الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
استحيضت فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألته عن ذلك، فأمرها بالغسل عند كل صلاة، فلما جَهَدَها ذلك أمرها أن تجمع بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بغسل، والصبح بغسل» (1).
7ً -
للإفاقة من جنون أو إغماء أو سكر:
يندب الغسل لمن أفاق من جنون ونحوه، قال ابن المنذر:«ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من الإغماء» (2).
8ً -
عند حجامة، وفي ليلة براءة، وليلة قدر إذا رآها:
يندب عند الحنفية الغسل من الحجامة خروجاً من خلاف من ألزمه.
وفي ليلة براءة: وهي ليلة النصف من شعبان، لإحيائها وعظم شأنها؛ إذ فيها تقسم الأرزاق والآجال. وفي ليلة القدر إذا رآها، لإحيائها.
وفي حال فزع من مخوف، التجاء إلى الله، وكرمه، لكشف الكرب عنه.
وفزع من ظلمة وريح شديدة؛ لأن الله تعالى أهلك به من طغى، كقوم عاد.
ويندب الغسل للتائب من ذنب، وللقادم من سفر، ولمن أصابته نجاسة وخفي مكانها، فيغسل جميع بدنه وجميع ثوبه احتياطاَ.
ملحقان بالغسل:
الملحق الأول ـ في أحكام المساجد:
المساجد أفضل بقاع الأرض، وأفضل المساجد ثلاثة: المسجد الحرام، ومسجد المدينة، والمسجد الأقصى، وأفضل الثلاثة عند الجمهور مسجد
(1) رواه أحمد وأبو داود، قال ابن حجر: قد قيل: إن ابن إسحاق وهم فيه (نيل الأوطار:242/ 1).
(2)
متفق عليه من حديث عائشة (نيل الأوطار:343/ 1).
مكة، وعند مالك مسجد المدينة ، كما أن مالكا فضل المدينة على مكة خلافا للجمهور. وقال الحنفية: مسجد استاذ للعلوم أفضل اتفاقا، ومسجد الحي أفضل من الجامع.
وقد ذكر الإمام النووي (المتوفى سنة 676 للهجرة) ثلاثة وثلاثين حكما للمساجد وهي ما يأتي (1):
1ً -يحرم على الجنب والحائض والنفساء دخول المساجد ، وأباح الشافعية المرور من غير مكث ، ولا كراهة فيه ، سواء أكان لحاجة أو لغيرها ، لكن الأولى ألا يعبر إلا لحاجة ، ليخرج من خلاف الحنفية والمالكية. كما أبنت فيما يحرم على الجنب ونحوه. ويكره تحريما عند الحنفية اتخاذ المسجد طريقاً بغير عذر، وقال المالكية: يكره كثرة المرور في المسجد إن كان بناء المسجد سابقاً على الطريق، وإلا فلا كراهة.
2ً - لو احتلم في المسجد، وجب عليه الخروج منه، إلا أن يعجز عن الخروج لإغلاق المسجد ونحوه، أو خاف على نفسه أو ماله، فإن عجز أو خاف، جاز أن يقيم للضرورة.
ولا يتيمم بتراب المسجد فيحرم ذلك، فإن خالف وتيمم صح. ولو أجنب وهو خارج المسجد، والماء في المسجد، لم يجز أن يدخل ويغتسل في المسجد؛ لأنه يلبث لحظة مع الجنابة.
(1) المجموع:187/ 2 - 196،33/ 4، وانظر إعلام الساجد بأحكام المساجد للزركشي المتوفى (سنة 794 هـ) وبخاصة: ص301 - 407 حيث ذكر137 حكماً للمساجد، طبع أبي ظبي، القوانين الفقهية: ص49، المغني: 243/ 2، الدر المختار ورد المحتار:614/ 1 - 619، كشاف القناع: 424/ 2 - 436.
ولو دخل للاستسقاء، لا يجوز أن يقف إلا قدر حاجة الاستسقاء.
3ً - يجوز للمحدث الجلوس في المسجد بإجماع المسلمين، سواء لغرض شرعي كاعتكاف أو سماع قرآن أو علم آخر، أم لغير غرض، ولا كراهة في ذلك.
4ً - يجوز النوم في المسجد، ولا كراهة فيه عند الشافعية، لفعل ابن عمر في الصحيحين، وكان أصحاب الصُفَّة (1) ينامون في المسجد، ونام العرنيون في المسجد، ونام علي وصفوان بن أمية فيه، ونام غيرهم.
وقال مالك: لابأس بذلك للغرباء، ولا أرى ذلك للحاضر.
وقال الحنفية: يكره النوم في المسجد إلا للغريب والمعتكف.
وقال أحمد وإسحاق: إن كان مسافراً أو شبهه، فلا بأس، وإن اتخذه مبيتاً أو مقيلاً، فلا.
وقال المالكية (2): يمنع دخول الكافر المسجد وإن أذن له مسلم إلا لضرورة عمل، ومنها قلة أجرته عن المسلم في عمل ما، وإتقانه العمل على الظاهر.
وأجاز أبو حنيفة لكافر دخول كل مسجد.
ويجوز عند الشافعية للكافر دخول المسجد غير المسجد الحرام وحرم مكة، وله أن يبيت فيه، ولو كان جنباً في الأصح، ولكن بإذن المسلمين.
5ً - يجوز الوضوء في المسجد إذا لم يؤذ بمائه، والأولى أن يكون في إناء. قال ابن المنذر: أباح كل من يحفظ عنه العلم الوضوء في المسجد، إلا أن يَبُلَّه، ويتأذى به الناس، فإنه يكره.
(1) أهل الصفة: جماعة من فقراء المهاجرين كانوا يقيمون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت صُفَّته، أي ظلته.
(2)
حاشية الصاوي على الشرح الصغير:178/ 1.
وقال مالك وأبو حنيفة: يكره الوضوء، تنزيهاً للمسجد، واستثنى الحنفية: ماأعد للوضوء فلا يكره فيه.
6ً - لا بأس بالأكل والشرب ووضع المائدة في المسجد، وغسل اليد فيه. وقال الحنفية: يكره تنزيهاً أكل ما ليست له رائحة كريهة، وقال المالكية: يجوز للغرباء الأكل في المساجد ما لم يقذر، وكذلك قال الحنابلة: يباح الأكل بشرط ألا يلوثه.
7ً - يكره لمن أكل ثوماً، أو بصلاً، أو كُرَّاثاً، أو غيرها مما له رائحة كريهة، وبقيت رائحته، أن يدخل المسجد من غير ضرورة، لحديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من أكل من هذه الشجرة ـ يعني الثوم ـ فلا يقربن مسجدنا» أو «مساجدنا» (1)، وحديث أنس:«من أكل من هذه الشجرة، فلا يقربنا، ولا يصلين معنا» (2)، وحديث جابر:«من أكل ثوماً، أو بصلاً، فليعتزلنا، أو فليعتزل مساجدنا» (3).
وقال الحنفية: يكره ذلك تحريماً، وقال المالكية: يحرم ذلك.
8ً - يكره البصاق في المسجد، لما ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«البصاق في المسجد خطيئة، وكفارتها دفنها» .
9ً - يحرم البول والفصد والحجامة في المسجد في غير إناء. ويكره الفصد
(1) رواه البخاري ومسلم، ورواية مسلم:«مساجدنا» .
(2)
رواه البخاري ومسلم.
(3)
رواه البخاري ومسلم، وروى مسلم حديثاً عن عمر بن الخطاب في معنى المذكورات. هذا ولا يحرم إخراج الريح من الدبر في المسجد، لكن الأولى اجتنابه، لرواية مسلم من حديث جابر السابق:«من أكل البصل والثوم والكراث، فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم» والكراث: بقل (نيل الأوطار: 154/ 2).
والحجامة فيه في إناء. ولا يحرم. وقال الحنفية: يكره تحريماً البول والتغوط والوطء في المسجد؛ لأنه مسجد إلى عنان السماء، ويكره إدخال نجاسة إلى المسجد، فلا يجوز الاستصباح فيه بدهن نجس، ولا تطيينه بنجس ولا الفصدفيه.
وقال الشافعية: يحرم إدخال النجاسة إلى المسجد. أما من على بدنه نجاسة أو به جرح: فإن خاف تلويث المسجد، حرم عليه دخوله، وإن أمن لم يحرم. ولا يجوز البناء ولا التجصص بالنجس، ويكره ذلك تحريماً عند الحنفية. ويحرم الاستصباح فيه بالزيت والدهن المتنجس.
ودليل حرمة هذه المسائل حديث أنس عند مسلم: «إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله، وقراءة القرآن» .
10ً - يكره غرس الشجر في المسجد، ويكره حفر البئر؛ لأنه بناء في مال غيره، وللإمام قلع ما غرس فيه، وقال الحنفية: يكره غرس الأشجار في المسجد إلا لنفع، كتقليل نَزّ (ما يتحلب من الأرض من الماء).
11ً - تكره الخصومة في المسجد، ورفع الصوت فيه، ونشد الضالة، والبيع والشراء والإجارة ونحوها من العقود، لحديث أبي هريرة عند مسلم وأحمد وابن ماجه:«من سمع رجلاً ينشد ضالة في المسجد، فليقل: لا ردها الله عليك، فإن المساجد لم تبن لهذا» وفي رواية الترمذي: «إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد، فقولوا: لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد ضالة، فقولوا: لا ردها الله عليك» (1).
(1) قال الترمذي: حديث حسن. وروى أبو داود والترمذي والنسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشراء والبيع في المسجد، وأن ينشد فيه ضالة، وأن ينشد فيه شعر» قال الترمذي: حديث حسن.
كذلك يكره البيع والشراء عند الحنفية والمالكية، ويحرم عند الحنابلة، وإن وقع فهو باطل. ويكره رفع الصوت بالذكر إن شوش على المصلين عند الحنفية والحنابلة إلا للمتفقهة، كما يكره عندهم الكلام غير المباح، فإن كان مما يباح فلا يكره إن لم يشوش على المصلين. وقال المالكية: يكره رفع الصوت في المسجد مطلقاً ولو بالذكر والعلم.
لكن لا بأس عند الشافعية أن يعطى السائل في المسجد شيئاً، لحديث:«هل منكم أحد أطعم اليوم مسكيناً؟ فقال أبو بكر: دخلت المسجد، فإذا أنا بسائل يسأل، فوجدت كسرة خبز في يد عبد الرحمن، فأخذتها فدفعتها إليه» (1) وكره الشافعي السؤال في المسجد، وكذلك كرهه المالكية والحنابلة، ولكن يجوز الإعطاء، وقال الحنفية: يحرم السؤال في المسجد، ويكره إعطاء السائل فيه شيئاً.
12ً - يكره إدخال البهائم والمجانين، والصبيان الذين لايميزون المسجد؛ لأنه لا يؤمن من تلويثهم إياه، ولا يحرم ذلك؛ لأنه ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى حاملاً أمامة بنت زينب رضي الله عنهما، وطاف على بعيره. ولا ينفي هذا الكراهة؛ لأنه صلى الله عليه وسلم فعله لبيان الجواز، فيكون حينئذ أفضل في حقه، فإن البيان واجب. وهذا الحكم هو المقرر أيضاً عند الحنابلة إلا أنهم أجازوا إدخال المجانين في المساجد لحاجة كتعليم الكتابة. ومنع المالكية والحنفية من إدخال الصبيان والمجانين المساجد، وهو مكروه، ويرخص للنساء الصلاة في المساجد إذا أمن الفساد، ويكره للشابة الخروج إليه.
13ً - يكره أن يجعل المسجد مقعداً لحرفة، كالخياطة ونحوها، لحديث أنس السابق في حكم المسألة التاسعة. أما من ينسخ فيه شيئاً من العلم، أو اتفق قعوده فيه، فخاط ثوباً، ولم يجعله مقعداً للخياطة، فلا بأس به.
(1) رواه ابو داود باسناد جيد عن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما.
14ً - يجوز الاستلقاء في المسجد على القفا، ووضع إحدى الرجلين على الأخرى، وتشبيك الأصابع ونحو ذلك، ثبت في صحيحي البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك كله.
15ً - يستحب عقد حلق العلم في المساجد، وذكر المواعظ والرقائق ونحوها، والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة مشهورة.
ويجوز التحدث بالحديث المباح في المسجد، وبأمور الدنيا وغيرها من المباحات، وإن حصل فيه ضحك ونحوه ما دام مباحاً، لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي صلى فيه الصبح حتى تطلع الشمس فإذا طلعت قام، وقال: وكانوا يتحدثون، فيأخذون في أمر الجاهلية، فيضحكون ويبتسم (1).»
16ً - لا بأس بإنشاد الشعر في المسجد إذا كان مدحاً للنبوة أو الإسلام، أو كان حكمة، أو في مكارم الأخلاق، أو الزهد، أو نحو ذلك من أنواع الخير، بدليل حديث سعيد بن المسيب قال: مر عمر بن الخطاب، وحسان ينشد الشعر، فلحظ إليه، فقال: أنشد فيه، وفيه من هو خير منك، ثم التفت إلى أبي هريرة فقال: أنشدك بالله، أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:«أجب عني، اللهم أيده بروح القدس» ؟ قال: نعم (2).
أما ما فيه شيء مذموم كهجو مسلم أو صفة الخمر، أو ذكر النساء أو المُرْد، أو مدح ظالم، أو افتخار منهي عنه، أو غير ذلك، فحرام لحديث أنس السابق في المسألة التاسعة، ولحديث آخر: «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تناشد الأشعار في
(1) رواه مسلم.
(2)
رواه البخاري ومسلم.
المسجد» (1) وهذا التفصيل هو الحكم المقرر لدى المذاهب الأخرى.
17ً - يسن كنس المسجد وتنظيفه وإزالة ما يرى فيه من نخامة أو بصاق، أو نحو ذلك، ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى بصاقاً في المسجد، فحكه بيده. وروى أبو داود عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عرضت علي أجور أمتي، حتى القَذاةُ يخرجها الرجل من المسجد» والقذاة: الواحدة من التبن والتراب وغير ذلك.
18ً - من البدع المنكرة إيقاد القناديل الكثيرة في ليال معينة كليلة نصف شعبان، مضاهاة للمجوس في الاعتناء بالنار، وإضاعة للمال.
19ً - السنة لمن دخل المسجد ومعه سلاح: أن يمسك على حَدِّه، كنصل السهم وسنان الرمح ونحوه، لحديث جابر رضي الله عنه: أن رجلاً مر بسهام في المسجد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أمسك بنصالها» (2).
20ً - السنة للقادم من سفر: أن يبدأ بالمسجد، فيصلي فيه ركعتين، لحديث كعب بن مالك رضي الله عنه، قال:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر، بدأ بالمسجد، فصلى ركعتين» (3).
21ً - ينبغي للجالس في المسجد لانتظار صلاة، أو اشتغال بعلم، أو لشغل آخر من طاعة أو مباح: أن ينوي الاعتكاف، فإنه يصح، وإن قل زمانه.
22ً - لا بأس بإغلاق المسجد في غير وقت الصلاة، لصيانته أو لحفظ آلاته. فإذا لم يخف من فتحها مفسدة ولا انتهاك حرمتها، وكان في فتحها رفق بالناس، فالسنة فتحها، كما لم يغلق مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمنه ولا بعده.
(1) حديث حسن رواه النسائي بإسناد حسن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده.
(2)
رواه البخاري ومسلم، كما رويا في معناه حديثاً عن أبي موسى رضي الله عنه.
(3)
رواه البخاري ومسلم.
23ً - يكره لداخل المسجد: أن يجلس فيه، حتى يصلي ركعتين.
24ً- ينبغي للقاضي ألا يتخذ المسجد مجلساً للقضاء، إلا ما يقع فيه صدفة، فيقضى فيه.
25ً- يكره أن يتخذ على القبر مسجد، لحديث صحيح:«قاتل الله اليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (1).
وأما حفر القبر في المسجد، فحرام شديد التحريم.
وتكره الكتابة عند الشافعية والحنفية والحنابلة على جدران المسجد وسقوفه. وقال المالكية والحنابلة: تكره الكتابة في القبلة لئلا تشغل المصلي، ولا تكره فيما عدا ذلك؛ لأن الكتابة تشغل قلب المصلي، وربما اشتغل بقراءته عن صلاته. كما يكره تزويقه وكل ما يشغل المصلي عن صلاته.
ً 26ً- حائط المسجد من داخله وخارجه: له حكم في وجوب صيانته وتعظيم حرماته، وكذا سطحه، والبئر التي فيه، وكذا رحبته، وقد نص الشافعي وأصحابه على صحة الاعتكاف في رحبته وسطحه، وصحة صلاة المأموم فيهما مقتدياً بمن في المسجد، وكذلك يعتبر سطح المسجد كالمسجد في بقية المذاهب.
27ً - السنة لمن أراد دخول المسجد: أن يتفقد نعليه، ويمسح ما فيهما من أذى قبل دخوله، لحديث:«إذا جاء أحدكم إلى المسجد، فلينظر، فإن رأى في نعليه قذراً أو أذى، فليمسحه، وليصل فيهما» (2).
28ً - يكره الخروج من المسجد بعد الأذان حتى يصلي إلا لعذر، لحديث
(1) رواه الشيخان وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
حديث حسن رواه أبو داود بإسناد صحيح.
أبي الشَّعْثاء قال: «كنا قعوداً مع أبي هريرة رضي الله عنه في المسجد، فأذن المؤذن، فقام رجل من المسجد يمشي، فأتبعه أبو هريرة بصره، حتى خرج من المسجد، فقال أبو هريرة: أما هذا، فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم» (1).
29ً - يستحب أن يقول عند دخوله المسجد: (أعوذ بالله العظيم ووجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، باسم الله والحمد لله، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل محمد وسلم، اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك).
وإذا خرج من المسجد قال مثله، إلا أنه يقول:(وافتح لي أبواب فضلك)(2).
ويقدم رجله اليمنى في الدخول، واليسرى في الخروج.
30ً- لا يجوز أخذ شيء من أجزاء المسجد، كحجر وحصاة وتراب وغيره، لحديث مرفوع:«إن الحصاة لتناشد الذي يخرجها من المسجد» (3).
31ً- يسن بناء المساجد وعمارتها وتعهدها، وإصلاح ما تشعث منها، لحديث:«من بنى لله تعالى مسجداً، بنى الله له مثله في الجنة» (4).
وقال الحنابلة: يجب بناء المساجد في الأمصار والقرى والمحالّ (جمع مَحلِّة)
(1) رواه مسلم.
(2)
هذه الأذكار بعضها في صحيح مسلم، ومعظمها في سنن أبي داود والنسائي، فإن طال عليه هذا كله، فليقتصر على ما في مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك» .
(3)
رواه أبو داود بإسناد صحيح عن أبي هريرة.
(4)
رواه البخاري ومسلم وأحمد عن عثمان بن عفان رضي الله عنه (نيل الأوطار:147/ 1).
ونحوها بحسب الحاجة فهو فرض كفاية، وعمارة المساجد ومراعاة أبنيتها مستحبة، ويسن أن يصان المسجد عن الأوساخ والمخاط وتقليم الأظافر وقص الشعر ونتفه، وعن الروائح الكريهة من بصل وثوم وكراث ونحوها.
ويجوز بناء المسجد في موضع كان كنيسة وبِيعة أو مقبرة درست إذا أصلح ترابها، لحديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل مسجد أهل الطائف حيث كانت طواغيتهم» (1)، ولحديث أنس:«أن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيه قبور مشركين، فنبشت» (2).
ويكره زخرفة المسجد باللونين الأحمر والأصفر ونقشه وتزيينه، لئلا تشغل قلب المصلي، ولقوله صلى الله عليه وسلم:«لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد» (3) وقوله أيضاً: «ما أمرت بتشييد المساجد، قال ابن عباس: (لَتُزَخرِفُنَّها) كما زخرفت اليهود والنصارى» (4) فهو يدل على أن تشييد المساجد بدعة، وهذا الحكم بالكراهة هو المقرر عند المالكية والحنابلة، لكن أجاز الحنفية نقش المسجد بالمال الحلال، خلا محرابه فإنه يكره، لأنه يلهي المصلي.
وروي عن أبي حنيفة الترخيص في ذلك. وروي عن أبي طالب المكي: أنه لا كراهة في تزيين المحراب.
(1) رواه أبو داود بإسناد جيد، وابن ماجه (نيل الأوطار:145/ 2).
(2)
رواه البخاري ومسلم.
(3)
رواه الخمسة إلا الترمذي عن أنس (نيل الأوطار:151/ 2).
(4)
أخرجه أبو داود عن ابن عباس، والتشييد: رفع البناء وتطويله. وفي قول ابن عباس نوع تأنيب وتوبيخ، والمراد من الزخرفة: الزينة. وفتح اللام في قوله: لتزخرفنها لأنه جواب القسم. وكلام ابن عباس مفصول عن كلام النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب المشهورة وغيرها (نيل الأوطار:150/ 2).