الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحمد في رواية عنه، وفي رواية أخرى يظهر أنها الراجحة عند الحنابلة: لا توطأ المستحاضة إلا أن يخاف على نفسه الوقو ع في محظور، لما روى الخلال بإسناده عن عائشة: أنها قالت: «المستحاضة لا يغشاها زوجها» ولأن بها أذى، فيحرم وطؤها كالحائض، قال تعالى في الحائض معللاً منع وطئها بالأذى {قل: هو أذى، فاعتزلوا النساء في المحيض} [البقرة:222/ 2].
لكن إذا انقطع دم المستحاضة أبيح وطؤها عند الحنابلة من غير غسل، لأن الغسل ليس بواجب عليها كسلس البول.
ثانياً ـ طهارة المستحاضة الوضوء والغسل:
قال المالكية (1): يستحب للمستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة، كما يستحب لها بعد انقطاع الدم الغسل من دم الاستحاضة.
وقال الحنفية والشافعية والحنابلة (الجمهور)(2): يجب على المستحاضة أن تتوضأ لوقت كل صلاة، بعد أن تغسل فرجها، وتعصِبه، وتحشوه بقطن وما أشبهه إلا إذا أحرقها الدم أو كانت صائمة، والحشو ليرد الدم، لقوله صلى الله عليه وسلم لحمنة حين شكت إليه كثرة الدم:«أنْعَت لك الكُرْسُفَ، فإنه يُذهب الدمَ» (3)
فإذا استوثقت (بأن تشد خرقة مشقوقة الطرفين تخرج أحدهما من أمامها والآخر من خلفها، وتربطهما بخرقة تشدها على وسطها كالتكة) ثم خرج الدم من غير تفريط في الشد، لم تبطل صلاتها، لما روت عائشة رضي الله عنها: أن فاطمة
(1) القوانين الفقهية: ص26،41، بداية المجتهد:57/ 1 وما بعدها.
(2)
اللباب:51/ 1، مراقي الفلاح: ص25، مغني المحتاج:111/ 1 وما بعدها، المهذب:45/ 1 وما بعدها، المغني:340/ 1 - 342.
(3)
رواه أبو داود وأحمد وصححاه (نيل الأوطار:271/ 1).
بنت أبي حبيش استحيضت، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:«اجتنبي الصلاة أيام محيضك، ثم اغتسلي، وتوضئي لكل صلاة، ثم صَلِّي، وإن قطر الدم على الحصير» (1).
والدليل على أن المستحاضة تتوضأ لوقت كل فريضة: وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المستحاضة: تدع الصلاة أيام أقرائها (حيضاتها)، ثم تغتسل، وتتوضأ عند كل صلاة، وتصوم وتصلي» (2) ولأنهاطهارة عذر وضرورة، فتقيدت بالوقت كالتيمم.
ولا يجب على المستحاضة إلا غسل واحد باتفاق المذاهب الأربعة بدليل الحديث السابق وغيره كحديث حمنة، ويسن لها عند الشافعية والحنابلة، ويندب عند الحنفية كالمالكية أن تغتسل لكل صلاة، بدليل الحديث المتقدم في الأغسال المسنونة:«أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم حبيبة أن تغتسل، فكانت تغتسل عند كل صلاة» (3).
وتصلي المستحاضة ونحوها عند الحنفية بوضوئها ما شاءت من الفرائض والنوافل. ويبطل وضوءها بخروج الوقت كما بينا في بحث وضوء المعذور.
ولها عند الحنابلة أيضاً الجمع بين الصلاتين بوضوء واحد؛ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر حمنة بنت جحش بالجمع بين الصلاتين بغسل واحد» وأمر به سهلة بنت سهيل. وخروج الوقت مبطل لهذه الطهارة، أي أن مذهبي الحنفية والحنابلة متفقان.
(1) رواه الخمسة (أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه) وابن حبان، ورواه مسلم في الصحيح بدون قوله:«وتوضئي لكل صلاة» (نصب الراية:199/ 1 وما بعدها، نيل الأوطار:275/ 1).
(2)
رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وقال: حسن (نيل الأوطار:274/ 1، نصب الراية:202/ 1 وما بعدها) وأما حديث «المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة» الذي رواه سبط ابن الجوزي عن أبي حنيفة، كما سبق تخريجه، فقال عنه الزيلعي: غريب جداً (نصب الراية:204/ 1).
(3)
متفق عليه.