الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَجُوزُ أنْ يَسْتَمْتِعَ مِنَ الْحَائِضِ بِمَا دُونَ الْفَرْجِ،
ــ
217 - مسألة: (ويجُوزُ الاسْتِمْتاعُ مِن الحَائِضِ بما دُونَ الفَرْجِ)
الاسْتِمْتاعُ مِن الحائِضِ بما فوقَ السُّرَّةِ وتحتَ الرُّكْبَةِ جائِزٌ بالإِجْماعِ والنَّصِّ، والوَطْءُ في الفَرْجِ مُحَرَّمٌ بهما. والاخْتِلافُ في الاسْتِمْتاعِ بما بَينَهما؛ فذَهَبَ (1) إمامُنا، رحمه الله، إلى جَوازِه. وهو قولُ عِكْرِمَةَ،
(1) في م: «مذهب» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعَطاءٍ، والشَّعْبِيِّ، والثَّوْرِيِّ، وإسحاقَ. وقال أبو حنيفةَ، ومالِكٌ، والشافعيُّ: لا يُباحُ؛ لأنَّ عائشةَ، رضي الله عنها، قالت: كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنِي فأتَّزِرُ، فيُباشِرُنِي وَأنَا حائِضٌ. رَواه البُخارِيُّ، ومسلمٌ بمَعْناه (1). وعن عبدِ اللهِ بنِ سعدٍ الأنْصارِيِّ، أنَّه سأل رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا يَحِلُّ لِي مِن امْرَأتِي وهي حائِضٌ؟ قال: «مَا فَوْقَ الإزَارِ» . رَواه البَيهَقِيُّ (2) ولَنا، قولُ اللهِ تعالى:{فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} . وهو اسمٌ لمَكانِ الحَيضِ، كالمَقِيلِ والمَبِيتِ، فتَخْصِيصُه مَوْضِعَ الدَّمِ بالمَنْع يَدُلُّ على إباحَتِه فيما عَداه. فإن قِيل: بل المَحِيضُ الحَيضُ، بدَلِيلِ قولِه تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} . والأذَى: هو الحَيضُ. وقولِه تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} . وإنَّما يئسْنَ من الحَيضِ. قُلْنا: يُمْكِنُ حَمْلُه على ما ذَكَرْنا، وهو أوْلَى؛
(1) أخرجه البخاري، في: باب مباشرة الحائض، من كتاب الحيض، وفي: باب في غسل المعتكف، من كتاب الاعتكاف. صحيح البخاري 1/ 82، 3/ 63. ومسلم في: باب مباشرة الحائض فوق الإزار، من كتاب الحيض. صحيح مسلم 1/ 242. كما أخرجه أبو داود، في: باب في الرجل يصيب منها ما دون الجماع من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 61. والترمذي، في: باب ما جاء في مباشرة الحائض، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي 1/ 214 وابن ماجه، في: باب ما للرجل من امرأته إذا كانت حائضا، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 208. والدارمي، في: باب مباشرة الحائض، من كتاب الطهارة. سنن الدارمي 1/ 244. والإمام أحمد، في: المسند 6/ 55، 134، 143، 170، 174، 182، 209، 235.
(2)
في: باب مباشرة الحائض فيما فوق الإزار، من كتاب الحيض. السنن الكبرى 1/ 312.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لوَجْهَين؛ أحَدُهما، أنَّه لو أرادَ الحَيضَ لكان أمْرًا باعْتِزالِ النِّساء في مدَّةِ الحَيْضِ بالكُلِّيَّةِ، ولا قائِلَ به. الثاني، أنَّ سَبَبَ نزولِ الآية، أنَّ اليَهُودَ كانوا إذا حاضَتِ المرأةُ اعْتَزَلُوها، فلم يُؤاكِلُوها ولم يُشارِبُوها، ولم يَجْتَمِعوا معها في البَيتِ، فسأل أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فنَزَلَتْ هذه الآيَةُ، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ غَيرَ النِّكَاحِ» . رَواه مسلمٌ (1). وهذا تَفْسِير لمُرادِ اللهِ تعالى؛ لأنَّه لا تَتَحَقَّق مُخالفَةُ اليهودِ بإرادَةِ الحَيضِ؛ لأنَّه يكُونُ مُوافِقًا لهم، ومِن السُّنَّةِ هذا الحديثُ. وعن عِكْرِمَةَ، عن بعْضِ أزواجِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا أرادَ مِن الحائِضِ شَيئًا أَلْقَى على فرْجِها خِرقَةً. رَواه أبو داودَ (2). ولأنَّه وَطْءٌ مُنِع للأذَى، فاخْتَصَّ بمَحَلِّه كالدُّبُرِ، وحديثُ عائِشَةَ ليس فيه دَلِيلٌ على تَحْرِيمِ ما تحتَ الإِزارِ، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد يَتْرُكُ بعضَ المُباحِ تَقَذُّرًا، كتَرْكِه أكْلَ الضَّبِّ، والحديثُ الآخَر يَدُلُّ بالمَفْهُومِ، والمَنْطُوقُ راجِحٌ عليه.
(1) في: باب جواز غسل الحائض رأس زوجها. . . . إلخ، من كتاب الحيض. صحيح مسلم 1/ 246 - كما أخرجه أبو داود، في: باب [في] مؤاكلة الحائض ومجامعتها، من كتاب الطهارة، وفي: باب في إتيان الحائض ومباشرتها، من كتاب النكاح. سنن أبي داود 1/ 59، 499. وابن ماجه، في: باب ما جاء في مؤاكلة الحائض وسؤرها، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه 1/ 211.
(2)
في: باب في الرجل يصيب منها ما دون الجماع، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود 1/ 61.