الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إجماع الصحابة على ذلك لكان القول بمذهب الخصوم ـ أي أصحاب الرأي الأول ـ أولى (1).
يتبين من هذا أن القول الثاني هو الأرجح بإجماع الصحابة على جواز التخير بين الأقوال، وسؤال السائل من شاء من العلماء (2).
الفرع الرابع ـ آراء الأصوليين في مسألة اختيار الأيسر (أو تتبع الرخص)، وفي التلفيق بين المذاهب
. يتفرع على مابيناه من أنه لم يوجد في الشرع مايوجب على الإنسان اتباع ماالتزمه من المذاهب: القول بجواز تتبع الرخص والتلفيق. أما تتبع الرخص أو اختيار الأيسر: فهو أن يأخذ الشخص من كل مذهب ماهو أهون عليه وأيسر فيما يطرأ عليه من المسائل.
وقد حكى الأصوليون في هذه المسألة ثمانية أقوال (3) أذكرها بإجمال ثم أبين أقوى النظريات المقولة فيها.
1 -
قال أكثر أصحاب الشافعي وصححه الشيرازي والخطيب البغدادي وابن الصباغ والباقلاني والآمدي: يخير الإنسان بأخذ ماشاء من الأقوال، لإجماع الصحابة على عدم إنكار العمل بقول المفضول مع وجود الأفضل.
2 -
أهل الظاهر والحنابلة: يأخذ بالأشد الأغلظ.
(1) قال الإمام الرازي هذه العبارة أيضاً.
(2)
قال ابن بدران الحنبلي في المدخل: ص 194: الحق أن المقلد لايلزمه استفتاء أفضل المجتهدين مطلقاً فإن هذا يسد باب التقليد، أما إذا قيدنا ذلك بمجتهدي البلد فإنه يلزمه حينئذ تحري الأفضل، لأن الأفضل في كل بلد معروف مشهور.
(3)
إرشاد الفحول للشوكاني: ص 240، فتاوى الشيخ عليش: 71/ 1 ومابعدها. 3 - يأخذ بالأخف.
4 -
يبحث عن الأعم من المجتهدين، فيأخذ بقوله.
5 -
يأخذ بقول الأول، حكاه الرُّوياني.
6 -
يأخذ بقول من يعمل على الرواية دون الرأي، حكاه الرافعي.
7 -
يجب عليه أن يجتهد فيما يأخذ مما اختلفوا فيه، حكاه ابن السَّمعاني، ومشى عليه الشاطبي في الموافقات.،وهذا القول قريب من رأي الكعبي.
8 -
إن كان الأمر في حق الله أخذ بالأخف، وإن كان في حق العباد أخذ بالأغلظ، حكاه الأستاذ أبو منصور الماتريدي.
ويمكن القول بوجود آراء ثلاثة في الموضوع هي الأشهر وهي التي نعتمدها بحثاً.
1 -
قال الحنابلة (1)، والمالكية في الأصح عندهم (2)، والغزالي (3): يمتنع تتبع الرخص في المذاهب، لأنه ميل مع أهواء النفوس، والشرع جاء بالنهي عن اتباع الهوى، قال تعالى:{فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} [النساء:59/ 4]، فلا يصح رد المتنازع فيه إلى أهواء النفوس، وإنما يرد إلى الشريعة.
ونقل عن ابن عبد البر: أنه لايجوز للعامي تتبع الرخص إجماعاً. وعبارة
(1) المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل لابن بدران الدمشقي: ص 195.
(2)
فتاوى الشيخ عليش مع التبصرة لابن فرحون المالكي: 58/ 1 - 60، الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام للقرافي: ص 79.
(3)
المستصفى: 125/ 2.