الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باليمين في لبس النعال، وفي ترجيل الشعر (أي تسريحه) وفي الطهور، فيبدأ بيده اليمنى قبل اليسرى، وبالجانب الأيمن من سائر البدن في الغسل قبل الأيسر، والتيامن سنة في جميع الأشياء.
ويؤيده حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا لبستم، وإذا توضأتم فابدءوا بأيامنكم» (1).
وأضاف الحنفية والشافعية لهذه السنة: البداءة برؤوس الأصابع ومقدم الرأس، كما أن الشافعية أضافوا: البدء بأعلى الوجه. وقال المالكية: يندب البدء في الغسل أو المسح بمقدم العضو، أي في الوجه واليدين والرأس والرجلين.
11 ً-
الترتيب والموالاة والدلك عند من لا يرى فرضيتها
، كما قدمنا في بحث فرائض الوضوء.
المطلب الخامس ـ آداب الوضوء أو فضائله:
عبر الحنفية عن ذلك بالآدا ب جمع أدب: وهو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مرة أو مرتين ولم يواظب عليه.
وحكمه: الثواب بفعله وعدم اللوم على تركه. وآداب الوضوء عندهم أربعة عشر شيئاً.
وعبر عنها المالكية بالفضائل أي الخصال والأفعال المستحبة، وهي عندهم عشر، والفرق بينها وبين السنة: أن السنة: ما أكد الشارع أمرها، وعظم قدرها، وأما المندوب أو المستحب: فهو ما طلبه الشارع طلباً غير جازم، وخفف أمره، وكل منهما يثاب على فعله، ولا يعاقب على تركه.
(1) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي، قال ابن دقيق العيد: هو حقيق بأن يصح (نيل الأوطار: 1/ 170).
وأهم هذه الآداب ما يأتي:
1ً- استقبال القبلة؛ لأنها أشرف الجهات ولأنها حالة أرجى لقبول الدعاء، واعتبره الحنابلة والشافعية سنة، إذ لم يفرقوا بين السنة والأدب.
2ً - الجلوس في مكان مرتفع؛ تحرزاً عن الغسالة.
وقال المالكية: يستحب إيقاع الوضوء في محل طاهر بالفعل، وشأنه الطهارة، فيكره الوضوء في بيت الخلاء أو الكنيف (دورة المياه) قبل استعماله (1)، كما يكره الوضوءفي غيره من المواضع المتنجسة بالفعل.
3ً - عدم التكلم بكلام الناس، بلا ضرورة؛ لأنه يشغله عن الدعاء المأثور.
4ً - عدم الاستعانة بغيره إلا لعذر؛ كالصب ونحوه (2)، لأنه الأكثر من فعله صلى الله عليه وسلم (3)، ولأنها نوع من الترفه والتكبر، وذلك لا يليق بالمتعبد، والأجر على قدر النَّصَب، وهي خلاف الأولى، وقيل: تكره. فإن كان ذلك لعذر كمرض فلا بأس، وقد أجازها النبي، بدليل حديث المغيرة بن شعبة:«أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وأنه ذهب لحاجة له، وأن مُغيرة جعل يصب الماء عليه وهو يتوضأ، فغسل وجهه ويديه، ومسح برأسه، ومسح الخفين» (4)،وقال صفوان بن عَسَّال:
(1) لأنه يصير مأوى الشياطين بمجرد إعداده، ففيه تعرض للوسواس، وإن لم يكن تنجس برشاش. والخلاصة: أنه يكره الوضوء في مكان نجس: لأنه طهارة، أو فيما شأنه النجاسة، لئلا يتطاير عليه شيء مما يتقاطر من أعضائه ويتعلق به النجاسة.
(2)
أما الاستعانة بإحضار الماء فلا بأس بها وتركها أفضل، والاستعانة بغسل الأعضاء مكروهة (مغني المحتاج: 1/ 61).
(3)
روى ابن ماجه من حديث ابن عباس «كان النبي صلى الله عليه وسلم لايكل طهوره إلى أحد، ولاصدقته التي يتصدق بها إلى أحد، ويكون هو الذي يتولاها بنفسه» وهو حديث ضعيف.
(4)
متفق عليه بين الشيخين (نيل الأوطار: 1/ 175).
«صببت الماء على النبي صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر في الوضوء» (1) وقد دل هذان الحديثان على جواز الاستعانة بالغير، وبهما أخذ الحنابلة فقالوا بالإباحة.
5ً - تحريك الخاتم الواسع؛ مبالغة في الغسل، وروي عن أبي رافع:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ حرَّك خاتمه» (2). ويندب أيضاً تحريك الخاتم الضيق إن علم وصول الماء، وإلا فيفرض تحريكه. وقد بينت أنه عند المالكية: لا يجب تحريك الخاتم الضيق المأذون فيه.
6ً - كون المضمضة والاستنشاق باليد اليمنى لشرفها، والامتخاط باليسرى لامتهانها.
7ً - التوضؤ قبل دخول الوقت مبادرة للطاعة، لغير المعذور.
أما المعذور أو المتيمم فلا يندب له تعجيل الطهارة عند الحنفية، ويجب تأخيرها لما بعد دخول الوقت عند الجمهور.
8ً - إدخال الخنصر المبلولة في صماخ الأذنين؛ مبالغة في التنظيف.
9ً - مسح الرقبة بظهر يديه، لا الحلقوم عند الحنفية (3)؛ لما روي عن ليث عن طلحة بن مُصرِّف عن أبيه عن جده أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح رأسه حتى بلغ القَذَال، وما يليه من مُقَدَّم العنق» (4).
(1) رواه ابن ماجه، وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير، قال ابن حجر: وفيه ضعف (نيل الأوطار: 1/ 175 مكرر).
(2)
رواه ابن ماجه والدارقطني، وهو ضعيف (نيل الأوطار: 1/ 153).
(3)
هذا هو الراجح الصحيح، وعده صاحب مراقي الفلاح تبعاً للبحر الرائق من سنن الوضوء (انظر الدر المختار: 1/ 115).
(4)
رواه أحمد، وهو ضعيف (نيل الأوطار: 1/ 163) والقذال: ما بين الأذنين من مؤخر الرأس.
وقال جمهور الفقهاء: لا يندب مسح الرقبة، بل يكره؛ لأنه من الغلو في الدين.
10ً- إطالة الغرة والتحجيل:
إطالة الغرة: بغسل زائد على الواجب من الوجه من جميع جوانبه، وغايتها: غسل صفحة العنق مع مقدمات الرأس.
والتحجيل: بغسل زائد على الواجب من اليدين والرجلين من جميع الجوانب، وغايته استيعاب العضدين والساقين.
وهذا مندوب عند الجمهور، لخبر الصحيحين:«إن أمتي يدعون يوم القيامة غراً محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غُرَّته فليفعل» وخبر مسلم: «أنتم الغُرُّ المحجَّلُون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فليطل غُرَّته وتحجيله» (1).
وقال المالكية: لا تندب إطالة الغرة: وهي الزيادة في غسل أعضاء الوضوء على محل الفرض، بل يكره، لأنه من الغلو في الدين، وإنما يندب دوام الطهارة والتجديد، ويسمى ذلك أيضاً إطالة الغرة، كما حمل عليه الحديث السابق:«من استطاع منكم أن يطيل غرته» فقد حملوا الإطالة على الدوام، والغرة على الوضوء. فيتلخص أن إطالة الغرة له معنيان: الزيادة على المغسول، وإدامة الوضوء، الأول مكروه، والثاني مطلوب عندهم.
11ً - ترك التنشيف بالمنديل عند الحنفية والحنابلة وفي الأصح عند
(1) نيل الأوطار: 1/ 152.
الشافعية: إبقاء لأثر العبادة، ولأنه صلى الله عليه وسلم «بعد غسله من الجنابة أتته ميمونة بمنديل، فرده، وجعل يقول بالماء: هكذا، ينفضه» (1).
وقال المالكية: المسح بالمنديل جائز، لحديث قيس بن سعد، قال:«زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزلنا، فأمر له سعد بغُسْل، فوُضع له فاغتسل، ثم ناوله مِلْحفة مصبوغة بزعفران، أو وَرَس، فاشتمل بها» (2).
وعبارة الحنابلة: يباح للمتطهر تنشيف أعضائه (3)، وتركه أفضل. وهذا هو الراجح.
12ً - ترك النفض للماء في الأصح عند الشافعية والحنابلة؛ ويكره النفض عند بعض الحنابلة، وخلاف الأولى عند الشافعية، لحديث أبي هريرة:«إذا توضأتم فلا تنفضوا أيديكم، فإنها مراوح الشيطان» (4)، والأظهر عند الحنابلة أنه لا يكره وفاقاً للأئمة الثلاثة.
13ً - تقليل الماء الذي يرفعه للأعضاء حال الوضوء، لأن الإسراف في الماء مكروه.
14ً - جعل الإناء المفتوح كالقَصْعة والطَّست عن يمين المتطهر، لأنه أعون في التناول.
(1) رواه الشيخان، قال الشافعية: ولا دليل في ذلك لإباحة النفض، فقد يكون فعله صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز (مغني المحتاج: 1/ 61).
(2)
رواه أحمد وابن ماجه وأبو داود والنسائى. والغسل بضم الغين: اسم للماء الذي يغتسل به (نيل الأوطار: 1/ 175 مكرر) اختلف في وصله وإرساله وذكره النووي في فصل الضعيف.
(3)
لما رواه ابن ماجه والطبراني في الصغير عن سلمان: أن النبي صلى الله عليه وسلم «توضأ، ثم قلب جبة كانت عليه، فمسح بها وجهه»
(4)
رواه المعمري وغيره من رواية البحتري بن عبيد، وهو متروك.
15ً - الإتيان بالشهادتين والدعاء بعد الوضوء.
قال الحنابلة: وكذا بعد الغسل.
وهو أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، سبحانك اللهم وبحمد ك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إ ليك. ويسن الصلاة والسلام بعد الوضوء على النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: اللهم صل وسلم على محمد وآل محمد.
والنطق بالشهادتين لخبر مسلم وأبي داود وابن ماجه عن عمر مرفوعاً: «مامنكم من أحد يتوضأ فيبلِّغ، أو فيسبغ الوضوء (أي يتمه)، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء» .
وزاد الترمذي على مسلم: «سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك» وزاد فيه أيضاً: «اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين» ورواه أحمد وأبو داود.
وروى النسائي والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري: «من توضأ ثم قال: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، كتب في رَقّ ثم طبع بطابَع (خاتم)، فلم يكسر إلى يوم القيامة» أي لم يتطرق إليه إبطال.
قال السامري: ويقرأ سورة القدر ثلاثاً.
وأما الدعاء عند غسل الأعضاء فلا أصل له في كتب الحديث، كما قال