الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا يخفى ما في رأي الشافعية من تشدد، يقتضي الجنوح إلى الأخذ برأي الحنفية وموافقيهم.
المطلب الثالث ـ أركان التيمم أو فرائضه:
للتيمم أركان أو فرائض، علماً بأن المراد بالركن أو الفرض ما يتوقف عليه، أساساً وجود الشيء أو هو جانبه الأقوى، وهو اصطلاح الجمهور (غير الحنفية)، أما الحنفية فيحصرون الركن فيما يتوقف الشيء على وجوده، وكان جزءاً من حقيقته. وبناء عليه قالوا: للتيمم ركنان فقط: هما الضربتان، والاستيعاب بالمسح وجهه ويديه إلى المرفقين.
أما الجمهور فقالوا: أركان التيمم أربعة أو خمسة على الاختلاف الآتي (1):
1ً -
النية عند مسح الوجه:
هي فرض باتفاق المذاهب الأربعة، منهم القدوري وصاحب الهداية من الحنفية، وجعلها جماعة من الحنفية وبعض الحنابلة شرطاً، وهو المعتمد في مذهبي الحنابلة والحنفية.
والنية عند المالكية: أن ينوي استباحة الصلاة أو استباحة ما منعه الحدث، أو فرض التيمم عند مسح الوجه، ولو نوى رفع الحدث فقط كان تيممه باطلاً؛ لأن التيمم لا يرفع الحدث على المشهور عندهم.
(1) البدائع:45/ 1 وما بعدها،52، فتح القدير:86/ 1،89، الدر المختار:212/ 1، اللباب:37/ 1، تبيين الحقائق:38/ 1 وما بعدها، مراقي الفلاح 19 - 20، الشرح الكبير:154/ 1 وما بعدها، الشرح الصغير:192/ 1 - 198، القوانين الفقهية: ص37 وما بعدها، بداية المجتهد:64/ 1،66 وما بعدها، مغني المحتاج: 97/ 1 - 99، المهذب:32/ 1 وما بعدها، المغني:251/ 1،254، كشاف القناع:199/ 1 - 202.
ولو نوى فرض التيمم أجزأه، ولا يلزم بتعيين الحدث الأكبر إن كان عليه، أو الأصغر.
أما لو نوى استباحة الصلاة أو ما منعه الحدث فيلزم بتعيين الحدث الأكبر إن كان عليه، ويندب نية الأصغر، كما تقدم سابقاً.
ويندب فقط تعيين الصلاة المتيمم لها من فرض أو نفل، أو هما معاً. فإن لم يعين الصلاة لا يصلي الفرض بنية النفل، ولا بنية مطلق الصلاة لأن الفرض يحتاج لنية تخصه.
وقال الشافعية: لا بد أن ينوي استباحة الصلاة ونحوها، فلا يكفي في الأصح نية فرض التيمم أو فرض الطهارة، أو الطهارة عن الحدث أو الجنابة أو رفع الحدث، لأن التيمم لا يرفع الحدث عندهم، ولأن التيمم ليس مقصوداً في نفسه، وإنما يؤتى به عن ضرورة، فلا يجعل مقصوداً.
والأصح عندهم أنه لا يشترط التعيين في النية، فإذا أطلق، صلى أي فرض شاء، وإن عين فرضاً، جاز أن يصلي غيره فرضاً أو نفلاً في الوقت أو غيره، لكن لا يصلي الفرض بنية النفل، أو بنية استباحة مطلق الصلاة، أي كما قال المالكية.
ويجب عندهم قرن النية بالنقل الحاصل للتراب بالضرب إلى الوجه، لأنه أول الأركان، ويجب على الصحيح استدامة النية إلى مسح شيء من الوجه.
وينوي عند الحنابلة استباحة ما لا يباح إلا بالتيمم كالصلاة ونحوها، من طواف ومس مصحف، أي كما قال الشافعية، ولا يصح بنية رفع الحدث؛ لأن التيمم لا يرفع الحدث عندهم كالمالكية والشافعية، لحديث أبي ذر:«فإذا وجدت الماء فأمسَّه جلدك، فإنه خير لك» (1).
(1) صححه الترمذي.
ويجب عندهم تعيين النية لما تيمم له كصلاة وطواف ومس مصحف، من حدث أصغر أو أكبر، أو نجاسة على بدنه؛ لأن التيمم لا يرفع الحدث، وإنما يبيح الصلاة، فلم يكن بد من تعيين النية تقوية لضعفه.
وصفة التعيين: أن ينوي استباحة صلاة الظهر مثلاً من الجنابة إن كان جنباً، أو من الحدث إن كان محدثاً، أو منهما إن كان جنباً محدثاً، وما أشبه ذلك.
وإن تيمم لجنابة لم يجزه عن الحدث الأصغر؛ لأنهما طهارتان، فلم تتأد إحداهما بنية الأخرى.
وقال الحنفية: يشترط لصحة نية التيمم الذي تصح به الصلاة أن ينوي أحد أمور ثلاثة:
إما نية الطهارة من الحدث، أو استباحة الصلاة، أو نية عبادة مقصودة لا تصح بدون طهارة كالصلاة أو سجدة التلاوة أو صلاة الجنازة. فإن نوى التيمم فقط من غير أن يلاحظ استباحة الصلاة، أو رفع الحدث القائم به، لم تصح الصلاة به. كما لا تصح الصلاة إذا نوى ما ليس بعبادة أصلاً كدخول المسجدومس المصحف (1)، أو نوى عبادة غير مقصودة لذاتها كالأذان والإقامة (2)، أو نوى عبادة مقصودة تصح بدون طهارة كالتيمم من المحدث حدثاً أصغر لقراءة القرآن، أو للسلام أو رده.
فإن تيمم الجنب لقراءة القرآن، صح له أن يصلي به سائر الصلوات.
ولا يشترط عندهم تعيين الحدث أو الجنابة، وإنما يصح التيمم بإطلاق النية، ويصح أيضاً بنية رفع الحدث؛ لأن التيمم رافع له كالوضوء.
(1) لأن العبادة في الاعتكاف في المسجد، وفي التلاوة.
(2)
لأن الغرض منهما الإعلان.