الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ خَشْيَةً عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ فِي طَلَبِهِ،
ــ
168 - مسألة؛ قال: (أو خَشْيَةً على [نَفْسِه أو]
(1) مالِه في طَلَبِه) متى خاف على نَفْسِه، أو مالِه في طَلَبِ الماءِ، كمَن بينَه وبينَ الماءِ سَبُعٌ أو عَدُوٌّ، أو حَرِيقٌ، أو لِصٌّ، فهو كالعادِمِ؛ لأنَّه خائِفٌ للضَّرَرِ باسْتِعْمالِه أو التَّلَفِ، فهو كالمَرِيضِ. ولو كان الماءُ بمَجْمَعِ الفُسّاقِ، تَخافُ المرأةُ على نَفْسِها منهم، فهي كالعادِمَةِ. وقد تَوَقَّفَ أحمدُ عن هذه المسألةِ. وقال ابنُ أبي موسى: تَتَيَمَّمُ، ولا إعادَةَ عليها في أصَحِّ الوَجْهَين. قال شَيخُنا (2): والصَّحِيحُ جَوازُ التَّيَمُّمِ لها، وَجْهًا واحِدًا، ولا إعادَةَ
(1) سقط من: «م» .
(2)
انظر: المغني 1/ 316.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليها، بل لا يَحِلُّ لها الخُرُوجُ إلى الماء؛ لِما فيه من التَّعَرُّضِ للزِّنَى، وهَتْكِ نَفْسِها وعِرضها، وتَنْكِيسِ رُؤُوسِ أَهْلِها، ورُبَّما أفْضَى إلى قَتْلِها، وقد أُبِيحَ لها التَّيَمُّمُ حِفْظًا للقَلِيلِ مِن مالِها المُباحِ لها بَذْلُه، وحِفْظَ نَفْسِها مِن زِيادَةِ مَرَضٍ، أو تباطُؤِ بُرْءٍ، فههُنا أوْلَى. وكذلك إن كان يَخافُ إذا ذَهَب إلى الماءِ شُرُودَ دابَّتِه، أو سَرِقَتَها، أو يَخافُ على أهْلِه لِصًّا، أو سَبُعًا، فهو كالعادِمِ؛ لِما ذَكَرْنا. فإن كان خَوْفُه جُبْنًا، لا عن سَبَبٍ يُخافُ مِن مِثْلِه، كالذي يَخافُ باللَّيلِ وليس شيءٌ يُخافُ منه، لم يَجُزْ له التَّيَمُّمُ. نَصَّ عليه أحمدُ. قال شَيخُنا (1): ويَحْتَمِلُ أن يُباحَ له التَّيَمُّمُ ويُعِيدَ، إِذا اشْتَدَّ خَوْفُه؛ لأنَّه بمَنْزِلَةِ الخائِفِ لسَبَب. ومَن كان خَوْفُه لسَبَبٍ ظَنَّه، مِثْلَ مَن رَأى سَوادًا ظَنَّه عَدُوًّا، فتَبَيَّنَ أنَّه ليس بعَدُوٍّ، أو رَأى كَلْبًا فظَنَّه نَمِرًا، فتَيَمَّمَ وصَلَّى، فبانَ خِلافُه، فهل تَلْزَمُه الإِعادَةُ؟ على وَجْهَين؛ أحَدُهما، لا تَلْزَمُه الإِعادَةُ؛ لأنَّه أتَى بما أُمِرَ به، فخَرَجَ عن عُهْدَتِه. والثاني، تَلْزَمُه؛ لأنَّه تَيَمَّمَ مِن غيرِ سَبَبٍ يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، أشْبَهَ مَن نَسِيَ الماءَ بمَوْضِعٍ يُمْكِنُه اسْتِعْمالُه.
(1) في الموضع السابق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: ومَن كان مَرِيضًا لا يَقدِرُ على الحَرَكَةِ، ولا يَجِدُ مَن يُناولُه الماءَ، فهو كالعادِمِ. قاله ابنُ أبي موسى. وهو قولُ الحسنِ؛ لأنَّه لا سَبِيلَ له إلى الماءِ، أَشْبَهَ مَن وَجَدَه في بِئرٍ ليس له ما يَسْتَقِى به [منها. وإن وَجَد مَن يُناولُه قبلَ خُرُوجِ الوَقْتِ، فهو كالواجِدِ في الحالِ؛ لأنَّه بمَنْزِلَةِ مَن يَجِدُ ما يَسْتَقِي به](1) في الوَقْتِ. وإن خاف خُرُوجَ الوَقْتِ قبلَ مَجِيئِه، فقال ابنُ أبي موسى والحسنُ: له التَّيَمُّمُ، ولا إعادةَ عليه. لأنَّه عادِمٌ في الوَقْتِ، أشْبَهَ العادِمَ مُطْلَقًا، ويَحْتَمِلُ أن يَنْتَظِرَ مَجِئَ مَن يُناولُه؛ لأنَّه حاضِرٌ يَنْتَظِرُ حُصُولَ الماءِ، أَشْبَهَ المُشْتَغِلَ باسْتِقاءِ الماءِ وتَحْصِيلِه.
(1) سقط من: «الأصل» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فصل: وإذا وَجَد بِئْرًا، وقَدَر على النُّزُولِ إلى مائِها مِن غيرِ ضَرَرٍ، أو الاغْتِرافِ بشيءٍ أو ثَوْبٍ يَبُلُّه ثم يَعْصِرُه، لَزِمَه ذلك وإن خاف فَوْتَ الوَقْتِ؛ لأنَّ الاشْتِغال به كالاشْتِغالِ بالوُضُوءِ. وحُكْمُ مَن في السَّفِينَةِ في الماءِ، كحُكْمِ واجِدِ البِئْرِ، إن لم يُمْكِنْه الوُصُولُ إلى الماءِ إلَّا بمَشَقَّةٍ، أو تَغْرِيرٍ بالنَّفْسِ، فهو كالعادِمِ. وهذا قَوْلُ الثَّوْرِيِّ، والشافعيِّ. [وإذا كان الماءُ مَوْجُودًا، إلَّا أنَّه إنِ اشْتَغَلَ بتَحْصِيله واسْتِعْمالِه فات الوَقْتُ، لم يُبَحْ له التَّيَمُّمُ، سَواءٌ كان حاضِرًا أو مُسافِرًا، في قولِ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ منهم الشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وأصحابُ الرَّأْي. وعن الأوْزاعِيِّ والثَّوْرِيِّ، أنَّه يَتَيَمَّمُ. رَواه عنهما الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ (1). ورُوي عن مالكٍ وابنِ أبي ذِئْبٍ (2)، كقَوْلِ الجُمْهُورِ؛ لقولِه تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} (3). وهذا واجِدٌ، ولقَوْلِه، عليه السلام: «التُّرَابُ كَافِيكَ مَا لَمْ تَجِدِ الْمَاءَ» (4). ولأنَّه قادِرٌ على الماءِ، فلم يَجُزْ له التَّيَمُّمُ، كما لو لم يَخَفْ فَوْتَ الوَقْتِ](5).
(1) أبو العباس الوليد بن مسلم، محدث الشام، صنف التصانيف، وتوفي سنة خمس وتسعين ومائة. العبر 1/ 319.
(2)
أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة القرشي، ابن أبي ذئب، من فقهاء التابعين بالمدينة، توفي سنة تسع وخمسين ومائة. طبقات الفقهاء، للشيرازي 67.
(3)
من الآية 43 من سورة النساء، والآية 6 من سورة المائدة.
(4)
تقدم تخريجه في 1/ 57.
(5)
زيادة من: «م» .