الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويشترط لصحة النية عندهم: الإسلام، والتمييز، والعلم بما ينويه ليعرف حقيقة المنوي.
ومذهب الحنفية هنا أولى الآراء لسماحته ويسره وسعته.
والدليل على اشتراط النية الحديث المتقدم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى» واستدل الحنفية: بأن التراب ملوث، فلا يكون مطهراً إلا بالنية، أي أن التراب ليس بطهارة حقيقية، وإنما جعل طهارة عند الحاجة، والحاجة إنما تعرف بالنية، بخلاف الوضوء؛ لأنه طهارة حقيقية، فلا يشترط له الحاجة ليصير طهارة، فلا يشترط له النية.
2ً -
مسح الوجه واليدين مع الاستيعاب
(1):
لقوله تعالى: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} [المائدة:5/ 6].
والمطلوب في اليدين عند الحنفية والشافعية: مسحهما إلى المرفقين كالوضوء، على وجه الاستيعاب، للآية المذكورة، لقيام التيمم مقام الوضوء، ولأن اليد أطلقت في التيمم، وقيدت في الوضوء بقوله تعالى:{إلى المرافق} [المائدة:5/ 6]، فيحمل التيمم على الوضوء، ويقاس عليه، ولحديث عمار: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في التيمم: «ضربة للوجه واليدين» (2).
(1) يلاحظ أن المالكية جعلوا هذا فريضتين: إحداهما ـ الضربة الأولى أي وضع الكفين على الصعيد، والثانية ـ تعميم الوجه واليدين إلى الكوعين. وعند الشافعية والحنابلة: مسح جميع الوجه فرضاً، ومسح اليدين فرضاً آخر.
(2)
رواه أحمد وأبو داود. أما حديث ابن عمر: «التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين، فهو ضعيف.
واكتفى المالكية والحنابلة بمسح اليدين إلى الكوعين، أما من الكوعين إلى المرفقين فسنة، مستدلين بقوله تعالى:{وأيديكم} [المائدة:6/ 5]، وإذا علق حكم بمطلق اليدين، لم يدخل فيه الذراع، كقطع السارق، ولحديث عمار بن ياسر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالتيمم للوجه والكفين (1)، ولقول عمار: أجنبت فلم أصب الماء، فتمعكت (تمرغت أو تقلبت) في الصعيد، وصليت، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إنما كان يكفيك هذا، وضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفَّيه الأرض، ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه (2).
والمفروض عند الحنفية والشافعية: ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين. وقال المالكية والحنابلة: الفريضة: الضربة الأولى: أي وضع الكفين على الصعيد، وأما الضربة الثانية فهي سنة، كما سيأتي.
وسبب الخلاف: أن الآية مجملة في ذلك، والأحاديث متعارضة، وقياس التيمم على الوضوء في جميع أحواله غير متفق عليه. والذي في حديث عمار الثابت من ذلك: إنما هو ضربة واحدة للوجه والكفين معاً، وهناك أحاديث فيها ضربتان، فرجح الجمهور هذه الأحاديث قياساً للتيمم على الوضوء، ومن هذه الأحاديث حديث ابن عمر:«التيمم ضربتان: ضربة للوجه وضربة لليدين» (3) وروى أبو داود: «أنه صلى الله عليه وسلم تيمم بضربتين مسح بإحداهما وجهه، وبأخرى ذراعيه» (4).
(1) رواه الترمذي وصححه (نيل الأوطار:263/ 1).
(2)
متفق عليه، وفي لفظ:«إنما كان يكفيك أن تضرب بكفيك في التراب، ثم تنفخ فيهما، ثم تمسح بهما وجهك وكفيك إلى الرسغين» رواه الدارقطني (نيل الأوطار:264/ 1).
(3)
أخرجه الحاكم والدارقطني والبيهقي، لكن في إسناده ضعيف، وهو موقوف على ابن عمر.
(4)
فيه راوٍ ليس بالقوي عند المحدثين، فسنده ضعيف (انظر نصب الراية:150/ 1 - 154).