الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلى هذا: من توضأ عند طلوع الفجر، ولبس الخف، ثم أحدث بعد طلوع الشمس، ثم توضأ ومسح بعد الزوال، فيمسح المقيم إلى وقت الحدث من اليوم الثاني: وهو ما بعد طلوع الشمس من اليوم الثاني، ويمسح المسافر إلى ما بعد طلوع شمس اليوم الرابع.
وإذا مسح خفيه مقيماً حالة الحضر، ثم سافر، أو عكس بأن مسح مسافراً ثم أقام، أتم عند الشافعية والحنابلة مسح مقيم؛ تغليباً للحضر؛ لأنه الأصل. فيقتصر في الحالتين على يوم وليلة. وعند الحنفية: من ابتدأ المسح وهو مقيم فسافر قبل تمام يوم وليلة، مسح ثلاثة أيام ولياليها؛ لأنه صار مسافراً، والمسافر يمسح مدة ثلاثة أيام، ولو أقام مسافر إن استكمل مدة الإقامة، نزع الخف؛ لأن رخصة السفر لا تبقى بدونه، وإن لم يستكمل أتمها لأن هذه مدة الإقامة، وهو مقيم.
وإن شك، هل ابتدأ المسح في السفر أو الحضر، بنى عند الحنابلة (1) على المتيقن وهو مسح حاضر (مقيم)؛ لأنه لا يجوز المسح مع الشك في إباحته.
وقال الشافعية (2): ولا مسح لشاكّ في بقاء المدة، انقضت أو لا، أو شك المسافر، هل ابتدأ في السفر أو في الحضر؛ لأن المسح رخصة بشروط، منها المدة، فإذا شك فيها رجع إلى الأصل وهو الغسل.
خامساً ـ مبطلات (أو نواقض) المسح على الخفين:
يبطل المسح على الخف بالحالات الآتية (3):
(1) المغني:292/ 1.
(2)
معني المحتاج:67/ 1.
(3)
فتح القدير:105/ 1وما بعدها، البدائع:12/ 1وما بعدها، الدر المختار:254/ 1 - 256، مراقي الفلاح: ص22، الشرح الصغير:156/ 1 - 158، الشرح الكبير:145/ 1 - 147، مغني المحتاج:68/ 1، المهذب:22/ 1، المغني: 287/ 1، كشاف القناع:136/ 1وما بعدها.
1 ً - نواقض الوضوء: ينتقض المسح على الخف بكل ناقض للوضوء؛ لأنه بعض الوضوء، ولأنه بدل فينقضه ناقض الأصل. وحينئذ يتوضأ، ويمسح، إذا كانت مدة المسح باقية. فإن انتهت المدة يعاد الوضوء وغسل الرجلين.
2 ً - الجنابة ونحوها: إن أجنب لابس الخف، أو حدث منه موجب غسل كحيض في أثناء المدة، بطل المسح، ووجب غسل الرجلين. فإن أراد المسح على الخف بعد الغسل، جدد لبسه، لحديث صفوان بن عسال السابق:«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا مسافرين أو سَفْراً (أي مسافرين) ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام بلياليهن، إلا من جنابة» وقيس بالجنابة غيرها، مما هو في معناها، كالحيض والنفاس والولادة.
3 ً - نزع أحد الخفين أو كليهما، ولو كان النزع بخروج أكثر القدم إلى ساق الخف، ينتقض بذلك، لمفارقة محل المسح مكانه، وللأكثر حكم الكل.
وفي هذه الحالة: يغسل عند الجمهور غير الحنابلة قدميه، لبطلان طهرهما؛ لأن الأصل غسلهما، والمسح بدل، فإذا زال حكم البدل، رجع إلى الأصل، كالتيمم بعد وجود الماء.
ولا يكتفى بغسل الرجل المنزوع خفها، وإنما لا بد من غسل الرجلين؛ إذ لا يجوز الجمع بين غسل ومسح.
وفي حالة نزع الخف الأعلى (الجرموق) قال المالكية: تجب المبادرة لمسح الأسفل، كما هو المقرر في الموالاة، وكما بينت سابقاً.
4 ً - ظهور بعض الرجل بتخرق أو غيره كانحلال العرا ونحو ذلك: ينتقض الوضوء بذلك عند الشافعية والحنابلة، وبظهور قدر ثلاث أصابع من أصابع
الرجل عند الحنفية، أو بقدر ثلث القدم عند المالكية، سواء أكان منفتحاً أم ملتصقاً بعضه ببعض، كالشق وفتق الخياطة مع التصاق الجلد بعضه ببعض، أم أقل من الثلث أيضاً إن انفتح بأن ظهرت الرجل منه، لا إن التصق. فإن كان المنفتح يسيراً جداً، بحيث لا يصل بلل اليد حال المسح لما تحته من الرجل، فلا يضر.
5 ً - إصابة الماء أكثر إحدى القدمين في الخف، على الصحيح: هذا ناقض للمسح على الصحيح عند الحنفية، كما لو ابتل جميع القدم، فيجب قلع الخف وغسل الرجلين، تحرزاً عن الجمع بين الغسل والمسح، فلا يغسل قدماً ويمسح على الأخرى؛ إذ هو لا يجوز.
6 ً - مضي المدة: وهي اليوم والليلة للمقيم، والثلاثة الأيام بلياليها للمسافر؛ لأن أحاديث المسح عن علي وخزيمة وصفوان حددت للمسح هذه المدة.
والواجب في هذه الحالة والأحوال الثلاثة السابقة (نزع الخف، وظهور بعض الرجل أو أكثرها بحسب الخلاف المتقدم) عند الحنفية، والمالكية، والراجح عند الشافعية، وهو بطهر المسح في جميع ذلك: غسل الرجلين فقط، دون تجديد الوضوء كله، إذا ظل متوضئاً، لأن أثر الحدث اقتصر على الخف، أو لبطلان طهر القدمين فقط، وبما أن الأصل غسلهما، والمسح بدل، فإذا زال حكم البدل رجع إلى الأصل، كالتيمم بعد وجود الماء.
واستثنى الحنفية هنا حالة الضرورة: وهي الخوف من ذهاب رجله من البرد، فلا يقلع الخفين، وإنما يجوز له المسح حتى يأمن، أي بدون توقيت، ويلزمه استيعاب المسح جميع الخف، كمسح الجبائر.
والواجب بعد مضي المدة أو خلع الخف عند الحنابلة: هو استئناف الطهارة (تجديد الوضوء كله)؛ لأن الوضوء عبادة يبطلها الحدث، فتبطل كلها ببطلان