الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنية واجبة عند الجمهور كما بينا في الوسائل والمقاصد معاً، وهي شرط كمال في الوسائل عند الحنفية كالوضوء والغسل، وشرط صحة في المقاصد كالصلاة والزكاة والصوم والحج.
ومعنى هذه القاعدة: لا ثواب على جميع الأعمال الشرعية إلا بالنية، قال ابن نجيم المصري (1) الثواب نوعان: أخروي: وهو الثواب واستحقاق العقاب، ودنيوي: وهو الصحة والفساد. وقد أريد الأخروي بالإجماع، للإجماع على أنه لا ثواب ولا عقاب إلا بالنية، فانتفى إرادة النوع الآخر وهو الدنيوي، لاندفاع الضرورة بالأول من صحة الكلام به، فلا حاجة إلى النوع الآخر.
القاعدة الثانية ـ (الأمور بمقاصدها):
معنى هذه القاعدة: أن أعمال الإنسان وتصرفاته القولية والفعلية تخضع أحكامها الشرعية التي تترتب عليها لمقصوده الذي يقصده منها، وليس بظاهر العمل أو القول.
والأصل في هذه القاعدة كما أوضحت الحديث السابق: «إنما الأعمال بالنيات» وأحاديث أخرى كثيرة في معناه أوردها السيوطي في كتابه (2). وأمثلتها مايأتي:
يختلف حكم القتل بحسب القصد الجنائي أو النية، فإذا كان القاتل عامداً وجب عليه القصاص، وإن كان مخطئاً وجبت عليه الدية. وتقبل الصلاة ويثاب عليها المصلي إن كانت بإخلاص لله تعالى، وترد في وجه صاحبها إن كانت بقصد الرياء.
(1) الأشباه، المرجع السابق.
(2)
الأشباه والنظائر للسيوطي: ص 7.
ومن أخذ اللقطة بقصد تملكها، كان آثماً غاصباً يضمنها، ومن أخذها بنية حفظها لمالكها حل له رفعها وكان أميناً، لا يضمنها إذا هلكت إلا بالتعدي أو بالتقصير في حفظها.
ومن قال لزوجته: اذهبي إلى بيت أهلك، فإن قصد الطلاق وقع عليه، وإن لم يقصده لم يحكم بالطلاق عليه.
وذكر قاضي خان في فتاواه عند الحنفية (1): أن بيع العصير ممن يتخذه خمراً: إن قصد به التجارة، فلا يحرم، وإن قصد به لأجل التخمير حرم (2)، وكذا غرس الكرم على هذا.
وهجر المسلم أخاه فوق ثلاثة أيام دائر مع القصد، فإن قصد هجر المسلم حرم، وإلَاّ لا.
والإحداد للمرأة على ميت غير زوجها فوق ثلاث دائر مع القصد، فإن قصدت ترك الزينة والتطيب لأجل الميت حرم عليها، وإلا فلا. وإذا قرأ المصلي آية من القرآن جواباً لكلام، بطلت صلاته وكذا إ ذا أُخبر المصلي بما يسره فقال: الحمد لله، قاصداً الشكر، بطلت صلاته، أو بما يسوؤه، فقال: لا حول ولا قوة إلا بالله أو بموت إنسان فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، قاصداً له، بطلت صلاته.
وإن سجد امرؤ للسلطان، فإن كان قصده التعظيم والتحية، دون الصلاة لايكفر، لأمر الملائكة بالسجود لآدم عليه السلام، وسجود إخوة يوسف له عليه السلام.
(1) الأشباه والنظائر لابن نجيم: ص 22.
(2)
وقال الشافعية: يحرم بيع الرطب والعنب لعاصر الخمر والنبيذ، أي لمتخذها لذلك بأن يعلم منه ذلك أو يظنه ظناً غالباً، ومثله بيع السلاح لباغ وقاطع طريق، للنهي عن ذلك، لكن لايبطل البيع بسبب النهي (مغني المحتاج: 37/ 2 - 38).