الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً ـ كيفية المسح على الخفين ومحله:
كيفيته:
الابتداء من أصابع القدم خطوطاً بأصابع اليد إلى الساق.
والواجب في المسح عند الحنفية (1): هو قدر ثلاث أصابع من أصغر أصابع اليد، على ظاهر مقدم كل رجل، مرة واحدة، اعتباراً لآلة المسح، فلا يصح على باطن القدم، ولاعقبه، ولا جوانبه وساقه. ولا يسن تكراره ولا مسح أسفله لأنه يراعى فيه جميع ما ورد به الشرع.
والواجب عند المالكية (2): مسح جميع أعلى الخف، ويستحب أسفله أيضاً. وعند الشافعية (3): يكفي مُسمَّى مسح، كمسح الرأس، في محل الفرض وهو ظاهر الخف، لا أسفله وحرفه وعقبه؛ لأن المسح ورد مطلقاً، ولم يصح فيه تقدير شيء معين، فتعين الاكتفاء بما ينطلق عليه اسم المسح، كإمرار يد أو عود ونحوهما، أي يجزئه أقل ما يقع عليه اسم المسح، ويسن مسح أعلاه وأسفلِه وعقبه خطوطاً، كما قال المالكية.
وعند الحنابلة (4): المجزئ في المسح: أن يمسح أكثر مقدم ظاهر الخف، خطوطاً بالأصابع، ولا يسن مسح أسفل الخف ولا عقبه، كما قال الحنفية. ودليلهم: أن لفظ المسح ورد مطلقاً، وفسره النبي صلى الله عليه وسلم بفعله، فيجب الرجوع إلى تفسيره، وقد فسر المسح في حديث المغيرة بن شعبة ـ فيما يرويه الخلاّل بإسناده ـ قال: «ثم توضأ ومسح على الخفين، فوضع يده اليمنى على خفه الأيمن، ووضع
(1) مراقي الفلاح: ص222، البدائع: 12/ 1، اللباب: 43/ 1، فتح القدير: 103/ 1، الدر المختار: 246/ 1، 251، 260.
(2)
القوانين الفقهية: ص 39، الشرح الصغير: 159/ 1.
(3)
مغني المحتاج: 67/ 1، المهذب: 22/ 1.
(4)
المغني: 298/ 1، كشاف القناع: 130/ 1، 133.
يده اليسرى على خفه الأيسر، ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة، حتى كأني أنظر إلى أثر أصابعه على الخفين».
والخلاصة: أن الواجب هو مسح جميع ظاهر الخف عند المالكية، كسائر أعضاء الوضوء، وبمقدار ثلاث أصابع من اليد عند الحنفية كمسح الرأس في الوضوء، ومسح أكثر أعلى الخف عند الحنابلة لحديث المغيرة:«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر الخفين» (1)
والواجب عند الشافعية: أقل ما يطلق عليه اسم المسح؛ لأن ما ورد في الشرع مطلقاً يتحقق بأي حالة من حالاته، والراجح تحقيق مدلول المسح على الخف، كالراجح في المسح بالرأس في الوضوء.
وسبب الاختلاف في مسح باطن الخف تعارض أثرين (2):
أحدهما ـ حديث المغيرة بن شعبة، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم مسح أعلى الخف وأسفله (3)، وبه أخذ المالكية والشافعية.
والثاني ـ حديث علي السابق: «لو كان الدين يؤخذ بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه» وبه أخذ الحنفية والحنابلة.
والفريق الأول: جمع بين الحديثين، فحمل حديث المغيرة على الاستحباب، وحديث علي على الوجوب.
والفريق الثاني: ذهب مذهب الترجيح، فرجح حديث علي على حديث المغيرة، لأنه أرجح سنداً، ولأن المسح على الخف شرع مخالفاً للقياس، فيقتصر فيه على النحو الذي ورد به الشرع.
(1) رواه أحمد وأبو داود.
(2)
بداية المجتهد: 18/ 1.
(3)
رواه الخمسة إلا النسائي، وأخرجه الدارقطني والبيهقي وابن الجارود، لكنه معلول ضعيف (نيل الأوطار: 185/ 1).