الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إذا كان الماء أكثر من قلتين، والنجاسة الواقعة جامدة، فالمذهب أنه تجوز الطهارة منه، لأنه لا حكم للنجاسة القائمة، فكان وجودها كعدمها.
وإن كان الماء قلتين فقط، وفيه نجاسة قائمة، ففيه وجهان، أصحهما جواز الطهارة به.
وإن كانت النجاسة ذائبة جازت الطهارة به على الصحيح.
التطهير بالماء الجاري:
قال الحنفية (1): يختلف حكم الماء الجاري عن الراكد. والجاري: هو ما يعده الناس جارياً عرفاً. وألحقوا بالجاري: حوض الحمام وغير الحمام إذا كان الماء ينزل من أعلاه، والناس يغترفون منه، فلو أدخلت القَصْعة أو اليد النجسة فيه، لاينجس.
وحكمه: أنه إذا وقعت النجاسة فيه، ولم ير لها أثر من طَعْم أو لون أو ريح، فهو طاهر مطهر، يجوز الوضوء به، وإزالة النجاسة به؛ لأن النجاسة إذا كانت مائعة لا تستقر مع جريان الماء.
أما إذا كانت دابة ميتة: فإن كان الماء يجري عليها أو على أكثرها، أو نصفها، لا يجوز استعماله، وإن كان يجري على أقلها، وأكثره يجري على موضع طاهر، وللماء قوة، فإنه يجوز استعماله، إذا لم يوجد أثر للنجاسة.
والغدير (2) والحوض العظيم الراكد: وهو في رأي العراقيين: الذي لايتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر إذا وقعت نجاسة في أحد جانبيه. وفي
(1) الدر المختار:173/ 1 - 180، اللباب:27/ 1، فتح القدير:53/ 1 - 56.
(2)
هو القطعة من الماء يغادرها السيل.
ظاهر الرواية وهو الأصح: هو الذي يغلب على ظن المرء واجتهاده عدم وصول النجاسة فيه إلى الجانب الآخر. يجوز الوضوء وإزالة النجاسة به من الجانب الآخر الذي لم تقع فيه النجاسة؛ لأن الظاهر أن النجاسة لا تصل إلى الجانب الآخر، كما أن المفتى به جواز التطهر به من جميع الجوانب.
وقال غير الحنفية (1) الماء الجاري كالراكد، إن كان كثيراً لا تضره النجاسة، التي لم تغير أحد أوصافه (الطعم واللون والريح) فهو طاهر، وإن كان قليلاً تنجس مجموعه بمجرد الملاقاة.
ولا حد للكثرة عند المالكية. والكثير عند الشافعية والحنابلة: ما بلغ قلتين (500 رطل بغدادي تقريباً). والعبرة في الجاري بالجرية: وهي كما عرفها الشافعية: ما يرتفع من الماء عند تموُّجه: أي تحقيقاً أوتقديراً، فإن كبرت الجرية لم تنجس إلا بالتغير، وهي في نفسها منفصلة عما أمامها وما خلفها من الجريات حكماً.
والجرية عند الحنابلة: هي الماء الذي فيه النجاسة، وما قرب منها، من خلفها وأمامها، مع ما يحاذي ذلك مما بين طرفي النهر. أو هي ما أحاط بالنجاسة فوقها وتحتها، ويمنة ويسرة. والتعريفان مترادفان.
فإن كان الماء جارياً، وفيه نجاسة جارية، كالميتة، والجرية المتغيرة، فالماء الذي قبلها طاهر؛ لأنه لم يصل إليه النجاسة، فهو كالماء الذي يصب على النجاسة من إبريق، والذي بعدها طاهر أيضاً؛ لأنه لم تصل إليه النجاسة. وأما ما يحيط بالنجاسة من فوقها وتحتها ويمينها وشمالها: فإن كان قلتين ولم يتغير، فهو طاهر، وإن كان دونهما، فهو نجس كالراكد.
(1) بداية المجتهد: 23/ 1، القوانين الفقهية: ص30، الشرح الصغير: 30/ 1وما بعدها، مغني المحتاج:24/ 1، المهذب:7/ 1، كشاف القناع:40/ 1وما بعدها، المغني:31/ 1 وما بعدها.