 7/ 103، 163، 170، 177، 186، 198، 205، 233، 287، 290.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أُبِيحَ للضَّرورَة لأمَرَهم بغَسْلِ أثَرِه إذا أرادُوا الصلاةَ. وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي في مَرابِضِ الغَنَمِ، وأمَرَ بالصلاةِ فيها. مُتَّفَقٌ عليه (1). وصَلَّى أبو موسى في مَوْضِعٍ فيه أبعارُ الغَنَمِ، فقِيلَ له: لو تَقَدَّمْتَ إلى ههُنا؟ فقال: هذا وذاك واحِدٌ. ولم يكن للنبيِّ صلى الله عليه وسلم وأصحابِه ما يُصَلُّون عليه مِن الأوْطِئَةِ والمُصَلَّياتِ، وإنَّما كانوا يُصَلُّون على الأرضِ. ومَرابِضُ الغَنَمِ لا تَخْلُو مِن أبعارِها وأبوالها، فدَلَّ على أنَّهم كانوا يُباشِرُونها في صَلاتِهم، ولأنَّه لو كان نَجِسًا لتَنَجَّسَتِ الحُبُوبُ التي تَدُوسُها البَقَرُ، فإنَّها لا تَسْلَمُ مِن أبوالِها، فيَتَنَجَّسُ بَعْضُها، فيَخْتَلِطُ النَّجسُ بالطّاهِرِ، فيَصِيرُ حُكْمُ الجَمِيع حُكْمَ النَّجِسِ. وحُكْمُ قَيئِه ومَنِيِّهَ حُكْمُ بَوْلِه، لأنَّه في مَعْناه.
(1) المتفق عليه هو حكاية فعله صلى الله عليه وسلم.
أخرجه البخاري، في: باب أبوال الإبل الدواب والغنم ومرابضها، من كتاب الوضوء، وفي: باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد، وباب الصَّلاة في مرابض الغنم، من كتاب الصَّلاة. صحيح البُخاريّ 1/ 68، 117. ومسلم، في: باب ابتناء مسجد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 373، 374. كما أخرجه أبو داود، في: باب في بناء المساجد، من كتاب الصَّلاة، سنن أبي داود 7/ 101. والترمذي، في: باب ما جاء في الصَّلاة في مرابض الغنم وأعطان الإبل، من أبواب الصَّلاة. عارضة الأحوذي 2/ 146. والنسائي، في: باب نبش القبور واتخاذ أرضها مسجدًا، من كتاب المساجد. المجتبى 2/ 32. والإمام أحمد، في: المسند 3/ 123، 131، 194، 212، 244.
وأمَّا الأمر بالصلاة فيها، فأخرجه التِّرمذيُّ في الموضع السابق. والإمام أحمد، في: المسند 4/ 352.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: في الخارِجِ مِن الحَيَوانِ الذي لا يُؤكَلُ لَحْمُه، وهو أرْبعةُ أقْسامٍ؛ أحَدُها، الآدَمِيُّ، فالخارِجُ منه ثلاثةُ أنواعٍ، أحدُها، رِيقُه وعَرَقُه ودَمْعُه ومُخاطُه ونُخامَتُه، فهو طاهِرٌ، لأنَّه جاءَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في يَوْمِ الحُدَيبِيَةِ، أنَّه ما تَنَخَّمَ نُخامَةً إلَّا وَقَعَتْ في كَفِّ رجلٍ منهم، فدَلَكَ بها وَجْهَه. رَواه البُخارِيُّ (1). وفي حديثِ أبي هُرَيرَةَ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأى نُخامَةً في قِبْلَةِ المسجدِ، فأقْبَلَ على النّاس، فقال:«مَا بَالُ أحَدِكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ رَبِّهِ، فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ، أَيُحِبُّ أَنْ يُسْتَقبَلَ فَيُتَنَخَّعَ فِي وَجْهِهِ؟ فَإذَا تَنَخَّعَ أحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ، أوْ تَحْتَ قَدَمِه، فَإنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَقُلْ هَكَذَا» . ووَصَف القاسِمُ، فتَفَلَ في ثَوْبِه، ثم مَسَح بَعْضَه ببَعْضٍ. رَواه مسلمٌ (2). ولو كانت نَجِسَةً لَما أمَرَ بمَسْحِها في ثَوْبه وهو في الصلاةِ، ولا تحتَ قَدَمِه. وسَواءٌ في ذلك البَلْغَمُ الخارِجُ مِن الرَّأسِ والصَّدْرِ. ذَكَره القاضي. وهو مذهبُ أبي حنيفةَ. وقال أبو الخَطّابِ: البَلْغَمُ نَجسٌ، لأنَّه اسْتَحال في المَعِدَةِ، أشْبَهَ القَيءَ. ولَنا، عُمُومُ الخَبَرَين، ولأنَّه أحَدُ نَوْعَي النُّخامَةِ، أشْبَهَ الآخَرَ، ولأنَّه لو كان نَجِسًا، لنَجَّسَ الفَمَ ونَقَضَ الوُضُوءَ، ولم يُنْقَلْ عن الصَّحابَةِ،
(1) في: باب البزاق والمخاط ونحوه، من كتاب الوضوء، وفي: باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، من كتاب الشروط. صحيح البُخاريّ 1/ 69، 70، 3/ 254. كما أخرجه الإمام أحمد، في: المسند 4/ 329، 330.
(2)
في: باب النهي عن البصاق في المسجد في الصَّلاة وغيرها، من كتاب المساجد. صحيح مسلم 1/ 389، 390.كما أخرجه البُخاريّ، في: باب لا يبصق عن يمينه في الصَّلاة، وباب كفارة البزاق في المسجد، من كتاب الصَّلاة. صحيح البُخاريّ 1/ 112، 113. وأبو داود، في: باب في كراهية البزاق في المسجد، من كتاب الصَّلاة. سنن أبي داود 1/ 111، 112. وابن ماجه، في: باب المصلى يتنخم، من كتاب إقامة الصَّلاة سنن ابن ماجه 1/ 326. والإمام أحمد، في: المسند 2/ 250، 415.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رضي الله عنهم، فيما عَلِمْنا، شيءٌ مِن ذلك، مع عُمُومِ البَلْوَى به. وقَوْلُهم: إنَّه طعامٌ اسْتَحال في المَعِدَةِ. مَمْنُوعٌ، إنَّما هو مُنْعَقِدٌ مِن الأبخِرَةِ، فهو كالمُخاطِ. ولأنَّه يَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنه، أشْبَهَ المُخاطَ. النَّوْعُ الثاني، قَيؤُه ودَمُه، و (1) ما تَوَلَّدَ منه مِن القَيحِ والصَّدِيدِ، فهو نَجِسٌ، وقد ذَكَرْنا حُكْمَه فيما مَضَى. النَّوْعُ الثالث، الخارِجُ مِن السَّبِيلَين؛ مِن البَوْلِ، والغائِطِ، والمَذْي، والوَدْي، والدَّمِ، وغيرِه، فلا نَعْلَمُ في نَجاسَتِه خِلافًا، إلَّا ما ذَكَرْنا في المَذْي (2)، وسيَأتِي حُكْمُ المَنِي، إن شاءَ اللهُ تعالى.
فصل: القِسْمُ الثاني، البَغْلُ والحِمارُ، وسِباعُ البَهائِم، والطَّيرِ؛ فإن قُلْنا بطَهارَتِها، فحُكْمُها حُكْمُ الآدَمِيِّ، على ما بَيَّنّا، إلَّا في مَنِيِّها، فإن حُكْمَه حُكْمُ بَوْلِها. وإن قُلْنا بنَجاسَتِها، فجَمِيعُ أجْزائِها وفَضَلاتِها نَجسَةٌ، إلَّا السِّنَّوْرَ وما دُونَها في الخِلْقَةِ، وسيَأتِي بَيانُ حُكْمِها، إن شاءَ اللهُ تعالى. القِسْمُ الثالثُ، الكلبُ والخِنْزِيرُ وما تَوَلَّدَ مِنهما، أو مِن أحَدِهما، فهو نَجِسٌ بجَمِيِع أجْزائِه وفَضَلاتِه، وما يَنْفَصِلُ عنه. القِسْمُ الرابعُ، ما لا نَفْسَ له سائِلَةً، فهو طاهِرٌ بجَمِيع أجْزائِه وفَضَلاتِه المُتَّصِلَةِ والمُنْفَصِلَةِ، إلَّا أن يكُونَ مُتَوَلِّدًا مِن النَّجاسَةِ، وقد ذكَرْناه.
(1) سقط من: الأصل.
(2)
في م: «المني والمذي» . وتقدم كلامه في المذي في صفحة 10، 11، 326.