الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ تَيَقَّنَهُمَا، وَشَكَّ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا، نَظرَ فِي حَالِهِ قَبْلَهُمَا؛ فَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا فَهُوَ مُحدِثٌ، وَإنْ كَانَ مُحدِثًا فَهُوَ مُتَطَهِّرٌ.
ــ
أحَدُكُم فِي بَطْنِهِ شَيئًا فَأشْكَلَ عَلَيهِ، أخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أم لَا (1)، فَلَا يَخْرُجُ (2) مِنَ الْمَسجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أوْ يَجِدَ رِيحًا». رَواه مسلمٌ (3). ولأنَّه إذا شَكَّ تَعارَضَ عندَه الأمرانِ، فيَجِبُ سُقُوطُهُما، كالبَيَنتَينِ إذا تَعارَضَتا، ويَرجِعُ إلى اليَقِينِ، ولا فَرقَ بينَ أن يَغْلِبَ على ظَنِّه أحَدُهما، أو يَتَساوَى الأمرانِ، لأنَّ غَلَبَةَ الظنِّ إذا لم تَكُنْ مَضْبُوطَةً بضابطٍ شَرعِيٍّ، لم يُلْتَفَتْ إليها، كما لا يَلْتَفِتُ الحاكِمُ إلى قَوْلَ أحَدِ المُتَداعِيَين إذا غَلَب على ظَنِّه صِدقُه بغيرِ دَلِيلٍ.
150 - مسألة: (فإن تَيَقَّنَهما، وشَكَّ في السّابِقِ منهما، نَظرَ في حالِه قَبْلَهما؛ فإن كان مُتَطَهِّرًا، فهو مُحْدِثٌ، وإن كان مُحدِثًا، فهو مُتَطَهِّرٌ)
مِثالُه أن يَتَيَقَّنَ أنَّه كان في وَقْتِ الظُّهْرِ مُتَطَهِّرًا مَرَّةً، ومُحدِثًا
(1) في م: «لم يخرج» والمثبت في: الأصل، وصحيح مسلم.
(2)
في صحيح مسلم: «يخرجن» .
(3)
في: باب الدليل على أن من تيقن الطهارة ثم شك في الحدث فله أن يصلي بطهارته تلك، من كتاب الحيض. صحيح مسلم 1/ 276.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أُخْرَى، ولا يَعلَم أيهما كان قبلَ الآخَرِ، فإنَّه يَنْظرُ في حالِه قبلَ الزَّوالِ، فإن كان متَطَهِّرًا، فهو الآنَ مُحدِثٌ، لأنَّه تَيَقَّنَ زَوال تلك الطهارةِ بحَدَثٍ، ولم يَتَيَقَّنْ زَوال ذلك الحَدَثِ بطهارةٍ أخْرَى، لاحتِمالِ أن تَكُونَ الطهارةُ التي يَتَيَقَّنُها بعدَ الزَّوالِ هي التي كانت قبلَه، فلم يَزُلْ يَقِينُ الحَدَثِ بالشَّكِّ. وإن كات مُحدِثًا قبلَ الزَّوالِ، فهو الآن مُتَطَهِّرٌ، لِما ذَكرنا في التي قَبلها.
فصل: فإن تَيَقَّنَ أنَّه نَقَض طَهارَتَه وتَوَضَّأ عن حَدَثٍ، في وَقْتٍ واحِدٍ، وشَكَّ في السّابِقِ مكما، نَظرَ في حالِه قَبْلَهُما، فإن كان مُتَطَهِّرًا، فهو الآنَ مُتَطَهِّرٌ، لأنَّه تَيَقَّنَ أنَّه نَقَض تلك الطهارةَ، ثم تَوَضَّأَ، إذ لا يُمكِنُ أن يَتَوَضَّأَ عن حَدَثِ مع بَقاءِ تلك الطهارةِ، ونَقْضُ هذه الطهارةِ الثّانِيَةِ مَشْكُوكٌ فيه، فلا يَزُولُ عن اليَقِينِ بالشَّكِّ. وإن كان مُحدِثًا، فهِو الآنَ مُحدِثٌ، لأنَّه تَيَقَّنَ أنَّه انْتَقَلَ عنه إلى طهارةٍ ثم أحدَثَ منها، ولم يَتَيَقنْ بعدَ الحَدَثِ الثّاني طهارةً. واللهُ أعلمُ.
فهذه جَمِيعُ نَواقِضِ الطهارةِ، ولا يَنْتَقِضُ بغَيرِها في قَوْلِ أكْثَرِ أهلِ العلمِ، إلَّا أنَّه قد حُكِي عن مُجاهِدٍ، والحَكَمِ، وحَمّادٍ، في قَصِّ الشّارِبِ، وتَقْلِيمِ الأظْفارِ، ونَتْفِ الإِبطِ، الوُضُوءُ. وقَوْلُ جُمهُورِ العُلَماءِ بخِلافِهِم، وهو أوْلَى، ولا نَعلَمُ لهم فيما يَقُولُونَ حُجَّةً. واللهُ أعلمُ.