الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودليل الحنابلة حديث فاطمة بنت أبي حبيش السابق عند الترمذي: «إنه دم عرق، فتوضئي لكل صلاة» ولأن الدم ونحوه نجاسة خارجة من البدن، فأشبه الخارج من السبيل.
وأما كون القليل من ذلك لا ينقض، فلمفهوم قول ابن عباس: في الدم: «إذا كان فاحشاً فعليه الإعادة» وعصر ابن عمر بثرة، فخرج الدم، فصلى ولم يتوضأ، وابن أبي أوفى عصر دملاً، وغيرهما (1).
وقرر المالكية والشافعية: عدم نقض الوضوء بالدم ونحوه، بدليل حديث أنس، قال:«واحتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى ولم يتوضأ، ولم يزد على غسل محاجمه» (2).
وحديث عباد بن بشر: «أنه أصيب بسهام، وهو يصلي، فاستمر في صلاته» (3) ويبعد ألا يطلع النبي صلى الله عليه وسلم على مثل هذه الواقعة العظيمة، ولم ينقل أنه أخبره بأن صلاته قد بطلت.
4ً -
القيء:
الخلاف فيه كالخلاف في الدم ونحوه من الخارج من غير السبيلين، على اتجاهين:
الأول ـ للحنفية والحنابلة: أنه ينقض الوضوء، إذا كان بملء الفم عند الحنفية: وهو ما لا ينطبق عليه الفم إلا بتكلف، على الأصح. وإذا كان كثيراً فاحشاً عند الحنابلة: وهو ما فحش في نفس كل أحد بحسبه.
(1) نيل الأوطار: 1/ 189.
(2)
رواه الدارقطني والبيهقي، وهو ضعيف (نيل الأوطار: 1/ 189).
(3)
ذكره البخاري تعليقاً، وأبو داود وابن خزيمة.
والقيء سواء أكان طعاماً أم ماء أم عَلَقًا (المراد به هنا الدم المتجمد الخارج من المعدة) أم مِرَّة (الصفراء). ولا ينقض البلغم من معدة أو صدر أو رأس، كالبصاق والنخامة، لأنها طاهرة تخلق من البدن. ولا ينقض الجشاء وهو الريح الذي يخرج من فم الرجل.
ودليلهم: حديث عائشة المتقدم: «من أصابه قيء أو رعاف أو قَلس، أو مذي، فلينصرف، فليتوضأ، ثم ليَبْن على صلاته، وهو في ذلك لا يتكلم» (1). والقلس: هو ما خرج من العلق ملء الفم أو دونه، وليس بقيء، وإن عاد فهو القيء.
وحديث أبي الدرداء: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء، فتوضأ، فلقيت ثوبانَ في مسجد دمشق، فذكرت له ذلك، فقال: صدق، أنا صببت له وَضُوءه» (2).
والخلاصة: أن القيء ناقض للوضوء عند هؤلاء بقيود ثلاثة: كونه من المعدة، وكونه ملء الفم أو كثيراً، وكونه دفعة واحدة.
الاتجاه الثاني ـ للمالكية والشافعية: أنه لا ينقض الوضوء بالقيء؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قاء فلم يتوضأ (3)،وفي حديث ثوبان قال:«قلت: يا رسول الله، هل يجب الوضوء من القيء؟ قال: لو كان واجباً، لوجدته في كتاب الله» ولأنه خارج من غير المخرج، مع بقاء المخرج، فلم ينقض الطهارة كالبصاق. وأجابوا عن حديث أبي الدرداء بأن المراد بالوضوء: غسل اليدين.
(1) رواه ابن ماجه والدارقطني، قال البيهقي: والصواب إرساله (نيل الأوطار: 1/ 187).
(2)
رواه أحمد والترمذي، وقال: هو أصح شيء في الباب (نيل الأوطار: 1/ 186).
(3)
رواه الدارقطني.